الجزء الاول (ارض تحترق) / ٧x٧

150 14 22
                                    

محافظة الانبار الساعة السابعة مساءا 

في أحد ساحات كرة القدم  كان الشاب بكر كمال او بكر جافي كما يلقبونة زملائة يستعد لبدء المبارة ، بكر كان بعمر السبعة عشر سنة شاب ممشوق القوام ذو وجه رفيع وسيم مع تصفيفة شعر عصرية كان موهوب بحق ، اللاعب الاول بفريقه والافضل بين اقرانه.. 
بدأت أهم مباراة في حياة بكر حيث في هذه المباراة وعلى دكة المشاهدين تحديدا  يوجد ضيف مهم وهوة مدرب أحد الاندية العراقية المشهورة الذي كان يبحث عن مواهب شابة بالارجاء لضمها لناديه .. لطالما اراد بكر ان يصل للاحتراف وان يقدم المزيد من الابداع لمعشوقته الكرة المستديرة التي اسرته منذ طفولته في حبها .. بدء بكر يلعب بكل قوة بكامل مهاراته وبكل تركيزه لعله يجذب انتباه الضيف رفيع المستوى .. يراوغ تارة واخرى يمرر يسرع احيانا  ويسدد كثيرا  .. 
في نفس وقت المبارة هذا التسعون دقيقة ولكن في مكان بعيد قليلا 

محافظة ميسان الساعة السابعة وعشر دقائق مساءا 

في غرفة منزل متواضع كان هناك شاب وسيم جدا شعره طويل وسرح ذو ملامح ناعمة .. يبدو انه يبلغ من العمر ثمانية عشر سنة يجلس فوق طاولة وعلى جانبيه تتناثر الاوراق  .. المليئة بالنوتات الموسيقية يحمل بيديه الة الكيتار يدنن ويعزف ويلحن بصخب وبأحساس مرهف .. فجاءة يفتح باب الغرفة بدون ان يطرق ليدخل رجل كبير بالسن رأسه من الباب مناديا  : 
- حيدر أخفض من صوت موسيقاك فأنا اعاني من صداع وارهاق من العمل يا بني. 
اوقف حيدر العزف وادار وجهه نحو والده ليقول بصوت بهيج وهادئ : 

- حيدر كيتارة لن يتوقف وغدا لديه أكبر عرض موسيقي ياوالدي . 

اتاه الرد مسرعا  من والده : 
- هل قبلت مشاركتك بمهرجان بغداد ؟ أجاب حيدر بثقة عالية : 
- بكل تأكيد وهل يوجد مهرجان بدون ولدك الوسيم ؟
بدأت الفرحة كبيرة على وجه والده ليرتفع صوته قائلا  :
- غدا  سأح ضر انا ايضا  لمشاهدتك .. أحسنت يا فتاي فقد اصبحت عازفا  جيدا .
أبتسم حيدر وعاد لعزفه وكأن جوابه سأبذل قصار جهدي يا أبي خرج الاب فرحا  ليغلق الباب تاركا حيدر يغرق ببحر الموسيقى ..
كما تركناه نحن متوجهين نحو بكر

محافظة الانبار الساعة الثامنة ونصف مساءا 

تعلن الصافرة نهاية المباراة كما ويبدو ان الامور سارت على نحو جيد مع بكر فقد انتهت المباراة بفوز فريقة بنتيجة ساحقة اربعة اهداف مقابل صفر للفريق الاخر حيث تألق بكر بتسجيل هدفين وصنع الثالث .. كان متعب يخر من جبينه العرق يبدو على ملامحه المشقة والاجهاد ولكن ما لم يستطيع فهمه الجميع هوة نظرته الى السماء وكأنه يشكر الرب على ماسارت عليه الامور خرج من الملعب والجميع تنظر نحوه بنظرة أعجاب كفارس ترجل من حصانه بعد انتصاره بأكبر المعارك وهوة يسير في طريق الخروج تقرب منه الضيف رفيع المستوى الذي كان يرتدي بدلة سوداء مخططة بخطوط بيضاء رفيعة انيقة يملئها جسد مفتول العضلات طويل القامة ليقترب من بكر ويمد له يده صافحه بكر بترقب ابتدء الحديث بصوت بحوح كلعادة يبدو أن جميع الأغنياء والأشخاص المهمين يمتلكون صوت بح ..
قائلا  :
- انت بارع يافتى وانا اود ان تلعب في ناديي. 
اجاب بكر بسرعة بنبرة اندهاش: 
- حلمي يا سيدي اللعب معكم كما اني اتابع كل مبارياتكم واعتقد ان اسلوب لعبي يتناسق مع فرقتكم  .. امنحني الفرصة يا سيدي ولن أخذلك. 

أبتسم الرجل بوقار واهز برأسة موافقا  دون ان يتحدث ليمد يده في جيب بدلته الداخلي ليخرج منها بطاقة تحتوي على عنوان ورقم هاتف وتفاصيل التواصل كاملة معطيها لبكر لينطق بعدها بنبرة ثقة :
- غدا  الساعة الثالثة ظهرا  في مكتبي ببغداد هل هذا الموعد مناسب لك ؟
اجاب بكر بدون اي تفكير او تردد: 
- جدا  يا سيدي سأكون هناك بالموعد تحديدا  .. أشكرك

هز رأسه مرة اخرى ذلك الرجل ليمضي تاركا بكر  بكامل دهشته وبقمه فرحه وهوة يتمعن بالبطاقة .. يبدو انه حفظها على ظهر غيب. 

اليوم التالي الساعة الواحدة مساءا  طريق الانبار بغداد الدولي

يقود سيارة الاجرة رجل أسمر كبير بالسن وعلى المقعد الامامي يجلس بكر بكامل اناقته حيث انه يرتدي قميصا  ابيض ناصعا  وسروالا اسود قماش مع ذلك الحذاء البراق .. تجلس بالخلف سيدة كبيرة بالسن ترتدي العباية العراقية تبدو وكأنها في منتصف الستينات من العمر حيث قد ملئ وجهها  التجاعيد التي تنذر بالشيخوخة ببشرة حنطاوية كما ولديها على يدها اليمين ثلاث نقاط موشومة باللون الاخضر التي لم استطع فهم معناهم  كانت جالسة تنظر من النافذة بفكر شريد .. يخرج من حجابها خصلة شيب ناصعة البياض صغيرة يبدو وكأنها هاربة من الحجاب دون علم السيدة او انها علمت بعجز السيدة
وشيخوختها فتمردت عليها .. تمسك بيدها المتجعدتان بعض الاوراق يبدو وكأنهم معاملة حكومية او ماشابه ذلك .. يجلس الى جوارها فتاتان جميلتان صغيرتان يرتديان ذات الثياب لكل منهما ضفيرة شعر  سوداء جميلة جدا يبدو وكأنهم توأم فهن متشابهات كثيرا  حتى انني لم استطع التميز  بينهم
السيارة تمضي على ذلك الطريق القاحل مع صمت قاتل داخلها لا تكاد تسمع شي سوا صوت الطفلتين يتحدثن مع بعض بتمتمه غير مفهومة،  سار الوقت بسرعة بتلك السيارة المملة
حتى وصلو الى مبتغاهم

كراج العلاوي العاصمة بغداد الساعة الثانية مساءا

فشل وطنيDonde viven las historias. Descúbrelo ahora