14 || الآفيروناميس.

2.5K 308 108
                                    

آفيروناميس.

من تُراه أسماني به؟ لا أعتقد أنها أمي، حسب ما أتذكر؛ مخزونها اللغوي محدودٌ بحيث لن يسمح لها بمعرفة أو حتى ابتكار مثل هكذا اسم. مما يترك لي خياراً واحداً، لاشك أنه أبي. أبي مجهول الهُوية.

وبالطبع هنالك احتمالية لكون شخصٍ آخر فحسب من فعل لم تحكِ لي أمي عنه ولم أعرفه، غير أنها احتمالية ضعيفة، فكما سبق لي وذكرت فإن عائلتنا الظريفة مكروهة من قبل جميع من بالقرية ولم أشهد أمي قريبةً يوماً من أيّ شخصٍ فيها.

بينما كنتُ أمشي في طريقي للنُزل وبيدي خريطة آرتيما؛ راحت كلماتُ ذاك الساحر آلاريك تتردد بعقلي، عائلة الأفيروناميس. كانت عائلة أصيلة، تعود جذورها لعصر السحرة المنسي حيث كان الجد الأكبر فيها، المدعو سيموث، من ألّد أعداء السحرة. هل تتخيل أن تعيش في عالمٍ يحكمه السحرة وأن تكون أنت الوحيد ضدهم؟ كان ذلك هو، ولم يكن مُطلقاً بالضعيف. يرجع سر قوته لكونه، ولسببٍ ما، حصيناً ضد قوى السحرة، هو وعائلته التي بوقتها كانت صغيرة. قال آلاريك أنهم وبذاك الوقت حاولوا تِباعاً اكتشاف سره بكل الطرق، أحياناً تسللوا لبيته وأحياناً تلصصوا عليه وأخرى خطفوا أبناءه ومراتٍ حتى وحين نفذت منهم الحيل حاولوا تسميم أُكلاتهم علّهم يظفرون ببعض الأفكار عن كيف سيتعالجون ! لكن كل ذلك لم يفلح من تلك العائلة. كانوا فقط وبكلمةٍ واحدة، حصينين.

مما جعل منهم خطراً كبيراً.

افترض يوماً أحدهم أن سيموث كان قد اكتشف نوعاً جديداً من السحر غير ذاك الاعتيادي خاصتهم المعتمد على القوى أو الشعوذة المعتمدة على الشياطين، نوعاً جديداً كان أشبه بسحرٍ واقٍ، سحرٍ مُعالج.

وحين انقلب السحرة على بعضهم بسبب اختلاف أهدافهم وسعي البعض منهم على الاستيلاء على ممتلكات أو أراضي الآخر؛ شرعوا في حربٍ لا متناهية فيما بينهم، كانت المعنى الحقيقي لحربٍ لا ربح فيها بل وفقط خسارة، وكانت تتحول شيئاً فشيئاً من المُؤذية للمبيدة، وهذا شكلّ خطراً على البشر المُحايدين. ذاك حتى تدخل سيموث، الذي وبطريقةٍ ما لا تزال مجهولةً ليومنا هذا، شرع في إضعاف المُعظم من أولائك عبر امتصاص قواهم، حتى أجبرهم على الاستسلام حين لم يعد أمامهم أي خيار آخر.

صحيح أن هذا كان في منطقته هو فقط، وأن الحالة استمرت بباقي بقاع آرتيما، إلا أنه وبنظر بني جنسه الذين استعادوا سيادتهم على منطقتهم، كان بطلاً.

رُغم ذلك، هذه الطريقة الغامضة وهذا السيموث رُفقة عائلته المجهولة المكان الآن، تُثيران فيّا شكاً كبيراً، أشك بأنه حقاً بطل رغم أن ذلك هو ما يبدو، ولاشك أن في القصة حلقةً ما مفقودة.

على كلٍ، لم يهمني هذا لأنني مُدركٌ لعدم انتمائي لهؤلاء؛ فالسحرة بقواهم يؤثرون عليّ بالفعل وهو ما لا يُفترض أن يحصل لو كنت من عائلتهم، لكني ورُغم ذلك تساءلت عن سبب تسميةِ والدي لي نسبةً لهم. لربما كان منهم؟ ولهذا رفض أن ينسبني لكنية عائلته هو كما قالت أمي والتي اعتقدت فقط أنه لم يُحببني كوني ابناً أتى من علاقةٍ عابرة. لكن ذلك غير ممكن، وإلا لورثتُ عنه قدرة الوقاية صحيح؟ أو أنها قدرةٌ مُكتسبة لا موروثة؟ ولربما لو كان منهم فهو لم يبقى مع أمي خوفاً من تتبع السحرة أو المُشعوذين له، والذين لازالوا وليومنا هذا يسعون للعائلة بُغية استغلال قواهم ضد بعضهم البعض. أو يقتلوهم خشيةً منهم. أي أنه رحل ليحميني.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن