الحلقة السادسة

4.4K 136 0
                                    

الحلقة السادسة

ظل (سراج) مصدوماً لا يعى ما سمعه من الطبيب للتو بينما خارت قوة (آمنة) وجلست على مقعد بالجوار ودموعها تنهمر و (حكمت) وقفت عن مقعدها وهى تذهب تجاه فراش والده لكى تحتضنه والدموع فى عينيها ما أن رأها (سراج) تقترب أسرع نحوها حتى لا تتعثر وجعلها تذهب لوالداها وظلت تبكى كثيراً شعرت بأنها من دونه لا شئ كيف ستعيش من دونه اذاً ٠٠
****************
فى تلك الأثناء كان (هارون) يجلس مع والداته فنظرت له والداته وهى تشعر بأنه يريد أن يقول شئ ما فقالت
-خير يابن بطنى ٠٠ مش مطمنالك
أبتسم (هارون) وفرك مؤخرة رأسه بيده ثم قال
-هو انا مفقوس اوووى كده
-مفقوس جداً بصراحة ٠٠ خير
أبتلع (هارون) ريقه ثم قال
-بصراحة يا أمى شفت البنت اللى سرقت قلبى من ساعة ما شوفتها مش عارف ابطل تفكير فيها
شعرت والداته بسعادة كبيرة ثم قالت
-بجد !! بجد يا (هارون) هتفرح قلبى وتتجوز اخيراً
هز (هارون)  رأسه ثم قال وهو يشعر بالخوف قليلاً من رد فعل والداته اذا علمت بإنها عمياء فأبتلع ريقه ثم قال
-ب٠٠ بس ف٠٠ فى مشكلة يا ماما
-خير يابنى
أخذ (هارون) نفس عميق ثم قال
-البنت ٠٠ البنت دى عامية
صدمت والداته مما سمعته وظلت صامتة فشعر (هارون) بالخوف من معارضتها فشعر بتوتر فنظرت له والداته وقالت
-هى جميلة ؟
أبتسم (هارون) وهز رأسه بالإيجاب ثم قال
-واخت (سراج)
-طب مش يمكن يابنى اللى لفت انتباهك ليها جمالها بس ٠٠ انت عارف يعنى ايه تتجوز واحدة عامية !! ولا انت مفكرتش فيها ؟
-انا من ساعة ما شوفتها يا ماما وانا بفكر ولاقيت انه مش فارق معايا
-شوفتها امتى ؟
أجاب (هارون) بتلقائية
-النهاردة الصبح
هزت والداته رأسها بأسى ثم قالت
-وانت كده لحقت تحبها ولا لحقت تفكر يابنى انت مجنون ٠٠
اجاب (هارون) بحزم
-يا ماما انا مش صغير ٠٠ انا راجل ودرست قرارى ولو مش مقتنع مش هكلم وايوة عارف يعنى ايه اتجوز واحدة عامية ومصمم عليها
أبتسمت والداته ثم قالت
-حيث كده انا موافقة بس لو زعلتها انا اللى هقفلك فاااهم يا واااد
شعر (هارون) بسعادة كبيرة ثم أخذ يدها وقبلها ثم قال
-فاهم يا ست الكل
ضحكت والداته عليه كثيراً وهزت رأسها بأسى ٠٠
*********************
فى ظهيرة اليوم التالى ٠٠
كان (سراج) فى المدفن الخاص بهم فى البلد يودع والده الراحل هو وعمه وباقى اقاربهم ٠٠
بينما فى المنزل فى مصر لم تستطع كلا ً من (آمنة) و (حكمت) السفر فظلا بمصر ..  صوت القرآن يصدع فى الحى بأكمله ولم تكف (آمنة) عن البكاء بينما (حكمت) فى غرفتها لا تريد مقابلة أى شخص بل تبكى فى غرفتها وحيدة ٠٠
بعد ثلاثة أيام لم يذهب (سراج) إلى العمل
شعر (هارون) بالقلق على صديقه الوحيد لأنه لم يأتى إلى العمل فقد ظن فى البداية بأنه مع والده فى المشفى خاصة بعد أن اتصل بهاتف المنزل عدة مرات ولا احد يجيب فقرر ان يزوره فى المنزل فى ذلك الوقت كان قد عاد (سراج) من القرية  التى عاش بها فهو يكره وجوده فى تلك القرية  حتى انه لم يهتم  أن يسئل عن (قوت) التى كانت فى ذلك الوقت قد سافرت  مع  (قاسم) فى عمل له .. وصل (هارون) الحى حتى وجد العزاء بالشارع بأكمله وأقترب من المنزل واستمع لصوت القرآن شعر بأن والد (سراج) قد فقد حياته بكى قبل ان يصل وجد (سراج) بالأسفل ما أن رأه حتى احتضن (هارون) (سراج) وظل يهون عليه ما حدث ولكن ماذا ستفعل الكلمات فقد فقد (سراج) والده وكل شئ بالنسبة له ٠٠
****************
مر  ستة أشهر على وفاة (رفعت) كان (سراج) يشعر بإنكسار لم يشعر به من قبل ولكنه لا يتحدث مع أحد فقط يهون على والداته وشقيقته وهو يريد من يهون عليه ٠٠
بينما (آمنة) شعرت وأنها فقدت زوجها وحبيبها وكل شئ كان لها فى تلك الدنيا وكانت حالتها تسوء أكثر وأكثر ولم تكن (حكمت) حالتها أفضل منهم بل زادت عزلتها ووحدتها أكثر وأكثر فوالداها ذلك كان مصدر للحنان والحب لها ٠٠
بينما كان (هارون) يندب حظه فاليوم الذى قرر أن يتزوج من فتاة أحلامه توفى والده ودوماً يتحدث عن (حكمت) لوالداته التى أصابها ألم فى رأسها من كثرة حديثه عنها وتمنت أن يتزوجها كى يحل عن رأسها ٠٠
بينما (قوت) حملت فى احشائها جنينها وجنين (قاسم) وكانت تشعر بالحزن الشديد لأن (قاسم) سيكون والد طفلها ولكن ماذا تفعل فقد ظنت انها لن تحمل ابداً بعد مرور اعوام كثيرة بينها وبين (قاسم) دون ان يستمر حملها  للنهاية ولكن الآن ستصبح أم كانت تبكى ليل ونهار وتمنت أن لم يولد ذلك الطفل ولكن ماذا عليها تفعل !! ٠٠
جلس (سراج) على مكتبه يتابع عمله ولكن وقف (هارون) عن مكتبه وظل يسير ذاهباً اتياً فى المكتب فشعر (سراج) بتوتره فنظر له بطرف عينه ثم قال
-مالك يا (هارون) ؟ّ
ارتبك (هارون) قليلاً ثم قال
-ها !! ٠٠ م٠٠ مفيش
-متأكد
اجابه بتلقائية
-لأ
فأبتسم (سراج) ثم قال
-طيب
رفع (هارون) أحدى حاجبيه ثم قال بلهجة منفعلة قليلاً
-هو ايه اللى طيب !!
ثم اقترب من مكتبه وجلس على المقعد المقابل لمكتبه ثم قال
-مش تتحايل عليا عشان تعرف مالى
ترك (سراج) الملف الذى فى يده ثم قال
-خلص يا (هارون) انا مش فاضى للعب العيال بتاعك ده ٠٠ عاوز ايه
فرك (هارون) يده بتوتر ثم قال
-مش عاوزك تفهمنى غلط ٠٠ انا عارف ان ده مش وقته بس اعمل ايه خايف خايف اووى تضيع منى او حد يسبقنى
نظر له (سراج) بعدم فهم
-هى ايه دى !!
-اختك
رفع (سراج) احدى حاجبيه وضرب كف يده بالمكتب ليصدر صوتا عاليا ثم قال
-افندم !!
شعر (هارون) بالرعب من نبرة صوته ثم قال
-اهدى ٠٠ اهدى يا وحش انا عاوز اتجوزها غرضى شريف
فرك (سراج) ذقنه بكف يده ثم قال
-انت عارف ان (حكمت) عامية ٠٠ وانا مش هستحمل حد يهينها ومش عاوز اخسرك يا (هارون)
وقف (هارون) واقترب منه ثم مسك يده وقال
-ابوس ايدك جوزهالى واطمن مش هيهنها خاالص انا بحبها اوووى اصلاً
احتدت نظرات (سراج) له فتنحنح (هارون) قائلاً
-ا٠٠ اقصد موتنى لو عملت حاجة
ظل (هارون) ممسكاً بيده وقال بترجى
-ها قولت ايه ؟
شعر (سراج) بالضجر فنطر يده ثم قال
-خلاص اخرص واسكت هقول لماما و (حكمت) واشوف رأيهم
أبتسم (هارون) فتابع (سراج)
-بس حتى لو وافقوا مفيش جواز دلوقتى خالص
شعر (هارون) بالحزن ثم هز رأسه على مضض ٠٠
****************
فى المساء جلس (سراج) مع والداته وقص عليها أمر (هارون) شعرت والداته بالسعادة كثيراً لأن أحدهم اخيراً تقدم لخطبة أبنتها ولكنها حدثته قائلة
-بس يا ولدى مش هينفع يتچوزوا جبل سنة ع الاجل من وفاة بوك
هز (سراج) رأسه بتفهم ثم قال
-عارف يا ماما ٠٠ بس انا هدخل دلوقتى اتكلم مع (حكمت) اشوف رأيها ايه ؟!
هزت والداته رأسها بتفهم اتجه (سراج) نحو غرفة (حكمت) وطرق باب الغرفة فسمع صوتها من الداخل
-ادخل
فتح (سراج) الباب ثم دخل وعلى وجهه ابتسامة ثم قال
-ممكن اتكلم معاكى شوية يا (حكمت) ؟
أبتسمت (حكمت) أبتسامة هادئة ثم قالت
-إيوة طبعاً ٠٠ خير يا (سراچ) ؟
أقترب منها (سراج) وجلس على فراشها فى مقابلتها ثم قال
-فى ان فى واحد عاوز يتجوزك
قطبت (حكمت) حاحبيها ثم قالت
-كيف يعنى ٠٠ يتچوزنى كيف وانا مبشوفيش
مسك (سراج) يد (حكمت) بيدها بحنان ليطمئنها
-وفيها ايه يا (حكمت) مادام بيحبك وشاريكى !!
سحبت (حكمت) يدها مسرعة من يد (سراج) ثم قالت
-حب إيه ومسخرة إيه يا (سراچ) اللى بتكلم عنيه ده انى مش موافجة
-مش لما تعرفى هو مين الأول
تحدثت (حكمت) بثبات
-مش هيفرج هو مين من اصله ٠٠ انى مش هتچوز
زم (سراج) شفتاه بعدم رضا ثم قال
-يا (حكمت) ده (هارون) صاحبى وانا هأمن عليكى معاه ٠٠ انا مش برميكى لأى واحد
تصنمت (حكمت) فى مكانها عندما استمعت أسم (هارون) فهى تتذكره جيداً ذلك الفتى الذى اهانها بأعاقتها فى اول يوم يراها فيه اذاً ماذا سيفعل بعد ذلك أبتسمت بسخرية على حالها ثم نهضت عن الفراش وقالت
-جلت لاه مش هتچوزه لا هو ولا غيره ٠٠ أرچوك يا (سراچ) متغصبيش عليا انى مش عاوزة اتچوز خاالص
شعر (سراج) بالحزن على حال شقيقته فهز رأسه بالإيجاب ثم قال
-زى ما تحبى يا (حكمت)
ثم خرج (سراج) من غرفته وجد والداته بالخارج تبكى فقد سمعت صوتهما وهم يتحدثان فذهب (سراج) إليها ووضع يده على كتفاها بحنان ٠٠
******************
فى صباح اليوم التالى كان (هارون) ينتظر (سراج) واتى لأول مرة فى تاريخ حياته المهنية قبل موعد العمل بساعة واحدة حتى يستمع هل وافقت عليه (حكمت) ام لا مرت تلك الساعة كظهر بأكمله على (هارون) وما أن رأى (سراج) يدخل المكتب حتى ركض نحوه وهو يقول
-اييه سااعة عشان تيجى ؟
شعر (سراج) بالأحراج ولم يكن يعلم ماذا عليه أن يجيب (هارون) فنظر له (هارون) مشجعاً إياه على الحديث ثم قال
-ها ٠٠ رد عليا طمنى ٠٠ وافقوا ولا لأ ؟
أبتلع (سراج) ريقه وشعر بتوتر كبير ثم قال
-انت اسف يا (هارون) ٠٠ صدقنى كنت اتمنى تبقى زوج اختى بس ٠٠
شعر (هارون) بحزن شديد وبأن قلعة بأكملها قد انهارت فوق رأسه ثم قال
-بس !! ٠٠ بس ايه يا (سراج) ؟ ٠٠ هو فى حد هى معجبة بيه
رفع (سراج) حاجبه ثم قال بصوت أچش
-(حكمت) متعرفش حد يا (هارون) وحاسب ع كلامك
ابتلع (هارون) ريقه ثم نظر إلى (سراج) نظرة توسل وقال
-اومال رفضتنى ليه ؟ّ٠٠ مش عاجبها فى ايه
هز (سراج) رأسه بأسى ثم قال
-معلش يا (هارون) ٠٠ (حكمت) مش عاوزة تتجوز من اصله خايفة حد يجرحها وهى انسانة حساسة جداً وشايفة انها مش هتقدر تشيل مسئولية بيت وراجل واولاد وهى عامية
تحدث (هارون) بنبرة حب صادقة
-بس انا بحبها ٠٠ بحبها يا (سراج) وعمر ما هجرحها ده انا لو جرحتها ابقى بجرح نفسى
أخذ (سراج) نفس عميق ثم ربت على كتف (هارون) وقال
-معلش يا (هارون) ٠٠ ربنا يوفقك مع واحدة تانية
ما أن استمع (هارون) لذلك حتى شعر بإنكسار فى قلبه لم يشعر به من قبل ثم ترك (سراج) وذهب إلى مكتبه ٠٠
******************
مرت خمس سنوات كان حياة (قوت) تزداد فيهم جحيماً ما يهون عليها وقتها ابنها (جواد) ذو الأربع اعوام ونصف ولكن حياتها بائسة لدرجة كبيرة لا تنعم بحياتها ترى خيانة (قاسم) لها بعيناها كل يوم مع امرآة غير الأخرى ولا تسطتيع ان تفعل شئ وأن اعترضت لا تجد سوا الضرب  والسب منه كانت تنام يومياً وتتساقط دموعها على وجنتيها ٠٠
بينما (سراج) اصبح محامى كبير وقد كسب العديد من القضايا التى جعلته ذو شأن مرموق وأصبح لديه من النقود الكثير والكثير وانتقل مع عائلته للعيش فى ڤيلا كبيرة وكان يهتم دوماً بوالداته وشقيقته وكانت والداته تصر علي أن يتزوج ولكنه كان يرفض دوماً فهو لا يستطيع أن يدخل داخل قلبه امرآة سواها سوى (قوت) رغم كل ما فعلته به ٠٠
بينما (هارون) انشغل بالعمل كثيراً كمحاولة منه فى أن ينسى (حكمت) لكنه لم يستطع يوماً أن ينساها وقرر انه سيجعلها تحبه مهما كلفه الأمر ولكن للأسف هى لا تعطى له فرصة واحدة للحديث حتى ولكنه يحاول أن يراها وحدها وأن يتحدث معاها ولكنها دوماً تهرب منه ٠٠
إما (حكمت)  لم يكن (سراج)  يرضى عن تصرفاتها تلك لذا أقنعها بأن يعلمها الكتابة والقراءة على الطريقة الخاصة بفاقدين البصر وبالفعل تعلم من اجلها وبدء فى تعليمها واصبحت تقرأ كتب كثيرة وتقضى وقتها فى تثقف نفسها أكثر وأكثر فشعر (سراج)  بالرضا عن حالها الآن رغم إنها لا تود أن تخرج من غرفتها  فعلى الأقل الكتب تصحبها إينما كانت أفضل من تلك الوحدة …
وفى يوم كان المحامى الذى يعمل لديه (سراج) يفعل حفلة من اجل عيد مولد ابنته التاسع عشر فذهب كلاً من (سراج) و (هارون) لتهنئة ابنته التى مغرمة ب (سراج) منذ ان كانت تشاهده فى مكتب والدها أقترب (سراج) منها وقال
-كل سنة وانتى طيبة يا انسة (فاتن)
ما أن استمعت (فاتن) لصوت (سراج) حتى إلتفت له وعلى وجهها أبتسامة كبيرة فقدت كانت فتاة ذو جمال هادئ وترتدى فستان أحمر قصير فقالت
-(سراج) !! ايه المفاجآة الحلوة دى
شعر (سراج) بالخجل ثم قال
-كل سنة وانتى طيبة
ثم مد يده لها بهدية أبتسمت (فاتن) كثيراً وهى ترى الهدية التى فى يده فأخذتها وقالت
-وانت طيب
ثم نظرت للعلبة التى بيدها ثم قالت
-مكنش ليها لازمة تتعب نفسك
-مفيش تعب ولا حاجة
شعرت (فاتن) بسعادة ثم أستمعت إلى صوت الموسيقى وقالت
-ما تيجى نرقص يا (سراج)
أبتلع (سراج) ريقه وشعر بتوتر بالغ ثم اعتذر بلباقة قائلاً
-اسف مش برقص
ثم تركها وذهب فزفرت (فاتن) بضيق شديد فدوماً يعاملها بذلك الجفاء بينما كان (سراج) فى طريق عودته إلى (هارون) ولكنه نظر أمامه وقد تجمد فى مكانه مما رأه لم يستطع أن يصدق نفسه وهو يراها يرى (قوت) أمامه مرة آخرى ٠٠

#ظلمة_جهل_أفسدت_عشق

#علا_السعدني

ظلمة جهل أفسدت عشقWhere stories live. Discover now