الفصل الثامن

4.9K 193 6
                                    


#الفصل_الثامن
#جناح_مهيض
استطالت برأسها بدهشة ،تستنشق تلك الرائحة الطاغية التي امتزجت بهواء غرفتها ،يهفو بصرها إلى بابها المشرع ،و قد امتزجت تلك الرائحة بجسد لا يقل عنها فتنة و انوثة،يُتوجه خصلات ذهبية ،تتبارى مع بشرة حلبية ،موسومة  بأرقى منتجات التجميل ، لتجعل من صاحبتها على أُهبة الاستعداد لخوض المعارك الانثوية و التربع علي عرشها، و قد اكتملت الصورة بتلك الأجراس الذهبية من حنجرتها
"هل السيد عمار بمكتبه ؟"
هزت رأسها ،تحث لسانها على العمل
"نعم ، اسمكِ من فضلكِ لأطلعه عليه "
تخطتها بغنج يرسمه حذائها العالي الكعبين
"لا يهم ،انا سأعرفه نفسي ، بنفسي"
اسرعت تلاحق خطوتها تهتف
"و لكن .. يا أنسة...
قطعت حديثها ، و هي ترى تلك الفتنة المجسدة تمد يدها نحوه
"اااااه ، مورو اخيرا التقينا ، لم اصدق نفسي حين اخبرتني دينا، انك اصبحت رجل اعمال كبير"
انتفض من مقعده بدهشة لذلك الهجوم المباغت ،يشملها بنظرة متشككة
"انا لست رجل اعمال ،انا مهندس ،و لكن معذرة انا.... ،لم اتشرف بمعرفتك "
رسمت علامات الأسى و الخجل ببراعة
"انا انجي مورو ،هل يمكنك ان تنساني؟"
رافعا حاجبيه باندهاش
" ااااااه ،اهلا انجي، لقد تغيرت ملامحكِ كثيرا ،لم اكد اتعرف اليكِ"
كتفت ذراعيها بحنق عندما رأت انبساط اساريره، و هو يهش اليها ، يمد كفه مرحبا تهمس لنفسها بغل
"الفضل لعمليات التجميل ،فالبوتكس سيقفز من وجنتيها "
احتضنت اصابعه بين كفيها ، تهمس بدلال
"انت تخجلني ، و لكن انت لم تتغير بل ازدات ملامحك وسامة بتلك الخصلات السوداء التي استطالت كثيرا عن السابق"
حملقت ببلاهة ،لتلك الأصابع الملونة ،التي امتدت تتلمس اطراف شعره ، ستكون ملعونة ان صمتت اكثر
"ماذا اطلب لكم سيد مورو ،معذرة سيد عمار ،قبل ان اترككم بمفردكم ، و اغلق الباب ،فسمعة المكتب ستصبح علي المحك،خاصة مع رضاك عن الحماس الزائد لدى المدام "
رفع حاجبية بدهشة يمرر نظراته على وجهها ، و قد تحفزت تقاسميه ، و انتفخت اوداجها ، كالخيل على وشك النزال ، تلاعبت ابتسامته الصبيانية على شفتيه تمتزج بتسلية و قد شعر بان صدره كقفص يشدو قلبه و يغرد فيه بألاف النغمات و الألحان الغربية و الشرقية
تتراقص على اوتار روحه ،فتفيض بهجة و سعادة
" لا شيء سيدة جوري ، فانا مكتفي تماما الأن "
همست تقتطع الحروف اقتطاعا ،قابضة على اصابعها بعنف حتى لا تلكمه
"و المدام ،ماذا تريد ؟"
بادلتها النظرة العدائية
"اريدكِ ان تتركينا بمفردنا قليلا ،فانا لا استطيع التحدث بسبب مقاطعاتكِ "
تبا لها و له ، و لنفسها ايضا ، رفعت حاجبها بشر
"هل تريدني ان اترككم ، بمفردكم سيد عمار ؟"
ارتبكت الابتسامة على شفتيه ، حائر بين ما يصول في نفسه ، و ما يجول بالفعل على ارض الواقع ،يعلم جيدا ان تلك التي تذكرته اخيرا ،واتت متسلحة بجميع اسلحتها لن تتساهل للامر ،و تلك الحانقة يكاد يشعر بحلقات سخطها تلتف حول عنقه
"هذا على حسب سيدة جوري ،لماذا شرفتنا انجي بالزيارة ، اعتقد انها زيارة عمل ،فالزيارات الخاصة محلها المنزل "
التفت يمزج الجدية بالهزل بتلك البسمة المصطنعة
"اليس كذلك انجي ؟"
رفرفت رموشها ،حتى كادت تسقط من فوق منابت اجفانها لولا جودة اللاصق الخاص بها
تهمس بخجل
"في الحقيقة ،لقد اتيت لعمل ،و لكن .."
قطع حروفها الاخيرة يهتف بارتياح
"طالما الأمر يختص بالعمل ،فوجود جوري جزء منه ،فذاكرتي سيئة جدا، خاصة مع كثرة الأشغال ، ستدون الملاحظات ، و تحدد المناسب حتى لا اهمل شيء "
لمعت عيناها بانتصار ، في حين وثق هو نصره الخاص بتلك المشاعر التي اخذت تتداعي على وجهها ،تربت على قلبه .
غادرت بعنجهية ،سطرت حروفها من اجلها
"سأطلب لك الشاي و آتي بدفتري"
التفتت اليه بخيبة ،اظهرتها نقمة هتافها
"تلك المرأة ،لا تطاق ،انها متسلطة ، تحاوطك و كأنك ملكية خاصة ،تحتاج لمن يعلمها قدر نفسها "
"جويرية تعرف قدر نفسها جيدا ، و ما فعلته الأن خير دليل على ذلك ، فهي تحرص على العمل و سمعة المكتب ،ربما اكثر مني ،و اعتقدت انكِ احدى المدللات ،التي يرمين بأنفسهن ،على اي اعزب، في محاولات الايقاع به ،فأشهرت مخالبها "
صمت قليلا ، ليترك اثر كلماته عليها ،ثم اتمه
"لا تعلم انكِ حاليا في منزلة دينا لدي "
وقعت كلماته كرذاذ الماء يخبي حماسة لقاءها به، فقد نصبت الآمال ،بعد علمها بعزفه عن الزواج حتى الأن ، و قد وجدت في ارثها الزريعة المناسبة ،للولوج اليه مرة اخرى ،فقد حازت على كل ما كانت تفتقده معه
، و لكن يبدو ان الامر لن يكن سهلا .
"الشاي سيد عمار ،لقد احضرت لكِ كأس عصير سيدة انجي فالجو حار و خانق داخل الغرفة"
رمت عبارتها ،تجلس بتمهل مغيظ ، تفتح دفرتها
"انا مستعدة ،ان كنتما انتم كذلك "
اتجه بنظره إلى تلك ،التي اصبحت كبالون على وشك الانفجار .
"  لقد ورثت عن زوجي قطعة ارض كبيرة ،اريد منك تحديد الاستثمار الامثل لها .......
تجاري حديثها ،تدون ما سيفيد في اتخاذ قراره ،و تتململ من تلك المزايدات العاطفية التي تحشو بها حديثها عن انقطاع السبل ،و طمع الأقارب ، و لم يبق الا ان تمد يدها تطلب عناق مواساة ..
ترفع نظرها بين الحين و الأخر لذلك المنصت ،تمرر نظراتها كالأشعة السينية تلتقط ،نظرة تعاطف ،او تأثر ،ثم ترد بصرها بتوبيخ ،يصاحبه شعور بالذنب ،لكن شأت ام ابت يمتزج براحة لتلك الحيادية التي ترتسم على وجهة .
"و هكذا انا اضع نفسي و اموالي تحت تصرفك ، عمار ،افعل ما شئت فثقتي بك تامة "

جناح مهيض "مكتملة" Where stories live. Discover now