٢٩

6.5K 219 20
                                    

كانت تقى تعيش في عالم خـــاص بها ، تصــارع فيه قدرها ، نعم كانت تعاني في أحلامها ..
تلفتت حولها في ذلك الظلام الدامس محاولة إيجاد السبيل للنجاة بعد أن ضلت طريقها ..
فرائصها ترتعد ، قلبها ينبض بسرعة رهيبة ، أنفاسها لاهثة .. ولكن هناك أضواءاً عالية تسطع من مكان مــا ..
ركضت نحوها بقدميها الثقيلتين .. وشهقت في فزع حينما رأتها نيراناً مستعرة ، ومن خلفها أعين تضيء بشراسة في الظلام ..
تراجعت بفزع للخلف ، وسقطت على ظهرها ، وحاول أن تزحف بمرفقيها مبتعدة عن هذا الخطر المحدق بها..
حاولت أن تصرخ ولكن إنقطعت حبال صوتها ، وتحشرج صوتها ..
أدارت جسدها ، وجثت على ركبتيها ، وزحفت على تلك الأرضية الخشنة ، فإنجرحت ساقيها ، ولكنها لم تأبه بالآلم الرهيب ..
هي تريد النجاة ..
سمعت صوتاً يأتيها من بعيد بهتف بإسمها ، فتلفتت حولها بخوف شديد ، ونظرات الذعـــر لم تفارق عينيها ، ولكنها جاهدت لتعرف مصدره ..

تمكنت من الوقوف على قدميها ، وعرجت وهي تركض مسرعة نحو الظلام .. ولكن مازال يطـــاردها ذلك الصوت الشجي المتآلم ..

كافحت تقى لتفتح عينيها ، وبالفعل رأته ذلك المسجي على الأرض وينادي بإسمها .. ويتلقى الضربات الموجعة وهو يحاول الوصــول إليها
رمقته بنظرة غير واضحة ، نعم هي تألف صوته ولكنها في نفس الوقت تخشـــاه بشدة .. وفجـــأة أغمضت عينيها ، وشعرت أن جسدها يهتز بقوة ، فإستسلمت لصوت جسدها ، وهوت في تلك الهوة العميقة التي إبتلعتها بشراهة ، ومع هذا صاحبها ذلك الصوت الذي يصـــرخ بمرارة بإسمها ، فكانت أخــر ما إلتقطته أذنيها قبل أن تسقط في بئر ظلامها ..

.......................................

ركض منسي بتقى خـــارج المشفى ، ولم يعبأ بملاحقة الأمن له ، فقد تكفلت فردوس ومعها أحمـــد في منعهما من الإقتراب منهما ، حيث ظلت هي تصرخ بطريقة هيسترية جعلت الجميع يخشى الإقتراب منها ، وأشـــار أحمد بيديه بطريقة محذرة في حالة تفكير أي أحد في التدخل ..

ثم أســـرع في خطواته في إتجاه الطريق الرئيسي ليستوقف سيارة أجرة ، وبالفعل توقفت إحداهم ، ومن ثم ركبت فردوس في الخلف ، وأسنــد منسي تقى بحذر على المقعد الخلفي ، حيث أحاطتها والدتها من ذراعيها ، وظلت تقبل رأسها بعاطفة أموية كبيرة ..

تعجب السائق من حالة تلك المريضة الحرجة ، وشحوب وجهها ، ولكنه لم يجرؤ على طرح أي أسئلة ، إكتفى بالإيمــاء برأسه ، وأدار سيارته إلى الوجهة المطلوبة ..

لم يكف عقل فردوس عن التفكير للحظة فيما حدث لإبنتها الوحيدة ..
لقد تعرضت لأبشع جريمة يمكن أن ترتكب .. الإغتصـــاب ..
الفضول يقتلها لمعرفة كيف حدث لها هذا ، وكيف إستسلمت لحفنة من الذئــاب البشرية لينهشوا عرضها ..
هي لم تعرف ملابسات الحادث بالضبط .. فظنت أن إبنتها قد أغتصبت كما تسمع وتشاهد في التلفاز على أيدي بعض الشباب المنحرفين ..
تنهدت في إنهـــاك وهي تمسح على رأس إبنتها ، وإحتارت في كيفية التصرف ، فهي لا تعرف كيف تتعامل الضحية مع الغير ومع عائلتها في هذه النوعية من الجرائم ..
هي تقـــاوم الشعور الذي يتسرب رويداً رويداً إليها بالعـــار والخزي ..
فجريمة هتك العرض تتحمل جريرتها المرأة وحدها حتى أخــر العمر .. ويحمل معها عبئها أسرتها بالكامل ..
من الذي سيرضى بفتاة ذبحت بشراسة قبل أن تتمتع بحياة زوجية هانئة ..
من الذي سيقبل أن يكون الرجل الثاني في حياة شابة طمس طهرها مجموعة من الأوغـــــاد ...
لم تدرْ أنها ذرفت الدموع عفوياً وهي تتحســـر بآسى على مستقبل إبنتها الذي إنتهى قبل أن يبدأ ...
........................................

ذئاب لا تغفر .. ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثانيWhere stories live. Discover now