30 || رو، ذو الأذرع العشر..

2.4K 256 77
                                    



شعبُ أنصاف السمك هذا نباتي. من كان يظن؟ تعيش تحت البحر ولا تقتات من سمكه. كانوا مُؤمنين بأنهم والسمك وسائر مخلوقات البحر رُفقة، كلهم يتشاركون نفس الموطن ألا وهو أحضان مياه البحر. حيث يجدون الأمان هنا بعيداً عن أعين البشر.

شعبُ أنصاف السمك نباتي، ولهذا السبب لا يوجد أمامي إلا ما يقرب العشرين طبقاً من مُختلف أنواع النباتات، نيئة؛ وأحياناً فوقها موادُ أخرى عجزتُ عن التعرف عليها. وأنا مُطالبٌ بتذوقها جميعها، أو هذا ما أجبرتني على فعله آستريد مع ذِكرها أن الوقاحة الآن بين شعبٍ مجهول القدرات ليست بالخيار الوارد. كذلك، من ذا الذي يرفض توسلات حوريةٍ صغيرة تُدرك أنها ستبكي بالتأكيد إن رفضت تذوق ما طهت؟ فنفّذت على مضض.

اختلفت أذواق الأطباق، بعضها كان حسناً، بعضها كان عادياً يُحتمل، وبعضها كان مُقززاً. بصفتي ناقد طعام كُنت مستعداً تلقائياً للإبداء برأيي الجدّ مهم مباشرة، لكن الساحرة المُزعجة رمقتني بنظرة مهددة، أراهنكم بحياتي بأنها لا تُفكر فيما قد يحصل لي إن أغضبتهم؛ بل فيما قد يحصل لعلاقتها بهم. يُمكنني رؤية ذلك في عينيها التي ينتعش لونهما إلى لون الدم الحديث النزف حينما ترى ما يُثير اهتمامها، كلهم بالنسبة لها مُجرد عيّنات تجارب ستتعامل معها لاحقاً ما إن تنتهي مشكلة فيورا.. إن انتهت. أشعر إن طيبتها المزعومة تتراجع درجات عديدة نحو الأسفل حينما يتعلق الأمر بالعلم والتجارب.

-" ابنتك ظريفة. " قُلت للحوري، لازلتُ لا أفهم للآن لماذا يُضيع الوقت معنا ولا يُرينا فحسب ما يريد من آستريد المساعدة به. كان الجو من حولي جميلاً، المياه دافئة، وزيارة هذا المكان بأكمله كانت لتكون تجربة فريدة؛ لولا أني بِتُ لا أشعر بنفسي كآرو المرتحل أبداً مُنذ مدة. أُجبرت على أمور وها أنا ذا أحاول إيجاد سبيلٍ للفكاك منها، أشتاق لحياتي السابقة .. حيث كنت حراً، لا أحد يتحكم بي وبأين أذهب أو أفعل؛ وحيث لم أملك أشخاص ليُكبلوني ويجروني لرُفقتهم. أشتاق لنفسي.

-" إنها متحمسة، لم ترَ قبلاً مخلوقات غير شعبنا لأنها لم تخرج من المدينة، ولا أحد بأي حال يخرج منها إلا فرقاً متخصصة بجمع قُوتِنا. "

-" لهذا توقف الجميع عن تحركاتهم قبلاً وقابلونا بنظرات مُتعجبة حتى أن بعضهم تصلّب فارغ الفاه؟ " كان مشهداً مُرعباً لأصدقكم القول.

ضحك، قائلاً:" أجل، لو لم أكن معكما حقيقةً كُنتما لتتعرضا للهجوم الفوري منهم ظانين أن جدار المدينة الحامي قد خُرق. " أعتقد أن إعصارها لوحده بتلك الحال كافٍ لعصف جميع من يهاجموننا بعيداً. وبذكرها، هي كانت تقوم بعملية توافق مع ابنة الحوري الآن، والتي لم تتوانى عن التجاوب معها بكل سعادة، كانتا تتواصلان بالإشارات نظراً لأن شعب أنصاف السمك لديهم لغةٌ مختلفة عن خاصتنا، وما الأكثر إثارةً لأمثالها من استكشاف لغةٍ جديدة ومحاولة تعلمها؟ " يبدو أنهما اتفقتا. " قال مبتسماً. آهٍ فحسب لو يعلم ما الذي ينتظرهم في جعبتها مُستقبلاً.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن