08|خطوة للأمام- وحيدة|

3K 223 154
                                    

بعد تناول إفطاره واقتربت عقرب الساعة من الخامسة فجرًا، نزل عزام السلالم مسرعًا وهو يفكر كيف يبدأ أولى تحركاته، ثم اتجه لجناح الخدم وتحديدًا للمطبخ، الذي سيساعده على مغادرة القصر والخروج.

أول ما خطر بباله أنه يجب أن يبدأ من الخارج، فهناك وجد أول خيوط حياته وهناك سيحبكها.

حال دخوله وكالعادة كان الجميع منشغلٌ بالعمل، قدورٌ ترفع في جهة وخضروات تغسل في جهة وتغسل في جهةٍ أخرى، قدورٌ تُنظَّف وعمال يتجولون هنا وهناك في المكان، وبينهم جميعًا كان يبحث عن شخصٍ محدد، قبل أن يسمع من يناديه من الجهة اليسرى «عزام!»

التفت حيث القدور تغلي ليرى رئيس الطباخين، السيد حاتم، رجل قصير وسمين يعشق الثرثرة والتحدث مع الآخرين، إلا أن بئر الأسرار الخاص به عميق جدًا مما جعله محل ثقة، والمسؤول عن المطبخ الملكي وميزانيته.

وهو تمامًا من يبحث عنه.

«صباح الخير سيدي»

اقترب مسرعًا يحييه، فرد الآخر بابتسامة «صباح النور يا بني، ماذا تفعل هنا؟ ألم يخبرك سامي أنني أرسلت شخصًا آخر ليأخذ الطلبات! يكفي أنك عدت بالأمس لإحضار ما نسيناه بالرغم من أنه لم يكن موعد خروجك!»

«لا بأس يا سيدي، أنا أشعر بالملل الشديد إن لم أفعل شيئًا، السيد ياسين لديه دروس مع معلمه في غرفة الدراسة اليوم لذا أتيتُ لأرى إن كنت تحتاج للمساعدة»

أجابه عزام عزام مسهبًا ومتمنيًا بداخله أن يكونوا قد نسوا بعض الأشياء، فتطلع لحاتم الذي ابتسم وهو يفرك شعره بمرح معلقًا «فتىً نشيط»

وخلال ضحكة عفوية من عزام راقب الآخر يتخصر متلفتًا حوله وهو يردف «على كلٍ وكالعادة، رفيقنا الذكي باسم نسيَ كتابة بعض المكونات في ورقة الطلبات، إذا أمكنك فاذهب لإحضارها»

وحظه السعيد لم يخذله.

لكنه وكأنه لم يتمنى هذا فقد مثلَّ الهدوء واتكأ على الطاولة بمرفقه راميًا رأسه على كفه قائلًا بيأسٍ صادق «لا أصدق أنك تثق به ككل مرة!»

وعلى إثر تعليقه الذي لم يحسب حسابه سرعان ما ظهر صوت باسم الغاضب «ماذا!»

التفت كلاهما للطويل ونحيف البنية الذي تقدم منهما بانزعاج يتربع ملامحه، والمئزر الأسود مشدود نحو جسده.

كان باسم شابًا لم يتجاوز منتصف عشرينياته، كان يعمل في المطبخ كغيره من العبيد، لكن لمن يراه بينهم يمكنه وبسهولة تمييزه بطوله الشاهق وبنيته النحيفة والرياضية، ببساطة.. كان مختلفًا وبارزًا.

||خذلان : سقوط نجم||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن