-9- شِقاق الزهور

Start from the beginning
                                    

"صحيح."
أجاب زافير بهدوء من دون لف أو دورات ليرتفع حاجبا إيدغار باستغراب قائلاً:
"لماذا لم أرك هناك إذاً؟"

"لقد تخطيت المنطقة التي تواجدتَ فيها فحسب، فلا أظن أن ابن السلف الثاني جيفرسون إيليورد يحتاج مساعدة في التخلص من بعض البشر."
تعابير وجه إيدغار ارتفعت بتفهم وبباطن كفه أخذ يربت على على كتف زافير بتمهل.
"أنت محق بهذا الشأن، لكن لا تقارني بأبي الوغد رجاءً فأنا أبغض سماع اسمه ولو كان يتلو دوماً خاصتي."
بصر زافير تضيق على محدثه فرغم أن نبرته لم تعلو إلا أن كفه ضغطت على كتفه بشدة.

"لا تقحمني بتراهات عائلتك أيها السيد الشاب. نحن في ردهة القصر الملكي لذا تحلى بالأخلاق وتوقف عن التلفظ بمثل هذا الكلام وخلع ملابسك هنا وهناك."
زافير أزاح يده عن كتفه وبكلمات استئذان لبقة كان عاد لاستكمال مسيره.

إيدغار قهقه وقام بالتلويح بكفه التي تعلقت في الهواء بابتسامته التي لم تفارق شفاهه سوى بعد أن اختفى حضوره عنه تماماً.

.
.
.

دورة واثنتان في الهواء لحقت بهما ثالثة قبل أن تسقط أرضاً على وجهها فتتألم بصوت عال. أرادت أن تغفو فحسب وليس أن تنام لأنها تعلم أن قيادة آلان فظيعة بالفعل.

"أنتِ شيء يافع غير مطيع شارلوت."
فتحت عينيها على مصراعيهما حين التقطت أذناها صوت هيرو ووجدت بتلات الزهور تتطاير أمام بصرها لتغرقها بعطرها الخاص.

"لا تبدأ بمحاضرتي."
دفعت بدهشتها بعيداً فتذمرت وهي تجلب ساقيها على النهوض. نسيم المروج الواسعة رفع خصلات شعرها الخفيفة بلا عناء وكأنه يساعدها بهبوبه على التوازن.

نقلت عيناها في الأرجاء تبحث عن طيفه ولمحته، كان بعيداً كالعادة ولكنه كان ينظر باتجاهها وذراعاه تتصالبان أمام صدره.

"طلبت أمراً واحداً بوضوح منك وهو البقاء بعيدة عن إيليورد."
كان جاداً بعتابه، خصلات شعره الحمراء بدت وكأنها تستعر أعلى رأسه حين نسفها الهواء، تصرفت بغباء لكنها دافعت عن نفسها هاتفة:
"أنت أيضاً ترغب به ميتاً!"

"لا تدخليني بهذه الطريقة في الأمر وأنا الذي حذرك من الاقتراب منه."
الأرض اهتزت من أسفل قدميها وهي ابتلعت لسانها بخوف حين أخذ يوبخها.
"أنتِ وبسبب تصرفاتكِ في غيبوبة أخرى الآن وصدقيني إنها لدامت أكثر من المرة الماضية وقد تستمر لفترة أطول إذ أن جسدك يصرخ للموت الذي يحدق به. الفيروس ينهشكِ من الداخل وأنا لست بقادر سوى على تثبيط تقدمه."
سقطت مجدداً لشعورها بتحلل ساقيها وتنفست برعشة، كانت تصرفاتها تثير استياءه بين الفنية ولكنه لم يقم يوماً بزجرها بمثل تلك النبرة الغاضبة.

"لا داعي لكل هذا..."
غمغمت من بين أسنانها بخفوت قبل أن تهتف بإنزعاج:
"أنا إنسانة عليلة وبعيدة عن الكمال، إن كنت لا تطيق هذا فلماذا مازلت هنا من الأساس؟!"

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now