الجزء الأول (أرض تحترق) / كيف سيعيش أدم؟

73 9 9
                                    

كيف سيعيش أدم ؟

محافظة النجف الأشرف الساعة السابعة صباحآ

في غرفة النوم وعلى ذلك السرير الموشح بالقماش الابيض ينام مازن الذي يبدو انه بعمر الثلاثين سنة نصفه العلوي عاري ويرتدي سروالا اسود قماش ، على جانبه اليمين يقبع هاتفه المحمول وعلبه سكائره وساعته الحديدة القديمة وكتاب مفتوح على المنتصف تقريبا ، بينما هوة يغط في نومه وصوت الشخير يتعالى في ارجاء الغرفة ، بدء الهاتف يرن مرة والاخرى بدون توقف ، كما يظهر على شاشة الهاتف كما هوة مسجل
(اللهم أجعلها زوجتا  لي) ، وبعد ثمانية مكالمات فائتة ، أستيقظ الرجل ليجيب على المكالمة التاسعة تحديدا .. بدأ التحدث بصوت أقرب الى النوم من اليقضة: 
- الو صباح النور حبيبتي ، أسف لقد أستغرقت بالنوم ولم أسمع صوت الهاتف نعم سأذهب الان الى هناك ، لا لن أتأخر لا تقلقي ، ادعي لي أحبك باي. 
أنتفض مازن من على الفراش وراح يرتدي ثيابه بسرعة ،أكمل تبديل الثياب وفتح احد الادراج ليخرج منها ملف أزرق فيه الكثير من الاوراق قام بأخذه بيده ، نزل درج منزله ..أخرج دراجته النارية من القبو ، قام بتشغيلها عدة مرات كما هوة معتاد عليه مع هذه الدراجة القديمة المتهالكه وبعد الكثير والكثير من المحاولات أخيرآ بدء ذلك المحرك التالف بالعمل ، ركب الدراجة وانطلق وهوة يقود الدراجة بين الازقة بدء يردد مع نفسه وكأنه يتدرب على احد المقابلات يسأل نفسه ويجيب عليها 
- هل لديك خبرة في هذا المجال ؟
- نعم سيدي 
- اقصد هل حصلت على وظيفة في نفس المجال ؟
- لا سيدي ولكن لدي الكثير من الشهادات في هذا التخصص
وهكذا مضى الدرب بمازن حتى وصل الى احد الشركات التي يبدو انه سيقيم بيها مقابلة العمل ، ركن مازن دراجته وارتجل منها ليهم بترتيب ثيابة وتعديل شعره 
وأخرج من حافظة الدراجة نظارة طبية ليرتديها ، مشى نحو المدخل بخطوات مسرعة دخل الشركة وكان يبدو عليه الارتباك واضحآ جليآ سأل احد الحاظرين عن مكان المقابلات فأجابه انه بالطابق الثالث للبناية ، صعد السلالم بفوضوية حتى وصل الى ذلك الباب دخل الى غرفة المقابلات لم أستطع معرفة ما جرئ بغرفة المقابلات تلك الا انه وبعد ساعة خرج مازن من الباب وملامح الغضب تعتلي وجهه نزل السلالم ببطئ ويأس يبدو أن الامور لن تسر على مايرام وصل الى كومة الخردة خاصته وبعد عده محاولات لتشغيلها اشتغلت ليقودها نحو مكان ما عتاد الذهاب اليه عندما تسوء به الحال او بالاحرى بعد كل مقابلة عمل فاشلة يجريها وكان المكان عبارة عن بستان فيه الكثير من أشجار  النخل ، جلس هناك تحت ظل اشجار النخل اخرج هاتفه ليتصل بمن أيقضته صباحآ فتح مكبر الصوت وقام بوضع
الهاتف على جنبه ،ليمسك بعصى بيده وبدأ يلعب بالتراب بها بدون اي وعي او ادراك لما يفعله وكأن جسده هنا وعقله بمكان بعيد ، أجابت على الهاتف :
-الو حبيبي طمني كيف سارت معك الامور ؟
- كلعادة يا صفا لم يحدث شيء جديد!
- هل رفضت ؟
- طلبت أن أوظف بشهادتي فرفضت ، حتى أني طلبت أن اوظف عامل نظافة ورفضت أيضا! 
- سيعوضك الله لا تقلق يا مازن يبدو ان المكان غير جيد لتعمله فيه
- صفا أنا متعب ، دخلت الثلاثين سنة وانا لازلت أستجدي مصروفي من والداي ، كل يوم استيقظ صباحا بحثآ عن عمل في كل المجالات وفي مختلف الاماكن ولكنني اعود خاويآ يائسآ محطمآ
- ولكن يا مازن لا تنسى انه سيأتي يومآ وتحل كل مشاكلك لا تضعف هكذا فقد أعتدت أن اراك قويا يا حبيبي 
- الى متى يبقى الحال هكذا ؟ ومتى ستتحسن الامور ؟ متى سنتزوج وننجب ذلك الصبي أدم كما نريد ؟
- أصبر قليلا يا حبيبي أ ص ب ر
قاطعت مكالمتهم المجيب التلقائي قائلا.:
عذرا لقد نفذ رصيدكم!

قطعت المكالمة تاركتا مازن وحيدا .. عاد مازن الى فكره الشريد  وكأنه يبحث عن سبب ما يحصل له .. فهو في أرض العراق .. التي كانت في يوم من الأيام تحتوي على  ملاي ين الأيدي العاملة العربية والأجنبية .. البلد الذي لم يشكو من البطالة على مر التاريخ ..
ففي جميع الحقب كان العراق يفيض خيراته وكان كل الشعب شعب منتج وعامل ..حتى في أوائل التاريخ كان العراقيون في حضارة وادي الرافدين يعملون بالزراعة والصيد وفي العمارة والبناء وداخل المدن .. ولكن ماذا جرى ؟ لماذا سارت الأمور على هذا لنحو ؟ كلها تسائلات تتوارد في عقل مازن طيله تلك الفترة.  

فشل وطنيWhere stories live. Discover now