١

17.2K 311 10
                                    

تسمرت " تقى " عوض الله  في مكانها ، ولم تتحرك قيد أنملة ، فــ " أوس " الجندي كان لا يزال ممسكاً بكفيها المسنودين على باب السيارة ،  ومحكماً لقبضتيه عليهما ..
ومع لمسته الخشنة لها ، كانت روحها النقية تحترق رويداً رويداً ..
نظر هو إليها بتمعن ، ومـــرر عينيه القاسيتين على خلجات وجهها ، وراقب بإهتمام شديد إرتجافة شفتيها الذابلتين ، وأثاره شحوب لون بشرتها ، وما زاد من نشوة إنتصاره هو رؤيته لبريق الذعـــر جلياً في عينيها الزرقاوتين المتورمتين .. فحمرتهما تزيد من لهيب إنتقامه ...
أخــــذ أوس نفساً مطولاً ، وزفره ببطء ، ثم قال بصوت رخيم :
-من اللحظة دي مكانك هيكون هنا ... معايا !

لن ينكر داخل قرارة نفسه أن حالة من الإنتشـــاء تسيطر عليه ، فقد ظفر بتلك التي فكرت يوماً أن تتحداه ، وآن الآوان لترهيبها ، وتلقينها ما لا يمكن أن تنســـاه ...
ثم ضيق عينيه لتصبحا أكثر حدة ، و أردف محذراً بـ :
-ولو الشيطان وزك للحظة إنك تهربي مني ، صدقيني الجحيم بالنسبالك هايبقى جنة ... سمعاني ؟

كانت تقى تنظر إليه برعب تحاول إستيعاب تلك النقلة المفاجأة في حياتها ، فكلماته الغليظة كالسم الذي يسري في جسدها ليقتلها ببطء ..
لم تجب هي عليه في البداية ، فأثارت حفيظته ، فضغط على أصابعها المحاصرة بأصابعه ، فآلمها إلى حد ما ، وراقبت بتشفي تشنجات وجهها ، وتأوهاتها المكتوبة ، وإعتلى ثغره إبتسامة لئيمة حينما جعلها تنتبه إلى ما يقول ، ثم سألها بقسوة أشد :
-سامعة اللي قولته ؟!

إبتلعت ريقها في خـــوف واضح ، وهزت رأسها لعدة مرات في إستسلام مغري بالنسبة له ، وخرج صوتها ضعيفاً متردداً :
-أهــا .. حــ.. حاضر

أرخــى قبضتيه عن كفيها ، وإبتسم لها بقسوة ليستفزها ، ثم أشـــار لها بعينيه ، وهو يأمرها بـ :
-اتحركي

سحبت تقى يديها المرتجفين من أعلى باب السيارة ، وكورتهما معاً ، وأطرقت رأسها للأسفل لترى آثـــار أصابع يده محفوره على كفيهما

ثم رفعت رأسها فجـــأة بعد أن إنتفضت مذعورة حينما وجدت إصبعيه يمتدنان نحوها ويرفقعان بقوة أمام وجهها وهو يهتف بصرامة مخيفة :
-مش قولتلك اتحركي ، يالا ، مش هاستنى كتير

هزت رأسها تلقائياً لعدة مرات لتمتثل لأوامره منصاعة ، ورمشت بعينيها الخائفتين أمامه ، وتراجعت خطوة للخلف لتتجنب الإصطدام به حينما صفق الباب بيده القوية ، ثم لمحت بطرف عينها إبتسامة القاسية وهي تتجلى على فمه العنيد ..
أشـــار لها بإصبعه لتتحرك إلى الأمـــام ، فســـارت بتردد ملحوظ تقدم قدم وتؤخـــر الأخــرى نحو مدخل البناية التي أشـــار إليها ..
بينما تتبع هو خطواتها المتعثرة من الخلف ليتمكن من مراقبتها بتلذذ مريب وظل على ثغره تلك الإبتسامة المتشفية لتزيده غروراً وعنجهية وهو يرى إنتصاره يتحقق بسهولة كبيرة ..

ذئاب لا تغفر .. ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثانيDove le storie prendono vita. Scoprilo ora