7 || بدايةُ توافق.

3.4K 404 142
                                    

انتشرت أصوات صراصير الليل وهي تدندن مع توغلنا أكثر بالغابة، أبعدتُ شجيرةً من هنا وورقةَ نخلةٍ أخرى كبيرةٍ من هناك؛ لتصطدم بي واحدةٌ في الوجه كانت قد تركتها فيورا التي تتقدم مسيرتنا أماماً عن عمد.

-" إلى أين جررتني معكِ؟! " سألتُ منزعجاً بعدما أبعدت ورقة الشجرِ عن وجهي، وسارعتُ في خطاي لأحاديها بالمشي.

أجابت:" مهمةٌ سريعة "، ولم أكن بجدّ متأكدٍ لمقصدنا، فالسفينة كانت راسيةً بالاتجاه المعاكس من هذه الغابة؛ ولستُ أدري لأيٍ طريقٍ تؤدي التي نحن فيها.

مما يقلقني مع كوني وحيداً، رُفقة هذه الغريبة.

-" أتسمع؟ انه صوت الأمواج، نحن نقترب." استمرت بالتقدم بينما استغربت عن سبب عودتنا للشاطئ مجدداً، ولازمت رُغم ذلك الصمت. بعد بضعِ دقائق وصلنا، ولم يواجهنا إلا القمر الذي أبرق سطح البحر رُفقة النجوم، ولاشيء غير وِسعِه أمامنا.

-" إذن؟ " تساءلت.

-" لابد أنهم هنا بمكانٍ قريب، أو على وشكِ الوصول." بعد إجابتها راحت تحاول التحديق في أفق البحر البعيد.

وتساءلت أنا مجدداً أثناء ذلك:" من هم؟ "

نظرت واثقة، ثم أجابت مع ابتسامةٍ لا تعبير يصفها سوى الغرور:" أتخالني حمقاء لأرضخ لطلب ذلك المخلوق دون أي محاولةٍ للمراوغة؟ بالطبع لا، فكنت قد أرسلتُ قُبيل مجيئنا لهنا مركباً يضم ثلاثةً من طاقمنا في مهمةٍ خاصة، هي محاولة التسلل لمنطقة بَحر فينيسيا من طريقٍ أخرى غير المباشرة التي يجب المرور منها على تلك العقبة." تقدمت تبحث من عدة اتجاهات على أي أثرٍ لهم على ما يبدو، ومع مرورها من أمامي كانت تضيف:" وطلبت منهم توخي الحذر طبعاً، وسواء نجحوا أو فشلوا؛ كان من المفترض أن يصلوا الليلة ليخبروني بما حصل. فقد نتجنب عبر هكذا خدعةٍ بسيطة عناء سرقة الجوهرة اللعينة وإعطائها لذاك المخلوق أياً كان اسمه ! " توقفت أخيراً عن التحركِ بعد شعورها بالخيبة، وقالت بصوتٍ خفيض:" لكن، أين هم من الأساس الآن؟! "

سادٌ صمت قليل، مرت رُبع ساعةٍ أخرى خلاله لم يحصل فيها أي شيء سوى انطلاق هبوب رياحٍ أنبأت بعاصفةٍ قادمة قوية؛ ومع مرور تلك الزمنية كنت قد كسرت جدار السكون ذاك قائلاً:" لربما تقلبات الرياح هذه هي ما عطلتهم عن القدوم بالوقت، أو .. ربما .. "

رمقتني بنظرةٍ قاسية ردعتني عن الإكمال، وقالت واثقة، ثقةً شديدة:" فوستر، ماغنوس، و آلتر .. كلهم من أفضل رجال الطاقم قوةً وعقلاً وهم من المقربين لي، إياكَ أبداً والاستهانة بهم ! "

-" إذاً، لماذا أنتِ قلقةٌ عليهم؟ " كان سؤالاً مباغتاً لها، ترددت قليلاً في الإجابة، وما لبثت أن اختارت الصمت مستديرةً بحنق.

-" معه حقّ، أيها القبطان. علينا الثقة بهم، فبعد كل شيء؛ لا أقوى من صلة الثقة بين القراصنة، إنها تمدنا جميعاً بالقوة. " قيل من خلفنا. كان لوتار، قد انتزع قبعته كي يستمتع بالنسيم العليل. أضاف:" أأسف لاتباعي لكما، قد لاحظت قلقك؛ وتوقعت أن تأتي لهنا للتفقد. "

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن