الفصل الأول

Start from the beginning
                                    

(يا ربي....كيف طاوعتك في فكرتك المجنونة؟! لم أنل ولو ساعة من النوم وسأبدو في الزفاف كعروس دراكولا!!)، كانت مياس تقول تلك الكلمات وهي تتحسس وجهها بتوتر محبب. ليحتضن زين كفها بكفيه بحنان بالغ وهو يردد بخفوت: (تبدين لعيني كما رأيتك دوما... في بهاء الشمس ونعومة القمر... ولكني أقسمت ألا يغمض لنا جفن طالما أصبحت زوجتي إلا في بيتنا) 
ردت مياس وابتسامة حالمة تزين ثغرها: (هل تصدق أن عقد قراننا كان بالأمس، وأنك... الآن... زوجي) 
تهدجت كلماتها الأخيرة بخجل، قبل أن تضحك لتعليق زين الذي قاله بغيظ: 
(حمدًا لله أن عمي عدي وافق أخيرًا على عقد القران... كنت أظن أنه سيجعلنا نعقده على عتبة عش الزوجية) 
ثم استطرد بلهجة مغرية خفيضة: (ولكن عصر تحكماته انتهى... أنت أصبحت الآن لي... ملكي... وسأحبسك في عشنا الصغير للأبد) 
(ما هذا الغزل الإجرامي؟) كان عز قد اقترب مع تلك الجملة الساخرة، ليجلس بين زين ومياس مبددًا كل الشاعرية التي أحاطت بهما قبل أن يستطرد بلهجة توعية تعليمية: (أنا أعرف أن الغزل يكون عفيف... صريح... لكن غزل الخاطفين والرهائن هذا لن يطمئن الفتاة يا صديقي) 
دفعه زين بغيظ وهو يهتف: (ماذا تريد يا هادم الملذات أنت؟) 
أجابه عز مدعيًا الجرح: (هادم الملذات! هل أنستك العروس... عز... عز الذي طالما كان...) 
قاطع زين تمثيلية أخوه وهو يطارده، بينما الآخر يجري مبتعدًا وهو يعلن عن رغبة منتهى في التخطيط لليوم مع زين، قبل أن تظهر الأخيرة عند الباب الخارجي توبخ كلاهما وتحضهما علي بدء المهام. 
عاد زين لمياس الغارقة في الضحك من ذلك الفاصل الكوميدي... اقترب منها منحنيًا لتواجه عيناه عيناها المبتسمة، متمتما بجزل: (عاشت الضحكة التي تنير أيامي) 
ليستطرد بلهجة مغايرة تحمل قليلًا من التوتر المخفي خلف ابتسامة مهلكة: (عديني ماستي ... عديني أنك الليلة لا تفكري كثيرًا... وتتركي لي زمام أمرك) 
ربما لم يكن عليها أن تعد... ربما توجب عليها أن تستفسر أولًا وتسأل... إلا أنها كفتاة على وشك الزواج... يطغى على تفكيرها بياض الفستان ولمعة الأنوار. 
أجابت بخجل: (أعدك) 
(سأقتلك يوم تسمحين لغيري بلمسك... خذيها مني كلمة ووعد) 
دلكت جميلة ذراعها الأيمن بكفها اليسرى، ولا زالت تلك الجملة التي رماها عليها يومًا تتردد في جنبات روحها الخاوية، وعينيها على ابنتها المندمجة في الكتابة في كتاب ما. ملامح ابنتها التي تشبه كثيرًا ملامح أبيها المميزة في وسامتها جعلت جميلة تهزأ وهي تردد للصوت داخلها: (تعال لترى أن أحدًا نال مني أكثر من لمسة، والدليل حي يتنفس...)
تطلعت من نافذتها ولا زالت أفكارها سارحة. 
(تعال... يكفيك تعذيبًا لي... أعرف أنك تعذبني بتلك السياسة وتلك الطريقة... سياسة معرفتي أنك ستعود لتنتقم... ولكنك تتمهل... تقتلني بسيف الترقب قبل سيف المواجهة) 
لم تسمع طرقات الباب لتفاجأ بمياس تقف جوارها تهتف بمرح: (اليوم أنا عروس، وأنت لا زلت سارحة... أفيييقي) 
ضحكت جميلة ضحكة لم تصل لعينيها، وهي تلاحظ أن ابنتها غادرت الغرفة دون أن تنتبه كعادتها... ثم بحب جارف احتضنت مياس وهي تهنئها على زيجتها. 
(هل كان عليك أن تتزوجي الآن، لأعود وحيدة ثانية؟)، كانت جميلة تسأل مياس بصوت مختنق، بعبرة متكبرة لن تنزل. 
ابتسمت لها مياس بحنان وهي تقبل شعرها الذي طالما حسدتها عليه من قبل: (ماذا فيها وإن تزوجت! لن أفرط في صداقة تمنيتها لسنوات)، ابتسامتها جعلت جميلة تراها... منتهى الحنونة. 
(هيا يا جميلة... علينا التحرك للحاق بموعد مركز التجميل) 
تنحنحت جميلة وهي تتنهد بيأس: (لا مياس اذهبي مع الباقيات... لن أذهب... لن أتجمل فربما حضر الليلة، فيشتد انتقامه لتجملي) 
تحولت ملامح منتهى في وجه مياس لملامح سهر، وهي تفاجئ جميلة بصرامة... صرامة اكتشفتها في تلك الليلة التي فتحت أبواب الصداقة بينهما... ليلة زفاف بتول. 
(بل ستأتين وتتجملين وتحضّري لزفافي، كجميلة ذات الغرور المزعج... وإذا قرر هو أخيرًا الظهور، تكونين على أتم الاستعداد لحرب ضروس) 

عانق اشواك ازهاريWhere stories live. Discover now