الجزء الثاني (ثورة) / حتئ عصفوري سيذهب معي!

34 8 3
                                    

يوم السبت محافظة الحلة الساعة الثانية بعد منتصف الليل
كانت مريم جالسة على الكرسي تتصفح بكمبيوترها القديم في غرفتها ، كانت مندهشة جدا  من ردود الافعال وكمية التفاعل التي حصدتها رسالتها فقد عادت نشرها الكثير من الصفحات الكبيرة .. حتى ان الصحف قد تكلمت عنها والاعلام .. قد كان الامر صادما بالنسبة لمريم .. وهي تراقب بصمت وعدد الاعجابات والتعليقات والمشاركات يزيد بدون توقف .. بين من يعتقد انها مؤامرة ويحلل مانشر بعمق أكثر ويخوض بحور من الاوهام وبين ما يشجع ويدعم وبين ما يراقب بصمت .. كانت مريم خائفة بعض الشيء ولكنها مؤمنة بقضيتها وتريد الاستمرار .. تركت مريم الكمبيوتر لانها شعرت بالارهاق والصداع .. تمشت نحو النافذة واخذت تنظر الى الخارج ، ثم عادت ونظرت نحو المرايا التي كانت قابعة على باب دولابها،  بدأت تحدث نفسها بصوت خافت ونبرة بحوحة وهي تحاول تشجيع ذاتها واستجماع قواها قائلة :
- غدا  يامريم .. غدا  سأصرخ غدا  سأقف شاهقة وسأطالب بحقوقي وحقوق الجميع .. غدا  سأشتعل وسيضيء الميدان نوراً .
ثم تركت المرايا وتوجهت نحو سريرها .. تمددت وحاولت أن تنام قليلا  ولكن قلقها لم يتركها تنام .. حاولت وحاولت ولكن دون جدوى .. مضت الساعات وهي تغرق راسها داخل الوسادة ولكن دون جدوى ..
حتى انقشع الظلام .. وبدأت الشمس تعلو في عنان السماء .. تبعث بأشعتها نحو نافذة مريم .. حتى تسلل ذلك الشعاع من بين جفون مريم المغلقة الى عيناها .. نهضت مريم من على سريرها بكل نشاط عكس ما كان متوقع من شخص لم ينم الليل بأكمله .. ولكن يبدو أن عظمة هذا اليوم هي من منحها كل تلك القوة والنشاط .. راحت مريم تبدل ثيابها وتجهز نفسها للرحيل .. أتممت مريم كل شيء وغادرت منزلها.. نزلت الى الشارع.. أستغربت مريم من كمية الناس التي تنظر اليها بالشارع ومن عدد الناس الذين يوقفوها ويتحدثون معها .. أستقلت سيارة أجرة وذهبت نحو كراج الحلة للذهاب نحو بغداد .. كان كل من بالكراج يوقفون مريم للحديث معها .. كان تسمع بكل مكان بعض الجمل المتكررة .. مثل نحن معك يا مريم او انا ذاهب لبغداد لمساندتك او هيا يا مريم علينا فعلها وبعض من الجمل كانت لشكرها والـى أخره من تفاعل الشارع معها .. ركبت مريم الحافلة متجهة نحو بغداد وضعت رأسها على زجاج النافذة وراح تنظر الى الطريق ببال شريد .. كانت تتخيل ذلك العصفور الذي كانت تراقبه عند ذهابها مع والدها لبغداد قبل سنين عديدة ..
كما وكأنه يطير بجوار النافذة يقترب قليلا  من مريم ويبتعد بعدها مباشرتا  .. تارة يعلو في عنان السماء وأخرى يهبط قريب من الارض ومريم تراقبه بدون ان يرف لها جفن أبدا. . وكأنها  كانت تحاول الطيران معه .. فوق عنان السماء .. فوق زحمة البشر هناك حيث تكون حرة .. حرة بكل معنى الكلمة .. حرة بلا حدود بلا عادات وتقاليد قديمة وبغيظة .. حرة!

فشل وطنيOù les histoires vivent. Découvrez maintenant