الفصل الرابع & تناديه سيدي & صابرين شعبان

26.7K 889 23
                                    

الفصل الرابع


" حبيبتي إلى أين أنت ذاهبة ألم تقولي أنك تركت عملك " قالتها والدة نجمة متسأله وهى تقف في غرفتها تنظر إليها و تراها قد بدلت ملابسها أجابتها نجمة باسمة ..
" لقد وجدت عملا جديداً أمي أدعو لي أن يكون جيداً و أستمر به طويلاً هذه المرة " تنهدت والدتها براحة .." أتمنى حبيبتي و الآن إذا كنت ذاهبة تعالى لتناول الفطور حتى يكون لديك طاقة لبدء يومك "
هزت رأسها و قالت نجمة.." حسنا سأتي بعد قليل أمي "
خرجت والدتها لتجد الولدين قد انهيا طعامهم و ذاهبين للمدرسة و جميلة التي نهضت لتستعد هي الأخرى قائلة .." أمي أريد النقود التي أخبرتك عنها لنشاط المدرسة اليوم آخر موعد و إذا لم أدفع ستذهب درجات نشاطي هذا العام " كانت نجمة قد استعدت و خرجت على حديث شقيقتها فسألتها قبل أن تجيبها والدتها .." كم تحتاجين جميلة الجميلات "
تذمرت جميلة قائلة .." أخبرتك مرارا ألا تقولي جميلة الجميلات نجمة خاصةً أمام شقيقيك حتى لا يسخرن مني "
تعجبت نجمة و تسألت .." و لما هل أنا أذمك أنا أمدحك يا آنسة "
زمت جميلة شفتيها بضيق فقالت نجمة بنفاذ صبر فشقيقتها غريبة الأطوار حقاً لا تحب أحدا يدللها أو يضحك معها متزمتة للغاية هذه الفتاة كانت والدتهم تنتظر نهاية المحادثة لتحادث نجمة عن عملها الجديد و أين وجدته .." كم تريدين جميلة لتذهبي للمدرسة حتى لا تتأخرين "
ردت جميلة بضيق .. " عشرون "
أخرجت نجمة النقود من حقيبتها و أعطتها لها قائلة .." هيا أذهبي "
انصرفت جميلة لترتدي ملابسها و جلست نجمة لتتناول الطعام سائلة.
" أين أبي ألم يستيقظ بعد "
جلست والدتها على المقعد المقابل .." لا ليس بعد تعلمين اليوم الذي يذهب فيه للعلاج يكون صعب و متعب "
هزت نجمة رأسها موافقة فوالدها يذهب لجلسة العلاج مرتين أسبوعياً و اليوم التالي دوما يكون متعبا له فيحتاج لفترة راحة .. سألتها والدتها .." أخبريني عن عملك الجديد نجمة كيف وجدته و أين سيكون"
أجابت نجمة .." اليوم أمي سأخبرك بكل شيء فقط أعود اتفقنا "
أومأت برأسها و أكملا تناول الفطور بصمت بعد أن انتهت نجمة أخذت حقيبتها و قبلت والدتها و انصرفت لتذهب لموعدها مع الجدة فريدة.

★★★
وقفت أمام باب القصر الكبير تنظر إليه بدهشة و هى تنظر للورقة في يدها متسائلة  هل هذا هو منزل الجدة فريدة ..أخبرت حارس البوابة بهويتها فسمح لها بالدخول ..دلفت إلى المكان تنظر حولها بصدمة فهذه الحديقة مساحتها أكبر من تلك التي تذهب إليها مع الولدين و الجدة و وسيم كل إجازة نظرت لأشجار البرتقال و الليمون الحامض و التفاح الاخضر و الموز و هناك كوخ مفتوح من الخشب تتسلق عليه كرمة بأوراقها الجافة و حول الكوخ اصص الورود تنفست بعمق لتختلط روائح عطرية داخل أنفها من الورود و أشجار الفاكهة سارت في ممر طويل ممهد لباب المنزل على جانبيه شجيرات الزهور كالريحان و الياسمين و البنفسج زمت شفتيها حانقة و هى تحادث نفسها ..
" جدتي فريدة ما الذي يأتي بك لحديقتنا المتواضعة و لديك كل هذا هنا "
كانت تتجه للباب الخشبي اللامع في نهاية الممر لتصعد عدة درجات لتدق على الباب بحلقة حديدية كالتي تراها في الأفلام القديمة على باب القصور ..انتظرت قليلاً لتفتح لها شابة تقريباً في مثل عمرها أو أكبر عاما أو عامين تنظر إليها بتساؤل كانت ملامحها ناعمة و ملابسها ضيقة طويلة تحدد حنايا جسدها الأنثوي تضع زينة وجه رقيقة و تجمع شعرها القصير في زيل حصان يصل لكتفيها سألتها الفتاة بصوت ناعم كمظهرها ..
" من تريدين آنستي "
سمعت نجمة صوت عصا فريدة و صوتها و هى تهتف .." أتركيها سهر لتدلف هى أتية لرؤيتي "
تنحت سهر لتسمح لنجمة بالدخول تنظر حولها بذهول وهى ترى ما يحيط بها من مظاهر ثراء من أثاث و تحف و سجاد ناعم و أرضيات لامعة فنظرت إلى فريدة التي كانت تمسك بعصاها و ترتدي ثوب طويل أزرق و تجمع شعرها في عقدة و قد خالط بياضة بسواده نظرت إليها نجمة بعتاب قائلة .." أنت ثرية جدتي "
ابتسمت فريدة ثم ما لبثت أن ضحكت و هى تمد يدها لنجمة لتقترب منها و تمسك بيدها و هى تكمل .." أنت ثرية ثرية للغاية و كنت تجعليني أجلب الطعام كل إجازة أنت حتى لم تجلبي لنا من ذلك التفاح في الخارج جدتي أنت .."
قاطعتها فريدة بمرح .." و أنت غبية للغاية نجمة أن لم أكن ثرية هل سيكون لدي سائق يأتي بي و يأخذني عند الذهاب أن لم أكن. ثرية هل كنت سأعرض عليك وظيفة أن لم أكن ثرية ."
قاطعتها نجمة .." و لكن ليس هكذا جدتي أنت فاحشة الثراء ."
قاطعها صوت رجولي خشن جعلها تنتفض و هى تستدير لترى مصدره يقول بغضب .." و هل يهمك الأمر إن كانت ثرية أم لا يا آنسة "
نظرت نجمة لفريدة متسائلة  فهمست بخفوت ..
" حفيدي "
التفتت إليه نجمة لترى أمامها رجل طويل قوي البنية يرتدي بذلة سوداء تظهر عضلات جسده نظرت إليه بتفحص مفكرة أين رأته من قبل كان شعره الطويل مصفف للخلف دنا منهم فرأت جرح كبير في وجهه فاتسعت عينيها بدهشة فهو الرجل الذي أصطدمت به ذلك اليوم تذكرته من جرح وجهه فهو كبير للغاية من حاجبه الأيمن لنهاية فكه و لكن وقتها كان يختفي داخل شعيرات ذقنه  اتجهت عيناها لفتحة قميصه لتنظر لجرح عنقه متسائلة  كيف أصيب بهكذا جروح و لكنه كان يقفل قميصه لعنقه فلم تستطع رؤيته ..كان يقف أمامهم بجسد متصلب و استعداد و كأنه ينتظر شيئاً ليحدث أجابت بهدوء ردا على سؤاله السابق .." نعم سيدي يهمني الأمر فجدتي كانت تجعلني أحضر الطعام كل إجازة في نزهتنا في الحديقة "
انفجرت فريدة ضاحكة و هى تقول .." كفاك غباء نجمة ستصدمين طِراد و يظن أنك بخيلة لا تريدين إطعام جدته "
التفتت إليها نجمة بمكر .." هذا طِراد حفيدك جدتي صحيح "
هزت فريدة رأسها متذكرة ما قالته نجمة من قبل على أن يأتي و يلعب مع وسيم كتمت نجمة ضحكتها عندما أتى على بالها نفس الشيء فزمت شفتيها و قالت بحنق و صوت خافت .." جدتي تعمدت خداعي وقتها أليس كذلك "
ابتسمت فريدة فقال طِراد يقاطع حديثهم الجانبي بحدة فيبدو أن تلك الفتاة على علاقة وثيقة بجدته و قريبة منها مثله تماماً .." ليس لدي اليوم بطولة لسماع حديثكم النسائي هذا فلدي عمل و بسبب مجيئك هنا تأخرت عليه هل نتحدث رجاء في تفاصيل عملك لأرحل لعملي "
نظرت إليه جدته بتعجب فهو قد اخبرها أنه سيذهب لرؤية كريم اليوم لما العجلة إذن قالت فريدة بهدوء ..
" فلنتناول الفطور أولا فأنا لم أفعل انتظار لمجيء نجمة و لن نتحدث في شيء قبل ذلك "
قالت نجمة و هى تنظر إليه نظرة جانبية فهذا الرجل يبدو نافذ الصبر و يريد التخلص منها بسرعة و هى لا تريد أثارة حنقه عليها أكثر بتعطيله عن عمله أكثر من ذلك .." أسفة جدتي لقد تناولت فطوري منذ قليل و لا أستطيع تناول شيء آخر "
فحسم طِراد الأمر .." إذن تعالي معي لمكتبي لنتحدث في واجباتك هنا لحين تنتهي جدتي من تناول فطورها "
التفتت نجمة لفريدة كأنها تسألها ماذا تفعل فهزت هذه الأخيرة رأسها مطمئنة فتحركت نجمة لتذهب معه تركا الردهة الواسعة و سارا في ممر قصير على كلا جانبيه أبواب لغرف فتح الأخير على اليمين ليدلف لمكتب واسع يحتوي على مكتبة كبيرة تحتوي على العديد و العديد من الكتب القديمة و الجديدة في المنتصف مكتب من الخشب اللماع و مقعد دوار أشار إليها لتجلس على أحد المقعدين أمام المكتب و جلس هو في مقعدة الدوار ..جلست نجمة بصمت تنتظر حديثه و هى تتطلع عليه بتفحص لا تصدق للأن أن هذا حفيد الجدة فهو يبدو قاسي القلب و حاد الحديث و متذمر دوماً ليس كجدته الطيبة الحنون كان يجلس بصمت ينظر إليها هو الآخر هل هذه نجمة التي كانت جدته تتحدث عنها دوماً لدرجة الملل من الاستماع ...على غير وعي منها ركزت نظرها على جرح وجهه بلونه الأحمر الذي يتعارض مع بشرته السمراء كان يبدأ من حاجبه ليمر بوجنته لينتهي جوار فكه العلوي و كأن سكين حاد شق وجهه كان يزيده لا تعرف التعبير المناسب يزيده وسامة أم يزيده قساوة أم غموض أم جاذبية أم كل هذا ..يا إلهي نجمة أنه جرح و ليس وشماً ليزين وجهه مؤكد تألم عندما أصيب به ..لاحظ طِراد نظراتها إليه فعقد حاجبيه بغضب فدنا من مكتبه بجسده و هو يفرقع بأصبعيه أمام عينيها لتنتفض بخجل و هو يقول بحدة .." إلى ما تنظرين آنسة "
ردت نجمة بدون أن تفكر في عواقب ما ستتفوه به و ببراءته أجابت ..
" إلى جرح وجهك سيدي أنه أنه ..."
قاطعها طِراد غاضبا و هو يرفع إصبعه في وجهها بتحذير .." أسمعي آنسة نجمة أنت هنا من أجل جدتي فقط و لا شيء أخر ستهتمين بها و بشؤنها أما أنا لا شأن لك بي هل تفهمين لا شأن لك بي و لا بجرحي و لا شيء اتفقنا ..هذا إذا كنت تريدين هذه الوظيفة حقاً و تحتاجينها "
هزت رأسها موافقة فأكمل ببرود .." و الآن سنتحدث في واجباتك هنا و مواعيد عملك و كما قلت منذ قليل أنت من أجل الجدة و كما فهمت منها هى تريدك مرافقة لها لانشغالي بعملي إذن أنت كذلك بالإضافة إلى موعد دوائها دوماً تتناساه أرجو منك الاهتمام بذلك ..ستأتين صباحاً و ترحلين ليلا عندما أتي أنا كنت أريد أخرى تقيم معنا و لكن جدتي تريدك أنت و أنا أعلم أن عائلتك لن تسمح لك بالمبيت خارجا "
هزت نجمة رأسها بصمت تؤكد حديثه فأكمل .." حسنا ستكون لك غرفة هنا احتياطيا إذا احتاجت جدتي أن تمكثي معها يوماً و بنفسي سأخذ إذن والديك أما بالنسبة لراتبك فهو ...." ذكر رقما جعل عيناها تتسع و بدون وعي منها قالت .." لكن هذا كثير و جدتي قالت إنه .."
قاطعها ينظر إليها بتعجب .." جدتي ليس لها شأن براتبك و أنا من سيدفع و أقيم كم ستتقاضين أن لم يعجبك الراتب "
قاطعته نجمة .." يعجبني سيدي لا أعترض فقط ظننت جدتي ضغطت عليك لتزيده لي "
قال بحنق .." أخبرتك أن جدتي ليس " أكملت نجمة معه " شأن براتبي حسنا سيدي أرحتني "
صمت كلاهما يتفحصان بعضهما البعض بندية كانت تنظر لجرحه بشرود متسائلة كيف يا ترى أصيب به هل تسأل الجدة أم أن هذا يعد وقاحة منها ..عاد للحديث مرة أخرى ليعيدها من شرودها و هو ينهي حديثه قائلاً .." هل هذا مفهوم آنسة نجمة "
هزت رأسها موافقة لا تعرف على ما وافقت للتو فنهضت لتنصرف فقال بحدة .." لم أسمح لك بالانصراف يا آنسة فأنا لم أنهي حديثي "
جلست مرة أخرى بضيق فسألها ببرود .." ما اسمك "
تعجبت نجمة فهو منذ جلوسه و هو يقول نجمة نجمة ظنت أنه يسأل عن اسم أبيها فقالت تجيبه ..." نجمة محمود طاهر سيدي "
وجد طِراد نفسه يطيل الحديث معها مدعيا عدم معرفته لاسمها رغم أنه يعلمه من جدته التي أوشكت على زرعه داخل رأسه من كثرة حديثها عنها ..نجمة قالت .. نجمة فعلت ..نجمة ..نجمة. نجمة.. كانت كما قالت جدته عنها جميلة جميلة جدا رغم بساطة ملبسها و احتشامها و لكنها ...لكنها....لكنها ماذا طِراد.. لم يشعر أنه راها من قبل هل كثرة حديث جدته عنها جعلتها مجسده أمامه لدرجة شعوره هذا بمعرفتها من قبل قال يسألها .." كم عمرك نجمة .."؟؟
أجابت بهدوء .." ثلاثة و عشرون سيدي و بضعة أشهر و يومين "
أبتسم طِراد لأول مرة منذ رأته فتنهدت براحة و هو يجيب .." حسنا نجمة تستطيعين الذهاب الآن لجدتي للحديث حول عملك معها متي تريدك أن تبدأين "
انصرفت نجمة متعجبة من تصرفات هذا الحفيد للجدة فريدة الذي يتحول من ثلج لنار في نفس الوقت.. أغلقت الباب خلفها بهدوء .. فعقد طِراد حاجبيه فهو يكبرها باثنا عشر عاماً كيف لجدته أن تريده أن يتزوجها فهى تبدو طفلة بالنسبة له نهر نفسه طفلة أم لا ليس لي شأن بها .. جدتي تريدها و هى معها فليكن و لكن لتبتعد عني فقط نهض ليخرج من مكتبه ليبدل ملابسه و يذهب لرؤية كريم فهو يحتاج أن يبتعد قليلاً عن هنا و عنها ...


******★******★******★******

تناديه سيدي ج1  قطعة من القلب  Where stories live. Discover now