-3- مصيدة الثعلب

Start from the beginning
                                    

"دعني."
جايدن تملص من قبضة المقدم أليجاه الذي حرره بصمت ثم نهض ليهمس في وجهه بحنق:
"ما الذي تظن نفسك فاعلاً إياه؟"

"هذا سؤالي. هذا ليس موقعك. موقعك هو في الخلف حيث تستطيع حماية ظهر أعضاء فرقتك."
المقدم سحب يده لنفسه ثم استقام متحدثاً بهدوء جعل جايدن يثور أكثر:
"أتمزح؟"

"هل يبدو وكأنني أمزح؟"
بنظرة واحدة من طرف عينه جايدن ابتلع غصته.
"فالتعد، هذا أمر."
ألقى المقدم بأمره وتركه في الزقاق وحده.

من جهة شارلوت كانت الأمور لا تسير بتلك السلاسة فما أن التقطت أنفاسها الضائعة حتى حاول جندي مباغتتها. رأسه فُصل عن جسده بنصلها الأيسر وحين سقط أرضاً طعنت قلبه. هي لم تكن عسراء لكن شعورها بيدها اليمنى كان شبه متلاشي، لا تستطيع حمل النصل مجدداً بيد معطوبة.

وقفت تستند للجدار بكتفها المصاب. لا تعلم لماذا لم يحاول عدوها الأساسي إصابتها مجدداً، تشويهها أو قتلها مجدداً لكن يبدو أنه مستمتع برؤيتها تعاني ببطئ وكأنها تحصل على عقاب رفض شفقته.

تجاهلها أغلبهم وعبروا نحو المخيم وفي خلال لحظات راحت أصوات الصراخ، العيارات النارية وصليل السيوف الحديدية الفضية ترتفع، الأمر جعلها تصرخ ليسمعها:
"هذا ليس عادلاً، تسمح لرجالك بالالتفاف حولي، ياللجبن، ألا تشعر بالعار؟"

زفرت عندما لم تلقى رد فعل يذكر فقط نظر حوله للحظات قبل أن يقوم بإبراز أظفاره مجدداً والتحرك ناحيتها بسرعة موجهاً هذه المرة كفه ناحية قلبها. هي تعلم أنها لا تمتلك الحق للتذمر الآن فهي من تتحداه ببجاحة.

عيناها اتسعتا ولكن ليس لهجومه، هو لم يلمسها بعد حتى بل لذلك الألم المهول الذي انقض على قلبها وكان يطحنه في صدرها، الرؤية تشوشت وتحول كل شيء للأسود.

رغم أن وعيها قد غاب إلا أن جسدها كان مازال واقفاً وقبل أن تلامس مخالب مصاص الدماء ملابسها حتى تنحت في أخر لحظة عن طريقه لتتسع عينا الأخير وكاد يرتطم بالجدار.

أوقف جسده، لكن تلك القبضة التي أمسكت برأسه منعته من الابتعاد بل قامت بجذب جمجمته ليرتطم وجهه بقوة ضد الجدار متسبباً في تحطمه وسقوطه نهائياً.

نهض من الركام بصدمة وهو يستدير بحدة اتجاه تلك التي كانت تنفض ملابسها على مهل.

تحسس جبهته التي تجوفت قبل أن تلتمع عيناه بشرارة حمراء غضباً ويهسهس بحقد قائلاً:
"إذاً كنتَ هنا؟"

عيناها ارتفعتا أخيراً نحوه وقد حملتا لوناً أحمر داكن، تعابيرها كانت فارغة حين تحركت شفاهها لتقول بشيء من التهديد:
"وأنت لا يجب أن تكون، شارلوت أعطتك فرصة وأنا أعطيك الثانية علك تعود لرشدك وتحترم إرادة أسلافك."

شفته ارتفعت بابتسامة ساخرة وهو يقول بنبرة لم تخلو من الحقد والاحتقار:
"كانوا بلهاء، بل وضعفاء، أما أنت، لا تحاول وعظي كوالدك فما أنت الآن إلا مجرد نكرة يجب إبادتك."

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now