الخاتمة

8K 252 52
                                    



تمر ساعة بعد الاخري وهو علي جلسته ... هنا
نظرة عابرة لساعته ليدرك انه يجلس فوق سطح البناية الموحش منذ اثنتي عشر ساعة... ولكنه لايبالي
سينتظر وينتظر حتي تحين اللحظة .... لحظة سهلتها عليه احدي السيدات... اعتقد انها امها لانها تماثلها في لون العين النادر
حين جاءت منذ ساعات مع اثنتين ورجل مع الكثير من الحقائب... وحين صعدوا للشقة ... سمعها في هدوء المنطقة تهتف
( افتح يا حسن النوافذ ... رائحة دهان الحوائط والاخشاب سيصيب هوينا بالمرض)
وكان لها ما ارادت... وكان له ما اراد
فرص عدة متاحة لاصابة نظيفة...
( لاتقلق ياصقر ... طلقة واحدة في الرأس كما علمتني... أليست صورة من صور سخرية الاقدار
ان تعلمني انت الرماية والتصويب فلا اقتل سواك)
منذ اخبره من كلفه بالمراقبة ان صقر خدعه هو وذلك الرجل العجوز الذي ظنه شريفا.... قرر رماح ان الحل الوحيد لراحته... هو ما اثني نفسه عنه لسنوات
( ستموت يا صقر... سأثأر لمن تهاون الكل في حقها ... سأثأر لمن ترفع رأسك عاليا الليلة متراقصا في حفلك والكل يعاملك كبطل ... فقط لانك قتلتها)
لم يلجأ رماح للاختيار الدرامي.. ان يقتل صقر في زفافه... لاسباب منطقية تماما
لان المنطقة التي يسكنها اهل العروس منطقة سكنية قديمة حيث البيوت متراصة بحميمية ... لانه سمعه عن اجراءات بهاء الامنية المشددة
واخيرا ... خوفه من ان تصيب طلقة طائشة شخصا بريئا
لذا اتي لهنا... منطقة سكن صقر الاكثر هدوءا وحداثة... فلم يغادر سطح البناية المجاورة الا لساعة قصيرة في الظهيرة وهو يسب نفسه لنسيانه شراء الماء والسجائر الكافية
( لن اغادر...) همسها بتوحش يثير الرعب( الا ودمك يخضب بحناء حمرته تراب قبر اليمامة)



( سيفضحنا..الا تري شحوب وجهه!) لكز بهاء معاذ حين همس له الاخير بتلك الكلمات وهم يقفون لوداع صقر وهوينا امام باب شقتهم
هم صقر باغلاق الباب الا ان قدما اوقفته ليطل بعدهابهاء غامزا بسماجة وخلفه خطيبته مهيرة الاكثر سماجة
( انتظر...) قال له بهاء هامسا في اذنه( لاتتهور... سأعود بعد دقيقتين بالضبط)
وابتعدا الثنائي السخيف قبل ان يسأله صقر ( لما ستعود يا صديق في لزاجة حلزون؟)
ارتباكه لايوصف.... ألا يحق له!
انها... حسنا...ممممم... كيف يصوغها.... انها مرته الاولي
لم يقرب امراءة في حياته ... بالرغم من انحرفاته الاخري
فقد كان شعاره الدائم والابدي
( حشيش اه .... نسوان لا)
فما بالك ان تكون مرته الاولي... مع امرأة هي الاغلي في عمره! هي الحبيبة والزوجة!
ألتفت صقر اليها ليري نفس الابتسامة الهادئة المطمئنة علي وجهها فيزداد سخطه مع ارتباكه
( ألا يجب ان تكون مرتبكة! ) حدث نفسه..( خائفة وخجلانة! تبدو اكثر هدووءا من العاديحتي)
ما ان تلاقت العينان حتي رفعت هوينا كفها الممدودة لصقر داعية اياه
( تعال حبيبي... عندي لك مفاجأة في الغرفة الاخري)
كاد صقر ان يهتف مولولا
( يافضحتي يافضيحتي... لقد بان علي ارتباكي فأخذت هي المبادرة لتهدئني)
ولكنه بالطبع لم يرد يدها .. بل مد كفه ينعم لاول مرة باحساس قرب.. من نوع خالد
كانت هوينا تأخذ دور جديدا عليها .. ولكنه حتمي جدا في تلك اللحظة
وهي تقوده للغرفة الوحيدة في نهاية الممر لتخيب ظنه قليلا حين همس لها بمرورهما امام غرفة النوم ( هنا غرفة النوم حشيشتي) فتهمس له ( شششششششش)
وصلا للغرفة الوحيدة المظلمة المغلقة النوافذ ...
وقفت هوينا تمنعه للحظة من فتح الباب وهي تضع كفها علي صدره... غير عابئة لدرجة اثارت فيه الصدمة
( اسمعني لمرة.... حين تدخل لتلك الغرفة الان ... احتاج ان اري صقر الذي وعدتني به منذ ليلتين في السوق)
لم يفهم للحظة... لم يفهم الا عندما فتحت هوينا الباب بهدوء.... ليراها
وقف صقر امامها... صدره يرتفع ويهبط ووجهه يتصبب عرقا ... يكاد لا يرف جفنيه
لم يناديها فؤادة... لم يلقبها كالماضي يمامتي
وقف امامها مسمرا.... قبل ان تتسلل دمعة تحكي شوقا
دمعة تحكي اسفا
واخري تحكي ...
(ابويا انت يا صقر) هتفت فؤادة وهي تبادر مرتمية في حضنه ... كما فعلتها منذ سنوات في الغرفة المظلمة
( ابويا انت وكل ما لي) همستهاوهي تحتمي في صدره من دنيا نالت منها اكثر مما تصورت
وفجأة استفاقت حواسه ... فأغلق ذراعيه حولها بعنف ... بشوق ... بانتماء
( يمامتي... فؤادتي) صوته الذي كان طالما مخيفا خشنا... كان رقيقا باختناق الدمع... وبلهفة راحة
تهالكا علي الاريكة ولازالت في حضنه ... وقد تعالت شهقاتها بينما هو لا يدري مايقول
يعلن شوقه مرة... ويعتدر مراات...
غير واعيين لمن غادرت تاركة اياهم خلفها ... لتطلب عون " هبش"

عانق اشواك ازهاريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن