.
.
.

"أنتِ ليس بالمفترض بكِ أن تكوني هنا."
توقفت جين عن تشذيب سيقان الأزهار بين يديها قبل أن ترفع عينيها اللتان تشكلت أسفلهما هالات سوداء داكنة لمن فوق رأسها وتعطيه ابتسامة رقيقة مجيبة:
"أهلاً أيها المقدم أليجاه، لقد مضت فترة منذ أخر مرة أتيت لزيارتي فيها، أو رأى أحدهم فيها وجهك حتى."

الباب البلاستيكي الخفيف قام بإصدار ضجيج حين هب نسيم قوي ترافق بإنهمار مفاجئ كثيف للأمطار التي بدأت بالإرتطام بسقف البيت البلاستيكي الأخضر بعنف.

عينا أليجاه الزرقاويين الداكنتين هبطتا على حضنها حين دفعت الكرسي المتحرك لجهة أخرى ليلاحظ المغذي الموصول بيدها على إحدى فخذيها وكتابان كبيران على الأخر.

"ما الذي تخططين لفعله؟ لا داعي كالتصرف كطفلة صغيرة غبية أمامي."
سأل وجين قهقهت قبل أن تجيب بهدوء معتاد:
"أنا لا أحاول تضليلك اطمئن، لكن أعتقد أنه يجدر بك إعادة صياغة سؤالك."

قام بجعل كفيه ينزلقان في جيبي بنطاله وهو يقول بحاجب مرفوع:
"تحدثي."

"أنت غدوت مملاً، آلان يجاري فوازيري وألغازي رغم أنه فاشل في حلها على عكسك."
تذمرت وهي تفتح الخزانة أسفل الطاولة الخشبية لتبدأ بإخراج علب حديدية متوسطة الحجم ذات أشكال متشابهة ولصاقات أوضحت أن كلاً حمل شيئاً مختلفاً.
"أتحبينه؟"
أناملها توقفت عن العبث لسؤاله.

"هذا شخصي للغاية أيها المقدم لذا دعني أحتفظ بالإجابة لنفسي رجاءً."
قالت بنبرة جادة وخافتة. صوت طرق القطرات على السطح أصبح أعلى وأقوى حين بدأت بإستئناف ما كانت تفعله.

عينا أليجاه حدقتا بالخارج المشوش المعتم بشرود.

"لقد انتهى كل شيء."
تركيزه عاد لها حين بدأت بالحديث مجدداً وصمت مستمعاً لها تثرثر:
"لكن من كان يتوقع بأن ثلث البشر مؤيدون للحرب، هذا سخيف."
تنهدت.
"ولكن في الآن ذاته مفهوم ولا أستطيع أن ألومهم، لا أحد يستطيع. الكثيرون فقدوا أقربائهم وعائلاتهم بسبب ما حصل والغالبية العظمى لايعلمون أن الفيروس والسبب الرئيسي لما حدث كان من صنع بني جنسهم ولا علاقة لمصاصي الدماء بأمره. يجب أن يتم تصحيح التاريخ فلا فائدة من تجميع الأحقاد عليهم بعد الآن."

عيناه هبطتا على محلول أحمر أضافت له عدة أعشاب غريبة بلون أسود ليصبح داكناً أكثر عندما حركته قبل أن تبدأ بكتابة شيء ما على الأوراق أمامها مغمغمة بامتعاض:
"تغير اللون مجدداً."
التفتت نحو أليجاه وسألت:
"هل تذكرت اسم العشبة الحمراء ذات الأوراق المدببة التي طالما رأيتها في مختبر والدك؟"

تقدم نحوها بصمت ليسحب أول كتاب من الدستة أمامها على الطاولة قبل أن يبدأ بتقليب الصفحات حتى واحدة معينة ويضعه نصب عينيها مجيباً:
"هذه."

نيـوتروبيـاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن