الفصل الثالث عشر

4.9K 184 10
                                    

يا مساء النسمات الشتوية💧💧
#الفصل_الثالث_عشر
#جناح_مهيض

"عمااااااار "
انيين ،و شكوى،و تضرع ،لم يجبها بما تتوسله ،ان يكتمه في صدره ،فهي لا طاقة لها باحتمال تلك المراجل التي يشتعل بها صدره ،تظن ان كونها طي الكتمان ، لا يجعلها امر ملموس يوجب عليك التعامل معها ،و مواجهتها.
"لقد هاتفت اخيكِ ،و هو في طريقه الى هنا "
صفعها بما تفوه به بلامبالاة بغيضة
استقامت تتلمس حجابها ،و وجهها بهلع و ارتباك
"كيف فعلت ذلك ؟و لما فعلته !!انت لا تدرك ما الذي جلبته  الي ،بل علينا عمار ...اخي متشكك لعين ،يبغض المشاكل ،و ما تجره اليه النساء من قلق ،و وجع رأس ،انا اتحسس و اتجنب اخباره اي شيء ،حتى لو اندلع حريق في بيتي ،و انت تجره الي هنا "
تندفع قائمة لترتد لسريرها مرة اخرى بعد ادراكها لنصل المغذي بيدها ،تبعثر كلماتها هنا و هناك ،غافلة عن بؤسها و تخبطها الموجع لقلبه ، لقد أنَّ صدره لهيئتها ،لخشيتها فقط اتصال بأخيها ،الذي من المفترض ان يكون سندها بعد الله ..
لم يراها ابدا بذلك الضعف ،بتلك الهيئة المشتتة ،تلك الكلمات المتطايرة التي تخبره الكثير و الكثير ..
الجم لهفته لمواساتها،بحزم غلف نبرته
"لقد فقدتِ وعيكِ جويرية ،انتِ في المشفى الأن ،متى اهاتف اخيكِ لإجلكِ ان لم استدعه الأن "
يعلم انه يكذب ،يعلم انها تقصد ذلك ،لإجبارها عن الإعلان عن وجوده ، ليجعل لهويته لدى وليها سمت ، ليمهد لخطبتها ،كرها و قسرا سيشاركها حملها ،سيقاسمها حياتها ،طالما هي تجبن عن المواجهة ،سيعلنها هو حربا ،و يعلم ان ختامها سيكون اعلان نصره ،خاصة مع شخصية مهتزة ،تتخلى عن حملها و مسئوليتها ،هو علي يقين انه سيرمي به على عاتقه ،لينفض يديه بعدها خالي البال ،و قد خدر ضميره ،انه علق امرها في رقبة اخر .
دقائق مرت عليها كساعات ،لتحل نظرات اخيها عليها كأحجار متهمة ،يرمقه بنظرة متسائلة تتشح بشك يقيده عدم معرفتة بكينونة من يطالعه
"اهلا بك ،لم اتشرف بمعرفتك ،و بما تفعله هنا "
بصرامة مستدعاه ،تنسجم مع تلك اللهجة المتسلطة
"انا رئيس السيدة جويرية في العمل ،و انا هنا لأنها فقدت وعيها فاضطررت للاتصال بك ،و نقلها الى المشفى "
تلفت بعصبية توحي بنمط شخصيته المستضعفة
"اهلا بك ،و لكن انت تعلم كون جويرية مطلقة ،يجعل من وجودك هنا مسار قيل و قال ،انا....شكرا لك بالطبع ،و لكن نحن ....انا اخشى ان يعلم طليقها عن الأمر من الأولاد ،و ان علم ...."
ادمت باطن شفتيها من قسوتها تفرغ بإسنانها خزيها و حرجها من تلك اللهجة المزعزعة ،و الخوف الغير المبرر ،ترنو اليه بلوم صامت ،بعتاب لم و لن يغادر خلدها
ليقطع صوت سبب المها ،شفقتها على حالها
"ليس هناك مسار لقيل و قال سيد اشرف ،لاني سأنتزع حنجرة صاحبه قبل ان يلفظ قوله ، لا تقلق انت ،اطمئن على اختك ،و انا بانتظارك بالخارج ،فبيننا حديث طال تأخره "
استدار اليها حين خلت الغرفة
"ماذا فعلتِ تلك المرة ؟؟ و كيف تسمحين له بالبقاء في غرفتكِ ؟ انا لا طاقة لي بتحمل تبعات ما سيحدث ان علم اشرف "
تكتم دموعها ،لتحتوي سخطه و قلقه المبالغ
"لا تخشَ شيئا ،السيد عمار لم يهاتف سواك ،و انا بالطبع لم اتحدث الى الأولاد حتى الأن ...."
زفر براحة
"الحمد لله ،انتِ تعلمين مسئوليتكِ كبيرة جويرية، و سمعتكِ امانة في رقبتي "
هبط جالسا لا يشغله الاطمئنان عليها ، او سبب ما حدث لها
"فما يريدني مديركِ ،هل سيتخلى عنكِ ،و يخجل من مواجهتكِ ،ستواجهين مشكلة كبيرة ان تم فصلكِ ،انتِ تعلمين انا لا يمكنني مساعدتكِ حتى و لو باليسير فراتبي بالكاد يكفي، بل و كنت اقترض منكِ ، من سيقرضني الأن ان توقفت انت ....."
لن تتحمل هذا الهراء ،هذا كثير عليها ،كادت ان تسد فمه بغطاء سريرها فقط لينقطع سيل هذا الهزر و الهذيان المخزي
"لن يفصلني ،اطمئن "
علمت انه لا مفر من المواجهة ،عمار قد عزم و قضى امره
فعجلت هي لنهايته تحث اخيها
"لما لا تخرج اليه!! ، لتعلم منه ما يريد ،و انا هنا بانتظارك "
حدثت نفسها حين اذنت له بالولوج
"هذا وجه مغاير لما خرج به "
انه كصياد افترس حيوان على وشك انقراض ،مسافر حط رحاله بعد ان لاقى النصب و المشقة لسنوات
"خير اشرف ،تكاد عيناك تضيء من السعادة "
لا تزال انفاسه تتردد من الانتشاء و عدم التصديق
"لقد خطبكِ السيد عمار مني ،هل تصدقين ،انا لا اصدق حتى الأن ، على الرغم من تحدثنا بالتفاصيل ،و لكن لا اصدق انت مطلقة اعذريني جويرية و لكنكِ اختي و يجب علي ان اصدقكِ القول و مقيدة بثلاث اطفال...."
ضرب كفيه ببعضها ،يكاد حاجبيه يصافحان مقدمة رأسه من التعجب
"ما الذي يجده فيك ،لا اعلم ،صراحة اخشى ان يكون به عيب ...نعم مؤكد به عيب ..لقد اخبرني انه مطلق ...لابد ان امرأته تركته لعيبه ..او .."
شعرت بخدر في ذراعها يصاحبه وخز بقلبها
هذه بلا شك اعراض جلطة ،او بوادر نوبة قلبية  فما اتعرض له ليس بالقليل
"اسألك الرحمة اشرف ،انت علي وشك فقدان صوابك ،
اهدأ و اخبرني ما حدث ،و جنبني رأيك الشخصي ارجوك "
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
"ماذا فعلت عمار؟"
هتفت مشتتة الاحرف و الكلمات.
يجلس بأريحية و كأنه اعتاد الامر
"فعلت ما كان يجب علي فعله منذ سنه بتمامها، حين اكتشف ان فقط اواسي نفسي ان انام لان غدا سأراكِ ، و احثها صباحا على الاستيقاظ لأن وقت رؤيتكِ قد حان..."
منهزمة النظرات ،منكسرة الكلمات ،اختلط عليها ما تحب قوله ،و ما يجب ان تنطق به
"عمار ارجوك ...انت تضغط علي كثيرا، انا لا استطيع فعل ذلك بأولادي .."
لم يتشقق قناع برودته يجيب برصانة مقيتة
"انتِ لن تفعلي شيء ،اي شيء، انتِ ستوافقين على الزواج مني فقط ،و ستتركي الباقي علي انا ، انا كفيل به.."
هتفت بقلة حيلة تراعي جهله بما يحيط بها، لكن يغضبها قلة اكتراثه لما سيجلبه عليها
"عمار.... انت لا تعرف اشرف ،لا تعرف ما يمكنه القيام به فقط لأرضخ تحت سطوته انا و ابنائي ،هو تزوج الثانية، و بحث عن الثالثة ،فقط كونه مطمئن البال ان هناك من ترعى ابناءها ،من نذرت نفسها ،و قطعت سعيها تجاه اي شيء الا لتربيتهم، و تأمين راحتهم، لو نغصت امنه من تلك، الجهة ،لجعل حياتي و حياة الأطفال جحيم لا يطاق..
بتهكم ولد من سخطه عليها
"لذا انتِ تؤمنين له طريقه ،هو يخطط و انتِ تسيرين كما رتب لكِ الخطوات ، ذلك التعس البائس شبيه الرجال، يفعل كل ذلك بمساعدتكِ، لو اظهرتِ مخالبكِ مرة  واحدة لارتدع، لقد كسرتِ عينه و هيبته بجانب اضلعه، و كان عليكِ استغلال الامر، لكنه يكبلكِ بخوفكِ من ردود افعاله ،بما يهددكِ، بالأولاد! ،و اين سيذهب بهم ايتها الحمقاء الى زوجته التي استأجرت بمساعدة اخوتها رجال ليضربوه ،اي هيبة بقيت له امامها،  اي كلمة له ستسري عليها، و هو مصطحب ثلاث اطفال احدهم في طور المراهقة لترعاهم و تسهر على خدمتهم...."
ابتسم كاسرا حدة كلماته متذكرا صغيرتها
"يكفيها معاشرة عائشة يوم واحد فقط ،لتخشى على حياة وليدها ، فهي ستجعل الطفل قطعة واحدة ،ثم ستعيد تشكيله كقطعة صلصال رخوة .."
ابتسمت لكلماته يشع دفيء خالص يحيط قلبها
"انت على حق ،انا فقط ..."
اتم مبتسما يعي ما تعانيه
"اجبن من ان تقومي بتلك الخطوة"
تجاهل نظرتها المعاتبة التي رمته بها
"لذا انتِ امام خياران لا ثالث لهما، اما ان توافقين و نعقد بمباركة اخيكِ و الأولاد ،اما ان ترفضي و عندها اقسم غير حانث اني سأذهب اليه لأتم ما عجز عنه الرجال..."
اتسعت عيناها برهبة تشهق برعب
"لن تفعل....."
التوت شفتيه بابتسامة جانبية باردة  قاطعة متحدية
"جربيني جويرية، فقط حاولي انتزاع حلمي من بين يدي و جربي ..حاولي سرقة ذلك الامل الذي اضحى قاب قوسين او ادنى مني و لا تلوميني .."
ثار واقفا تتسارع انفاسه بقهر
"من بجانبكِ الأن، انا ابتلعت الأمر صامتا ،لكن انظري حولكِ لقد اتى اخوكِ الى هنا، اخبرته لما تتعرضين له من ضغوط، عن انخفاض صغط دمكِ ،عن قلقكِ الدائم و توتركِ الذي افضى الى فقدانكِ وعيكِ، ماذا فعل ذلك الأمعة...."
لوحت بكفها بسخط تزجره، لكن ذلك البريق الغاضب بأحداق عينيه المتسعة ،جعلتها ترد كلماتها الى حنجرتها
"ظل يتلفت هلعا يمينا و يسارا، و بمجرد اتصال من رب عمله ملوحا، بخصم تلك السويعات من راتبه هرول تاركا اياك خلفه، و قد كان على وشك تحديد ساحة النزال للمبارزة على الشرف حين قدومه.."
احنت وجهها بخجل و انهزام، لترجمها تلك الصيحة الأمرة
"ارفعي وجهكِ، و امحي تلك النظرة فورا عنه، لن اسمح لكِ بذلك الانكسار حتى لو امام عيني فقط، انتِ دائما عالية غالية، انا ارى قيمتكِ بعيني لا بعين غيري، انتِ نصب مقامكِ في قلبي لا في قلب غيري..."
طغت السكينة على محياها، يهدهد الأمان قلبها ،تتغنى انوثتها بانتشاء و زهو بما يدغدغ به سمعها..
"اتفقنا اذن...سأحدد الموعد مع اخيكِ..."
ترتجف قلقه، تتقافز الظنون السوداء، كظلال شياطين تتلوى في الجحيم ،لكن هو جحيم خاص بها، يقف عليه سادن لا يرتجي من وراءه رحمة و لا لين ،و اول من سيصلى بنيرانه هي و فلذات اكبادها..
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

جناح مهيض "مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن