22 || عائلة؟

2K 267 106
                                    



مرّت خمسُ ساعات، ولستُ فعلاً بتلك التعاسة. حقيقةٌ مفاجئة.

تم أخذي لقلعة أعلى الجبل –ما علمته لاحقاً- حيثما يقطنُ قائد هؤلاء حالياً. وُضعتُ بإحدى الغرف التي خمّنت أنها كانت للخدام ربما؛ نظراً لعدم وجود أي زنازين فيها وذلك طبيعيٌ في حال ما اعتبرنا أنها بُنيت من قبل شخصٍ غني أراد العيش سالماً مستمتعاً بغِناه فقط. بقيت فيها تلك الساعات، أبحث بين أغراضها عن أي شيءٍ قد ينفعني في تضييع الوقت. أحياناً أفكر بالميدوسا وطاقمها وما قد حل بهم، ثم ينحرف تفكيري لفكرة أنهم هم من تخلوا عني؛ لأبقى ضائعاً في دوامةٍ لا تنتهي من التساؤلات سرعان ما ترجعني إجاباتها لنقطة البداية. ذاك حتى قررت التوقف عن الوقوع فيها والبدء بالحديث مع الحراس عند بابي. لطالما كان الحديث مهربي الدائم من العديد من الأمور، كالملل والتفكير الزائد.

عند العديد من اللحظات كانوا على حافية الرغبة في إجباري على الصمت بضربي من غضبهم، كنت أحاول إثارة انفعالاتهم ليفعلوا ذلك؛ ما يسمح لي بغَدرهم ومحاولة الهرب ربما، لكنني سرعان ما استسلمتُ منهم وعدت للاستلقاء بالسرير الموجود صامتاً. كانت تلك الخمسُ ساعاتٍ من أسوأ الساعاتِ التي عِشتها مؤخراً، الصمت رفقة الملل مزيجٌ سام غير قاتل للجسد، لكنه قاتل للعقل. بالنسبة لي.

بُعيد ما مرّت تم استدعائي أخيراً، سيدهم؟ أظن، فمشيتُ بهدوء رفقتهم رغم أنني حقيقةً جد سعيد لخروجي من حالة اللاشيء تلك اللعينة..

بطريقي كنت أتأمل أروقة القلعة وتصميمها، أتذكر بهو الصور والشمعدانات مميزة الشكل، انتشرت بالعديد من البِقاع هنا؛ لكنني لاحظت بضع تغييرات حلّت على التصميم العام كتجديد بعض الآثاث وإضافة العديد من الأعلام الخاصة بالمملكة المحتلة. يبدو أنهم لا يخططون للرحيل بأي وقتٍ قريب.

انتهى بي الحال في غرفة مكتب، وبقولي غُرفة مكتب فهي لم تكن بصِغر أي غرفة مكتب؛ كانت كبيرة، حولها مكتباتُ غنيّة بالكتب ذكرتني بمخبأ آلاريك، يحتل المُنتصف مكتبها الذي إما أنه من الذهب أو أنه رُصع به أو أنه من الخشب الطبيعي وذاك اللون خدعة، من حولي تواجدت تماثيل كبيرة بدورها كانت لنِسوةٍ كما الشمعدانات تحملن دلاء تخرج منها المياه وتصعد لتخرج مجدداً، نافورات.. بجدية، من ذا الذي يضع تماثيل تُخرج ماء بمنتصف مكتبه؟ حيث الكتب؟ حيث الأوراق المهمة؟

وسُرعان ما قُطعت تساؤلاتي الغبية بالنظر لموقفي مع دخول السيد المزعوم، أتذكر أن هذا مشابه قليلاً للقائي بالقبطان في البداية، هل عليّ أن أتوقع امرأةً مرة أخرى؟ أو ربما طفل؟ من يعلم ربما حتى حيوان ! توقع اللامتوقع.

كان رجلاً. عادياً، جداً. جيد. رغم أن شكله ووجهه المُقتضب القَسماتِ لا يُتيح للنفس بأن تتنهد راحة.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن