الجزء الثاني من الفصل التاسع

5.4K 149 2
                                    


اراح صقر رأسه علي ظهر الصوفا في مكتبه...... ينشد اغفاءة صغيرة
إصرار بهاء بالأمس علي ان لا يتركه يقضي ليلته في الفندق وذهابه لبيتهم.... كان في البداية تغييرا لطيفا خاصة مع اهتمام السيدة دلال المراعي وسرور شهاب النادر
الا انه حين اتي موعد النوم سب نفسه ألف مرة لتناسيه تلك الحقيقة الهامة.... انه لا يعتاد تغيير مكان نومه بسهولة
لذا وبعد ان صلي الفجر مع الحاج اصلان وأولاده في المسجد اصر علي الذهاب للمكتب.... عله يجد بعض الراحة هناك
لم يكن هذا هو السبب الوحيد لمغادرته.... ولكنه أراد ان يكون وحيدا مع سيل ذكرياته الجارف
الجو الاسري الدافئ في بيت اصلان ذكره ببيته هو
بيت واسع جدا تحاوطه الأراضي الخضراء من كل جانب....
ابتسم بشجن ورائحة الفطير المشلتت الذي تخبزه امه كل صباح تضرب انفه باستبداد
( اه يا امي.... افتقدتك)
امه ام صقر.... كان من المحرمات التي ممكن ان يطير فيها رقاب ان تنادي بغير ذلك بالرغم صغر سنها
حتي هو نفسه لم يعرف اسمها سوي كبيرا
لم تكن كدلال مغدقة في العواطف التي تعتبر في قوانينهم " عيبة" ولكن حنان العينين متي احتاج لكلمات
يكفيه مناداتها له بفخر ( يا بوي) وكأنه ابوها لانه بكريها
ووالده.... الشموخ المنحوت نحتا من ارض البلد
( وكم كان صعبا يا ابي ان اراك محني الرأس ودمعتك علي خدك)
اخاه الصغير وهدان... ذلك الرجل الصغير والذي لم يكن تعدي الخامسة عشر يجري خلفه يصرخ بأسمه كأم مكلومة وهو لايبالي
وهي.... زهرة العمر وفرحة الزمن.... تلك التي رغم قسوة اصطنعها دوما كانت تتطلع فيه بعينين لامعتين تهتف بدون خجل
( مهما فعلت... انت حبيبي)
فؤادة....فؤادة التي اقتلع من اجلها من بيت لن يستطيع العودة اليه بعد ان غابت هي عنه.
دلك أصابعه رقبته التي تحوي بداخلها صرخات وآهات يعرف انها لن تخرج ابدا.
حينها اخرجه من تيهه أصوات منشرحة في المكتب الخارجي يعرفها جيدا... هوينا
قطب صقر جبينه وهو يتسائل لماذا حضرت باكرا جدا هكذا.
سمعها تتحدث لشخص يرد عليها بصوت خفيض خجول... فعرف انه كريم المراهق ابن حارس الxxxx والذي اوكلوا له تنظيف المكتب يوميا ليساعدونه بالمرتب الكبير الذي لايليق بتلك الوظيفة علي دراسته الثانوية
سمعها والغيظ بداخله يزيد تترجي كريم
( كريم بالله عليك لاتعترض.... لن افطر ان لم تشاركني الإفطار)
جز صقر علي اسنانه وهويتمتم
( الحدود... ما الصعب في الكلمة؟ ربما علي ترجمتها للانجليزية والفرنسية والألمانية وكل اللغات الحية والميتة حتي تفهمها)
اصاغ السمع برغم غضبه منها ليسمعها تطلب من كريم ان يشتري من المحل القريب عددا ضخما من سندوتشات الفول والفلافل ودهشته تتضاعف مع الأرقام
( اريدعشر ساندوتشات من كل نوع... فول وفلافل وباذنجان مقلي)
وقبل ان يصاب بالجنون من طلبها المبالغ فيه سمعها
( حتي تكفي حين يحضر خالي والسيد صقر ليفطرا)
مط شفتيه صقر بتقدير وسعادة تدغدغه لتذكرها إياه
سمع صوت الباب الخارجي يغلق بالمفتاح وبدلا من ان يخرج معلنا عن نفسه تقوقع مكانه في احراج
( ستفزع ان رأتني في المكتب وحيدا معها.... سأنتظر حتي يعود كريم)
وقبل ان تهدأ اختلاجات نفسه لاهتمامها كانت تعيد بعثرتها بصوتها الشجي يبتهل

عانق اشواك ازهاريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن