الفصل الثالث عشر

6.6K 171 0
                                    

في الصباح التالي  كانت تقف بدلال تتأكد من طلتها التي كانت مكونة من فستان حريري بلون الزهور الناعمة وردية اللون تملؤه ورودا بيضاء واوراق شجر  خضراء له شريط عريض من الصدر ويماثله واحد أخر في نهاية الفستان الذي يصل الي ما بعد الركبة بقليل  باللون الأبيض  ......
وحزام رفيع وردي داكن عند الخصر وارتدت حذاء ذو كعب  عالي وردي اللون  له سوار من اللؤلؤ يحيط بقدمها الصغيرة كالخلخال الرقيق وعقد طويل من  اللؤلؤ رقيق حول جيدها الناعم الجميل وحلق لطيف علي شكل فراشه ورفعت شعرها علي هيئة فراشة وقد تناثر تموجاته البنية المخلوطة بالذهب   تحيط بوجهها بشكل طفولي شهي  و حقيبة بيضاء طويله ترتديها بشكل مائل.......
كانت متأنقة  اليوم بشدة ......
فهذا يوم مميز اليس حنة تمارا صديقتها المقربة ........
القت نظرة اخيرة علي مظهرها ثم ابتسمت لصورتها في المرآة وخرجت من غرفتها وهي تتنهد براحة لأن شقيقتها المزعجة لازالت نائمة..
تحركت بخفه علي اطراف اصابعها متمنية آلا يصدر حذائها ذا الكعب العالي اي صوت من شأنه ايقاظ جيهان ونجحت في التسلل الي باب الشقة وما كادت تلمس مقبض الباب حتي علي رنين الهاتف لتتصلب مكانها لثانية ثم تحركت بسرعة متجهة اليه ترفع السماعة مجيبة بصوت خفيض....
صمت مريب كان جوابها من الجهة الأخرة وعقدة توتر تنشأ في معدتها بدون سبب وقد ازدادت ضربات قلبها بخوف غير مبرر......
عقدت حاجبيها بعدم فهم ثم حاولت السيطرة علي ذلك الخوف الذي يزداد داخلها وهي تستمع الي صوت انفاس  عبر الهاتف  ارسلت رجفة عبر عمودها الفقري لتبتلع لعابها بصعوبة وهي تجيب بحدة.....
  : الوووو...الوووو..رد والا هقفل السكه  .
واتاها الصوت من الجهة الأخرى اخيرا صوت واهن مبحوح  مألوف الي حد الوجع.....
  : وروود .... .
تشوشت الرؤيا امام عينيها وكثير من الذكريات التي تحمل صوته تندفع عبر عقلها منها الحلو كالعسل والمر كالعلقم ومنها الأسود....
ذكريات سوداء حملت اسمه وصوته...
ذكريات لازالت تحاول جذبها لذلك البئر القذر من الخوف...
من الضعف....
ذكريات تعيدها الي تلك الطفلة الصغيرة المتقوقعة حول نفسها ترتجف من الرعب في ذلك الركن من السيارة....
صوت طنين ملئ اذنيها من تدافع ذلك الكم من الذكريات والصوت لازال يأتيها عبر الأثير مشتاقا يتأسف لها...
يعاتبها....
يحدثها.....
ويناديها.....
لكنها تشعر به بعيدا كأنه جزء من هذه الذكري هل هذا صوته ام انها الذكريات.....
:- وروود انتي كويسة.... يا بنتي ردي عليا.... حبيبتي انا عارف انك زعلانه... طيب ردي عليا عشان خاطري سنين عدت وانتي بعيدة عني يرضيكي... يرضيكي اموت وكل الي نفسي فيه اشوفك....
الموت....
كم هو قاسي نطق حروف هذه الكلمة...
كم هو مرعب سماعها خاصة اذا كانت مقترنة بذكري مشبعة بها....
ذكري مشبعة بالموت رائحته، كيانه الأسود الثقيل، والفقد الذي ينتج دوما عنه......
ارتجف جسدها كأن تيارا كهربيا قد مر عبره حتي وقعت السماعة من يدها علي الأرض ولا ذلك يخرج منها حسيس عالي يبدو كصراخ لم تسمعه هي.....
كل ما كانت تسمعه كل ما كان يحيط بها هو صوت الذكري......
كانت تريد الصراخ الابتعاد عن كل تلك المشاهد المرعبة التي تمر امامها كأنها تعيشها مرة اخري.....
صوت السيارة التي تنهب الطريق نهبا وقد كادت اطاراتها ان تشتعل من سرعتها......
صوت المعدن الذي احتك بالأرض بعد انقلاب السيارة.....
رائحة الوقود المخلوطة برائحة الدماء التي لا تذكر اذا كانت دمائها ام دماء المرأة الأكبر سنا التي كانت تقود السيارة.......
تلك السيارة التي امتلأت برائحة الموت وطعمه المر..
هل للموت طعم ام انها مرارة الخوف...
مرارة الضياع وانت تفقد اخر انفاسك في هذه الحياة ..
لم تعلم كيف تحركت قدميها من مكانها لم تعرف الي اين هي ذاهبه لقد كانت تهرب....
كانت تهرب من الموت...
من الاختناق الذي بدأ يفقدها انفاسها..
يفقدها الحياة....
حاولت ان تشهق ان تتمسك بذرة الهواء ان تبعد لون الدم عن عينيها ان تتمسك بالضوء بدل الظلام الذي بدأ بجذبها تجاهه حيث الضياع..
حيث الموت....
رفعت يدها بأخر ذرة تحكم تملكها لتضرب باب الشقة المقابلة ويدها الأخرى تلمس صدرها تمسده لعلها تلتقط انفاسها...
طرقة اخري اضعف من التي قبلها وفتح الباب وتهاوت هي امام الواقف خلفه تزين الأرض كزهرة ياسمين قد اسقطتها قوة الرياح عن غصنها...
هناك لحظة حينما تمر علينا تجردنا من كل ما امنا يوما اننا نملكه....
قوتنا، صمودنا،  سرعة تصرفنا،  كل شيء قد نحتاجه...
نقف فقط ننتظر انقضاء تلك اللحظة بصمت كأنها كابوس علي وشك الانتهاء لكنها لم تكن كابوسا كانت حقيقة مجردة....
حقيقة كشفتنا امام انفسنا قبل الجميع....
لحظة اعلنا فيها ما كنا نخبئه خلف ابتسامة مشاكسة او معاملة خشنة....
لحظة سقط فيها قلب طارق وهو يراها تسقط امامه مفترشة الأرض كأنها لعنة خرجت من افكاره الساخطة عنها لتظهر امامه تخبره كم كان احمق وهو يقسم لنفسه انه لا يهتم وانها فقط جارة حسناء كأن البدر اقتبس منها بهائه مشاكسة طويلة اللسان تشغل ليله ونهاره...
هي ليست سوي....
سوي...
لا يعلم لم يعلم سابقا ولا يعلم الأن...
لا يملك القدرة  علي التفكير او التحليل او الحركة...
لقد شل كل شيء فيه حتي نبضه وهو فقط يطالعها فاقدا قدرته علي التصرف السريع الذي اكتسبها من كونه طبيبا.....
لحظة هي مجرد لحظة بدت عمرا كاملا قبل ان ينتفض من صدمته ليهبط جالسا علي ركبتيه امامها يسندها علي ظهرها بوضع مستقيم بينما يفحص وجهها وانفاسها التي كانت تخرج منتظمة ثم نبضاتها ليتنهد براحة بينما يحملها بين زراعية ليدخل الي عيادته ولم يغلق الباب خلفه وضعها علي اريكة الانتظار ثم بدأ بإفاقتها يربت علي وجنتيها برفق ثم تحرك ليجلب زجاجة من المياه وضع بضع قطرات منها علي كفه ثم نثرها علي وجهها لتتململ بانزعاج ثم رفرفت بأهدابها لتتسع ابتسامته وهو يري اشراقة شمس عينيها الدافئة ذات اللون الذهبي الجميل ليتنهد براحة كأنه اخيرا يتنفس بعد ان مان يسجن انفاسه داخله خوفا علي طويلة اللسان...
لكن الراحة اختفت بشكل مفاجأ وهو يراها تعود لإغماض عينيها  ترتجف بطريقة مثيرة للقلق وتشهق شهقات غريبة كأنها تبكي بدون دموع...
كأنها تتألم....
كانت مشوشة تشعر بالضياع الخوف وهي لا تستطيع رؤية ما حولها رغم عينيها المفتوحتين تشعر كأنها تركض وتركض هربا من شيء لا تعرفه شيء يريد اغراقها مرة اخري في عاصفة الذكريات ورأسها ينبض  عينيها  بالألم كأن قبضة صلبه تعتصر رأسها بقوه .......
وقبضة اخري تقبض علي قلبها فتجعل  انفاسها تخرج متحشرجة كشريط خرب  ....
كف دافئة تلمس يدها لتنفضها عنها برعب كأنها ستعود بها لذلك المكان الذي تهرب منه...
حولت اليد لمسها مرة اخري لتصرخ صرخة مكتومة رغم انها شعرت انها قد جرحت حلقها..
للحظة تغير كل شيء وما عادت تركض بل شعرت انها تغرق وانفاسها تعود للاختناق تحركت يديها برعب تسعي للنجاة وهي تبكي بشدة...
هل تبكي فلا لماذا تشعر اذا انها جامده رغم محاولاتها الحركة...
شعور مروع بالتعب تملك منها وبدأ بجذبها للغرق فاستسلمت له بضعف تاركة جسدها للغرق فالمياه افضل مز النيران....
لكن يد ما جذبتها لتهزها بقوة وصوت مشوش يتسلل اليها...
فتحت عينيها ببطأ ليبدأ الضوء بالتسلل الي عينيها وانفها بالتقاط بعض الهواء المحمل برائحة مألوفة لتشهق بعنف تلتقط الهواء بجوع والصوت يصبح اكثر وضوحا تدريجيا...
:- وروود سمعاني....  ركزي هنا وروود بصيلي....  وروود...
رفعت عينيها الي محدثها الذي يحيط وجهها بكفيه لتلتقي نظراتها الذهبية المحمرة بعيون خضراء حازمة تجبرها علي الاستفاقة من حالة التشوش والتيه التي تحيط بها....
:- سمعاني...
هزت رأسها بضعف وهب تتعرف علي صوته وعينيه ورائحته ليتسلل الأمان لقلبها لقد خرجت من تلك السيارة المظلمة المشتعلة بالنيران  اخيرا....
افلتت شهقة بكاء قوية من بين شفتيها وهي تنظر اليه غير مصدقة انها هنا انها ليست سجينة الموت انها في امان بجانبه   ..........
همست باسمه بارتجاف وتلعثم كأنها تتأكد من وجوده....
: طـ ..ـا.. ـر...ـق.....
اغمض عينيه للحظة كأنه يحتفظ بصوتها داخله ليتأكد انها بخير ثم فتحهما لينظر الي عينيها بعمق كأنه يخبرها انه هنا بالفعل وكفيه لازالت تحيط بوجهها وصوته خرج متحشرج محملا بالحنان  وكثير من الدفئ....
: انا اهو......انا جنبك متخافيش  ......اهدي ممكن اهدي  .....اتنفسي يا وروود اتنفسي .
حاولت التوقف عن البكاء الذي احال عينيها لبركة من الدماء واصاب صوتها ببحة فلم تستطع اخراجه لكنها لم تستطع كانت تنتفض باكية وكل خلية فيها تصرخ بالألم كما كان يحدث لها لسنوات بعد تلك الحادثة لقد توقعت انها شفيت من تلك الكوابيس العنيفة التي كانت تمرضها لفترات طويلة....
:- وروود ارجوكي اهدي حاولي تتنفسي خدي نفس....
اطاعته بلا ارادة منها واحد كفيه تترك وجهها لتمسك زجاجة المياه التي كانت تجاوره علي الأرض حيث كان يجلس علي ركبتيه ثم رفع الزجاجة الي شفتيها يطالبها بأن تشرب برفق....
ابتلعت قطرات الماء الذي هبط علي جوفها المحترق كأرض الصحراء في نهار يوم صيف كأنها قطرات مطر...
بدأ بكائها يهدئ شيئا فشيئا فربت علي كفها وهو يبتعد عنها لتمسك معصمه بخوف وعيونها تتوسله البقاء بصمت والخوف يلمع داخل بركتي العسل خاصتها كنجوم السماء في يوم بلا قمر تشابكت نظراتهما لوقت غير معلوم لكنه قطع التواصل بينهما وهو يربت علي كفها برفق يطمئنها بينما يخبرها بصوت متباعد قليلا.....
:- متقلقيش... هعملك بس حاجه تهدي اعصابك مش هتأخر... 
تحرك الي الجهة الأخرى من المنزل حيث مطبخه الصغير كأنه يهرب منها  ......
وقف يستند علي طاولة المطبخ بعد ان وضع الماء في غلاية المياه ينتظرها ان تنتهي بينما يدور عقله في متاهات من الحيرة لازال لا يملك سببا لكل تلم المشاعر التي هاجمته ما ان رأها تفترش الأرض امام ناظريه...
نه لازال يعاني من اضطراب انفاسه ودقات قلبه التي تكاد تكون مسموعة من قوتها....
لازال الخوف يموج داخله كمرض خبيث يزيد من حيرته انه طبيب لقد قام بتشريح كثير من الجثث  في اوقات دراسته لقد عاين كثير من المرضي وتعامل مع جميع التخصصات قبل ان يختار ان يكون طبيبا نفسيا كيف يصبح بهذا الضعف لرؤيتها فقط فاقدة الوعي...
كيف ليديه التي قامت بالجراحة عدة مرات ان تهتز بينما يري نبضها ويتحقق من انفاسها....
كيف له ان يفقد قدرته علي التصرف السليم حتي لو للحظة واحدة وهو من تعلم لسبع سنوات ان لحظة واحدة قد تكون الفارق بين الحياة والموت....
اغمض عينيه يحاول ابعادها عن تفكيره لعله يستطيع التفكير بشكل صاف لكن كل ما فعله انه جلب صورتها الي عقله صورتها وهي ملقاة علي الأرض شاحبة كأن الحياة قد غادرتها ضعيفة هشة كطفلة صغيرة فتح عينيه بسرعة وسهم من الألم يصيب قلبه لأجلها هذه المجنونة التي تعبث بحياته فتجعلها اكثر جنونا لقد صدق من قال من عاشر قوم اربعين يوما صار منهم....
وهو اصبح مجنونا مثلها تماما فليس هناك عاقل يترك عمله الذي عليه انهائه ويقف في الشرفة لساعات ليتشاجر مع فتاة قصيرة لا تتجاوز المتر ونصف بشعر بني يتخلله خصلات ذهبية طبيعية مموجة بشكل ساحر لتناسب جنونها ووجهها المرمري الجميل في عبوسه والرائع في تذمره والقاتل في ابتسامته......
ان جارته طويلة اللسان تغزو حياته غزوا....
تحرك ليصب الماء في اكواب مليئة بأعشاب مهدئه ثم خرج اليها....
انها لا تبدو بخير لقد التقط اعراض الهلع التي اصابتها منذ دقائق لكن مرأها الأن يؤكد ان الأمر كبير وبشع اكثر مما يستطيع استنتاجه....
ورود ليست طبيعية...
انها تعاني من شيء ما شيء بشع حول نمرته الشرسة صاحبة الابتسامة المشاكسة والروح المقاتلة لطفلة صغيرة تضم نفسها في ركن الأريكة الصغيرة كالكرة كأنها تختبئ....
يا اللهي ماذا حدث لك وردتي ليصل بك الحال لهذا....
لقد كانت بخير امس...
لقد ودعها ذاهبا الي النون وكانت ابتسامتها المشاكسة هي اخر ما احتفظ به قبل ان يغمض عينيه لينام...
لقد كانت بخير...
ماذا حدث معك يا  صغيرتي ...
كان يحاول درء الأفكار السوداء التي تطوف بمخيلته بعيدا وهو يصلي داخله ان يكون الأمر ابسط مما يظن......
تنهد بعمق ثم اقترب منها وهو يحاول رسم ابتسامة دافئة علي ملامحه الصلبة وعينيه تتفحصانها بدقة تكشفان عن ارتجاف جسدها كأنها قطة مبللة في يوم شديد البرودة  وعينيها تنظران الي اللا شيء بعيون لا تريان كأنها تسبح في  بئر سحيق مظلم غير واعية لما حولها ودموعها تسيل بصمت ملامسة اسيل خدها النضر .....  
ويبدو انها لم تشعر بعودته الي الغرفة ولا باقترابه منها وتأمله لوجهها الشارد  بعينين قلقتين وجوف يحتوي غصة  كالعلقم وقلب لأول مرة يختبر الخوف وعقل حائر لا يعلم تفسيرا لا لقلقه ولا لخوفه ولا لحيرته .........
هز رأسه مخرجا تلك الأفكار الغبية من رأسه وهو  تقدم منها بضع خطوات حتي جلس علي كرسي بجوار الأريكة  ثم همس  بصوت خفيض محاولا الا يجعلها تجفل  وهو يقدم لها كأس الشراب بلطف ....
:وروود...
انتفضت بفزع وهي ترفع نظراتها  اليه وكأنها لا تعرفه.........
لا تعرف اين هي او.......
من هو...
ثم رفرفت بأهدابها عدة مرات  وفي كل مرة تصيب قلبه بسهم حارق وفي النهاية استقرت شمس عينيها علي وجهه لتهديه ابتسامة مرتعشة وهي ترفع كف مرتجف تحاول التقاط الكوب به لكنه ابعده عنها....
:- مش هتعرفي تمسكيه ايدك بترتعش وهو سخن سيبيه يبرد شوية....
وضعه علي مقعد اخر بجواره ثم وقف ليحضر مقعد ويضعه امامها مباشرة ووجهه قد اصبح جامدا وعينيه حازمتين لكن صوته لازال دافئا يرسل اليها موجات من الأمان....
:- ممكن تحكيلي براحة ايه الي حصل يا وروود...
هزت رأسها برفض وعينيها تتسعان برعب ثم بدأت بالهتاف بصوت مبحوح...
:- لا..  لا مش عاوزة اتكلم عن الموضوع دا عشان خاطري يا طارق مش عاوزة اتكلم......
:- خلاص اهدي متحكيش حاجه خلاص اهدي...
قالها برفق بينما يمنع نفسه بصعوبة عن جذبها اليه ليغرقها داخل احضانه يطمئنها لكنه بدل من هذا ابتسم لها بلطف وهو يقول مضيعا الموضوع....
:- طيب قوليلي الشياكة دي كلها ليه اكيد مش عشان تيجي تزوريني...
ابتسمت له بامتنان شاكرة له انه لم يحاول الضغط عليها لتحكي عما احضرها بالفعل الي هنا ثم اجابته بصوت لازال مبحوحا من اثر البكاء....
:- انهاردة حنة تمارا صحبتي...
ابتسامته المشعة ازدادت اتساعا وهو يشاكسها...
:- انا بقول برضو الحلاوة دي مش بتطلع كل يوم..
رفعت احد حاجبيها وهي تسأل بأنثوية لم تعهدها في نفسها....
:- يعني انا مش حلوة كل يوم....
تصنع التفكير للحظات ثم اجابها متصنعا القلق....
:- هو انا لازم اجاوب...
امتعض وجهها وعي تبعد وجهها عنه بينما تقول بضيق...
:- غلس...
ابتسم ابتسامة حقيقية وهو يقول لها بصوت دافئ....
:- اشربي النعناع زمانه برد....
:- شكرا... انا لازم امشي.. انت معزوك علي الحنة طبعا....
ابتسم لها ثم رفض بتهذيب....
: انهارده لا...... مشغول بجد..... بس  ممكن اجي الفرح بكره  .
عبست قليلا كالأطفال ثم هزت رأسها له بموافقه وكادت ترحل لولا ان امسك كفها يمنعها...
نرت الي كفه الذي امسك بكفها ثم نظرت الي وجهه لتجد نظرة خضراء داكنة تطل من عينيه بينما صوته الخشن الرجولي يداعب اوتار قلبها بدفئه...
:- انا موجود في اي وقت تحتاجي تتكلمي فيه... كدكتور او كصديق انا موجود بأي صفة يا وروود في اي وقت تحتاجيني فيه......
هزت له رأسها بامتنان وعينيها تترقرق بالدموع مرة اخري وقد لامست كلماته قلبها ثم تحركت بصمت لتخرج من العيادة لكن قبل ان ترحل التفتت له لتقول بصوتها المبحوح.....
:- هستناك بكرة.....
خرجت مغلقة الباب خلفها متجهة الي منزلها لتحمل حقيبتها وتغادر مرة اخري ذاهبة الي حفل الحناء الخاص بصديقتها......

كل الدروب تؤدي اليكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن