-2- مجمع القطب

Comincia dall'inizio
                                    

دفع مقعده المريح الذي جعله يغفو لينهض وبأعين شبه مفتوحة سأل:
"ألم ينتهي الإجتماع اللعين بعد؟"

"خلت بأنك ستتأدب مع الوقت لكن كلما تقدمت في السن تظهر تمسكك بكونك الغر ذاته فحسب، ياللعار."
صوت الرجل الأجش الذي كان يجلس على رأس الطاولة جعله يفتح عينيه أخيراً قبل أن يبتسم وهو يشير للمقعد خلفه.
"أعتذر أيها القائد هيماك فـهذه الجميلة لا تستطيع إلا وإغرائك للنوم في أحضانها بعد يوم عمل شاق وطويل."

تنهد الرجل الذي اكتسح ندب طويل طريقه من الجهة اليمنى في جبهته وحتى أسفل عينه اليسرى في مكانه ورفع عينه السليمة لينظر لمحدثه بطريقة جعلته أكثر إخافة لذاك الذي لم تتغير ملامحه الهازئة.
"فالتأخذ عملك ومنصبك على محمل الجد وإلا...."
هدد.

"ارفق به يا سيدي، لقد عاد للتو من بعثة دامت أسبوعين خارج الأسوار."
صاحب الخصلات البيضاء التمس العذر للمقدم بطريقة محترمة أما أن شعر أن الأمور بدأت باتخاذ منحنى خطير.

"كما قال وأيضاً..."
وافق المقدم أليجاه ثم أضاف:
"لقد سمعت هذا الموشح لفترة طويلة فلا تقلق أيها القائد، منصب 'كبش الفداء' في أيدي أمينة."
تحدث المعني وهو يلوح بيده بغير اكتراث قبل أن ينحني بدرامية ساخرة مردفاً:
"والآن أستسمحكم عذراً يا سادة...فأنا سأغادر هذا المكان الممل."

"مهلاً أليجاه، أنت لا تساعدني هنا."
تذمر صاحب الشعر الأبيض ناحية صديقه محدقاً بعيناه الزرقاوان الداكنتان برماديتيه بملل ليبتسم المذكور نحوه فحسب دون أي حرف ويستدير متجهاً ناحية الباب.

"اتركه آشتون، فالحثالة لا تنتمي لأي مكان."
بصق شاب بعيون فيروزية وتسريحة شعر غريبة من جهة أخرى بحنق.

استدار أليجاه نحوه قبل أن يفتح الباب وغمز باستفزاز قائلاً:
"ولهذا أنا من سيرحل."
الباب الضخم جلجل خلفه.

خرج يسير بتململ في الممر المظلم الكبير، قام بتخريب خصلات شعره السوداء وبعثرها بعد أن كانت مصففة بحدة للخلف. خلع قفازاه الجلديان ليحشرهما في جيب بنطاله وما أن أصبح خارج المبنى حتى تنفس الصعداء وقام بحل أولى أزرار قميصه بعنف مدللاً على أن الجلوس في الداخل كان مجرد كابوس له.

جلس لأولى درجات السلالم الحجرية وأخرج من جيب معطفه سيجارة ليشعلها بملل ويبدأ حرقها ببطئ محدقاً بقرص القمر الظاهر.

"إذاً..."
قال بعد لحظات وهو يخرج السيجارة لينفث دخانها بعيداً قبل أن يردف:
"يبدو أنكم مازلتم أحياء."

من خلف العامود الحجري الضخم ظهر جسدها الضئيل تحدق بظهر المقدم بعينيها الفيروزيتين قبل أن تتجه لتقف خلفه بهدوء، رأسها يحدق بالأرض ويديها خلف ظهرها كجندي متأهب.

"هل فقدتِ أحد زملائك؟"
تمتم سائلاً بسبب صمتها المريب المعاكس لشخصيتها لتقوم بنفخ وجنتيها بحنق قائلة:
"هذه إهانة بحقي."

نيـوتروبيـاDove le storie prendono vita. Scoprilo ora