الفصل الحادي عشر

4.9K 207 22
                                    

يا مساء الانتقامات و الشمتات
#الفصل_الحادي_عشر
#جناح_مهيض
رفعت حاجبيها متسائلة بصمت ،لتؤكد لتلك المنتصبة امامها
بلهجة مبررة لم تلتمس فيها شفقة و لا حزن
"نعم جويرية عمار مريض ...عقيم ،لقد دمرني هذا، لقد اصبحت عارية تماما من كل شيء ، لا اموال و لا اولاد......
توقفت اشارات حواسها عن العمل ،لم تعد تلتقط حرف مما يلقى
برودة اطرافها ،ذلك الصقيع الزاحف ببطء الي عظامها ،تلك القبضة
الملتهبة التي تعتصر قلبها دون هوادة ، الدموع التي تتوسل مقلتيها ان تجود بها ،علها توسع مكانا لذلك الانقباض بصدرها ، (عمار) فقط اسمه تردد كأنين و نحيب بين جنبات روحها التي اقامت سرادق عزاء ،تبكي و تعزي فيه نفسها بنفسها  .
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂
"جوري"
بتمهل حثت رأسها ان يستجيب لذلك النداء المشاغب ،تلك المرة لم تستطع ان تغض عينيها من ان تحتضنه ،ان تضمه ،تواسيه بصمت ،تخبره انها هنا بجانبه ،دائما بجانبه ،تحميه و تزود عنه بما تستطيع ،لن تسلمه لقمة سائغة لتلك البيرانا المتربصة ...
هناك امر جلل ،لما كل هذا؟؟ ،ما الذي حدث ؟؟،كاد ان يتوسلها ان تكفي قلبه ما يعانيه ، تلك النظرة اخترقت روحه ،ما بها لترمقه كأم تربصوا لافتراس صغيرها؟؟ ،فأعدت اسلحتها للزود عنه ،تخبره بصمت ،لن اسمح بأن تتأذى شعرة منك ،سأحميك حتى من نفسك ،لقد شعر بدفء احضانها ،و احكام محاصرة ذراعيها حوله كحصن منيع يتردد بداخله صدى همسها
"لا تخشى شيء انا ابدا لن اسلمك "
ذلك التواصل البصري ارهق كليهما ،حديث بلا كلمات
احتواء بلا تلامس ،فقط خفقات لاهثة ،و نبضات متعثرة ،لا يستوعبها عقل و لا يدركها منطق ، فقط قسم و وعد خُتما من قلبها و صدق عليهما قلبه.
نظرات حائرة مستفهمة ،تستوثق مما تمرره اليه
"ماذا هناك ؟ ما بك !!!انت لست على ما يرام ،هناك ما حدث و سبّب الفوضى و القلق ... هل خسرنا المناقصة ؟.. هل تدخل احدهم و نقض اتفاقنا؟ ....."
صامتة .....منذ الجمتها صدمتها عن الرد على تلك المتبجحة ،الواشية ،كيف تبيح سره للعلن ،هل اعتقدت انها بذلك تنتقص من قدره لديها ،كيف تنتهك ستره حتى لو لها هي ،لقد صمتت ،صمتت وهي تستمع شكواها و ندمها ،صمتت و هي تستمع الى قسوة زوجها عليها ،صمتت و هي تعلن عن احتياجها لعمار ، و هي تبشرها انها اتمت نقصه بولد من رحمها ليس من صلبه ،لكنه سيكون العوض له ،سيعوضه و سيوثق مسعاها ،صمتت حتى اصبحت الاخرى بئر فارغة تتبجح بما ليس في جوفها و لن يكون ، لتخلف من وراءها عهدا لن يخان ،و يمين لن يحنث به .
"جويرية هذا الامر لا يخص الاطفال ،هذا يخصني انا ،انا اشعر بذلك ،و قلبي في تلك الأمور لم و لن يكذبني .."
استحثها بقلق يسري في اوصاله، هل ستتركه؟؟ هل اجبرها ذلك المخبول المريض لتترك العمل معه؟؟؟ هل علم انها انتقلت الى مسكن خاص بها في بناية يمتلكها ؟؟
"جويرية، ان التخبط يكاد يمزق عقلي ...أجيبي "
اسدلت اهدابها توقف رحى تلك الاحاسيس المبعثرة، تلك الأستار المنتهكة ، تخمد شظايا تعاطفها و حمائيتها تجاهه
"لا شيء مما قولت ،و لا شيء مما يدور في خلدك، فقط تلك ذكرى عاطفية احكمت خناقها حول قلبي، و مضت.."
يعقد حاجبيه، يتمطي العبوس على وجهه، اي ذكرى عاطفية تلك تجعلها تأسره بتلك النظرات
"هذه كذبه لا تقنع رضيع جوري، و لكن كدأبي كرب عمل متساهل، سأتغاضى عن الأمر ..."
احتوى وجهها بنظرات تبرق بالجد و الحزم
"لكن حقا جويرية انا اخشى عليك ،منذ انهيارك الأخير و يحدثني عقلي ان ما تفعليه خاطئ ، تلك ليست جعجعة بلا طحن ،انت فعليا بين المطرقة و السندان ، انت تحملين نفسك الكثير، تلك الانفعالات التي تقومين بوأدها داخلك، تمزق نياط قلبك، تقتات على اعصابك، تثقل اعباءك الداخلية، لا تصمتِ جويرية، اذا طلب منكِ ما يخالف ما تحاولين غرسه بالأطفال ،ارفضي، اذا حاول التقليل مما تفعليه، اطلبي منه ان يتحمل هو مسئولية فعله ..طالبي بحقوق ابناءك كاملة، لقد علمت من انس انه تزوج، اذا اصبح هناك عبء جديد، وحمل اخر ،اذا سهلت انت عليه الأمر ،فسيظل اثير تلك الراحة وذلك التراخي ،اما اذا حاصرتيه بالضغوط و بصعوبات المعيشة و معاناة الأولاد و مشاكلهم ، سيرخي لك الحبل حتى لا يلتف حول عنقه، سيتوارى متجنبا الاصطدام معك حتى لا تواجهيه بما يكره.."
تنهد زافرا يقيد ذلك الانفعال الهائج بصدره، الذي يحرضه ان يمزق اوصال ذلك الوضيع
"ارفضي، و اصرخي و انتزعي حقك بأظافرك، فالحقوق لا تمنح ،افعلي ما يبرد تلك النيران الهائجة في صدركِ، ما يخفف عنكِ وطأة الخنوع و الاستسلام..."
كانت تستمع اليه كطفل يتلقى اولى دروسه عن كيفية التعامل مع الغرباء، على يقين هو ان محدثه لا يكذبه و لا يضلله، كأرض تشققت من الجفاف تناسى زارعوها احتياجها و تعطشها، فأرسلت السماء عليها مدرارا فتلقفت المياه تتشربها بلهفة، و تختزن المزيد و المزيد لما هو قادم..
متسعة العين، تصيغ السمع، تلتمع عيناها بحزم ،تبرق ثناياها بإصرار
"سأفعل و سترى و ستسمع هذا وعد...."
اثنت عليها عيناه، و ارتجف قلبه لهذا الحديث و هذا الوعد...
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

جناح مهيض "مكتملة" Where stories live. Discover now