الجزء الحادي والعشرين

84 6 1
                                    


[ مازن مصطفي ]

9555,ويل شاير بلوفار, بيفلرلي هيلز بناية دوني بلازا الطابق السابع والعشرون هذا هو العنوان الجديد لمركز مالك لدعم المغتربين المصريين. إستقليت برفقة عمرو ومايكل صديقاي وزميلاي تاكسي من أمام مطار لاكس والمرجح تكلفته من بين خمسة وأربعون دولار إلى خمسة وخمسون طبقاً للزحام الشبه دائم بلوس أنجلوس. لم ألتفتُ للحظة للعالم الجديد من حولي لأن كل ما شغل خاطري حينها عالمي الذي تركه ودموعها المتساقطة على وجنتيها لما ذهبتُ إليها وودعتها من أسفل بلوكنتها. هذا اليوم خاصة كان من المفترض أن يكون أفضل يوم في حياتي فقد تحقق به الحلم ولكنه كان الأسوء, ظلت معي في إتصال مطول منذ العاشرة مسائاً وحتى الواحدة صباحاً لا أسمع غير نشيجها وتوسلاتها لي بأن أعود إليها ولا تنسينّي جميلات الغرب وجهها البرئ وإنتهى الإتصال بركوبي الطائرة وتركها وحيدة حتى الان ببلوكنتها في إنتظار رؤية طائرتي في سماء التجمع الخامس .
حاول أن أفهمها مراراً أن ما تراه من بلوكنتها الطائرات الهابطة على المطار لذلك تحلق بالسماء على علو منخفض وتستطيع رؤيتها أما الصاعدة للسماء لن تراها وعليها النوم ولكن لم تصدقني رغم أنها المهندسة وأنا الطيار. سوف ترى طائرة ما وتودعها وتخلد للنوم وحينها تنهي نوبة البكاء ومزق قلبي شفقة عليها.
للتأكيد على الصلة الوثيقة بين الهلال والصليب مايكل يعدني بحضور وفد من كنيسته الإبراشية سرادق عزائي عندما يعلم الأخوان عن علاقتي بهنا ويقتلاني كجزاء عادل كل العدل كما يرى أما عمرو لم يكن متشائم مثله فقد هنئني لأنني إستطعت إسقاط إبنة اللواء بغرامي بعدما كشف الغطاء من خلال مكالمتها المتكررة, ويستودعني التوصيات لدى اللواء عند عودتي من البعثة والتزوج من نوننا ومن ثم سكنة قصور التجمعات . أنظر لعمرو مستنكراً نوننا من أحداً غيري فلاذ عمرو بالصمت وحتى وصلنا لحى ممتلئ بالأشجار, على جانبيه, بمنتصفه, وأحيانًا أعلى التلال. بنايات شاهقة وأخرى متوسطة حتى بناية يصل إرتفاعها لثلاثين طابق من فوق سطح الأرض توقف أمامها التاكسي وترجل السائق منه لينزل أمتعتنا بلا أدنى إشارة منه للإيضاح فعلمنا يقيناً أنها وجهتنا بعد مشاق؛ أولى المشاق. دلفنا سويًا من البوابة الزجاجية الإلكترونية وكانت أول من رحب بنا بأمريكا حين فتحت تلقائياً, جاء صوت نسائي من البوابة الزجاجية يطلب التعريف عن الوافدين الجدد وحينها نظرت لعمرو ومايكل أطلب منهما ما تطلبه سيدة الباب الزجاجي عله بحوزة أحدً منهما إنما إستحك مايكل قفاه بتفكر بينما عمرو ناولني نظرة بلهاء وقرر أن لا يستمع لنساء.
أكملنا الخطى على الأرضية اللامعة الملساء من اللون البني المموج بين البيج والأسود ومن ثم مدخل البناية, بمساحة شقة أبي تقريباً حيث يقارب السبعون متر مربع, بطنت حوائطه بمستطيلات طولية, تباعاً من الخشب العسلي و بالرخام البني, بالسقف عدة ثرايا ضخمة مستطيلة الزوايا من اللون الذهبي وبالجانب مجلس مكون من أربعة كراسي خشبية منتفخة باللون العسلي مبطنة حواشيها بالاسود الحريري اللامع, الأشجار والزروع تملأ الجوانب بجمال يصعب وصفه وقد أفترش الأرض الملساء وأجعلها نومتي بجنان لوس أنجلوس.
أوقف تجولنا عند هذا الحد رجل خمسيني يرتدي بدلة حكلية داكنة تشبه ملابس الغازفون بفرقة الشرطة الموسيقية ويسأل إن كنا أصدقاء مستر مراد المنتظر وصولهم من مصر فأجبته بالإيجاب وحينها أوصلنا الرجل الموقر لأحد المصاعد من أصل ثلاث . إستقل الرجل الخمسيني إحدى المصاعد معنا الى الطابق المراد لمستر مراد المنتظر وصولنا أمام باب الشقة مبتسم ويلفظ أدخنة سيجارته . أجهزنا عليه بالطبع قبلات وأشواق وعناق عدائي بغرض المزاح فبالله رغم كل ما عانيناه معه إفتقدناه ونقدر كل التقدير الإحسان الذي شملنا به منذ إلتقينا و حتى فرصة للسكن ببيفرلي هيلز . إنتهت فروض الوحشة لما أزاحنا من حوله فسقط كلاً منا للخلف على أمتعته  ثم صاح :
- ما كفاية قرف بقه .. مفيش رجالة في أمريكا بتحضن بعض و لا تبوس بعض ولا حتى بيعيشوا سوا .. يلعن .........
     قمنا نحمل أمتعتنا متغاضيين قسراً عن كل من لعن من ذوينا على لسان الديب فقد إنتقل بنا للفردوس الأمريكي. أرشدنا لساحة أخرى فسيحة مكسوة أرضيتها بموكيت أزرق, حوائطها بيضاء مبهجة تملؤها لوحات تشكلية مريحة تشكلت الطبيعة بها بكل درجات الأخضر إلى جانب الأنهار الزرقاء الرائقة. في الحقيقة لم يكن ذلك جزء من الشقة فقد كان الممر الذي يكمن بها ثلاث شقق وشقتهم الأخيرة بالممر. مرر مالك بطاقة ممغنطة بسياج معدني بطرف الباب ففتح بعدما أحدث صافرة واهنة. دلفنا للداخل, لقصر طبقاً للمساحة والجمال والفخامة, الشقة ليس بها الكثير من الحوائط الخرسانية بل مجرد قوائم زجاج تفصلهم عن سماء لوس أنجلوس البيضاء, الردهة بها ثلاث مجالس الأول مكون من أريكتين ذو بطانة سمنية اللون من قماش الجوخ القوي, تكسوهما الوسائد الزرقاء الخالية من النقوش وأخريات مليئة بالنقوش السمنية, يتوسط المجلس طاولة مستطيلة زجاجية بالكامل حتى قوائمها . المجلس الثاني مكون من أربع كراس ضخمة قد يحتضنوك بحميمية إن جلست عليهم وبمنتصفهم طاولة دائرية صغيرة من المعدن الأسود المطلي. المجلس الثالث مزوي بأحد الأركان للخصوصية وبه ركنة كبيرة تحمل نفس ملامح الشقة المبهجة من اللون السمني, تواجهها مدفأة رخامية أعلاها شاشه تليفزيونية عملاقة وعلى الجانبين مكتبتين مثبتين أو محفورتين بالحائط ولكن لا يحملا كتباَ مجرد أرفف زجاجية خالية. مائدة الطعام بجانب أخر تماماً عن باقي المجالس, ذات حظوة متفردة لم أرى مثيلها بأي مكان فقد كانت مسطح كبير من الزجاج المقوى تحمله قوائم رخامية أشبة بالأعمدة الرومانية ومن حولها ثمان كراس أما عن الحمامات فمعضلة حقاً هم ثلاث الأول كان أكبرهم, مساحة شاسعة من الرخام أرضاً وحوائط, بالجانب طاولة خشبية ذو أدراج متعددة, تحمل ثلاث مغاسل ومرآة عاكسة لكامل الحمام وبركن أخر بالحمام غرفة كاملة من الزجاج مثبت بأعلاها إضائة خافتة وبالحائط الوحيد من السيراميك اللامع من داخل الغرفة الزجاجية إنبثقتا نافورتين إنما فيما بعد علمتُ أنه مكان للاستحمام يسع لشخصين. إنتهت الجولة بالأبهى ما بعد النوافذ العملاقة, البلكون الملتف من حول الشقة الكاشفة للوس أنجلوس من مسافة سبعة وعشرون طابقاً لترى البيوت والضواحي ومطار لاكس والشواطى البعيدة ولكن الديب أخبرني بأن ما أراه ذلك ليس بشاطئ بل الجبال فقد خدعني السراب أول خدعة .
مسكينة حبيبتي, كم تمنيت أن ترى هذا الجمال معي فبأي حال لن أستطع تحمل كلفته وكانت هذه هى الفرصة الذهبية إنما تثنى لها رؤية بعض السحر في السابق فقد أخبرتني إنها بمرة سافرت لميامي الأمريكية لزيارة جدها ولكن مع الأسف لا تذكر من تلك الرحلة إلا مقتطفات لأنها سقطت من على الدرج و أصابها فقدان ذاكرة كامل وعندما إستيقظت وجدت رجل بهي الطلعة يرحب بعودتها ترحيب الأميرات فأحبته من النظرة الأولى؛ أنه اللواء جلال لا أعرف كيف تجده بهي الطلعة فهو يشبه الممثل القدير أحمد عبد العزيز هيئة وقامة وتقلبات مزاجية حادة عانينا منها الأمريين لثلاث سنوات إنما لا ضرر سوف يكون حماي مستقبلاً وجاري اللدود بعدما أسكن بيته مع أغلى ما يملك بالحياة؛ هنا .
إنتظرت سكنتي بصدر رحب على إحدى الكنبات ولكن حدثت معجزة بكل المقاييس, فقد قال حسام بيوم عيد ميلاد هنا أن الديب قد أعدّ لي غرفة والعجيب حدث وأصبح لدي غرفة لا يشاركني بها أحد بخلاف عمرو بعدما عشتُ عشرون عام من عمري أسكن غرفة واحدة مع أربعة أخوة منهم فتاة مزعجة كانت تقوم بطرد باقي إخوانها من غرفتهم طيلة الوقت وتنفرد بالغرفة ليل نهار ولا تلقى توبيخ من أبويها, إنما الان سرير خاص واسع ومريح ومكان خاص لملابسي ونافذة كبيرة بنفس الإطلالة المميزة سوف أصبح وأمسي عليها. إنها الحياة؛ إنه الحلم؛ أنه العالم الغافل عنه البسطاء وذلك خيراً لهم فلو رءوه لماتوا قهراً أو قتلوا أنفسهم ..
ثلاثمائة دولار أى ما يعادل تسعمائة جنيه مصري سوف يقتطعهم أبي من قوته وقوت أخوتي ليرسلهم لي شهرياً على سبيل الطعام والشراب والمواصلات ولن يكفوا حتى الغرض الثالث أما الغرضين الباقيين تكفل بهم صاحب الشقة فثلاجة الطعام بالمطبخ ونظيرتها بالردهة الخاصة بالشراب مملوئة على الدوام ومسموح لجميع ساكني الشقة بإستخدامها دون حد أدنى, لم يكن إطعام قاطني الشقة المساكين حصرياً على مالك فقد تشارك معه العطف أمجد والأستاذ هشام. إمتدت حياة العربدة السابقة للجميع وتشاركوها سويًا إلا إنا إلتزمتُ دراستي وتدريباتي والحلم الذي إمتد, أريد أن أكون مثل مثلي الأعلى, العالم الفذ بالخامسة والعشرون من عمره وله تسجلين لبرائتين إختراع ويعمل على الثالث بالإضافة الى أبحاثه التي تلف العالم ومع كل إنشغالاته بالتدريس والأبحاث لايزال معبود النساء بكل جنسياتهن, يرتدي أفخر الثياب والعطور يركب الموستانج علاقاته النافذة بلا حدود يكفي ذِكر إسمه داخل القاعدة العسكرية ليتنبه الجميع ويلهثوا للسؤال عن أخر أعماله وأيضا والأهم مما سبق آمن مالك لي الحماية من المتنمرين بكل جنسايتهم حتى الأمريكان.
طرق باب غرفتي ويسألني إن كنت مستوراً وقبل أن أجيبه يدخل الى الغرفة ويجدني على سريري أمام كتبي بكامل هندامي بالطبع . أغلق الديب كتابي وقال : 
- كفايه دح قوم إلبس هنسهر
أجبته يملئني الخجل :
-  مره تانيه أصل المايه نشفه معايا
قال مالك بتعجب :
- وهى من إمتى رخِّت على دماغك المايه يا شحات .. أصلاً كلنا الليله معزومين على شرف كريم باشا الدويري .. قوم إخلص بدل ما أفَكِّملك
قمتُ على الفور وبدلتُ ملابسي قبل أن أتذوق قبضة مالك بفكي أو أيًا من دعاباته الثقيلة. السهرة الأولى لي بلوس أنجلوس بخلاف عشائات مالك وأمجد بالمطاعم الراقية.  نادي ليلي في منطقة مييتباكينج يدعي سييالو, لم يكن هناك مطربين أو راقصين كما بالوطن فكل رواد المحال يرقصون بكل بؤرة به, يتمايلون على أنغام فنان الدي جي الهستيري فرأسه ترف كأنه ممسوس من معشر الجان بينما يداه لا تفارق معداته العديدة التي من أمامه على طاولة ضخمة تحمل العديد من الأزرار, حتى لو يكن هناك رقص على الإطلاق فقد تلخص رقص الأمريكان على القفز للأعلى وتمايل الرؤوس حتى إقتلاعها, ظلام حالك لا تتخلله إلا أضواء مرتعشة أصابتني للوهلة الأولى بعمى الألون وأضحى كل ما أراه أعتام متباينة أصابتني بداء الشقيقة . كريم باشا وحارسه الجرافيكي الصامت على الدوام برفقته, يشير لنا الكريم لنتقدم منه والإبتسام يغمر وجهه, تبًا كم وسيم كما تراه حبيبتي وكما أراه الان وعلاوة على ذلك ثري ثراء فاحش لا حدود له, إنما مضياف فقد حيّانا بحفاوة ودعانا لرفقته على إحدى الكنبات الكبيرة النصف دائرية والتي كانت من أهم سمات المحال فالمتوافر ثلاث كنبات رحبات أمام باقي رواد النادي إما يرقصون أو يتبارون على الوقوف أمام البار الكبير مما يدع الجلوس حصري على معشر الكنبات ونحن منهم الان. تراصوا الزملاء من داخلها وبدأت تنهال علينا المشروبات الحكولية ما أن يفرغ كأس حتى يجدد بمثيله, كلمات ومصطلحات لم أدرسها بكورسي التعليمي أو حتى مع هنا تلفظ من حولي ولا أدرك لها معاني مستفيضة فباردتُ وسألتُ حسام عن معان لتلك الكلمات التي تسقط من بعدها الكؤوس على الطاولة فأجابني بتملل شديد أن من البديهي أن يدرك المرء ما المعنى الصحيح لكلمة غربية خاصة لو تبعها كأس لأنها إسمه ليس أكثر. لم أشكر الزميل الملول من شرح معلومة بديهية كما رءاها ومن الان فصاعد سوف أتوجه للديب دائماً وأبداً ولكنه دائماً على يمين كريم باشا وبينهما أحاديث لا تنتهي.
تسقط الكووس المملوئة بالأعاجيب وتصعد فارغة لتعود بمزيداً من الأعاجيب ولكني لم أشاركهم الطقس, إنتهت دورة المشروبات الثالثة أما كأسي الأول من الدورة الأولى, لازال أمامي ممتلئ بالأعاجيب إلى أن كرعه عمرو على سبيل ( التفاصه ) فلا خمور أو سجائر كما وعدتُ حبيبتي.
جاد علي كريم باشا بنظرة تسائل ثم فتحت لي سماوات المجد لما خاطبني قائلاً :
- إنت مابتشربش ياااا ؟
بادرته بحماسة معرفاً عن نفسي :
-  مازن يا فندم
ضحك الكبار بلا أسباب فتبعهم الصغار عمرو ومايكل أما أنا لم أجرأ حتى على تبين ما المضحك فيما قلته فلذت بالصمت وحينها عاد الكبار لأحاديثهم . يبدوا أن إحترام الكبير بأمريكا مزحة, لا أسمع إسم كريم يلفظ من دون باشا فبادرتُ بالإحترام وكذلك كريم أكبرنا سناً فقد تجاوز الثلاثون وملياردير يستطيع الإنفاق على سبعة أفراد بملهى ليلي راقي ويطرح الان رهان, من يستطيع جلب السمراء الجميلة من منطقة الرقص للطاولة له ألف دولار ومن ذهب ولم يستطع يتحمل تكاليف الليلة وحيداً. لم يهتم غير مالك فقال كريم متعجباً :
-   إنت ما بتحبش السُمر
أجابه مالك :
-  هحبهم بالعند فيك .. قولي إنت بس هى أفريكان أمريكان ولا بورتيريكن
الإجابة الثانية رغم أن الفتاة سمراء لامعة لها سمانة ديروجبا ونهدين قدرهما الكريم بمقاس دبل سي ومؤخرة بإستدارة شمام بلاده الصيفي . الفتاة لا تراقص إلا صديقاتها فتلمس مالك طريقه بينهن راقصاً بدوره حتى إلتقاها عن قرب, همس للفتاة السمراء كلمات جعلتها تبتسم تبعها بكلمة واحدة جعلتها تضحك بحيوية لتظهر أسنانها ناصعة البياض ومن ثم حاوط خصرها العاري بذراعه وأتى بها للطاولة وحينها قال كريم ملول :
-  صاحبكوا ده زرل أوي وهيشيل الليله برضه
وهنا شاركتهم الضحك ثم أوضح حسام :
-  وهترووح معاه وإنت هترووح فاضي .. و هتبقى ليله سوده علينا كلنا  
أتت الجميلة وحشرت مؤخرتها العامرة بيني وبين مالك ثم باشرت بالتعرف على جالسي المائدة . عبث كانت محاولاتي إلا أنني نجحتُ بإبعاد ناظريَّ عن النهود المتقلقلة الشبه مغطاة بخرقة لامعة لا يحملها إلا طرفين رفيعين من اللؤلؤ عند العنق الذهبي  وطرفين أخرين لامعين عند حدود النهود. ولو أغمضتُ عيناه أين أدفن إحساسي لما شعرها الثائر ذا التموجات الناعمة يصفع وجهه كلما تحركت محملاً بعبق الإجاص الذي تخلل نفسي الأمارة بالفواحش ما ظهر منها وما بطن .
بدى علي الإرتباك وإنتقل وتحول لتهامس بين الجالسين الذين تبادلوا الإبتسامات الساخرة على تخبطي العذري, وحينها ودون إدراك لعواقب جذبتُ إحدي الأكواب التي لا أعرف محتواها وسكبتها بحلقي وللعجب لم أهدأ بل زاد إحتراقي وكل ما أردته حينها العودة لغرفتي والنوم علّ السمراء تسكن أحلامي. لا, ماذا أقول من تسكن أحلامي حبيبتي لقد وعدتها وأقسمتُ لها أن لا أرى بغيرها نساء وسوف أفي علها تفي بدورها وتنتظر عودتي. عودتي وشيكة لأن الديب يهم بوضع لمساته لنهاية الليلة حيث قال بسقم للجميلة :
- كانت من أحلى سهرات حياتى لورا الوداع
نظرت له الفتاة بتعجب وقالت :
-  إلى أين ؟
- المنزل
- ولكن الوقت لازال مبكراً
أجابها وعيونه تلمع بالأسى :
- آسف .. لم أعد أحتمل رؤيتك بهذا الجمال ومعى كل هؤلاء الرجال أريد أن أراكِ معي وحدي .. أعذري كلماتي الحادة ولكن نحن العرب نحمل الحدة أينما ذهبنا ولا نصتنبغ بسهولة ببرودة رجالكم
بالله صدقته حتى غمز لي بالخفاء بالنصر فقد قامت معه الفتاة لتنهي الليلة بشقة بيفرلي مع العربي الثري الحساس للغاية والذي أحبها ويغار عليها منذ رءاها للوهلة الأولى . قمت معهما وأذنتُ من الجميع فقال حسام مُشدداً :
- خليك معانا يا مازن هنرووح كلنا مع أمجد
أجبته مستنكراً فقد تجاوزت الساعة الثانية صباحاً : 
- لا أنا عايز أنام
فتضاحكوا علي مرة أخرى بلا أسباب وكالعادة لم أستوضح ما أوجب الضحك بكلماتي وتركتهم وذهبتُ برفقة الحبيبين منذ دقيقة. خرجنا للسيارة وجدتها بإنتظاري مع حارس الملهى الليلي وكأنه على موعد مبرم مع سياسات الديب لإستقطاب الفتيات الغبيات, يناول المفتاح للمالك فتناوله منه وقذفني به وطلب مني القيادة حتى دون سؤالي إن كنتُ أعلم عن قيادة السيارات شيئاً. فتح الديب الباب الخلفي للجميلة وركب بجانبها أما أنا ركبتُ بالأمام بكرسي القائد وإنطلقتُ بالسيارة رغم أنني لا أحمل رخصة قيادة أمريكية وتعتبر تلك جنحة تستوجب كفالة شخصية ومادية ولكن من يبالي الان, بالمرآة الأمامية إنعكس العالِم الفذ منكب على أخر أبحاثه بكل حماسة والسمراء الأفذ بادلته الحماسة وتعتصره بين أطرافها لتمتد الجولة السياحية البورتريكية التي قام بها مالك على جسدها النحاسي بشفتاه حتى قبل الوصول للشقة. أنهت أيادي الديب جولتها على السمراء وتمشت على قفاي بعنف ثم جاء صوت الديب الحازم يقول بالعربية :
-  بص على الطريق هتخلّص علينا
تنبهتُ على الفور وتفاديتُ الدخول الخاطئ للطرف المقابل من الطريق أما الديب لا يجزع من موت وشيك ويبتسم لي بسخرية إلا أنه جلس بإستقامة بجانب الفتاة التى لا تنوي إستقامة وتعلقت برقبته وأمطرته بقبلاتها. لم أنشغل  بعدها بشيء غير الطريق حتى وصلنا للشقة وحينها سارعتُ للمطبخ لجلب أياً من العصائر لأبدل مذاق فمي بعدما علق على جنباته مرارة الخمر ومن ثم العودة لغرفتي والنظر من نافذتي الكبيرة وتأمل القمر لسؤاله عن نظيره لابد إنها الان بمدرستها تشاكس مدرسيها أو ترسم وجهي بكتاب الرياضة البحتة الخفي عن الجميع إلاي, أو على كنبتها الجوخ الخشنة بغرفتها ولكني لم أرى غرفتها من قبل والكنبة السمنية الجوخ بردهة شقة بيفرلي مستلقية عليها سمراء عارية والديب يعتليها على مرئى مني بلا حياء.
سارعتُ بالخطى من المطبخ لغرفتي وأغلقتها علي ولكن بلا جدوى فقد تعالت الهمهمات الحماسية وتلتها الصرخات الشغفة ثم توسلات السمراء لتكون أحد جواري الشرق للـ Arab stallion إنما قابل الديب التوسلات بالصمت المطبق لأنه لا يريد سماع صوت السمراء المزعج الخشن الوتيرة.
لم يكن صوتها مزعج على الإطلاق بل على العكس تماماً, فتأوهاتها رطبت جنبات الشقة الباردة وأشعلت بها حيوية نارية قد تشملني إن لم أدير إحدى أغاني حماقي على محمولي وأضع السماعات الغنائة من داخل أذني لأغفى للصباح دون سهاد مأرق بخبث أدعوا من الله أن يرسله عن طريقي .
ماذا يحدث بأى حال, للديب غرفة خاصة لا يدخلها أحداً غيره ويستطيع أن يفعل بها أفعاله الغريبة ولا تكشفه عيون تائقة لتفجير طاقتها المختزنة منذ عقد من الزمان, ترى هل لذلك تفسير يعقل .
أتى سكون صباح الأحد وعمرو من صدعه بتقلبه العنيف على سريره, وحينها ذهب النعاس وإن إمتد السهاد للثانية صباحاً الى أن إنتهى الديب من تحية بلاده للمرة الثانية بلا أية أسباب أمام مواطنة بورتريكية لا تفهم كلمة مما يقولها العربي إلا – ياللا – إذن ياللا للصحوة . قمت عن سريري وخرجت من غرفتي متخذاً طريقي للمطبخ وقبل المطبخ تعثرت بطريقي بعاشقين الأمس, بمكانها إنما مع بعض الإختلافات الطفيفة فقد وجدتُ الشرشف الذي سألت عن سر وجوده بردهة الشقة وليس بإحدى الغرف منسدل على الديب وسمرائه لسترهما عن العيون التائقة. مشيتُ بتحسب حتى المطبخ الى أن وجدتُ حسام والأستاذ هشام يتناولا الإفطار في حالة من المرح وغير مستنكرين بالمرة ما حدث أمس فسألتهما بعصبية :
- هو في ايه  .. هو مابينامش فى اوضته ليه ؟
ضحكا كلاهما بشدة ثم أوضح الأستاذ هشام :
-  النسوان الطيارى مش بيدخلهم اوضته بيخاف على حاجته  تتسرق .. اصلها غاليه وده غير أنه بيقرف أوي
إستنكر مازن :
- بيقرف ازاى .. يقطعوا بعض امبارح وبيقرف !!
أوضح حسام هذه المرة :
-  هو كده .. نظامه كده .. وياريت تتعود لما يرووح معاه واحده ابقى استنى معانا لحد ما يخلَّص بدل ما تشوف اللي شفته امبارح        
-  لا مش هقدر اشوف الحاجات دى كل يوم انا هدور على مكان تانى
قال حسام ناصحاً :
-  هتشوف ايه يا موكوس .. الإيجارات هنا غاليه جداً وانت مش قدها وعيشة القاعده هتقرفك خليك معانا أحسن
دعم هشام أقوال حسام قائلاً بمرح :
-  اسمع الكلام .. خليك معانا ده انت هتشوف العجب
  ومن أولى العجائب ما سوف يحدث الان, فقد سحبني الأستاذ هشام لمراقبة الديب لما إستيقظ بتكاسل إنما لم يستطع بعد فتح عينيه بالكامل من ثقل ما تجرعه أمس من فودكا, يلكز الفتاة بعدائية ليوقظها من غفوتها الغير مريحة بالمرة ولما أفاقت نظر لها الديب بتعمن كأنه يراها لأول مرة وقال :
- من أنتِ ؟
تعجبت الفتاة وقالت :
-  انا لورا ماليك
-  من ماليك من أنتِ .. أين زوجتي أين إبني مراد .. من أنتِ؟
بدى على الفتاة الجزع وتحركت قليلاً من جانب الديب مبتعدة عنه بتقزز بينما تقول مستنكرة :
-  أنت متزوج ؟!
أجابها الديب بحزن شديد :
- نعم ..  أين هى حبيبتي .. بالطبع هجرتني بعدما رأتك معي, ضاعت حياتي ضاع ابني .... اخرجي من بيتي الان ارجوكِ ضاعت حياتي اللعنة
غطى مالك وجهه براحتيه وأجهش بالبكاء بحرقة بينما الفتاة تحدجه بإشمئزاز ولا تبالي بسلوان فقد نفضت عن جسدها العاري الشرشف وقامت ترتدي ملابسها بينما تلعن ماليك بدورها بعدما إتخذها نزوة لرجل متزوج ومن ثم خرجت من الشقة تصفق الباب من خلفها أما ماليك أنزل راحتيه بتحسب عن وجهه الغير منتحب على الإطلاق للتأكد من خروج الفتاة ثم أنزلهما تمامًا وأمسك بهما الشرشف ليحكم رباطه على خصره بينما يتمتم, عشان خاطر هشام بيتكسف . وكان هذا سر الشرشف, يضعه هشام على كنبة الغرام ليتستر به مالك بعدما تنتهي ليلته لأن الاستاذ هشام لا يفضل رؤية رجلاً عارياً بالصباح . خرجوا على الديب ضاحكين من فكاهة السيناريو المذهل الذي أعده بإتقان من شأن خروج الفتاة بلا أمل للعودة بينما الديب قام عن الارض ليجلس على الكنبة الخشنة فناوله الأستاذ هشام مج القهوة الأمريكية وجلس بجانبه وقال :
-  صباح الخير يا سبعي
قال الديب بصوت متحشرج أجش :
-  صباح الخير .. واد يا مازن هاتلي السجاير والولاعه من جوه
نفذتُ الأوامر فطالما نفذت أوامر الديب بلا تملل فلمَ الترفع اليوم. دلفتُ لغرفة الديب لأول مرة منذ وطئت قدميَّ هذه الشقة, غرفة واسعة منظمة بها خزانة ضخمة للملابس وسرير كبير وهى الغرفة الوحيدة التي بها نافذة تغطي حائط بالكامل, بها كنبة أخرى من الجوخ الخشن وطاولة متوسطة الحجم تحمل أحدث أجهزة الحاسوب والإتصالات وآلة موسيقية متطورة تشبه الأورج ولكن أصغر حجماً, أما علبة سجائره وولاعته الفضية على كومود بجانب السرير الكبير إنتشلهما وخرجت من الغرفة لصاحبها وناولته إياهم إلا أن صاحب الشقة و السجائر لم يرفع يده ليحمل مقتنياته ورفع عيناه إلي و قال بحدة :
- إنت نسيت نفسك .. عايزني أولع لنفسي  وانت موجود يا حيوان
إبتسمت كرمى للايام الخوالي عندما كنت خادمه بلا مقابل إنما الآن المقابل مجزي للغاية, سكنة بيفرلي, ضمانة العالم الشهير ونهاية سيجارة له و سيجارة لي أشعلهما وأسحب زفيراً من خاصتي و أقول لائماً :
- إنت مجوز ومخلف وكل يوم تجيب واحده ؟! مش خايف مراتك تعرف وتسيبك بجد؟!
وعادوا للتضاحك علي مرة أخرى وبلا أسباب ثم قال مالك :
- وانا هجوز من غير ما أعرفك برضه يا واطي .. دي حجه لطيفه عشان أوزع المُز وما تلزقش
قلت متعجباً :
-  لطيفه !!! دي البت جالها صرع
إنعقد حاجبين مالك بحدة وقال :
-   تستاهل .. اخر مره بورتيريكان .. ولا صوتها عامل زي نتاية الجمل
ربت الاستاذ هشام على ركبة مالك مهوناً بعدما غطاها بالشرشف حتى لا يلامس رجل عاري بالصباح طبقاً لعاداته ثم قال :
-  إخس يا سبعى كبرت ؟؟
أجابه مالك :
-   وانت عمال تصغر يا بابا نويل بتصبغ يلا  ؟؟
وحينها تسائل هشام :
- هو بالصبغه ؟؟
- لا بالبلابيع طبعاً ما ده اخرك
- أدينا الصبح يادوبك على الكافي نبعت نجيب ماريا وتعقد مقارنة عادلة
هل هذه الحياة هل هذه الجنة, لديهم كافة المقومات لبناء حياة عائلية مثالية ويفضلوا العربدة والصخب. بالله لو تبدل حظي وأصبحت الديب لعدت لمصر الان وقمت بخطبة حبيبتي وتزوجتها وأسكنتها قصراً ولكن أين حبيبته , المكالمات الدولية لا أستطيع تحمل تكلفتها وليس بحوزتي حاسب خاص لولوج حساباتها الإلكترونية لذلك عندما يقتل قلبي سقم عشقها أتوجه للمركز الحاسوبي بالقاعدة وأرسل لها أشواقي إنما بصباح لوس أنجلوس تكون هي بليلل القاهرة وبأغلب الأوقات تكون نائمة وقليلاً ما أجدها بإنتظاري لتنقل لي وحشتها بغربتي عنها. أهاً للحبيبة التي لا تقدر ما أعانيه من مظاهر من حولي, الجميع يجرب مباهج الحياة من شتى نواحيها وأنا المتعفف عن كل حياة بدونها. قاطني الشقة لهم صديقات حميمات الي جانب فتيات ليلة الأحد لعلاقة عابرة أما أنا توقفتُ عن التدخين إلا من السحت وما سقط سهواً عن معشر المدخنين بالشقة ولم أتذوق الخمر إلا مرة واحدة وإنتهيتُ, أهًا لو ثري مثل الديب لإبتعت لحبيبتي الأزياء الجميلة وسافرنا بكل إجازة لمكان من إختيارها فحبيبتي ذو البرائة تستحق كل ما هو أفضل وهذه المرأة صديقة مالك الحميمة القبيحة القصيرة لا تستحق. دائماً عيونها علي بلا أسباب خاصة بغير وجود مالك عندما تأتي لتنظف غرفته وإصطحاب ملابسه للغسيل الجاف, إمرأة عادية لا تقارن بالجميلات اللاتي يطردهن مالك كل صباح أحد, لديها شعر أسود لامع قصير عيونها سوداء دائرية ضيقة مثل الأسيويين, قوامها نحيف رغم وجهها الممتلئ لكنني علمت فيما بعد  إنها تخصع كل ثلاثة أشهر لجلسة طبية لحقن وجهها بشيء أسمه البوتكس ليمتلئ بحيوية المراهقين . صديقة مالك تعمل محررة بمجلة أزياء ولكنها بلا مالك لا شيء على الإطلاق, كانت تعمل بخدمة الغرف وإلتقاها مالك بإحدى سفراته لأسيا وتوطدت العلاقة حتى جلبها معه لأمريكا لتكون مواطنة فلبينية سابقة وأمريكية حالية ثم أوجد لها الوظيفة والان أصبحت صديقته الحميمة وتحيى حياة لا تستحقها لمجرد إنها خادمة الديب المطيعة .
زاد اليوم عراكهما عن كل الحدود التي يضعها مالك لنسائه فممنوعاً عليهن الصياح بوجهه أو بوجوده والان تعالي صياح ميا وتتهم الديب بخيانتها بل وتهدده بخروجها من حياتها ثم سمعتُ صوت إرتطام شديد أخرجني من فوري لتبين ما يحدث قبل إفتعال حادث يؤدي بنا للطرقات جميعاً بعد سجن صاحب الشقة. بحمدلله لم يحدث شيء مريب فالديب يخرج من غرفته بينما يرتدي سترته وميا من خلفه تستبقيه بالقوة فإلتفت لها وقال بالعربية بعصبية :
- غوري في داهيه انا اللي مش عايز اشوفك .. ثم أعاد صياغة كلماتها بالانجليزية قائلاً :
I don't want to see your fuckin ugly face any more
ثم نفض يدها المستمسكة بذراعه عنه وخرج من الشقة في سلام نوعاً ما . عدت لغرفتي فلا توجد إصابات خطرة وميا كل ما تفعله البكاء المرير على الكنبة الخارجية, ياليتها تفل حقاً من الشقة, فنظراتها تجعلني أرتاب أخاف أن يلحظها غيري ويالسوء حظي لو لاحظها الديب فأنا أخشى غضب الديب أكثر من أي شيء . لا زالت تبكي لنصف ساعة منذ خروج مالك لكن من تحسب نفسها أنها ليست زوجته بل مجرد عشيقة أخرى إنما بدوام كامل, عليها التوقف عن البكاء وإسترضاء مالك أو تركه للبحث عن ممول جديد.
لابد أن الديب عاد لأن أحدهم يفتح باب غرفتي إلا أن المقتحم ليس الديب, أنها صديقته ووجهها المغرق بالدموع. توقفت عند الباب وقالت :
- هل يخونني ؟
لم أكن لأقحم نفسي في عراك عشاق فقلت :
-  لا  أعرف
وحينها قالت ميا بعصبية :
-  أنت كاذب مثله ومثل باقي عصابته
قلت بتهذب راداً عن الإسائة :
-  أريد أن أنفرد بنفسي أرجوكِ  
لم تبالى بما قلته وقالت :
- ما إسمك ؟
- مازن
-  هل أنت طيار مثله ؟
-  نعم ولكن لازلت أخضع للتدريب مالك متمرس
-  هل لك صديقة ؟
-  لا
-  ولا بالوطن
-  لا
قالت بحزن :
-  أنا أيضا ليس لى صديق, صديقي خائن أعرف ذلك .. ولكن لا أستطيع هجره .. أنا أحبه بشدة .. أحبه حتى الإختناق
- هو أيضا يحبك
لمَ قلتها أو لمَ كذبتها لا أعلم إنما كذبتي أبدت نتيجة لا بأس بها فقد إبتسمت لي براحة تاقت إليها مؤخراً خاصة لما شعرت بأن هناك رجلاً أخر يبتاع كذباتها, وعوضاً عن البحث عن الديب لإسترضائه إقتربت مني للغاية لمزيداً من التجوس, لتكمل معالم الخوف والترقب, ضمتني إليها إلا أنني أبعدتها عن وجهتها وقلت : 
- أرجوكِ أخرجِ الان قد يعود مالك بأى لحظة
وأتى سيد سوء التوقيت الأول بتلك اللحظة ولم يكن بغاضب أو ثائر كما كان من قبل بل قال وهو يقف على أعتاب غرفتي بهدوء  :
-  لو إنتهيتِ من صديقك أفرغِ خزانتي من ملابسك وضعيها بخزانته
تركت الفقير بالطبع وتوجهت للثري على الفور كما حال النساء أجمع بكل أصقاع الارض أما الفقير عاد للتجوس . أغلقت الباب من خلفي ومشيت بخفة بممر الغرف ثم إغتلس ثلمة من بين الستائر لأستمع لما سوف تقوله ميا فقد تروي لمالك الأكاذيب لتستحضر غيرته ولكنها قالت :
-  - ألم تعد تحبني ؟
جلس مالك على الكنبة النحاب وأخرج من جيب سترته بهدوء شديد مفتعل لإثارة حنق ميا عن ذي قبل علبة سجائره وقداحته الفضية وأشعل سيجارته ثم لفظ أدخنتها للسقف وقال :
- انت من تختلقى المشاكل وليس لدي الوقت لهذا
ثم أردف بغضب مروع :
- لدي بحث أيتها الغبية وليس لدي وقت لهرائك
أظن صوته بلغ قوة القنابل التفجيرية فتفريغ حلقه كاد أن يعيدني لغرفتي بل لمصر وبالرغم من ذلك ميا لم تتأثر البتة بل و قالت : 
-  من كانت معك الليلة الماضية ؟
-  لا أذكر أسمها
لم تكن الأسيويات خانعات هادئات كفتيات الجيشا كما أشيع عنهن وإلا ما كانت هجمت ميا على مالك لتضربه بكلتا يديها إلا أن مالك أمسك برسخيها وقال مساوماً :
-  هذا أنا ميا خذِ أو أتركِ
نفض مالك يديها عن قبضتيه إنما لم تستلم ميا وقالت وهى تبكي :
- أنا من تحبك و ليس غانياتك لماذا تعذبني ؟
- أنتِ من تعذبي نفسك
- مالك نحن علاقتنا جدية وعليك أن تتوقف عن العبث أنا لم اخونك يوماً رغم إنني أستطع 
-   ماذا كنتِ تفعلِين مع مازن ؟
- كنت أسأله عنك لأتأكد من خيانتك
- وأجابك ؟
- لا أنه كاذب مثلك 
- حسننا ميا غادرِ الان أريد الإنفراد بنفسي قليلاً
- مالك أنا ....
قاطعها مأكداً :
- غادر الان
إختفت ميا بغرفة مالك للحظات ثم خرجت منها وقد إرتدت معطفها الشتوي الطويل, وبيدها حقيبتها النسائية وغادرت الشقة بعد نظرة حزينة تحمل الكثير من الأوجاع لحبيبها القاسي الغير مكتثر لتلك الدموع والآلام فقد أطفأ سيجارته بالمرمدة وصاح بصوته الجاهوري مازن .. كنتُ أعلم أن هذه اللحظة آتية لا ريب وسوف أطرد من الجنة للشارع والسبب النساء سبب كل بلاء حل على الارض .
خرجتُ لمالك طلب مني الجلوس ثم قال :
- قولت إيه لميا ؟
جلست وقلتُ :
- ولا حاجه كانت بتعيط وسألتني إذا كنت بتخونها و قوتلها معرفش
-  بس ؟
-  أه بس
-  إنت لسه مع بنت الجنايني ؟
- لا سيبتها
ربت على ركبتي بشدة ألمتني ثم قال :
- أخوها بينه و بينك حيطة لو عرف انا مش هتدخل و هسيبه يخلص عليك
صحت مؤكداً :
- قسماً بالله العظيم ما لمست صاحبتك .. ثم أمسكت بيده لأقبلها عله يرأف بحالي وأردفت متوسلاً :
- أبوس إيدك انا مش خايف على نفسي انا خايف عليها .. أصلها عيانه و مش حمل خبطة
سحب يده من يدي ثم رفعها لرأسي وبعثر شعري بمرح عدائي بعض الشيء ثم قال :
-  بتحبها أوي كده ؟!
- مستعد أموت نفسي عشانها .. بص انا عارف إنك زهقت من ميا .. أطردها وانا اللي هغسل و أكنس  وهخلي الشقة كلها تلمع والله العظيم
نهض عن الأريكة مبتسماً ولكن للتعجب إنما ليس بقدر تعجبي فمن أين عرف نسبها وحينها أجابني ببساطة :
- حسام شايل صورتها في محفظته .. بيحبها أوي و بيخاف عليها أوي .. خلي بالك أخرك معايا السنة دي .. الحوار لو ما دخلش في الجد هبلغ أخوها يخبطها ويخبطك أنتوا أحرار سوا
- أصل يا مالك ....
صاح بي مقاطعا ً:
- الاجازة دي أخرك انا مش هشتغل إريال على أخر الزمن   
وخرج مالك من الشقة لأتمكن من تنفس الصعداء فقد تأكد من برائتي وكذلك لن يشي بي كما هدد لأنه ليس بواشي ويعلم نواياي تجاه هنا. ما كان ليحدث كل ذلك لولا هذه القبيحة التي يجدها كل قاطني الشقة أجمل النساء, كانت حبيبة مالك منذ أيام ليست ببعيدة وأقام لها حفل عيد ميلاد كبير وإبتاع لها حلي مرتفع الثمن والان طردها بكل قسوة غير عابئ لذكرى يوم واحد معها, لم تخطئ وهو من أخطأ أو توهم لها الخطأ لإزاحتها فالفتاة لها مطلب واحد لا تتملل من عرضه على مالك يوماً بعد يوم بينما مالك فضل المماطلة علها تنسى مطلبها حول تطوير علاقتهما. تريد ترك شقتها والسكن برفقة صديقها وإن كان هو من يدفع إيجار شقتها ولكن تبحث عن المزيد تبحث عن ما بعد السكنة الزوجية ألا وهو الزواج والعودة مع زوجها إلى بلاده النفطية وكأن بلادنا نفطية حقاً كما تتوهم .
عدت بدوري إنما إلى غرفتي وإنكببتُ على كتبي لساعات طويلة فالمستقبل المنتظر تحقيقه لن يجعل مصيرك تحت قبضة غضب أحد أو شطحاته المتطرفة ولكن هيهات قطعت علي دراستي من جديد فقد إقتحم علي عمرو الغرفة بصحبة شقراء نحيفة زرقاء العيون وقال مبتسم بظفر :
-  شبه نوننا مش كده  ؟
قمت إليه أقول زاجراً : 
- ما تحترم نفسك وأوعى تجيب إسمها على لسانك تاني في البيت النجس ده
هدئني قائلاً :
-  ماشي طيب هدّي أعضائك .. اطلع ذاكر بره محتاج الاوضه
تأففت من أفعال كل قاطني هذه الشقة من الجحيم وقلت بتملل :
- - نام على سريرك إنت فاهم .. كاتكوا القرف
خرجتُ من الغرفة لردهة البيت وجدت الديب عادت إليه إبتسامته ويجلس برفقة القاضي لتناول الطعام أمام المجلس الذي به الشاشة العملاقة فجلست برفقتهما وفتحت التلفاز ليمر الوقت المضني المقتص من دراستي.
إضطرا أخيراً لجلب الطعام من الخارج اليوم بعدما كانت ميا تطهو لهما ولكن أين ميا يسأل هشام فأجابه الديب :
-  زهقت منها بقت زنانه أوي
-   يابنى بتعرف تطبخ هنرجع نتسوح تاني
-  أهى عندك .. اكيد هتنط  كل شويه عشان تجر ناعم .. ابقى خدها فى حضنك انت راخر
-  ومين اللى خدها فى حضنه وقهرك
دنت عينا مالك إلي بينما يقول :
- عذراء الجمالية
إنتفضتُ عن الكنبة بعصبية وقلتُ :
- انت هتعيش ولا ايه قولتلك ما لمستيهاش .. بص انا غلطان إني قاعد معاكوا اصلا انا هلم هدومي و أمشي بعد ما عمرو يخلص
قال مالك بتهكم :
- انت لو خرجت من هنا وروحت القاعده ترجع بعيل
ثم إنفجرا بالضحك سخرية مني ولما هدائا أكمل الديب سخريته بالصعيدية قائلاً :
- انا بس بدي أعرف إنت شمال ياولدي ؟!
صحت بهما واعظاً :
- انتوا اللى شمال انتوا فاكرين انكوا عايشين .. ده انتوا اموات عمالين تتمرمغوا فى النجاسه ليل ونهار وناسيين ربنا واللى اتربينا عليه
لم تنال كلماتي إستحسان الأستاذ هشام خاصة وعبست قسماته حيث قال :
-  اصغر واحد فى الشقة بيدينا درس اخلاق !!
قلت آسفاً عن حقيقة تنكر أمام قاضي :
-  انا مقصدش يا أستاذ هشام .. أنتوا أحرار .. يعني هو أنا هفهم أكتر من حضرتك يا قاضي
ثم مالك يبوبخني قائلاً :
- استاذ هشام مش من سنك يا مازن عشان تستظرف عليه  
- انا مش بستظرف يا مالك .. انا بنصحه زي أخويا وحبيت ...
- خلصنا يا مازن .. إتأسف كفاية
أسفت بالطبع وإن لم أخطأ فليس في وسعي الذهاب لأي مكان فقد رأيت سكن المغتربين بالقاعدة ولن أستطع تحمل السكنة به ولو ليوم واحد وسوف أظل بالجحيم أختنق بذنوب ليست لي أما عن الطاقة التي تأججت بداخلي أفنيتها بتمرينات القاعدة ولما يتبقى القليل أفنيها بالصالة الرياضية الكامنة بنفس البناية المخصصة للسكان. الجمال من أمامي ومن ورائي وعلى جوانبي ولا أجرأ على لمسه وتركتُ للزملاء هذه المهمة . الديب يغيب عن الشقة بحد أقسى أسبوعين ثم يعود ويعتكف بغرفته لأيام عديدة ولا يدخل عليه أحد إلا الاستاذ هشام ولما يخرج من غرفة مالك يتقاسم معه الحزن ويسهم بدوره, فيمَ الحزن لا يعلم أحد ولا حتى أمجد زميله بالعمل .
لم يرضيني حزن الديب فرغم كل شيء له معزة خاصة بقلبي ولذلك طرقت بابه مراراً حتى فتح الباب وحينها سألته : 
- لو فاضي ممكن تشرحلي حاجه واقفه معايا ؟
نظر لي مالك مطولاً بثقل ثم أومأ بالموافقة. كان يبدوا عليه الأرهق الشديد رغم أنه لم يترك غرفته منذ أيام, ينظر لي متعجباً ثم يسأل المسألة الهامة التي أخرجته من غرفته وحينها أذهب لغرفتي وأعود بكتبي للردهة, للدرس وللحق لم أتوقع تلك السرعة بالإستجابة فقد بدأ الديب بالشرح والإيضاح وصفقي على قفاي لسبب وبدون. إستغرقنا الكثير من الوقت ولم يمل الديب كعادته أو نهرني لبطء إستيعابي بل بدى مستمعاً وزاد من إستمتاعه ثلاثة عشر مكالمة صدرت من محمول حسام الذي سهى عنه بالردهة ونزل لشراء بعض البقالة. شعر مالك بالقلق وقام لمحمول حسام الذي يدق للمرة الرابعة عشر ثم قال :
-  الرقم من مصر ليكون حصل للوا جلال حاجه .. أرد ؟
أجبته بالإيجاب ولما أجاب مالك المكالمة سمعتُ صوت عذب أعرفه جيداً وإفتقده منذ زمن يقول :
- ايوه يا حسام إنت فين  بكلمك من إمبارح ما بتردش عليَّ ؟
أجابها مالك :
- انا مش حسام .. حسام نزل كلميه وقت تاني
صاحت حبيبتي بغضب :
- وإنت ترد ليه يا بارد هتخلصلي الكريديت
ضحك مالك ثم قال :
- ما تزعليش نفسِك أبعتلِك كريديت يا قمر إنت يا أم لسان طويل ..إسمك إيه ؟
- إسمي هنا جلال عبد المقصود جنبك حد يسندك من الخضه .. إنت تبعتلي كريدت يا شحات .. انا هخلي بابي ينقلك المطافي
أطبق مالك كفه على الهاتف ثم قال لي مازحاً - العروسة - ثم عاد للعروس يقول بعدما إبتهل وجهه بالفرحة الغامرة من بعد حزن مدقع :
-  إنتي هنا .. في سنه كام يا هنا دلوقتي ؟
-  وانت ما لك يا ماسخ .. الله يحرقك انا عايزه حسام ولله لأخليه يفكّملك
-  يفكّملي !!! ماشي يا هنا لما يخلص حسام هخليه يكلمك.. انا مالك مراد خطيبك .. خلي بابي ينقلني المطافي اللي جنب بيتكوا عشان اخليكي تتزحلقي من على العمود
-  ياللا يا أهبل
أنهت حبيبتي المكالمة بعنفها عند الغضب الشديد بينما مالك قال :
-  مطافي !! يا ساتر في كده .. دي هطلع عين أهلك
لا يهم. هذه هى حبيبتي البريئة المتمسكة بقيم إندثرت, لا تقبل إطراء أو تستمع لمديح ولو صدر عني, على وعدها كما عهدتها. لم تهتز لما سمعت إسم العالم الفذ معشوق النساء الثري الذي تعرفه تمام المعرفة لأنني من حكيت لها عنه وتتمنى أن تراني مثله بيوماً من الأيام ولكن بالعمل فقط وإلا وضعت لي السم بالطعام وأكلناه سوياً. حبيبتي لم يراها الديب ولو مرة ويطلب خطبتها من أخيها أسبوعياً ويرفض الحسام لأسباب عديدة عددها على مسامع مالك وقاطني الشقة ومنها ساكر, هازئ, زئر نساء, حاد المزاج وإبنة عبد المقصود لا تتحمل عصبية أحد وقد تقتله لو علا صوته على صوتها فقط وليس خيانتها بكل صبيحة أحد ولكن لم يرتجع الديب ولازال يتوسل لحسام ليزوجها له وإمعانا بالفضائح علّ الحسام يردخ أسمى الديب أخر إختراعين بإسمها, هنا الأول وهنا الثاني ويقوم بالعمل على هنا الثالث . الديب يبحث عن البرائة؛ عن فتاة رباها اللواء جلال عبد المقصود على قيمه وأخلاقه القويمة سليلة عائلات كريمة لا يعلم أيضا إنها سليلة الإتربي باشا من ناحية الأم وماذا لو علم قد يخطفها بتهوره المشهر وينسى أن لها عاشق .
- أبو نسب .. حمدلله على السلامة
عاد حسام محمل بالبقالة ليعد لنا غداء اليوم ولم يهتم بترحاب مالك فقد دلف للمطبخ بهدوء إلا أن مالك صاح :
-  خطيبتي إتصلت
أكمل حسام خطواته للمطبخ بينما يقول متهكماً :
-  إنت خطبت ألف مبروك
أمسك مالك بهاتف حسام النقال ثم قبله بحنان بينما يقول : 
- هنا اللي في كي جي إتصلت ولعنت سلسافيل جدودي .. فهمها إن كده عيب .. انا برضه خطيبها
أنزل حسام البقالة عن يده وتوجه لمالك ينتزع منه هاتفه النقال بينما  يقول متحفزاً :
- تستاهل عشان تنسى حوار الخطوبه نهائي .. صدقتني لما قولتلك إنك ماتسلكش معاها .. شيلها من دماغك بقه وسمي الإختراع الجاى فايزة
- طب كلمها شوفها عايزه إيه ولو محتاجه حاجه رقبتي سداده
وضع حسام الهاتف النقال بجيب سرواله غير مبالياً بنصح مالك الذي إكتمل لما أردف :
- كانت بتعيط قطعت قلبي
عاد حسام للإنتباه وبدى على وجهه الإنزعاج وقال :
-  ما يعييش رصيد
أخرج الديب محموله من جيبه وناوله للحسام إنما حسام لم يلتقطته وحينها قال الديب :
-  إبقى امسح الرقم لما تخلص
أخذ حسام المحمول وقال بثقة :
- لاء هخليه وإبقى وريني هتعمل إيه ؟
أمسك حسام بهاتف الديب وأدرج عليه رقم هنا للإتصال فأجابته على فور, يبدوا إنها تصرخ ولكنني لم أميز شيء غير ما قاله حسام :
-  بطلي عياط مش فاهم حاجه .. قوتلك ما ينفعش نحطه أدام الأمر الواقع إنت اللي عاندتي .. لا مش هيجوزك سامح بيهددك بس .. انا عارف صدقيني .. جدتك كمان مش هتوافق .. حاضر شويه وأكلمه .. طيب .. بطلي عياط عشان ماتتعبيش .. إن شاء الله تخشي الكليه اللي عايزاها  .. محمد رسول الله .. مع السلامه
بدى على حسام الضيق بجانب الإنزعاج أما الديب إبتسم متعجباً من الصغيرة العبقرية التي كانت بروضة الاطفال منذ أربعة سنوات والان سوف تدخل الجامعة وتتم خطبتها وسوف تتم لأنه سوف يعود لمصر, رأسًا للواء جلال وبمكتبه ليخطب سليطة اللسان لنفسه إلا أن أحبط حسام مخططاته لما أذاع عليه النظام الدستوري الذي يدار به منزل اللواء وهو أن للأغلبية حكم القرار وهنا لن توافق أو حسام وآسر ويكوّنوا جبهة قوية لا يهدمها ديب ولو أصبح وزير الدفاع الأمريكي.
حدثت الكارثة كيف غفلتُ عن ذلك, نتيجة الثانوية العامة نشرت وحبيبتي تستعد لمرحلة التنسيق لذلك علم اللواء بسرها وباشر بالعقاب. لكن اللواء أجّل أمر خطبة سامح ذاك لأنه لم يستطع رفضها كلياً حتى لا يغضب عليه أخيه الأكبر إلا إن اللواء لا يحبظ الخطبة بالكامل لعلمه أن الاخ الأكبر طامع بالثروة التي ورثتها هنا رغماً عنها وعن الجميع . كيف لم ألحظ بكائها ولاحظه الديب, إلى هذا الحد كنت بعيداً عنها وعن مشاعرها التي تحتاج لهدهدة الان. مسكينة الحبيبة تعيش بمأساتها و كل ما أفكر به تفجير طاقاتي المختزنة ولكنني بمأساة بدوري وذلك شيء لا تفهمه نساء إنما علي الان البحث عن حلول لإبعاد الأطماع عن الحبيبة بعدما توقفت رسائلها منذ أسابيع مضت, يبدوا أن العقاب شمل قطع الإتصال عنها ولكن علي التجربة بأي حال. الجميع لديهم حواسب شخصية فيما عداي ولا أستطيع طلب المساعدة من أحد غير مالك لأنه الوحيد الذي لم يغضب بعد من تعليقاتي الحادة من حول حياتهم الماجنة وأيضا مالك الوحيد بالمنزل الان بعدما خرج الجميع للسهر . طرقتُ بابه مجدداً لم يجيب فطرقتُ مطولاً ولم يجيب ثانيةً فإضطررتُ للإقتحام وبحمد لله لم يكن عارياً أو نائمًا وكان يعزف على آلته الموسيقية الصامتة لأنه قام بإكتمام صوتها عبر سماعات كبيرة نوعاً ماً وضعها على أذنيه حتى غطتهما تمامًا . تقدمتُ منه لم يراني لأنه مغمض العينين يعيش حالة الفنان الآسرة فإضطررت لوضع أناملي على آلة مالك الموسيقية وحينها فزع الديب ووضع يده على أذنه اليسرى بآلم كمن أقحم سهما راشق بإذنه. نظر لي الديب بغضبٍ جلي أعلم عن تبعاته ثم أنزل سماعات أذنه على الطاولة بعصبية وأمسكني من ملابسه العلوية بعنف وقلقلني بعنف بينما يقول :
- إنت عبيط ياض     !!
أجبته متخبط من الخوف :
- انا خبطت .. على الباب .. و .. إنت ماسمعتش
أزاحني للخلف بقوة كادت أن تسقطني وقال مأنباً :
-  تقوم تدخل وكالة أبوك من غير إذن !!
تأسفت له وهممتُ للخروج فأوقفني الديب لما قال بتملل :
-  إستنى .. كنت عايز إيه ؟
عاد إليه وقال :
- محتاج اللاب بتاعك لو مش هيضايقك .. كنت عايز أطمن على هنا
وضع الديب يده على واحداً من حاسبين يمتلكهما كان أسود اللون وقال :
- إستخدم ده ومتقربش للسيلفر ولا لأى حاجه في الأوضه
-  انا مش هزعجك انا هخدوا أوضتي
- طيارين إيه دول ؟! اللاب ما ينفعش يخرج من أوضتي موصول على الستالايت للقاعدة وأى تغيير لمكانه يجيب قائد القاعدة على دماغنا هِنا يا بتاع هنا  
-  أومال لما بتسافر بتعمل إيه ؟
  أجابني بإستخفاف :
- بعمل خُبّيزه
تحرك الديب من خلف الطاولة وخرج من الغرفة تاركاً إياي وحيداً بغرفته, وعلى الفور توجهت للطاولة وجلس من خلفها وفتحت الحاسب للولوج لحسابات حبيبتي فبادرتني هى برسالة .
- مشغول طبعاً ربنا يكون في عونك
أرسلتُ لها .. إيه اللي حصل يا هنا طمنيني .. حتى ثلاثون ثانية لم تجيبه فكتبتُ مجددًا .. ينفع أسمع صوتك .. لم تبخل فقد فتحت الكاميرا لتريني أثار العقاب على وجنتها اليمنى المتزرقة بصفعة طائشة وذراعها الأيسر مخطط بجراح رفيعة لم تندمل بعد وحينها قلتُ في إنفعال :
-  آسر اللي ضربك ؟
تساقطت دموعها بينما تشكو إلي:
-  بابي
صحتُ مستنكراً : 
- ليه, انت كنتي عملتي إيه يعني ؟! 
مسحت الدموع عن عيونها براحتيها وقالت :
- عملت مصيبه ومش عارفه أخرج منها إزاى .. انا مقصدتش ولله
وكانت المصيبة كبيرة حقاً, هى الان بقصر دمياط كعقاب أول أما عن الثاني سوف يرسل أبيها أوراقها للتنسيق ليتم قبولها بكلية نظرية والثالث قطع عنها الإتصال ولكن أوجدت حلاً أو ما حسبت حينها, إبن عمها يلح بخطبتها ولما لم يجد فائدة من الإلحاح لجأ للمساومة؛ الخطبة مقابل إقناع أبيها بالهندسة وقبلت, حينئذ لم يجد أبيها مفر ووافق بدوره على الخطبة لأنه تعلل بالسابق برفضها وصغر سنها والان جائت الموافقة من العروس الكاذبة. الخطيب اللعين يتوسل لها ليل نهار أن تقبل به وتنسى الماضي الذي جرى به إبتزازها لتقبل بخطبته, مستعد لكافة شروطها مهما غالت بمطالبها؛ سوف يترك عمله بدمياط مسقط راسه ويعيش مع الخطيبة بمنزل والديها ويترك قصر دمياط؛ تدرس الهندسة أو الرقص الشرقي لا يبالي لأن كل ما يبالي به هو التزوج بها وسريعاً حتى قبل أن تنهي دراستها, الخطيب إبتغاء رضاء الخطيبة إشترى لها هاتف محمول وحاسب جديد بعدما حرّم عليها أبيها كل رفاهية كانت تتنعم بها ولذلك تستطيع محادثتي أخيراً فكل الشكر للخطيب..
صحت بها :
-  إزاى وانا يا هنا ؟
- إنت سايبني لوحدي حتى مش بتكلمني ولا بترد عليَّ لما بكلمك
- عشان كده هتسيبني .. عشان تلاقي حد تكلميه
عاودت البكاء المرير فقلتُ :
-  مبروك
نظرت لي بتعجب وقالت :
- مبروك !!! بالسهوله دي .. انا وافقت بس لحد ما أدخل الكلية وبعدين هفركش
صحت بها من جديد :
-  تفركشي إيه !! إنتِ كل حاجه عندك سهله مع إبن عمك في بيت واحد ويمكن أوضه واحده وبتاخدي وبتددي وإتفقتوا على الخطوبه وبكره يجيلك القاهرة ويفسحك يا عروسه .. كويس على الاقل مش هيرمطك على الكورنيش ويأكلك ترمس
كلمة واحدة ثم أغلقت الحاسب – حيوان – صدقت بل أنني حيوان غبي لأن أغلب الحيوانات تستطيع كشف الخديعة على عكسي تماماً أحمق صدقتُ إنها أحبتني وسوف تنتظر عودتي والخطبة وليس خطبة من ساومها برخصٍ متناهي. أى رخص أتحدث عنه, الخطيب إشترى للخطيبة قبل خطبتهما الفعلية هاتف وحاسب محمول لأنه ثري مثلها يسكن قصر دمياط وسوف يسكنها قصرَ, ضابط عسكري تخّرج ويعمل منذ سنوات وليس طالب لا يزال ببعثته ومهدد بالطرد من جهنم لكلماته الحادة التي يعظ بها الجميع وينقصه كل الوعظ .
خرجتُ من غرفة الديب وذهبتُ لشكره لم أجده أو وجدتً أيًا من ساكني بيفرلي بالخارج يبدوا أنه شاركهم الإحتفال. إلي أين قد أذهب إلا لغرفتي والعودة للدرس بلا أمل للمستقبل أم أعود لها وأسترضيها, أبنى معها قلاع وردية قد تصد هجوم الطامعين بالجميلة. لم أستطع هذا ولا ذاك فقد طرق الباب من قبل غريب فساكني الأعالي يحملون جميعاً مفتاح ممغنط . الطارق سيدة سمراء ذو شعر طويل بني مموج, عيونها خضراء واسعة, شفاها غليظة دهنت بالأحمر الناري ترتدي أقصر فستان أحمر رأيته بأمريكا وتقول :
-  مرحباً .. انا ماريا .. هل مالك بالمنزل ؟
أجبتُ بالنفي فقالت :
-  هل إستطيع إنتظاره ؟
-   أنا وحيد بالمنزل
-   وماذا في ذلك ؟
-  - اه نسيت إنكوا عالم زبالة.. ثم عدت للإنجليزية ودعوتها للدخول 
دخلت السمراء تردد إننا العرب لا نستطيع التخلى عن لغتنا ونتجاهل من حولنا وهذا بالفعل ما حدث تجاهلتها ودلفتُ لغرفتي إلا أنها إستوقفتني لما قالت :
-  إلى أين تذهب ؟
- إلي غرفتي لدى مهام أقوم بها
إقتربت مني بسفور حتى إنها ألصقت صدرها العرم بصدري الأجوف وقالت :
- ما رأيك أن نقوم بهذه المهام سوياً ؟
ما بال صديقات الديب ألا يكتفين بديب واحد. هرولت لغرفتي قبل حماقة وجلستُ على سريري صورتها لا تفارق عيناه وللعجب ليست الحبيبة بل السمراء ذو اللكنة الإيطالية بعدما تحسس جسدي نهديها المشتعلين . كنت أقلعت عن التدخين مؤخراً لكن لابد من تهدئة من أي نوع, بحثتُ بأدراج عمرو عن سجائر حتى وفقت وكل ما علي هو أشعالها ولكن لأشعلها عليه الخروج للمشتعلة ذو السيقان النحيفة الخالية من أي جمال على عكس حبيبتي تمتلك سيقان جميلة شمعية لفت بإتقان قد يكون الخطيب يتحسسها الان وعلى حبيبتي الإستسلام لتحقق حلمها بالهندسة وليس بحبيبها أم إستسلمت بالكامل لخطيب يسكن معها في بيت واحد ويراها ليل نهار وإلا ما كان كلف نفسه الالآف وإبتاع لها هاتف حديث وحاسب لتتحدث للجميع إلا هو لأنه معها على الدوام أم متمسكة بأرائها وتدفعه عنها وتنتظر العرس أم تدخل عليه غرفته وتجلس أمامه على السرير عيونها الخضراء المزيفة تطرف حتى تحركت عدستها الاصقة عن بؤبؤها الأيسر, تربت على فخذه مهونة وتقول :
-  لماذا أنت حزين إلى هذا الحد ؟
-  أرجوكِ أخرجِ من الغرفة قبل أن يراكِ أحد برفقتي 
-  ولكنِي جئت من أجلك
لم أفهم ما تعنيه ولم أسأل إنما أجابت هي مطلبي لما أخرجت من حقيبتها الحمراء الصغيرة قداحة بلاستيكية رخيصة وسلتت عن أناملي سيجارتي ووضعتها على شفتاها .. أشعلتها .. دستها بين شفتاه .. تتحسس بحذائها الأحمر ساقه المعرضة لإغرائاتها وتقول  :
- ألا تريد الترفيه عن نفسك قليلاً ؟
ولم أجيبها مجدداً .. فإنتفضت واقفة بحماسة يبدوا أنها تهم بالمغادرة أم مغادرة فستانها بعد أن أنزلت حمالتيه عن كتفيها فإنزلق الفستان عن جسدها بسلاسة حريرية .. ظهرت قيود النساء السوداء ذو النقوش الزهرية الشفافة عن باقي النسيج .. ذهب الوعظ والقسم والوعد لمكان ما ولم أحاول العثور عليهم .. تركتُ نفسي المخربطة بين أيادي السمراء الإيطالية .. تذيقني ما عزفتُ عنه من أجل الحبيبة .. هذه الرائحة لا تشبة رائحة شذاها ولا أبالي بعدما أصبح شذاها لغيري يتنسمه وقتما يطلبه شريطة تحقيق أحلامها .. لماذا لم أكن حلمها .. لماذا فضلت علي حلم أخر .. تلك الكلمات الحانية ليست لها ولا تستطيع قولها .. قد تموت خجلاً لو سمعتها .. الوجيب المتعالي أهم ميزاتها ودلالاتها التنهد العميق عقب أحبك هنائي .. لكن هذا الوجيب يعلن أنه نال كفايته وما يزيد عن حاجته وعليها الذهاب .. إستلقيت على السرير ووضعت رسخي على عيناه بسقم ناكراً مستنكراً ما أوصلني له الحب أو الفراق أو حتى أمريكا ثم إشتممتُ رائحة النيكوتين المحترق بجانبي ثم قال نافثه :
-  ليست أول مرة لك أليس كذلك ؟
أجبتها بالإيجاب فقالت :
- إذاً أنت عاشق .. تنتظرك بالوطن ؟
أنزلت رسخي عن عيوني وإعتدلتُ عن إستلقائي جلوساً وقلت :
-  لن تنتظرني .. ملت الفراق وأنتِ ماذا عنك لكِ صديق ؟
-  مالك دفع لي لأفقدك عذريتك سوف أخيب آماله
مالك يدفع عني ثمن كل شيء حتى المتعة فضحكتُ بسقم على المصير النصير وقلت : 
- قولِ له ما تشائين لا أبالي
- انا أبالي .. انا أحمل عملِي بجدية
نظرتُ لعيونها الشاسعة بإشتهاء وقلت : 
- عيناكِ جميلة للغاية ما لونهما الحقيقي ؟
- بندقية اللون
- هل أستطيع رؤيتها ؟
إبتسمت هذه المرة دون إفتعال .. خلعت عن عيونها العدسات الاصقة ونظرت إلي تنتظر الثناء .. تأملتُ عيونها البندقية اللون الملتهبة قليلاً من سطوة العدسات الاصقة ثم قلت : 
- إنها مذهلة .. أشكرِك
وبعد ساعات من النحيب من تجاهي على صدرها سمعنا صوت الهرج والمرج .. أنه الإحتفال بفقدان عذريتي كما خيل لهم . قامت الإيطالية وإرتدت ملابسها عيونها على عيوني مبتسمة بإشراق ثم ودعتني بقبلة على وجنتي رغم إنها لم تقبلني أبداً طيلة وقت الإحسان المدفوع من قبل مالك ثم خرجت من الغرفة. إرتديتُ بنطالي القصير من الجبردين وخرجتُ من ورائها وجدتها تمد يدها تجاه مالك وتقول :
-  فلووس هابيبي
أخرج مالك من جيب سترته محفظته في حزن عميق ومن ثم إستل منها مبلغ من المال سلمه لها ثم قال :   
- دوس بالجامد .. أريدك بالغد ماريا انا أول عميل
وخرجت ماريا بلا وداع, حتى لم أسألها عن إسمها وعرفته الان ماريا دوس. جميعهم ينظرون إلي متشفيين بواعظ فقد مصدقيته ثم يخطب في القاضي :
- ها هو أنظروا إليه عنترة بن شداد إنتفض عن قبره وخاطبنا قائلاً في العفة .. وأَغُضُّ طرفي ما بدَتْ لي جارَتي  .. حتى يُواري جارتي مأْواها .. إني امرؤٌ سَمْحُ الخليقة ماجدٌ     .. لا أتبعُ النفسَ اللَّجوجَ هواها
- هو بيقول إيه مالك ؟ 
- تعويذة إجري يا مازن
كيف, لماذا ؛ رهان مقبوضة بين الديب والقاضي. القاضي رءاني مرائي أعتلي المنابر الوعظ لأجلد نفسي قبل النفوس الخطائة, أختبئ بعبائة الحملان ودماءي لذئب تخلف عن القطيع إنما عودتي قريبة خاصة لو إقتربت الفريسة فأرسل الفريسة وإبتعلت الطعم , أما مالك أخطأ بتشخيص حالتي فقد ظنني عاشق صب متيم بالصفاء بالهناء, الحب دافعي ودعامتي للنجاح. محظوظ أبدلت حظي قالها لي مالك فقد تمنى أن يكون بموضعي ويجد من تنظره, من تحارب لأجله العالم, من في وسعها التخطيط والتلفيق ليتثنى لها مهاتفة الحبيب في وجود خطيب أحمق صدق كذباتها ونهاية أحبها ويتمنى لقائها إلا إنني لن أمكنه أبداً.   
أتت ماريا بالغد وعملت على الأستاذ هشام فقد خرج مالك لمهمة طارئة. مكلفة ماريا تقبض مقابل أربعون دقيقة مائة وخمسون دولار وما يزيد يبدأ العد من خمسون دولار, ولم تتطالبني بما يزيد وإن ظلت معي لساعتين متواصلتين نتحدث بشتى الأمور. إنتحبتُ على صدرها فقدان حبيبتي وأنصتت إلي, جففت دموعي النازحة على خدي ثم حان وقت إنتحابها, لديها إبنه عمرها الان ثمان سنوات أنجبتها وهى بالخامسة عشر من عمرها وهبتها للتبني ولا تعلم عنها أى شيء. قابلت مالك لما كان أفقر من ذلك في إيطاليا بإحدى سفراته, حينها كان مختلف كليًا, كان عنيف, غاضب وببعض الأحيان مجنون آلمها بكلماته الحادة ومعاملته الخشنة لكنه كان الأكثر كرماً . ظل يأتي ويذهب ويطلب خدماتها حتى توطدت علاقتهما وتشجعت وطلبت منه مساعدتها للتحرر من قوادها الجشع والهجرة لأمريكا. لم يرفض وأنهى لها أغلب الإجرءات الصعبة ولم يتبقى إلا السفر. قبل موعد سفرها بيومين فقط زارها قوادها بعد أن علم عن خطة هروبها من إحدى زميلاتها ومزق لها أوراق الهجرة ووجهها لينخفض ثمنها وأصبح لا يطالب بها إلا الفلاحين النازحين من ريفهم لتوزيع بضاعتهم والترفيه عن أنفسهم أو السياح الفقراء. شهوراً أخرى حملت مالك إليها يتسائل فيمَ بقائها ولما رأى ما آلت إليه حالتها المأساوية تعاطف معها وأعاد الإجرءات لها من جديد. ظلت معه بالفندق المكلف الذي يمكث به حتى سافرا سوياً للوس أنجلوس ثم أودعها بمشفى أعاد لوجهها رونقه من جديد وعادت للعمل . لذلك تحب عرب شقة بيفرلي وتعطيهم خصم خاص يصل لخمسة وعشرون بالمائة لأنها تتقاضي مائتين دولار .
ما أغربه الديب ظاهره الخشن مختلفاً تمام عن باطنه المحب لمساعدة كل من إحتاج لعون, عرض نفسه لغضب المافيا الصقلية من أجل إنقاذ عاهرة, يستمع لنصح الواعظ بلا تذمر بل ويبتسم بوجهه بنفس الوقت الذي إعتزلني كل قاطني الشقة حتى لا يستمعوا لمن يذكرهم بأخطائهم ليتمادوا .
بنظرتي المصرية الأصيلة حسبتُ أن المصريون لديهم بالخارج الأفضلية لذلك البيت لا يخلوا من نساء باحثين عن الفحل المصري حتى علمتُ مؤخراً إنهن لا يبحثن عن الفحل المصري بل عن العربي الثري وريث أبيه الشيخ السابح بنهر من البترول, يرسل ولده للدراسة بالخارج والتزوج بمن تحسن النسل. غافلات, الديب لن يتنازل عن النقاء بمن سوف تكون زوجته وهشام يرى مؤسسة الزواج من أفشل المؤسسات وحسام يبحث عن الحب وعمرو له خطيبة بإنتظاره وأما أنا لا أبغي غيرها وهى لا تبغى غيري بدورها.
الديب خرج من غرفته على وجهه النوم المتقطع ينظر لي بغضب ويقول:
- إبقى إقفل بروفايلك يا حبيبي لما تخلّص .. صاحبتك روشت أمي ماسدجات وصحتني من أحلاها نومه
قمت عن موضعي متوجساً فحسام يجلس بجانبي يتابع ماتش بين مصر والكاميرون إثر التصفيات المؤهلة لكأس العالم, بينما عمرو ينظر لي محذراً لأنهي الحديث عند هذا الحد حتى لا تحدث مذبحة بيفرلي أما مايكل مجد المسيح . توجهت للديب وقلت آسفاً :
-  لموؤاخذه .. حاضر 
نظر حسام إلي وقال ساخراً :
-  مولانا فِجر بقى Maria's bitch وكمان مصاحب .. من مصر ولا الكاميرون ؟
صاح مالك بنا جميعاً :
- انتوا هتأروقوا .. ثم خاطبني بعصبية أكثر ..هتكلمها يا زفت انت ولا أقفل اللاب وأنامِ.

مارد من الإنسWhere stories live. Discover now