الفصل الثالث

455 18 3
                                    

ستولكهوم - السويد

أنها ليالي الميﻻد حيث خرج المحتفلون بهذه المناسبة لﻷحتفال لقد كانوا يسيرون وسط الثلوج التي غطت المدينة منذ البارحة غطتها بغطاء أبيض كثيف كما العروس التي تستعد لليلة زفافها لبدء فصل جديد في حياتها .
كان الجميع سعداء أو يحاولون أن يبدوا كذلك بينما أزل لم تكن تشعر بفرحة الميﻻد ﻷن قلبها يعتصره اﻷلم على والدتها الراقدة اﻵن في أحدى مستشفيات العاصمة بعد النوبة القلبية التي تعرضت لها أمها وهي في الصيدلية مما جعل أحد الزبائن يطلب اﻷسعاف فورا ويقوم بنقلها الى المستشفى وهناك قامت احدی الموظفات باﻷتصال بها و أعلمتها بما ألم بوالدتها بعد ان تعرفوا علی اسم والدتها و عنوانها .
و على الفور ذهبت هي وخالها سعد الى مستشفى القديسة العذراء كانت تركض بين ممرات تلك المستشفى تبحث عن الغرفة التي وضعوا والدتها بها كالمجنونة و خالها كان يركض وراءها يبحث معها فقد اتصلت به تعلمه بما حدث .
توقفت أمام شباك أحدى الغرف وشهقت لدى رؤيتها واضعةً يدها علی فمها بصدمة.. والدتها راقدة في ذلك السرير و أنبوب التنفس الصناعي موضوع في فمها و الأجهزة الطبية تتصل بها عن طريق الأسلاك و اﻷنابيب الطبية .
دمعت عيناها عندما رأت أمها بهذا المنظر أنها لم تفق بعد من صدمة مقتل والدها حتی تصدم برقود أمها بهذا الشكل ﻻ تبدي أي حركة باستثناء حركة صدرها للشهيق والزفير , لم تتحمل ذلك فقد أنهارت و جلست على اﻷرض تشهق بالبكاء فقام خالها بأسنادها و التخفيف عنها وقال لها بعد أن أجلسها على أحدى الكراسي في اﻷستراحة المجاورة لغرف المرضى :
- أزل أرجوك حاولي أن تكوني قوية فلو رأتك مي بهذا الشكل سوف تحزن بكل تأكيد
- ولكن يا خالي أنها المرة الثالثة التي تتعرض فيها لهكذا نوبة و أخشى أن نفقدها
- أزل اﻷعمار بيد الله وحده وليس لدينا أي حيلة في هذا اﻷمر فمن يدري ربما تنجو مما هي فيه وليس بيدنا سوى أن ندعو لها بالشفاء وأن يأخذ الله بيدها .
هزت أزل توافق خالها فقالت له
- حسنا يا خالي معك حق فيما قلته ولكن لم نعرف ما رأي الطبيب
- ﻻ تشغلي بالك .. أسمعيني يا أزل سوف أذهب ﻷرى الطبيب استريحي هنا ريثما أعود .. أتفقنا

هزت أزل رأسها بالموافقة وهي ﻻتزال تبكي بصمت نظر سعد نحو ابنة شقيقته بأشفاق وربت على كتفها ثم تركها ذاهبا الى الطبيب .
كان ذلك منذ حوالي عشرة أيام تذكرت ذلك و هي في طريقها نحو المستشفى؛ لقد قام اﻷطباء بنقل والدتها من غرفة اﻷنعاش التي بقيت فيها ثﻻثة أيام الى غرفة خاصة بعد أن زال الخطر تقريبا أﻻ أن الطبيب حذر من أنتكاسة في صحتها أن تعرضت لأي ضغط نفسي في اﻷيام المقبلة و نصح بأبقاءها في المستشفى لعدة أيام أخرى تحت المراقبة .

وصلت الى المستشفى عند الساعة الحادية عشر قبل الزوال دخلت وتوجهت نحو غرفة والدتها الخاصة دخلت وأغلقت الباب وراءها اقتربت من سرير والدتها النائمة لقد كانت السيدة مي مغمضة العينين وما أن أقتربت منها ابنتها حتى فتحت عينيها ببطء ابتسمت لها بوهن لمجئ ابنتها وقالت أزل لها :
- مرحبا يا حبيبتي كيف أصبحت اليوم ؟
قالت السيدة مي بضعف و هدوء
- أشعر بالتعب .. لقد أتعبتكما أنت وخالك بمرضي هذا
- ﻻ تقولي هذا الكﻻم يا ماما فأنت لم تتعبينا في شئ
- بنيتي.. لقد طلبت مني مرارا أن أكمل لك حكايتي مع أبيك .. حسنا سوف أكملها فأنا ﻻ أعلم أن كنت استطيع اجتياز ما أنا فيه أم ﻻ .
- ماما أرتاحي وﻻ تزعجي نفسك بهذا الموضوع هذا اوﻻ و ثانيا الله سبحانه وتعالى هو الوحيد الذي يتوفى اﻷنفس و نحن ﻻ نملك أي شئ بهذا الخصوص فمن يدري فلربما يطيل الله بعمرك بسنين تفوق عدد سنين عمري .
- أنا أصر يا أزل فﻻ تقاطعيني
شددت السيدة مي على هذا اﻷمر فما كان من أزل سوى تذعن لكي لا تنفعل بشدة فيأثر ذلك على قلبها المريض و الضعيف فقالت لها :
- حسنا ولكن عديني أن شعرت بأي تعوعك تتوقفين فورا
- حسنا موافقة ..
ثم أخذت السيدة مي نفسا وقالت :
- تعلمين أني تعرفت على والدك في كلية العلوم و كان هو استاذي لمدة عام كامل وكنت ﻻ أطيقه و ﻻ أحضر محاضراته أﻻ للأمتحان فقط و لكن ما حدث في السنة اﻷخيرة من الدراسة غير ذلك اﻷمر كليا ...

أزل و عصام Where stories live. Discover now