التاسع عشر

65 1 0
                                    

#مارد_من_الإنس
#الجزء_التاسع_عشر
فدوى الإتربي
   تحطم حائط بمنزلي ترى كيف أبرر ذلك لجلال عند عودته باكر غد, هل أخبره أن إبنته التي وعدته أن لا تتحدث لمختار مرة أخرى تبارت مع مختار وكان ذلك النتاج أم أطلب المشورة من مهندسة المستقبل ملكة الكذبات المنطقية المنمقة التي قالت :
- نقوله إني انا اللي هديت الحيطة عشان أجبره أنه يعملي Bath room لوحدي في أوضتي.
- الحيطة اللي وقعت على الكوليدور يا هنا .
- انتوا فاكريني مهندسة بجد ولا إيه. 
   فقدت الفرضية المنطقية هذه المرة إنما لا ضرر فبعد إجرائها للعملية الجراحية سوف ننسى جميعاً الماضي وليس هي فحسب. أتلفت من حولي لأتبين حجم الكارثة أجد ركام خلف عن مخلوق من عالم أخر إتفقت عليه إمرأتين وإن كانتا مجرد فتاتين.  أمسك بيد كل منهما وأعود  بهما إلى غرفتي, أجلسهما على سريري ثم أسأل عن ما حدث فتيجيبني هنا :
- مش عارفه يا مامي إيه اللي حصل .
- أقول انا ؟
إبتسم للفتاة وأقول :
- قولي .
- مختار إتجنن لما عرف إن هنا هتنساه عشان لما تنساه مش هيلاقي حد يكلمه عشان كده كان عايز قلبها يزرعها في واحدة تانيه .. اصله غبي مايعرفش قواعد البشر فاكر أن قلب البشر اللي يبفكر مش عقلهم .
تعترض هنا على توضيح أختها قائلة :
- كان بيهدد بس .
- لا كان هيقتلك بطّلي عبط .
- مختار ما يقدرش يقتلني ولا أي حد من الآراضي السفلية .. حتى أنت يا حية .
- ياريتني سبته يقتلك يا غبية .
- انت إللي غبية .
   ثم تعاركا, كلاً منهما أمسكت بشعر الأخرى ولم أفلح بتهدئتهما إلا بعد وقتاً طويل فقد مزقت كلا منهما شعر الأخرى وكأنهما أختين حقيقتين . أرقبها في أسى, يعتصر قلبي حاجة الفتاة لأسرة وحاجة إبنتي لأختاً تشاركها الأحلام الوردية والسباب حتى أصيح :
- ما خلاص بقه إنتي و هي .. و انتي يا إسمك إيه متشكرة .
- عادي انا دايماً بحميها أصلا .
   أربت على كتفها بحنو ثم أتذكر معركتهما وجراحهما التي في حاجة لتقطيب فأذهب للحمام وأعود بعلبة الإسعافات الأولية . أخلع عن هنا فلنتها أجد الجرح قد إلتأم ولم يتبقى منه إلا ندبة متوردة قليلاً وقبل سؤالي عن كيفية إلتآم جرح طوله عشرة سنتيمرات نتج عن إقحام خف جمل بصدر إبنتي تجيبني الفتاة :
- القوانين عندكوا مختلفة .
- إزاي أنا شفت الدم نازل علي إيديه وهنا كانت بتعيط .
- هنا بتحب التمثيل يا طنط كان عندها أمل يرجع عن خطته لما تصعب عليه .. ينفع أقولك يا ماما ؟
يربكني سؤالها يصمتني للحظات ثم أقول بحماسة :
- أه طبعاً .. بس ممكن توضحيلي أكتر عشان أكون مطمنة أكتر .
- الجن يأذي الجن اللي منه وعشان يأذي هنا لازم مدخل ومداخلها هنا مقفولة .
- مش فاهمة برضه .
تجيبني هنا بصبرً نافذ :
- اليقين يا مامي .. لازم أصدق أنه يقدر يأذيني و بابي قالي إن محدش يقدر يأذيني غير نفسي وحد بشري طبعا .. عشان كده الجرح لَمْ كأني كنت في حلم.
- وهي ؟
- جروحها هتلم .. هي ولا حاجة أصلاً أول ما تختفي تاني مش هيتبقى حاجة منها ولا جرح ولا غيره.
- بس ممكن تعمليلي بالحاجات دي برضه زي ما كنت بشوفك بتعملي لهنا لما تجرح نفسها.
    تقولها الفتاة في رجاء بينما هنا تحدجها بإزدراء إنما أنصاع للفتاة وأناولها بعض الحنان الذي فقدته وأمسح على جراحها بالقطن المغمس بالمطهر . جراحها لم تلتأم كما إلتأمت جراح هنا ولازالت تنزح عنها الدماء وأظنها في حاجة لخياطة وليس لدي أدوات تقطيب طبية ولا أعرف ما العمل فالصيدلية الوحيدة بالتجمع الخامس تملكها صديقتي وإذ علمت عن حاجتي لأدوات تقطيب طبية سوف تتسائل عن السبب و لن أجد جواب لها .
مررت لحظات قليلة ونحن على تلك الوضعية أمسح على جراح الفتاة بالقطن المغمس بالمطهر إلا إن هنا تمللت على ما يبدوا حيث رفعت يدي عن الفتاة ووضعت يدها علي صدرها المثخن بالجراح وتمتمت بالاتينة كلمات أعادت بشرة الفتاة للسواء مما جعل الفتاة تقول بحدة:  
- رخمة .
- تعرفي تعملي كده للبني أدمين يا هنا .
- لاء يا مامي.
- لا تقدر يا ماما لكن قوانين الطاقة بتاعت أينشتاين هترد عليها الإصابة اللي عالجتها .
أجزع لوجود أينشتاين بين عالم الجان وأقول متعجبة :
- أينشتاين ؟!! إزاي  ؟
- الطاقة لا تفنى و لا تستحدث من عدم يا مامي وفي عالم البشر الجرح اللي عالجته لازم ياخد مساره الصحيح ولو عالجت بشري هتتنقل ليا علته   .. لكن الكيانات التانية قوتي عليهم أكبر لأنهم بره نطاق الطاقة الأرضية .
لا أفهم شيء مما يقولاه فأقول متحيرة :
- انتوا هتجننوني انتوا الإتنين .. جعتوا بعد المعركة دي ؟
- انا جعانة يا ماما .
    قالتها الفتاة مما دعاني للتعجب فما أعرفه من جلال إنها تقتات على الدماء فحسب, لا تملك شهية أو تخضع لألم فقد كنت أمسح على جراحها بينما هي مبتسمة لي بسعادة غامرة. أي طعام قد أقدمه لها ؟ كذلك البيت فرغ من طعام بسفرنا بالغد .
لحظت هنا تحيري فسألتني : 
- ما لك يا مامي ؟
- هي عايزه تاكل إيه يا هنا ؟
- انا موجوده ادامك إسأليني أنا .
أجبت الفتاة التي إحتدت لإقصائها من جملة واحدة في حوار :
- حاضر .. تحبي تاكلي إيه ؟
- Fries 
أنسحب لخزانتي وأخرج منها مأزر حريري أناوله للفتاة العارية لترتديه فتتناوله مني بفرحة عارمة, ترتديه وتغلقه عليها بإحكام, تتحسس خامته الناعمة بيداها بسعادة ثم تقول :
- انا عندي زيه أصلا بس ما ينفعش ألبسه لما أختفي.
أتحول عن السعيدة بالمأزر للتعيسة بإختياراتها وألامس شعرها بحنو و أقول :
- انتي زعلانه ليه ؟
تصيح مستنكرة :
- عشان طلع خاين زي كل الرجاله .. كان عايز قلبي يحطه في واحدة تانيه فاكر نفسه مجدي يعقوب.
ثم لكزت أختها بكتفها وقالت  :
- تعرفي مين الواحدة دي ؟
- طبعاً .
- مين ؟
- انا.  
- No way.
    نعم أنا بعد إبتئاس إختارني مختار فعالم البشر أكثر تعقيداً من عالم الجان, عالم مادي لا يقبل بحلولاً وسطية ومختار أطار العشق ما تبقى من عقله ولا يبغى إلا الحلول الجذرية, يجوب العوالم أجمع باحثاً عن من في وسعه تحويله لبشري ليتثنى له التزوج من هنا. وفق لما وجد مشعوذ بجبال الألب إنما المشعوذ أخبره أن هنا قد نذرت لثلاث رجال وهو ليس منهم لأنهم ببساطة بشر كذلك عملية تحويله مؤلمة وحياة البشر أكثر إيلاماً خاصة بلا رفيق. العاشقون لا يستسلمون بسهولة في كل عالم خاصة عاشق طرد من عالمه لعالم لا مرئي فيه إلا من هنا ناهيك عن باقي المشعوذين الذين يتصيدوا من في حالة مختار ليكونوا خدام لهم ومختار ليس خادم و لو لأجل هنا فقد كان ملكاً لعشيرته القبيحة المنفية بنهاية العوالم؛ قومٌ بدائيون يستحضروا فقط في الحروب بالأجر مجرد مرتزقة صيادي جوائز لم ينشط بمحيطهم أي حضارة .
   المشعوذ أوجد لمختار حلاً أخرق مثلهما والحل العبقري تمزيق هنا إراباً؛ القلب لمختار يزرعه بأخرى  والدماء  الملكية للمشعوذ والتي تمكنه من أسر أي جني بأي عالم ولو ملك الآراضي السفلية. مختار إختارني لأنه يجد بي ريح هنا ولكن وللمفارقة لا أريده, لا أريد هذا القبيح فحلمي رجلاً بشري ويا حبذا لو يشبه أحمد عز وليس كبش, رجلاً طويل القامة عيونه حادة مضيئة بالغضب, ضاحك الثغر, صوته كرعداً من السماء في وسعه الطيران نعم هو من أراه بأحلامي ويقظتي وأراقب محاولاته المضنية لتقلد الصدارة ومحاولات العاهرات البشريات للحصول عليه ولكن هو لا تشغله نساء بالأونة الأخيرة لا يشغله إلا حلمه؛ أخوية الإثنى عشر.
لما سمعت هنا مني خطة مختار بعد خروج أمها الغرفة لتعد لنا البطاطس المقلية قالت :
- ما هو إنتي لإما غبية جدا لإما بتحبيني جداً وانتي و لا كده و لا كده .
- معاكي حق بس مستحيل أجوز مختار انا ذوقي مش مقرف زيك .. ده غير اننا هنفضل في العدم سوا للأبد وانا عايزه ابقى بشرية .. زيك يا هنا. 
تبتسم بأسى ثم تقول :
- يارب تبقي زيي ونبقى إخوات بجد .
- إحنا إخوات بجد.
   تضمني إليها كما أمست تضم صديقتها الجديدة اللعينة الجميلة ؛ شيري. أريد أن أكون مثل شيري بل أريد أن أكون شيري, أريد بشرتها الخمرية عيونها السوداء شعرها الأكحل قوامها البض المتفتح فقد مللت صبيانيتي . أريد أن أكون هي ليراني هو فقد مللت كذلك من مراقبته بلا أمل . لم توافيني أحلام أبداً إلا عندما رأيته أول مرة بصورة تجمعه بحسام وأخر, كان حسام يعرض على هنا صور رحلته لتركيا ويصف لها البهجة التي سادت الرحلة عن طريق خفة ظل خطيبها المليونير.
- إنسى .
- ليه يا فقرية ؟
- طويل أوي .
يجيبها آسر بخبث :
- ماهو في طول اللي بتسبّلي له ليل و نهار من الشباك .. ثم يتحول عن هنا لحسام و يقول :
- صدقني دي حلها علقة موت عشان تحترم نفسها .
إنما يجيبه حسام مهدئاً :
- هنا أصلا صغيره على الكلام ده .. انا كنت بهزر .. هنا هتبقي مهندسة .. مش كده يا هنا ؟
- أيوه
  جيد أن هنا لا تريده فأي شيء هنا تريد تحققه أو تحققه لها عائلتها بينما أنا وحيدة إلا من طبيبي.
عندما كنا في المشفى قبل ليلة من العملية الجراحية التي سوف تتم في الصباح عاد مختار. إنتهيتُ وهنا من كتابة مذاكرتنا فظهر علينا لينال نصيبه في الذاكرة المنسية . لما رأيته شحذت أسناني إستعداداً لأكله وهضمه في بعد حتى لا يتثنى له عودة هذه المرة إنما الغبية إبتسمت له إبتسامتها البريئة ودعته للجلوس.
مختار لا يجلس ولا أعرف الأسباب فقط يقترب من هنا الواقفة بجانب سريرها ويقول : 
- لست هنا للإعتذار .
- مش مشكلة .
- انتِ تريدين التخلي عني .
- لاء .. انا بس بحركك .. اصلك بارد .. مش عايز تاخد خطوة جريئة .
- القتل بعالمكم ليس سهل .
- انت قولت هتنقل مش هتقتل .. هتشوف روح معذبة وتخلصها من بؤسها وما أكثر المعذبين.
يصمت فهو جبان حقاً رغم أنه كان محارب بالسابق كذلك عملية تحويله ليست هينة. طلاسم توشم على جسده بنيران شعلتها من بركان, بليلة قمرية لكسوف كلي, يحرق عبر سكب ماء مصلي عليه من أكثر ملة ودين من أعلى وعاء بشري مثقل بالضغائن ووجوده إيذاء لبني جنسه, تثنى له من قبل التعامل مع قوى سفلية لتكون مدخلاً مختار, قريباً من جلال حتى يثنى له التقرب من هنا ووسيم حتى ينال رضاء هنا بالطبع . شروط في غاية الصعوبة وهو يدرك ذلك إنما من أجل هنا يوشم جسده بالنار ثم يحرق كسحرة القرون الوسطى, ياله من أحمق أتمنى أن يفعل مالك ذلك من أجلي بيوماً من الأيام.
أرقبه وهو يخرج من الغرفة بحماسة متقدة, تملئه الآمال للقاء هنا القادم كبشري ثم أتحول لهنا وأقول مؤكدة : 
- مش هيقدر .
- على الأقل هينشغل لحد ما العملية تتم وأنساه وينساني ويعيش حياته من جديد .
أقول ساخرة :
- قد إيه انتي ملاك .
- بحاول يا هولي .
أقترب منها وأقول بحدة :
- إنتي غبية في إيدك قوة تهد الأرض وعايزه تتخلي عنها لمجرد إنك ترضي جلال .
- إنتي ممكن تهدي الارض عشان تكوني بنت جلال .
لا أميل للكذب والتلفيق مثل البشر لذلك تراجعت عن حدتي معها لأن معها كل الحق هذه المرة فحلم حياتي حياتها. ساعات قلائل وأعود لوحدتي برفقة اللعين عندما تجري هنا العملية الجراحية وتذهب عن الجميع . ساعات إستغليتها أفضل إستغلال فقد علمتني هنا كيف أحافظ على مخزون الدماء الذي وفرته لي عن طريق تعويذة نقشناها سويةً على الغرفة الخازنة للدماء.
تعويذة أخافتني وأنا لا أخاف شيئاً بالوجود فمحتوى التعويذة دمائها ودمائي بعد التجسيد ودمائنا عنصر جذب أكثر من كافي لكافة الطامعين من السحرة والكيانات البشرية أو الشيطانية المؤذية إنما أخبرتني هنا إننا مجتعمتين قوة لا يستهان بها فكلاً مننا تكمل الأخرى.
وقفت وهنا أمام الغرفة المؤمنة التي خصصها الطبيب لحفظ الدماء الملكية, وبدمائنا المجتمعة بكوب بلاستيكي نقشت هنا بسباتها كلمات تحولت من حمرة الدماء للألق الأزرق وبالنهاية للأبيض؛ لون باب الغرفة الذي تنقش عليه الطلاسم . لما إنتهت من النقش أخرجت المشرط الغبي التالم الذي تجرح به نفسها وأنا كذلك وقطعت عن شعرها خصلة ثم همت بفعل المثل معي ولكنني أمسكت بيدها قبل أن تفعل وقلت :
- هتعملي إيه ؟
- التعويذة محتاجة شعرنا .
- أنا شايفه أنه مش لازم .. كفاية الدم.
- على فكرة الـhair cut  بتاعتك زبالة أصلا و مش ماشية مع وشك وبعدين انا هاخد خصلة صغيره .
أترك يدها على مضض فشعري ضعيف للغاية ولكن قصة شعري الأخيرة لم تنال رضائي كذلك مما جعلني أعتصر دماء المصفف لاحقاً. تركت يدها وتركت شعري المسكين لها فقصت الخصلة المرادة ثم وضعتها بكفها مع خصلة شعرها ودمجتهما سوياً بكفيها للحظات عدة جعلتني أتملل من كل ما يحدث فقد كنت أنوي حراسة دمائها بحياتي لأنها حياتي ولا حاجة لي لتعاويذها.
فتحت كفيها وجدت شعورنا تحولت للأزرق فعرفت المفتاح؛ انا وهي مجتمعتين المفتاح لكل باب مغلق والقفل لكل خزانة, مجتمعتين وهذا قلما يحدث فلا يجمعنا أي شيء غير مصائرنا المتشابة وحياة فرضت علينا فرضاً.
تنفخ في كفيها فيطير الشعر الأزرق ويلتصق على هيئة مجسمات لنفس الطلاسم التي نقشتها ثم يتهادي ويكوّن قضبان طولية وعرضية ونهاية يختفي عن الأنظار .
أبتسم للمعرفة النفيسة وأسعد لقوة ليس في وسعها الحصول عليها إلا في وجودي ونهاية يأتي الطبيب ويقول :
- انتِ عبقرية هنا .. لم أكن أتصور أبداً أن في وسعك خداعها .
أنظر للطبيب وأقول :
- خداعي !! ماذا تعني ؟
- هولي .. دمائي حل مؤقت ولكن حلك الدائم الحب لما لامستك أمي ظهرتي لعيونها لما تتحدثِ عن حبيبك تتجسدين كفتاة ناضجة كما تريدين .
وحينها عرفت الخدعة سوف يمنعا عني الدماء ليستذلوني بها فيما بعد, ليحددا مصيري ورغباتي, لأظل أسيرتها لما تبقى من حياتي وحياتها.
الغضب حملني للطبيب حتى أمسيت من خلفه ذراعيَّ من حول عنقه لدقه وقلت :
- أخفيتوا الدماء عني حتى لا يثني لي التجسد .. حسننا سوف أقتله الآن وتكونِ انتِ من تسببتِ له بهذا المصير.
- الطبيب سوف يناولك جرعات محدودة من الدماء حتى تتعلمي ضبط أعصابك وشرورك وعندما تتخلي عن الشر سوف تتجسدين دون مساعدتي أو مساعدة أي أحد .. أتركيه هولي هو أملك الوحيد الآن رموز فك التعويذة معه وأنا بعد لحظات سوف أنسى كل شيء عن وجودك.
لا يتثنى لها إقناعي هذه المرة و حينها أحكم ذراعيَّ من حول عنق الطبيب لقتله خنقاً فدق العنق موت سريع لا يستحقه .
- ما تبقيش غبية سيبيه هو اللي معاه الرموز و العملية كمان ساعة .. هنساكي .. هنسى إني كنت بجرح نفسي ومش هطولي نقطة دم واحدة .. إفتكري حبيبك اللي عايزه تعيشي معاه حياة طبيعية .. لازم يشوفك كاملة عشان يقدر يحبك .. عشان تقدري تبقي ست على طول زي ما إنتي عايزة.
تمنيت بتلك اللحظة أن أكون بشرية أنقم و أنتقم بلا تمييز وبلا خوفٍ من عواقب ولكن عاقبتي خطيرة تذهب عني من أحب ولو صورة بإطار تقبع في درج مكتب حسام و مخيلتي. أهبط عن الطبيب بينما ألقيه على وجهه أرضاً, وأتوجه لهنا وأسألها :
- لما كنت بتكلم عن مالك .. كنت فعلاً ببقى ست زي شيري ؟
تضحك ثم تقول :
- بتبقي بنت .
- ليه ما قولتليش ؟
- خفت تروحي تخطفيه ولا تموتيه ما انتي هبلة .
تمسح على شعري بحنو و تردف :
- هولي حتى لو ما عرفتيش توصلي لحبيبك هتحبي تاني وتالت و رابع .. انتي جميلة أوي .
تباً لمشاعر البشر التي تسكنني وراثياً عن أبي فقد جعلتني أضمها إلي صدري وأذهب معها حتى والديها و جدها الذين كان في إنتظارها أمام غرفة العمليات. جلال كان ينظر لي بإذراء رغم إنني كنتُ أرتدي مأزر المشفي ولم أكن عارية بينما فدوى إبتسمت لي .. أمسكت بيمناي .. قبلت ظهرها ثم قالت :
- هتوحشيني .. يا هولي .. انا بلغتهم إنك بتحبي الـ French fries  وإشترلك فساتين كتير و ميكب وأي حاجة هتطلبيها هيجبوهالك على طول .
أومئ بإستحسان فكل ما حلمت به تحقق فساتين ومستحضرات تجميل تحضرها إلي أمٌ, أحداً يهتم لأجلي ونهاية التخلص من هنا ولكنني لا أشعر بالسعادة التي إنتظرتها, مجرد أنني لن أتحدث لهنا من جديد يربكني, يرعبني وأنا شخص ليس من السهل إخافته.
تذهب هي هذه المرة عني فأمسك بيدها كما الأيام الخوالي, أود البكاء لا أستطع, الصراخ أجد غصة تسد حلقي, قتلهم جميعاً لأعيش وهنا سوياً دون رقيب أتذكر إنها فقط من سوف تعيش و أظل أنا بالعدم و حينها أتركها وأهرع لغرفتي بينما أسمعها تقول :
- باردة أوي .. إفتكرتها هتمسك فيا شوية طول عمرها بتاعت مصلحتها .
يضحك جدها ثم يمسك بيدها ويقودها لغرفة العمليات ويختفيا بها بعدما أغلق الباب. ظللت بغرفتي لساعة كانت مدة العملية منذ التخدير وحتى خروجها لغرفة الإفاقة. ذهبت لطبيب طمئني عليها وحذرني مرة أخرى من وجودي من حولها الذي قد يذهب كل ما فعلته سداء .
أنبذ كل ما يعترض طريقي لما أرى أحداً في الطريق إليها غيري, أختفي من جديد وأطير لغرفتها أجد جلال جالس على أريكة بنفس الغرفة و فدوى تجلس على طرف سرير هنا يمناها بيسراها.
تنظر لجلال و تسأله :
- قالوا هتفوق بعد قد أيه ؟
- لو فاقت قبل ست ساعات يبقي كأنك يا أبو زيد ما غزيت .
لو أفاقت هنا قبل ستة ساعات يعني فشل العملية فمدة التعافي من جراحات المخ تتعدي الثمانية عشر ساعة للشخص السوي أما هنا طفرة جينية وخلايا مخها تتجدد تلقائياً وقد تنشط الخلايا التي تم تقنين قواها والتي تُمكن هنا من رؤية الكيانات من العوالم الأخرى ورؤيتي لذلك يخشى جلال إفاقتها المبكرة أما فدوى قالت :   
- المهم تفوق .
يتنهد جلال بثقل ثم يقول :
- أجيبلك حاجة تشربيها ؟
- مايه .
ينهض عن الأريكة و يخرج من الغرفة لجلب المياة بينما فدوى عيناها عليه إلى أن إختفي لما خرج من الغرفة وحينها إنفضت عن السرير وتوجهت لباب الغرفة وأغلقته بالمفتاح ثم عادت لهنا. جلست على طرف السرير من جديد ثم مالت على أذن هنا وقالت :
- انا بحبك مهما حصل .. مفيش حاجة في الدنيا ممكن تغير حبي ليكي .. انا وافقت على العملية عشانك .. عشان تعيشي بطبيعية .. انا عارفه إنك زعلانه عشانها لكن هناوة بتقول عاشر يا إبن آدم على قد ما تعاشر مسيرك تفارق .
تلامس الطاقية الشاش التي تلف رأس هنا وحتى جبهتها, تتهدل أصابعها حتى أذن الصغيرة ثم تنهض عن السرير وتذهب للباب تفتحه تجد جلال أمامه ومعه زجاجة مياة بلاستيكية معبأة فتقول مباشرة :
- هات الحلق بتاع هنا .
- ليه ؟
- هتلبسه .
- خطر دماغها تتحرك دلوقتي.
تضع يدها بجيب بنطاله الأمامي وتخرج القرطين بينما تقول :
- هتلبسه في ودنها مش في دماغها.
تذهب عنه وتعود لجلستها بجانب هنا, تعيد شعر هنا الخشن المتناثر للخلف لترى أذنيها وتلبسها قرطها من الألماس وتظل تتأملها للحظات عديدة تنتهي بقولها :
- شكلها إتغير .
- بتكبر .
- ماعدتش شبهي و لا شبه إنجي تفتكر شبه مين ؟
- أمك .
- انت هتقل أدبك .
- بقيت شبه امك يا فدوى .
- بابا قال كده برضه ما كنتش مصدقاه.
يتأمل جلال هنا النائمة كذلك ثم يبتسم و يقول :
- نفس النفخة الكدابة وبصة العنين اللي تحرق الله يرحمها ويسامحها .
- كل ده عشان كشفتك من اول مرة شافتك ؟
- انتي فايقه اوي يا فدوى ده وقت معايره .. إشربي مايه يمكن تهديكي .
ثم يصيح فزعاً :
- حركت إيدها .
- إهدى يا جلال .. رفليكس من مكان حقنة التخدير .
أسهم عن مشاحنات العائلة الوحيدة التي كنت بينهم و أتسائل إلى أي عائلة سوف أنسب الآن أو على الأقل أرقبهم لأملأ فراغ حياتي فحينها كان مالك صورة جامدة تسكن درج مكتب حسام وعقلي, قدراتي التخاطرية على البشر تضخمت منذ جلاء هنا عني وهذا شيئاً أخر دفعني للإبتعاد عنها فإما هنا إما مالك .
عدت من سهومي لما تجاوزني كيان لإمرأة ثلاثينية تشبه هنا كما يقولون, تنظر لقرط هنا بمودة, تلامس أرنبة أذنها التي تحمل القرط تناديها بنوننا وعلى إثر النداء تنهض هنا أو ليست هنا ما ينهض فقد إنبعث منها كيان يشبهها بينما جسد هنا ساكن على وضعه الأول . أصرخ بهنا وأطلب منها أن لا ترافق الكيان لذاك الممر بأخره النور فحياتها حياتها وموتها فنائي في الدهور إنما لا تستمتع إلي فقط تتلفت من حولها لا تجد إلا جلال والكيان لأن فدوى شربت زجاجة المياة لأخرها مما أجبرها على ترك هنا والذهاب للحمام.
الكيان يمسك بيدها ويقول :
- إنتي أجمل مما كنت أتخيل .
- إنتي مين ؟
- انا ناننا شويكار يا نوننا .
- نوننا مين ؟
- انتي هنا .. هو إسم فلاحين لكن أي حاجة بتليق عليكي .. جلال إللي إختاره .
- جلال مين ؟
تشير الجدة ناحية جلال و تقول :
- جلال ده .. تخيلي .. لو ماكنتش أمك غبية كان زمانك هنا الإتربي مش هنا المرعي والحاجات الغريبة دي .
هنا تقول بوهن :
- انا دماغي بتوجعني ومش فاهمة حاجة من اللي بتقوليها .
- انا مش جايه أفهمك أنا جايه أوريكي عشان تتعبيش عقلك في التفكير .
تضمها بين أذرعها ويختفيا عن أنظاري ولكن هيهات فدمائي تتبع دماء هنا و لو في الفراغ اللا نهائي, عادت بها جدتها لمنزل أبيها وجدا أخويها يتبارزا بسيفين أثرين كان يحتفظ بهما جلال بخزانة ملابسه بعيداً عن عبث الولدين وهنا . تبتسم هنا فور رؤياهما ومعها جدتها التي قالت :
- إخواتك يا هنا .
- حلوين .
- أيوة حلوين .. هما ميزة جلال الوحيدة .
- انتي مش بتحبي جلال ؟
- لو كانت فدوى سمعت كلامي وبطلت خروجات ليل و نهار معاه يمكن كان أخد خطوة في علاقتهم و ماكنش هرب وأجوز نهال وبعدين كسرها بفدوى .
- نهال مين ؟
- بوسي يا هنا مامت إخواتك .. بتحبك أوي .
- ممكن أشوفها ؟
- نهال في مكان عالي أوي يا هنا صعب حد يطلعله وصعب هي تتخلى عنه .
- وانتي ساكنه فين ؟ معانا هنا في البيت ؟
- انتي كنت أخر حاجة ليا يا هنا ودلوقتي هطلع وأسيبك بس قبل ما أسيبك هقولك نصيحة لازم تاخدي بيها دايماً عشان ما تبقيش غبية زي فدوى .
- نصيحة إيه ؟
- متخبيش أسرار بذات عن ماما فدوى .. ما هو الغبية لو ما كنتش خبت عليا علاقتها بجلال كنت ممكن أساعدها .
تنظر الجدة للأخوين بعدما جرح أحدهما الأخر إثر معركة السيوف الأثرية ثم تعود لهنا وتقول :
- مفيش حاجة إسمها سوء توقيت يا هنا .. كل شيء بيحصل له ميعاد ولازم نتقبله لأن ما أدمناش غير كده .
تقول هنا بعدم إستيعاب :
- أوكيه .
تنتهي الزيارة على ما يبدوا فقد أمسكت الجدة بيد هنا و خرجا من الشقة بطريقة سلمية للغاية فهما يستقلا المصعد الكهربائي ثم يخرجا من المنزل للشارع العام ليلقيا السبب الأول لكآبة هنا الأخيرة و التي جعلتها تلجأ للجراحة لتنزع حبه من رأسها. تتوقف هنا عن المسير مع جدتها فور رؤيتها لكريم وهو يستقل سيارته الرباعية وتحدجه للحظات قطعتها جدتها لما قالت :
- إسمه كريم مامته بتحبك .
- أمور أوي .
- ما تبقيش غبية زي فدوى وتنجذبي لراجل عشان شكله .
- فدوى عرفت مين أمور ؟
- جلال تخيلي ؟!!
- جلال ده بابي صح ؟
- صح .
- أمور .
تقول الجدة بتبرم :
- واضح إنك ورثتي عن أمك العمى   .. يايلا إحنا إتأخرنا .
تحضنها من جديد ولكن هذه المرة تبالغ بإحتضانها فقد طالت ضمتهما, تقبل رأسها المنفوش بشعرها الأجعد الأشقر, تنظر لعيناها مطولاً بإشتياق, تطبع قبلة خفيفة على شفاها ثم تعود بها للمشفى وسريرها.
تمدد الجدة هنا على سريرها ثم تطبع قبلة على جبينها وتقول :
- قولي لفدوى إني بحبها ومفيش شيء ممكن يغير حبي ليها .. قولي لجلال إن فدوى دراما كوين وإوعي تبطل تحاول .
- يعني إيه ؟
- هو هيفهم
تبتعد عن هنا خطوات ذو إزاحة فهي لا تتحرك و كأنها طافية, تلوح لهنا مودعة ثم تختفي في الفراغ. يسكن شبح هنا جسدها من جديد ولحظات وتفتح عيونها وأنتم تتذكرون ما حدث. تعرفت هنا على جلال دون فدوى فقد أرادت الجدة أن ترى هنا أمها بقلبها و هذا ما حدث بالطبع. كانت متخبطة إثر نجاح العملية ولا تذكر إلا ما رأته مع جدتها؛ بيتهم بعدما تم تجديده, أبيها, وأخويها يتبارزا بالسيوف إلى أن جرح حسام آسر بذراعه. 
- يا ولاد الكلب والله لو جرى حاجة لسيف منهم لأرميهم في الشارع.
إنما فدوى تلمع عيناها بالدموع العصية الهطول إنما نهاية تتساقط العبرات على وجنتيها بينما تقول :
- وقالتلك إيه تاني يا هنا ؟
- قالت إنها بتحبك و مفيش .. شيء .. ممكن يغير حبها ليكي وقالت أقول بابي إنك دراما كوين ومش يبطل يحاول .
صاح جلال بإبتهال : 
- وشهد و شاهد من أهلها حاكم أمك يا هنا تحب تعيش دور الضحية .. ما بتزهقش .
- بابي أنا جعانه .
يتحول جلال عن هنا ليسأل فدوى :
- ينفع تاكل ؟
-  ينفع .
تنظر هنا لفدوى بتفحص ثم تقول :
- هي مامي ولا دكتور ؟
- مامي ودكتور في نفس الوقت .    
يقولها جلال ثم يقترب من هنا الممدة على السرير كفيه يوسدا وجنتاها بينما يقول :
- نورتي الدنيا كلها يا أميرة الدنيا كلها.
وتذهب وأظلُ بمشفى الطفرات أسيرة دماء الحياة التي ساهمت في إخفائها بحمقي و ثقتي المتناهية بهنا. لم يتبقى لي إلا جلسات علاج لست في حاجة إليها مع الطبيب, أقص عليه بفرحة غامرة فشل عمليته الجراحية فقد تحولت رؤى هنا العينية لرؤى منامية فحسب و لم تذهب عنها قواها كلياً كما منى نفسه والآخرين فقد رأت جدتها من ناحية الأم يا أحمق .
- هل لديك تفسير لما حدث طبيب الطفرات ؟
أقولها للطبيب اللوذعي ساخرة فيجيبني :
- للأسف لا.
- أنا لدي .
- ناوليني .
- الجدة مبعوثة تكمل عملك الناقص فالتفكير رياضة يمارسها العقل وبالتالي تزيد قوة الإستيعاب و تنشط الخلايا .. و لو عادت هنا للصفر من جديد لبحثت و تقصت كأي إنسان فقد ذاكرته حتى يتثنى لها العودة للماضي وحينها تعود لصورتها الأولى .
- وجهة نظر تحترم ولكن أخبريني هولي من أين لكِ بتلك المعلومات الطبيبة ؟
- جد هنا من ناحية الأم كان يرسل لهنا العديد من الكتب لأنها وريثته الوحيدة كما تعلم و يريدها ذكية مطلعة على كل شيء وهنا كانت تقرأ علي كل كتبها حتى الدراسية , لذلك أعلم إنك طبيب فاشل وعمليتك تلك لن توقف نشاط الخلايا الدماغية إلا لبرهة من الوقت وعندما ينتهي الوقت سوف تجد الخلايا طريق أخر للتطور وحينها هنا سوف ترى الذرات بالهواء وليس الكيانات فحسب .
يجيبني ببرود :        
- هل لديك شيئا أخر تضيفينه ؟
- لا.
- الأجهزة رصدت نشاط قوي لقوى خفية هناك من أراد فتح غرفة الدماء الخاصة بك
- أنه أبي جاء لقتل هنا و سرقة الدماء .
- وماذا فعلتِ ؟
- قتلته .
- وأين الجثمان ؟
- حرقته .
- ودمائه ؟
- نجسة بلا منفعة عندما لامستها لم تبدل بحالي شيء .
- وما شعورك الآن .
- وحيدة .        
لم أكن وحيدة تماماً فقد تفرغت من هراء هنا بهراء مالك, أراقبه بكليته, ببيته ونهاية ببيت صديقه هشام . كنت أقضي معه أغلب أوقاتي بشقة هشام حتى علمت عنه الكثير, أمسى بالأونة الأخيرة غريب بعض الشيء فقد أصابه الأرق المزمن فهو لا ينام إلا لأربعة ساعات يومياً وأحياناً أقل. يسهر الليل أمام التلفاز برفقة سجائره التي أجلبها إليه فقد أمسى فقير وليس مليونير كما كان بالسابق ولم يعد في وسعه شراء طعام وليس سجائر. أعبأ له علبة سجائره الكرتونية كلما أوشكت على النفاذ إنما لم يلحظ أبداً فقد ظنها بركات المنشاوية و دعوات أمه.
يدخل المطبخ ليعد الشاي, يدير سخان المياة الكهربائي ثم يجلب كوباً زجاجياً و يضع به الملح بدل السكر يبدوا أنه ساكر. وددتُ أن أحذره ولكني خجلت مثل سائر الفتيات اللاتي أصبحت منهن أخيراً فرؤياه ترياقي الذي بحثتُ عنه بعيداً عن منافذ الدماء البشرية.
يقلب الملح بملعقة بالكوب ثم يضعه على فمه ليشرب يبدوا أنه يشتكي من ألم بأسنانه فجلال كان يفعل ذلك عندما توافيه الآم اللثة. يلتفت إلي ثم يلقي الماء المالح علي ويقول :
- انت إيه بقه إن شاء الله ؟
أجزع لكلماته التفت حولي لا أجد غيرنا بالغرفة فأدرك أنه يحدثني.
- انت دكر ولا نتايه و لا جنسك إيه ؟
أردت أن أجاوبه حتى لا يفزع ولكن تجمدت, كل شيء بي تخشب ولا أعلم الأسباب, اللعنة لم يشرب الماء المالح كعلاج فقد قرأ عزيمة أسر على كوب الماء وها أنا صنم من الملح, أنه الحب على ما يبدوا هو ما جعلني أغفل عن كل ذلك لأمسي أسيرته. يقترب مني ويلامس سطح الماء المالح الذي غلفني, لمسات إنتظرتها تمشت على جسدي العاري ثم إبتسامته يبدوا أنه وجدني جميلة .
- إحيه إنتي نتايه .. ما هو ده اللي ناقصني بصراحة جنيه .. عايزه إيه بقه يا حلوة ؟
لا أجيب مجددًا فقد جمدني الماء المالح فيردف :
- انا هفك عنِك العزيمة بس مش عايز شقاوة.
يذهب عني للصنبور ليملأ زجاجة مياة ثم يعود ويسكبها من أعلاي وحينها أتحرر فأهرع طائرة من أمامه للهرب من النافذة المفتوحة وعيونه علي ولسانه يقول :
- مش هتقوليلي إسمك إيه ؟
أتجمد ولكن بإرادتي ألتفت إليه  وأقول :
- هولي.
يقترب بينما يتمتم ألله ما أجزيك يا شيطان ثم يقول :
- ينفع أشوفك ؟
- لاء .
- حلاوته انتي بتكلمي عربي .. جنيه في أمريكا بتكلم عربي .. ده انا محظوظ بقه .. طب انتي عايزة أيه ؟
- مفيش .
- فاضيه يعني .. بتتسلي ؟
- أيوه .
- ماشي يا ستي .. إتسلي براحتك .. بس ما تطلعيش للعيال التانين دول أحسن دول خفاف.
- حاضر.
- لا بقه لو النسوان عندكوا بيقولوا حاضر يبقى أجوز من عندكوا ولا إجوزيني إنتي ؟
أبتسم ولو كان لي وجنتان الآن لتوهجا خجلاً لعرضه الزواج علي. يحدجني بغرابة شديدة عيونه تركت الفراغ من حولي وإرتكزت علي, على وجهي صدري بطني ساقيً ثم يعود لوجهي ويقول بحدة :
- إمشي .. إمشى يايلا .
لا أذهب فيقول من جديد :
- يا بت إمشي أحسنلك .. انتي ماشيه ملط ليه الله يخرب بيتك هتوقعينا في الغلط انا مش ناقص بلاوي .
وحينها أتذكر ان كلماته تجسدني إمرأة أراها بمرآة ملتصقة على باب شقة هشام, إمرأة كما تمنيت أن أرى نفسي ويراني, أجمل من شيري أجمل من هنا أجمل من كل وعاء إحتوى شذرات أنوثة تفجرت لإمرأة. جميلة و إن كنتُ مريبة بعض الشيء حتى بعيوني فجسدي ملون بألق أصفر وهّاج  وكأني سقطت بمسبك ذهب وخرجت منه للتو, أبدو مثل إنجيلينا جولي بفيلم بيوولف ولكن ومع الأسف لا أملك شفاها المكتنزة ولا جديلتها السوداء الطويلة فشعري بالكاد يغطي كتفيَّ. 
- بصي يا حلوة انا صعب .. مش هينفع إتكلي على الله .
ما يلمح به ليس ما أريده ولا أجد من أقوله فيردف من جديد :
- انا مش عايزك تزعلي .. انا نفسي .. لكن بتحصل مشاكل لما حد من المنشاوية يااااا يندمج مع الجن .
أذكر أن عشيرته تتخلص من كل قرين لأولادها وحينها أقول متسائلة :
- انتوا ليه بتقتلوا القرين ؟
- لا فندم إحنا ما بنقتلوش إحنا بنحرره .
أبتسم لمباردة المنشاوية بالتحرير وأقول : 
- أقدر أزورك تاني؟
- ما انتي بتزورني من سنين وانا مكبر دماغي قولت يمكن تزهقي .
- انت شفتني إزاي ؟ انت متصل ؟
- لا أنا جامد .
- يعني إيه ؟
ينظر لي بمودة كبيرة ثم يقول :
- مش هتفهمي .
- بتكلم مين يا مالك ؟
قالها هشام فقد قطع علينا خلوتنا الأولى وحينها أشار مالك لي بالذهاب بينما يقول لهشام مبرراً :
- بكلم نفسي .. إتجننت.
يقترب هشام منا وحينها يقول مالك له محذراً :
- خليك مكانك يا هشام معايا حد .
- ووافقين ادام الشباك ليه ؟ هتفرجوا الجيران علينا خشوا أوضتي .
- خش أوضتك أنت يا هشام لو سمحت .
- مش أسلم على الهانم الأول .
وقف مالك متحيراً عيناه تطلب مني الإختفاء ولكن تينك العينين يصعب الرحيل عنها. يا لجمال قامته الفارعة التي منعت عني عيون صديقه المتلهفة لرؤياي, طويل القامة للغاية كما تراه هنا فبالكاد رأسي تصل لصدره العاري المتعرق فالشقة حارة للغاية وليس بها مكفيات قد أجلب له واحداً لاحقاً. لماذا أتي هذا اللعين وأرسل الراحة عن لقائنا بل ويميل برأسه ليري ما بين ساقين مالك فوجد سيقاني العارية الذهبية وحينها قال بتحرج :
- أه لموؤاخذة خدوا راحتكوا .
يذهب عنا فأقول :
- انت بتغير عليا ؟
يضحك بشدة ثم يقول :
- أه طبعا .. أبوس إيدك لو حد شافك هتجيله جلطة .. إمشي بقه. 
أمد يدي تجاهه ليقبلها وحينها ينظر لي متعجباً إنما نهاية يرضخ ويمسك بأطراف أصابعي و يقبل ظهر يدي ثم يقول :
- مع السلامة.
- مع السلامة .

مارد من الإنسOnde histórias criam vida. Descubra agora