-32- بركة الملح

Start from the beginning
                                    

"سكينة؟"
تمتمت شارلوت الكلمة والتي لم تستعملها قبلاً بغير فهم لتهز لونا رأسها بابتسامة عريضة إذ استطاعت الحصول على انتباه محدثتها مجدداً قبل أن تجيب:
"هذا شعور لا أستطيع شرحه لكن لنقل أن عكس التوتر، الاضطراب والشك."

شارلوت في هذه اللحظات كانت تنظر للأعلى وحتى ألم رأسها لم يمنعها من التمعن بكلمات لونا حيث قالت:
"أريدها، هذا السكينة."

نهضت لونا من مكانها على الكنبة وهي تجيب بغمزة:
"اذهبِ واحصلِ عليها إذاً."
ثم خرجت، أما شارلوت فعقدت يديها خلف رأسها قبل أن تعود للإستلقاء بإعياء واضح وابتسامة مريرة تداعب شفتيها:
"عندما أحتاجها قد تجدينني هناك."
...

.
.
.

"يا رجل تبدو فظيعاً."
سخر آشتون من مكانه على الكنبة بطريقة تراجيدية ليرمقه أليجاه بنظرة سريعة من طرف عينه قبل أن يقوم بفك ضمادة حمراء جديدة من على ساعده ليرميها جانباً بصمت.

ابتسامة الثان انخفضت حين قام أليجاه بحل الضماد الذي التصق بوجهه ليظهر ذلك الندب الدامي والذي لم يتعافى من الخياطة بعد ليقول بصوت خافت:
"لا تكابر، لست مصاص دماء لتتعافى خلال بضعة أيام، توقف عن تمزيق ضماداتك."

فكرة أنه يتعافى تماماً وصديقه يحظى بكل الندوب لم تعجبه. كل علامة كانت تصنع عقدة في قلبه مذكرة إياه بكيف لم يستطع فعل شيء يذكر أمام الوحوش، رغم أنه متحول. متحول بائس.

أليجاه توقف بعد تجاهله مجدداً للكلام ورأسه ارتفع نحو الباب الذي تم النقر عليه مرتين قبل أن يُفتح ويدلف العقيد ماثيو مغطياً رأسه بقبعته السوداء وبزيه العسكري وقف باستعداد قائلاً بنبرة هادئة غير معهودة:
"بما أن مراسم الدفن انتهت سنقيم استفتاء سريع لتعيين قائدنا الجديد، الأمور انتهت مع مصاصي الدماء لكن الحرب قائمة مع الوحوش، أليجاه كلاي، آشتون هيماك، أنتما المرشحان الوحيدان للمنصب."

"ما الذي تهذي به أيها العقيد؟"
غمغم أليجاه بحنق. نهض من مكانه وسار بضعة خطوات نحو الأخير الذي انقبضت ملامح وجهه ما أن أردف بشيء من القرف:
"أنا مجرد مقدم، كيف انتهى المطاف بي كمرشح لمنصب جوهانس؟"

"الجميع وأولهم والدي الراحل يدينون بإعتذار لك كلاي، أنت كنت الصادق وشخص مثلك مناسب، ليست مشورتي إنما مجلس الإدارة."
نبرته كانت عملية للغاية وكأنه استطاع استيعاب حقيقة الأمور حيث تحدث دون أن يرمش.

"أنا منسحب، لا اهتمام لي بقيادتكم."
تحدث أليجاه واستدار نحو مكتبه ليحمل سكيناً صغيرة ويقوم بقطع بقية الضمادات من على ساعده بها جاعلاً ماثيو خلفه يصمت بدهشة.

"أنت كنت تثرثر دائماً وتدلي برأيك حتى عندما لم يستمع له أحد، والآن يمكنك إلقاء الأومر وترفض؟!"
لوح ماثيو بغير فهم بيديه أمامه في حين أن أليجاه تنهد وقال:
"لقد سئمت منكم، لم أعد أهتم، حققت ما أريد. أولئك الأطفال بخير."

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now