25 || حُلفاء وأعداء.

2.1K 263 80
                                    


-" بدأ كل شيءٍ قبل زمنٍ طويل، حينما أُعلنت الحرب بين السحرة؛ حينما كان للآفيروناميس قِوى يسعى كل طرف من الحرب لامتلاكها لمحاربة عدوه. بُعيد ما كثرتْ الرغبات في امتلاك واستخدام أفراد العائلة وكذا عمليات الاغتيال من آخرين ينوون قتلهم، قرروا إنهاء كل ذلك بالاختفاء وإخفاء سر قواهم للأبد، ولفعل ذلك استعانوا بساحر واحد قام بتأمين السر بآخر جزيرة من جزر الشمال السبع؛ أو كما تُدعى عند البعض ريفالا. ذاك برفقة جزءٍ كبير من ثروتهم. " كنزُ الجزر هو نفسه سر قوى الآفيروناميس ! معرفةُ ذلك لسببٍ ما أدهشتني. " ذاك الساحر كان عجوز اللعنة بالمناسبة، بعدما أنهى تعاونه مع الآفيروناميس الذين اختفوا تماماً بلا أثر عن موقعهم الجديد؛ عانى هو الآخر من عدو آخر كان شديداً عليه هم القراصنة، رغم أن القراصنة لم يكونوا بذاك العدد الكبير وقتها إلا أن القليل فيهم كان قويّاً، لم يكونوا حتى متجانسي الأنواع فمنهم السحرة ومنهم البشرُ القتلة ومنهم أحياناً المشعوذون ! وكانت هناك مجموعة محددة تُكن الحقد بالضبط لذاك الرجل، وهو كان على حفا خطوة من الموت بأيّ حال، لكن نظراً للضرر الذي ألحقوه به وبمن حوله قررّ إنشاء لعنة تُلاحقهم وتُلاحق من يتبع طريقهم للأبد، وقد كانت لعنة البحث عن كنز الآفيروناميس. " كُنت على استعداد دائم للتخلي عن فكرة الكنز، لكنني أتذكر كيف أن الطاقم لم يهتموا مطلقاً بالأيام التي تضيع هدراً وهم يبحثون عن طريقة تُوصلهم لريفالا، هل تلك الرغبة بحدّ ذاتها كانت نِتاج اللعنة؟ خارج إرادتهم؟

وقف متثاقلاً نحو المطبخ، أحضر منه زُجاجة شرابٍ شديدة راح يرتشف منها بينما لاحظت الأشقر وقد غيّر ملابسه وغطّ في النوم بالقرب منّا. أكمل:" بالطبع، يُمكن الوصول حقيقةً للكنز، ويُمكن تخطي عقبات كل تلك الجزر السبع فقط من أفراد عائلة الآفيروناميس أي أنهم الوحيدون الذين يحقّ لهم استرجاعه. بمعنى آخر يتقلص العدد من كل الناس في العالم إليك أنت وابن الشيطان ذاك، لكنك الوحيد حقيقةً الذي ستطيع فكّ ختم اللعنة من عليه حتى إذا تخطيتما الجزر، بكلمات أخرى واضحة الوحيد الذي يمكنه استرجاع الكنز هو فردٌ من عائلة الآفيروناميس وحاملُ اللعنة، أنت. "

شعرتُ فجأة بكل الثقل الذي كنت أحمله بين كاهلي ولم أدري. كانت ثقيلاً جداً لدرجة أنني أحسستُ بالخوف، كُنت أنا الوحيد الذي يبحث عنه المِئات من السحرة وربما القراصنة، كنتُ أشبه بمفتاح لصندوقَ حمل بداخله كل شُرور العالم. نظرتُ له صامتاً، ثم تفوهتُ أخيراً:" ودعني أحزر، أنت خططت لكل لهذا؟ لتجعلني ذاك الوحيد؟ " ابتسم ولم يُجب. أعتقد أن ابتسامته أشعرتني ببغض اكبر من ابتسامة الأشقر، كان مُجرد أناني وغد، من ذا الذي يرمي ابنه بيديه نحو التهلكة؟!

شرب مرّةً أخرى، ليقول بعدها:" كان يجب أن أجعلك ذاك الوحيد، سيتوجب علينا كسر هذه اللعنة قبل فوات الأوان، المشعوذون في تطور كبير يزداد مع الأيام ولن أستغرب اكتشافهم يوماً لطريقة يفكون بها الختم من على الكنز، وفقط تخيل أنت الباقي؛ مُشعوذون لا يتأثرون بأي شيء، لا السحر ولا الشعوذة ولا يُمكن لأحدٍ الاقتراب منهم دونما أن يستحيل لرماد بفعلهم. هل تُريد أن تعيش في عصرٍ يتم استعبادك فيه من عبدة الشياطين؟ بمعنى آخر في عصرٍ تحكمه الشياطين؟ " لم أجب. راح عقلي يسترجع ذكرياتي المؤلمة من طفولتي، كانت أمي من مُعاوني هؤلاء، لم أدري حقاً ما الذي كانت تستفيد من مساعدتهم؛ كان ذلك غير مفهوم، وأتذكر اليوم الذي أخذتني فيه لهم، كُنت مستغرباً؛ خائفاً بدرجة أكبر وذلك ازداد بُعيد ما رأيتُ شكل أحد مخابئهم، كانت الدماء زينته، العِظام منتشرةً بكل مكان كما لو أنها أثاثٌ وكثيرٌ منها ميّزتها ببشرية، رائحة غريبة انتشرت كلما اشتممتها كلما أحسست بقلبك يرتعد لا إراديّاً، وبالنسبة لطفل صغيرٍ؛ كنت ممتناً لنفسي لاكتفائها بالبكاء لحظتها وتقرير الهروب وهو ما فعلته.

كنزُ آفيروناميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن