الفصل السابع "مؤامرة قاتلة"

178 8 0
                                    


الفصل السابع "مؤامرة قاتلة"
__________
احيانا لا تكون الأمور كما تبدو عليه، فظاهرها قد يخدعك ويجعلك تسلك طريق الهلاك، ولكن إذا علمت حقيقتها فاحترس .. فستتخذ حياتك منعطفات شديدة الإنحناء لتعيدك عن طريقك السابق ..

جلست خارج الغرفة في شرود تام، وعقلها مشتت بين الكثير من الأشياء .. كهروب "ويليام" بصحبة غريمتها، و كالخائن الذي لا بد أن علم بكل ما حدث، وكذلك "ريسين" .. خديعته لا يمكن لها أن تُغتفر على حد رؤيتها، عقلها يحدثها أنه قام بخداعها عبر إهامها بحبه لها، ولكن قلبها يخبرها النقيض وأنه أحبها بالفعل

هي التي اتصفت بالحزم والقوة توضع لأول مرة في حيرة الإختيار بين تصديق عقلها أو قلبها، أخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته على مهل لتتخذ قرارها، ستختار عقلها الذي دائما ما سارت خلفه ولم يخطئ يومًا

انتبهت لإقتراب "ماكس" نحوها قبل أن يقول بإبتسامة بسيطة:
- هل يمكنني الجلوس

اومأت قائلة:
- بالطبع يا سيادة العقيد

جلس "ماكس" بجوارها وأخذ يتطلع إلى وجهها قبل أن يقول:
- أرى من ملامحك أنه قد حدث خلاف ما بينك وبين المقدم "ريسين"

هزت رأسها وقالت:
- لا، ليس شيئًا يذكر

ابتسم إبتسامة واسعة هذه المرة وقال:
- لقد أخبرني "ريسين" بكل شيء على إنفراد بعدما ألحَّيت عليه، فنظرتك الأخيرة التي القيتي بها أوحت بشئ ما

= حقًا ؟!

قالتها متسائلة فاومأ بدوره ثم قال:
- أجل، وإن أردتِ نصيحتي خارج نطاق رسمية عملنا فأرى أن تسامحيه

= ولكن ما فعله لم يكن سهلًا .. تصور أنه استمر بخداعي متحدثًا عن حبه الزائف لي حتى عندما كدت اقتله هناك

تشكلت إبتسامة مريبة على ثغر "ماكس" وقال:
- ولكنه لم يخدعك حول هذا الأمر، إنه يحبكِ فعلًا

سكنت للحظات، وخفق قلبها مسرعًا، ولكنها رفضت تصديقه فقالت بسخرية:
- هل تحاول التأثير علىّ بكلامك الآن ؟!

هز رأسه نافيًا ثم قال:
- إطلاقًا، أنا أخبركِ الحقيقة وحسب .. إلّم يكن يفعل فكيف تفسرين هرعه لإنقاذكِ، وتلقيه لتلك الرصاصة عوضًا عنكِ، وإستماتته في الدفاع عنكِ ؟

اردف بهدوء:
- أنتِ لم تري خوفه البالغ عليكِ عندما تم إختطافكِ كما رأيته أنا، بدا وكأنه على وشك أن يفقد عقله، لقد فوجئت حقًا بتصرفه .. فلم أره يتصرف بهذا التهور قبلًا

شردت في كلمات "ماكس" لبضعة ثوانٍ، ثم أفاقت من شرودها مسرعة لتقول في محاولة لإلقاء ما يحمل قلبها من ثقل:
- أتعلم أيها العقيد ؟ أنا لم أشعر بهذه الحيرة قبلًا، ما فعله أربكني حقًا وسحبني إلى متاهات طويلة
أنا المقدم "إيڤان" التي خضت في كثير من المهام والصعوبات أعجز عن التصرف في هذا الأمر حقًا

نهض "ماكس" في إستعداد للرحيل قبل أن يقول:
- قلبكِ هو دليلكِ هذه المرة، سيدلكِ إلى ما يجب فعله

هزت رأسها وهي تهم بالنهوض أيضًا وقالت:
- آمل ذلك ...
*_____________________*
أخذ يجمع أغراضه الهامة من مكتبه بسرعة وقد تمكن منه الهلع، فهو يسابق الزمن قبل أن يتم الإمساك به ويقع تحت قبضة من لن يرحموه بعدما تسبب به، حزم حقيبته ثم همّ بالمغادرة، ولكنه فوجئ بـ باب مكتبه يُدفع بقوة قبل أن ينتشر العديد من الرجال المسلحين في المكتب ويدلف "ريوك" في نهايتهم بهدوء تام

عقد "ريوك" ساعديه أمام صدره ثم قال:
- تمهل قليلًا يا "جان" فالأمر ليس بهذه السهولة

سكن "جان" كليًا وعجز عن الحراك، فقد حدث ما كان يخشاه، ولم تعد بيده حيلة كالسابق
أرتجف جسده وقال بصوت ضعيف:
- سـ .. سيدي يمكنني أن أشرح

= ستشرح بالطبع يا "جان"، ولكن ليس خيانتك بل ستخبرنا عن مكان "ويليام"

ثم أشار إلى رجاله ليقتادوه حيث سيتم التحقيق معه ..
*____________________*
تلفتت بشكل مريب بينما تقبض على وشاحها الأسود الذي يخفي ملامحها وتخطو بهدوء قبل أن تتوقف فجأة دون سبب واضح داخل بناية يتسرب إليها شعاع من النور

طالعت المكان من حولها وحفرت معالمه داخل رأسها بدقة، كان مخزنًا قديمًا ومهجورًا ذو طابق واحد، يمتلئ بالأنقاض والخرداوات

نظرت إلى ساعة يدها ثم عاودت النظر أمامها في ترقب شديد، مرت دقائق حتى لمحت رجلًا يقترب منها بحذر، كان يمتاز بهيئة ضخمة، ومنكبين عريضين، وقامة مشدودة
كما كانت ملامحه القاسية والمليئة بآثار الجروح توحي بخطورته

كشفت "شارلوت" عن وجهها وقالت:
- هل رآك أحد؟

هز رأسه نافيًا فزفرت بإرتياح ثم قالت:
- أسمعني جيدًا يا "كارتر"، سأستدرج تلك المرأة التي حدثتك عنها إلى هنا.. مهمتك تقتصر على قتلها مستخدمًا مهارتك، سنتم المهمة خلال ساعة من الآن، هل هذا واضح ؟

أومأ موافقًا ثم قال متسائلًا:
- ولكنني لا أعرف وجهها، هل تملكين لها صورة أو ما شابه ؟

حكت رأسها بتفكير ثم أردفت:
- لا .. ولكنها تشبهني إلى حد ما، ولا تقلق فسأكون موجودة هناك وسأتحدث معها .. و في خلال ذلك الوقت نِل منها

تابعت محذرة:
- توخى الحذر، إنها ضابطة شيطانة تشتم رائحة الخطر على بعد أميال، ولديها سرعة في إتخاذ رد الفعل

امتقع وجه "كارتر" عقب سماعه لما قالته "شارلوت" وأسرع يقول:
- ولكن لم يكن هذا إتفاقنا .. لم تخبريني أنها ضابطة و ..

بتر جملته عندما قالت بتهكم:
- ماذا ؟ هل خفت لمجرد كونها ضابطة ؟ ، أولست قاتلًا محترفًا يا هذا ؟!

اتبعت جملتها بإخراج كيس متوسط الحجم من ملابسها لتعطيه إياه قائلة:
- ستأخذ ضعف هذا المبلغ عندما تتم مهمتك

كشف عن أسنانه البيضاء بإبتسامة واسعة ثم قال وهو يلتقط ذلك الكيس:
- أعتبري المهمة قد تمت بنجاح ...
*______________________*
جلست فوق مقعدها الخاص بعدما أنهت ترتيب منزلها، رغم كونه يفتقد الكثير من الأغراض التي أخذها "ريسين" سابقًا؛ ليحكم خطته الخادعة، وليتأكد من عدم تذكرها لشئ عقب رؤيتها لتلك الأغراض

أرخت جسدها فوق ذلك المقعد لتستعيد الراحة التي افتقدتها خلال الشهور السابقة وحتى إتمام المهمة، فقد آن لها أن تصفي ذهنها وتنسى ما فات

كادت أن تفعل لولا تلك الطرقات المتتالية التى صدحت من باب منزلها، نهضت ببطء واتجهت نحو الباب لتفتحه ولكنها لم تجد أحدًا !
تفقدت المكان بتعجب واضح، ولكن بالفعل كان المكان خاليًا من أي شيء عدا ذلك الظرف الأبيض الملقى على عتبة بابها

تناولته قبل أن تغلق الباب وتفتح الظرف لتخرج ما بداخله، وإذ بها رسالة مكتوبة بخط اليد

"هناك أمر هام لا يحتمل التأجيل ويجب أن نتحدث به في أسرع وقت، ستجدين العنوان في ظهر الورقة بالتفصيل وافيني هناك بعد ساعة، الأمر في غاية السرية .. الإمضاء: ريسين"

كان هذا ما نصت عليه الرسالة التي تحملها بيدها، ولكنها ألقت بها إلى الأرض وهي تبتسم بسخافة، تتمتم بسخرية بينما تلتقط هاتفها لتهاتف ريسين:
- الا يستطيع محادثتي بدلًا من ذلك ؟!

هاتفته عدة مرات ولكنه لم يُجب فألقته بإهمال على الأريكة وقالت:
- حسنًا لأرى ماذا يريد ..

ثم شرعت بتغيير ملابسها كي تستعد للخروج ..
*____________________*
كان "ماكس" يجلس بتأهب بينما يقوم بتنظيف سلاحه بإهتمام، ولكنه توقف لبرهة عندما شعر بأحدهم يطرق باب مكتبه، رفع بصره نحو الباب قائلًا:
- تفضل

فُتح الباب بهدوء وإذ بـ "ريسين" يطل حاملًا سلاحه إضافة إلى ورقة مطوية
وضعهم "ريسين" أمام "ماكس"، ثم قال بهدوء:
- أخبروني أن السيد "ريوك" منشغل ببعض الأعمال لذا لم استطع مقابلته، آمل أن توصل له هذه الورقة

نقل "ماكس" بصره بين كل من "ريسين" وورقته المطوية، وسرعان ما تناولها ليتبين محتواها، ولكنه قطب حاجبيه وقال بتبرم:
- هل تستقيل بالفعل أيها المقدم ؟

أشار "ريسين" بسبابته قائلًا:
- أنا لم أعد مقدمًا يا صديقي، أنا الآن مواطن عادي

أعاد "ماكس" طوي الورقة ثم قال:
- لا أرى أن قرارك صائب، أنت تعلم أهميتك لدينا ولا يمكننا الإستغناء عنك

تابع محاولًا التأثير على قراره:
- إضافة إلى هل تحاول الإستغناء عن خدمة وطنك ؟

هز "ريسين" رأسه وقال برجاء:
- لا تضغط علىّ رجاء أيها العقيد، أنا مصرّ على قراري وأراه مناسبًا

ساد الصمت للحظات قبل أن يعقب "ماكس" قائلًا بأسى:
- حسنًا يا صديقي كما تشاء .. ولكن ماذا ستفعل بعد ذلك ؟

= أولًا سأذهب لأعيد أغراض المقدم "إيڤان" إليها، ثم سأمكث في منزلي فترة قبل أن اقرر ما سأفعل تحديدًا

ابتسم "ماكس" بحزن وقال:
- اتمنى لك التوفيق

بادله "ريسين" تلك الإبتسامة قبل أن ينصرف خارج المكتب ومنه إلى خارج المبنى بالكامل ..
أما "ماكس" فقد ظل على حالته الساكنة، ثم تمتم بأسف:
- يؤسفني أن تخسر المخابرات الأمريكية ضابطًا مثلك أيها المقدم ..
*_______________________*
الحيرة، دوامة طويلة، تجعلك تهرول قليلًا نحو كل إختيار، وما أن تلقي نظرة خاطفة حتى تجد نفسك ما زلت في نقطة الصفر، حينها لا يسعك سوى إتخاذ قرار حازم للخروج من تلك المتاهة، واضعًا في حسبانك تحمل نتائجه مهما كانت.

هكذا كان "ريسين" وهو يقود سيارته، يجهل ما يجب أن يفعل، مترددًا في خطوته التالية، فها هو قد بدأ طريقًا لم يعتد أن يسلك مثله بإستقالته، لم يتخيل يومًا أن يضطر لفعل ذلك، ولكن كبريائه هو من قاده هذه المرة
هو قد أخطأ واعترف بذلك، ولكن تنحيه جانبًا كان أسلم حل لتجنب آثار خطأه على حد رؤيته

صف سيارته أمام منزل "إيڤان" وترجل ببطء بينما يحمل صندوقًا مليئًا بأغراضها التي أخذها سابقًا
مرت عدة لحظات قبل أن يقف أمام الباب ليبدأ بالطرق مرات متتالية، ولكن لسوء حظه لم يجد ردًا

عاود الطرق مرات ومرات ولكن كالمرات السابقة لم يجد ردًا أيضًا
زفر بضجر ووضع الصندوق أرضًا ثم بدأ يفكر
لا بد أنها غادرت المنزل، فهذا ما يفسر عدم وجود سيارتها أمام منزلها
ظهرت إبتسامة بسيطة على ثغره عندما خطرت بباله فكرة ما، فأخرج سلسلة مفاتيحه وأخذ يعبث بها إلى أن عثر على المفتاح الخاص بباب منزلها، فهو ما زال يحمله منذ مكوثها معه

فتح الباب عازمًا على وضع أغراضها فقط والرحيل، ولكن لفتت نظره تلك الورقة الملقاة أرضًا، والتي حيره وجودها بسبب ترتيب المكان بعناية، دفعه الفضول إلى قراءة محتواها فتناولها وبدأ يعبث بها

مرت لحظات وهو يقرأها بتمعن، ولكنه قطب حاجبيه فجأة وقال بدهشة:
- أنا لم أرسل تلك الرسالة !

قلب الورقة ليتفقد العنوان المكتوب فاتسعت حدقتاه وهتف قائلًا:
- رباه إنه فخ، لا بد أنها غادرت لهذا السبب

تفقد جيبه مسرعًا ولكنه ضرب الأرض بغضب بعدما تذكر أنه قام بتسليم سلاحه، إضافة إلى أنه فقد هاتفه عندما أُصيب في يوم العملية
والآن لا يمكنه تحذيرها أو حتى إخبار الإدارة بالأمر

هرول إلى الخارج وصعد إلى سيارته ليقودها بأقصى سرعة متجاوزًا كل إشارات المرور، ومحطمًا كل قواعد السلامة، .. وداخله يأمل ألا يكون الأوان قد فات ..
*______________________*
ترجلت من سيارتها ثم تأملت ذلك المبنى بتعجب، فلمَ قد يطلب "ريسين" مقابلتها في هذا المكان المريب، تقدمت بهدوء لتتجاوز بابه الرث، لتجد نفسها قد دلفت إلى مكان أكثر ريبة

أخذت تنادي أسمه ولكن لا صوت يعلو في المكان سوى صوتها، قطبت حاجبيها وتمتمت بخفوت:
- حدسي يخبرني بأن هناك أمرًا خاطئًا يجري هنا

عزمت في قرارة نفسها على الخروج، فالتفتت لتغادر ولكنها وجدت "شارلوت" تسد البوابة بجسدها، وتعقد ساعديها أمام صدرها بإنتشاء بدا جليًا على وجهها

همّت "إيڤان" بسحب سلاحها، ولكنها تذكرت عدم إصطحابها له، فقد ظنت أنه مجرد لقاء مع "ريسين"، ولم تدرك ما سيحدث إطلاقًا
وها هي قد وقعت في الفخ بسبب غفلتها
اتخذ جسدها وضعية الإستعداد، وتحفزت فرائصها لأي هجوم مفاجئ

أما "شارلوت" فقالت وهي تستشف هيأتها المتحفزة:
- هل ضللتِ طريقكِ يا عزيزتي ؟

لم تعقب "إيڤان" فتابعت هي:
- لا بأس دعينا نعيدكِ إلى حيث يجب

سلطت الأخرى أنظارها نحوها، وأخذ عقلها يفرض إحتمالات النجاة، فلا بد أن "شارلوت" لم تأتِ بمفردها .. وهذا يؤكد تلك الراحة التي تغلف كيانها، ولكن من عساه قد بث ذلك الإطمئنان داخلها !

أتاها الرد مسرعًا في هيئة ضربة مؤلمة دفعت جسدها بعيدا وطرحته أرضًا، أطلقت تآوهات خافتة والتفت جسدها الممدد لتطالع ذلك الضخم الذي بدا من الخطورة بما كان
اقترب نحوها بـشر وجذب شعرها ليرغمها على النهوض، ثم صفعها بقسوة ألقت بها مرة أخرى لينهال عليها بسيل من الضربات الموجعة

كانت رؤيتها مشوشة، وقواها خائرة، تسارعت نبضات قلبها عندما سحب الأخير خنجره ليُجهز عليها، ثم أطلقت صرخة عالية عندما شعرت بخنجره يخترق جسدها
أغمضت عينيها بألم، وتجسدت أمامها ذكرى تلك الليلة السوداء، كانت طريحة الأرض غارقة في دمائها كما هي الآن تمامًا
ولكن كان أملها في النجاة حيًا وقت إذ، أما الآن فهو يلفظ أنفاسه كما تفعل هي

ابتسم الآخر بـ شر مدقع كما عهد، وتبادل النظرات مع "شارلوت" التي استعدت للرحيل لتزف هذا الخبر الثمين إلى زعيمها، ولكنها فوجئت بسيارة يقودها "ريسين" تنطلق نحوها بسرعة جنونية، صرخت بفزع قبل أن تحطم السيارة البوابة داهسة إياها تحت عجلاتها لتحولها إلى جثة هامدة، ومشوهة الملامح

قفز "ريسين" خارج السيارة ليعدو نحو "كارتر" وهو يصيح بجنون:
- سأقتلك أيها الوغد !

شعر "كارتر" بخطر محدق وهو يرى ذلك الثور الهائج يتجه صوبه بغضب كاد يجزم بأنه سيفتك به، أسرع ليبادره بلكمة قوية ولكن غضب "ريسين" العاصف كان يجابه أعتى الضربات، فتلقاها على ساعده، ورغم ألم جرحه الحديث إلا أنه لم يكترث، بل عاجله بلكمة في أنفه جعلته يتراجع بضعة خطوات إلى الخلف

أيقن "كارتر" بشراسة خصمه، فقرر العزوف عن إستخدام مهاراته القتالية ولجأ إلى سلاحه
صوب الأخير سلاحه نحو "ريسين" وضغط على الزناد لتنطلق الرصاصة في إتجاهها الصحيح
ولكنها لم تصب هدفها، فقد قفز "ريسين" متفاديًا إياها، ثم ارتفع جسده برشاقة، لتستقر قدماه فوق كومة من الخرداوات القريبة، وقبل أن يفهم "كارتر" الأمر كان "ريسين" يلوى معصمه بقوة، ويصوب إلى وجهه لكمة قوية في نفس اللحظة

تهاوى جسد "كارتر" ولكنه لم يسقط، بل تمالك نفسه ومسح الدماء التي تسيل من أنفه وقال بنبرة مخيفة:
- سأمزق جسدك يا هذا، لن تفلت من قبضتي

اندفع الأخير نحوه وهو يزمجر بوحشية كذئب مفترس، ولكن "ريسين" تلقاه بركلة قوية أطاحت بجسده الضخم أرضًا، ولما تأكد "ريسين" من فقدان "كارتر" لوعيه هرع إلى "إيڤان"، وجثى على ركبتيه بجوارها وهو يطالع حالتها المزرية وجسدها الذي يقبع فوق بركة من الدماء بخوف شديد، أحاط وجنتيها بيديه وقال مسرعًا:
- "إيڤان" ستكونين بخير، رجاء تحملي قليلًا بعد

هزت رأسها نافية وقالت بإبتسامة طفيفة:
- أظنها النهاية أيها المقدم

صرخ بها بجنون:
- كــلا .. لـيـسـت كـذلـك، ستكونين بخير صدقيني

كاد أن يحملها ولكنها تحسست ساعده وتمتمت قائلة:
- لا .. أنا أشعر بذلك، إنه يقترب كثيرًا

هز هو رأسه هذه المرة رافضًا تصديقها وقال:
- "إيڤان" رجاء لا تفعلي، ستعيشين انظري لقد اتمننا المهمة بنجاح رجاء فقط تماسكي قليلًا

لم تجبه، بل تأملت عينيه في عناق أخير تلاقت فيه أعينهما للحظات، هبطت دمعة حارة من عينها وقالت:
- آسفة .. أنا حقًا آسفة

ثم اردفت مع ذات الدموع التي اخذت تهبط من مقلتيها:
- رجاء سامحني أيها المقدم .. أنا لم أقصد ما قلته لك

اكملت بنبرة صادقة رغم خفوتها:
- "ريسين"، أردت أن تعرف فـ .. فقط بأنني .. أُ .. أُحبك ..

لم يحتمل جسدها أكثر، فسكنت جوارحها، وأغمضت عينيها قبل أن يسقط رأسها بين يديه معلنًا الإستسلام
شعر "ريسين" بقبضة باردة تعتصر صدره، ودار في عقله ما يشبه الشريط السينمائي
رأى كل شيء دار منذ بداية هذه المهمة، رأى شجاعتها، وإخلاصها في عملها، وحتى شجارهما الأخير، رباه ! .. لقد اعترفت بحبها له حتى، ولكن متى ؟ .. بعد أن فات الأوان

تحول حزنه في لحظة واحدة إلى نيران من الغضب، تأججت في صدره، فأطلق صرخات مدوية هزت الأرجاء من قهره، صرخات جعلت قلبه ينتفض فزعًا قبل أن يُسدل الستار الأسود متسائلًا هل سيعلن الفراق كنهاية؟ ......................!!!

_يـتـبـع_

بيدق الحب ... للكاتبة بوسي شريفTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang