الفصل الثامن

403 16 12
                                    

جامعة اسيوط

وطأت قدماه ارض الجامعة المبلط بالاسفلت بخطوات ثابتة كان يرتدي ملابس عادية و لكنها من النوع الغالي و الفاخر  من البنطال الجينز و القميص القطني الذي يناسب جو اسيوط الحار مع حذاء من الشامواه بني اللون و لأجل  أكمال الصورة وضع نظارات شمسية بدون اطار تخفي عينيه الشبيهتان بعيني النسر و تظهره و كأنه رجلا خرج للتو من احدى المجلات الخاصة بملابس الرجال في اوروبا .
كانت كل العيون عليه من اعجاب من قبل فتيات الجامعة اللواتي يتميين الاقتراب منه و التحدث اليه الا ان العادات و التقاليد في اسيوط كما في سائر بلاد العرب ذات المجتمعات المغلقة تعيب على البنت ان تقدم على شئ مثل هكذا فعل .
و نظرات الحسد بين الشباب الذين شعروا بأن هذا الغريب قد سرق منهم الاضواء و تمنوا لو يحظوا باهتمام الفتيات كما يحصل معه  .
ألا أن عصام لم يكن مباليا بالذي يدور حوله فجل اهتمامه أن يجد حسام قبل أن يقدم على عمل لا يحمد عقباه عمل طائش كأفعاله السابقة  فقد تطلع يمينا و يسارا عله يجده و عندما لم يجده استدار للخلف و مع استدارته اصطدم بأحداهن ليقع هاتفها النقال الذي كانت تضعه على أذنها و يتحطم الى اجزاء مبعثرة .
صرخت أزل موبخة هذا الاحمق الذي حطم هاتفها بلهجة اهل بغداد التي قفزت في فمها على الفور و انستها أنها في مصر :
- أ أنت أعمى و لا ترى  تسير و لا تنتبه الذين وراءك  كم أنت أحمق  و غبي
رد عصام بهدوء محاولا فهم لهجتها التي استرعت انتباهه :
- أنا أسف يا أنسة ..
قاطعته أزل :
- و أسفك هذا بماذا سيفيد و هاتفي قد تحطم و أنا انتظر مكالمة مهمة .. أنت أعمى حقا .
- اعطني عنوانك و أنا سوف اشترى لك واحدا آخر غير هذا
- ماذا ؟ أتحسبني استجدي منك ؟ لا أريد منك شيئا .. فقط أنتبه حين تصطدم بالاخرين

ثم دحجته بنظرات غاضبة من فعلته  و اكثر ما اغاظها هو موقفه السلبي فقد وقف كالمتفرج و هو يراها تنحني للم اجزاء الهاتف المكسورة و لم يساعدها حتى في لمها معها
أما عصام فكان مشغولا بأمر آخر فقد فكر انها المرة الاولى التي يقف بها عصام صامتا لا يحرك ساكنا امام اهانة احدهم له مهما كانت مكانته فلو كان شخصا غير هذه الجميلة الغاضبة لكان رده عنيفا حد الموت و لكن يبدو أن الفتاة ليست من هنا فهو قد سمع بوضوح  لهجتها الغريبة لأول مرة في حياته و التي لم يحدد من أين هي بالضبط .
اما أزل التي ما أن اكملت لم اجزاء الهاتف حتى تركته واقفا  في مكانه كالابله و عادت الى حيث تركت فريدة حسام جالسان في كافتيريا الجامعة يتباحثان في خطة أزل التي شرحتها لها قبل يومين .
جلست على الكرسي المجاور لفريدة بغضب فقالت فريدة :
- ما بك ؟
اجابت أزل :
- أحد الاغبياء كسر لي هاتفي عندما كنت أهاتف خالي سعد من أجل تأمين شقة لكما في المجمع السكني الذي بناه في ستولكهوم و قد اخبرني أنه بحاجة الى مهندس انشائي ذو خبرة جيدة لأنه يقوم بتوسعة اعمال البناء التي يتعدها  قبل أن اعرف باقي التفاصيل جاء ذلك الاحمق الضخم و اصطدم بي و اوقع هاتفي و حطمه  .
قالت فريدة :
- آه خسارة و ما ستفعلين ؟
- سوف اشتري جهاز آخر ( تنهدت أزل و اردفت تسأل فريدة و حسام  معا و هي تمعن النظر أليهما ) :
- ها الى ماذا توصلتما ؟ و ما هو قراركما ؟
هذه المرة اجاب حسام :
- لم يكن القرار سهلا ابدا الذهاب السويد و البدء بحياة جديدة هناك تختلف كليا عن ما هو هنا يرافقه الارتباط بالانسانة الوحيدة التي احببتها و ترك كل شئ هنا   امور تحتاج الى تفكير عميق و خاصة أني لدي هنا كل شئ و لكن الانسان عندما يختار ما بين شيئن كلاهما عزيز عليه فأنه يتردد فيما أيهما سوف يختار .
- أفهم من كلامك أنك متردد حيال الامر أليس كذلك ؟
لم يجب على سؤالها فاردفت تقول :
- اسمعني جيدا يا حسام يجب ان تحسم أمرك فأني في جميع الاحوال لا استطيع ان اترك جدي و عمتي و ابنة عمتي هنا و اذهب تاركة اياهم تحت رحمة و سطوة أخيك و عائلتك و لذا قررت أن آخذهم جميعا معي و أن أردت أن تكون جزءا من حياة فريدة عليك أن تضحي و لو قليلا و الآن سأسئلك للمرة الثانية ما هو قرارك ؟
- و القرار هو لا
سمع الجالسين الثلاثة الصوت بوضوح فقد كان حازما و حانقا في نفس الوقت رفع حسام رأسه لينهض و هو يقول بدهشة :
- عصام ؟!

أزل و عصام Where stories live. Discover now