-38- الكناري الصامت

ابدأ من البداية
                                    

"بإمكانكِ العمل هنا والحصول على حياة في أغنى بقعة من الأرض أو الرحيل للمملكة فهناك لن ينظر أحد لقرنيك على أنهما شيء غريب."
حين ألقت شارلوت بخيارين مختلفين تماماً شعرت بتردد الفتاة أمامها. الرحيل للمملكة المجهولة أمر مخيف وغير متوقع بلا شك أما العمل هنا فسيترتب عليه مسؤولية كبيرة. كلا الخيارين يحمل مستقبلاً مبهماً.

"لما قد لن ينظر أي أحد لقرني على أنهما غريبان؟"
صوت كناريا ارتفع وشارلوت نظرت بشيء من الدهشة نحوها قبل أن تقضم خدها من الداخل وتهز برأسها على مهل.
"لن تحصلي على إجابة على سؤال لا يعرف حتى أغلب مصاصو الدماء إجابته."

"لكن، أنا أملكهما."
أشارت لرأسها معترضة.
"إن لم يكن التصاقهما برأسي سبباً كافياً لحصولي على إجابات فماذا يكون؟"
صوتها بدأ يتغير لمسامع شارلوت التي زفرت بحدة وألقت نظرة حادة في وجهها لتجعلها تشيح بعينيها وتبتلع لعابها بتوتر.

شارلوت شعرت مباشرة بالسوء إذ أنها لم تقصد إخافتها لكن جسدها كره أياً كان الشيء المبهم الذي يحمله صوت كناريا من أن يداعب أذنيها.

رفعت بصرها نحو سيث خلفها يفترش كرسي مكتبها الفاره وجذعه يتجه بأنظاره للخارج. عدم تعليقه يعني أن هناك شيء مريب بالفعل. لا يمكنها ترك هذه الفتاة مهما كانت بريئة من أن تبتعد عن نظرها.

"سأقبل أي شيء عدا الذهاب للمملكة."
كناريا تحدثت وهي تضغط بساقيها ضد صدرها لتتكور على نفسها كطفل. تحاول أن تبدو غير مؤذية بتقليص حجمها.

"متأكدة؟ قد أفكر بإعطائكِ جواب إن قبلتِ بالذهاب."
شارلوت ابتسمت بجانبية أما تلك فهزت رأسها مصرة على رأيها.
"إنه أمر يخص مصاصي الدماء، لن يساعدني سوى على تأكيد أنني نصف."

"لما قلت أنك شيطان سابقاً إذاً؟"
شارلوت سألت بفضول وسمعت أنفاس كناريا تتوقف للحظات معدودة في حلقها، الأحجار الشمسية في عينيها التمعت حين مالت برأسها نحوها وأجابت بخفوت:
"أمي... نعتتني بهذا قبل أن تفر بعيداً... مني."

"أنت تعلمين من هي والدتك؟"
سألت شارلوت بشيء من العجب إذ أن ذوي طفل هجين غالباً ما يفرون بعيداً عنه لكي لا يتم محاسبتهم على تعدي القوانين الممنوعة حتى قبل أن يقوم بفتح عينيه.
"ألا تودين الوشاية بها؟"
أردفت بسؤال أخر وابتسمت رغماً عنها لرؤية كناريا تشيح أكثر وتنزلق أبعد عنها.

"أنا بالكاد أذكر وجهها حتى."
كناريا غمغمت من بين شفاهها.
"لا أريد الحديث عنها."
أضافت عابسة.

"أولست غاضبة منها؟"
شعرت شارلوت وكأنها تحدث نفسها الصغيرة التي لطالما كانت غاضبة من هجر والدها لها بعد وفاة أمها، كانت ستسامحه لو عاد لكنه لم يظهر قط. رغم أن الحالة مختلفة إلا أنها لم تستطع سوى استذكار مشاعرها في طفولتها.

نيـوتروبيـاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن