٢٨| ضوءٌ لازورديٌّ

1.6K 124 64
                                    

ضوءً لازورديٌ اخترق الستائر الشفافة الرثة فبدت الرسومات على الجدار حية وعيون النغل الشرير بدأت وكأنها اكتسبت توهجا خاصًا ملفتًا جعل بيلساس يضيق النظر اليه بشرود

قاطعه صوت ازيز الباب المزعج حينما يدفع ببطءٍ وظهر من خلفه رأس السير دارين و لاتزال اماراتُ التعب ظاهرةً على وجهه رغم كونه قد قضى ليلة جيدة بالقرب من المدفأة وعلى وسادةٍ وثيرةٍ بينما أصابعه تحكم الإمساك بذاك النبيذ الصيفي احمر اللون الذي كان دافئًا كما لو انه دمٌ يجري في العروق . فتح فمه لينطق بشيءٍ لو لا انه شاهد النائمين يتوسطهما ذئبٌ مستيقظٌ يراقب كل شيءٍ فيما يبدوا ك محاولة لكشف السوء الذي يحس به , فاطبق السير دارين فمه وبات يشبه خيطًا رفيعًا قبل ان يزم شفتيه ويهمس بصوتٍ واضح مخبرًا اياه عما فاته من النقاش السريع الذي جراء بعد وصولهم بدقائقٍ "لا اعتقد بأننا ذاهبون اليوم بما ان العتاد مفقود والمؤوونة نفذت والرجال لا يزالون متعبين."

"هذا جيد ، لا مشكلة لدي بذلك."

"هل نمت جيدًا يا سيدي؟"

"هل فعلت انت؟"

"اعتقد ان هذه لاٌ واضحةٌ اراها من خلف سؤالك المغاير..اخبرني ,هل هو الجرح ام شيءٌ اخر."

"انه دائما ما يكون الشيء الاخر يا سير دارين ، اذهب واسترح تبدوا مريعًا علي القول .. انا سأسيرُ قليلًا."

هب واقفًا ومشى في ذاك الرواق ذي الستائر التي لا تختلف عن تلك في القاعة حيث الفتية و ساقته قدميه بشكلٍ لا تلقائيًا الى الجانب الاخر الذي دخل منه ، ذاك الجانب المهدوم من القصر حيث لاحت رائحةُ النار والدخان تفوح تعانق خياشيمه ، وجد ثلجًا طازجًا يتساقط وان الارض العشبية الندية بدأت تختفي عن الغزو الابيض ، اللون اللازورديّ كان بسبب زجاج النوافذ الملون .. ادرك هذا
ثم رفع رأسه الى ضوء القمر الموشك على ان يختفي خلف الجبال وخلف اكوام الغيوم الباصِقة ليجد ضوءُه شاحبًا كما كان دائمًا ، باردًا لكن به شيءٌ من الحميميةِ والحنين
خطت قدمة خارج القصر يتجاوز البنيان المهدوم وراح ينسحق ذاك الثلج الطازج اسفل قدميهِ بطراوةٍ في ظل هدوءٍ تام وجميل ، اذ ان الحراس الخمسة من ليلةِ أمس اضافةً الى سبعةٍ اخرين لم يميزهم غلبهم النوم والسَّكر واطفئت حبيبات الثلج النار وسحقتها فلم يتبقى منها سوى جمراتٍ صغيرةٍ راحت تنزوي شيئًا فشيئًا
تغطت الساحةُ على مدِ بصرهِ بالثلج وهذا اضفى مسحةَ ازمنةٍ قديمةٍ تذكرها هي وتلك العهود التي بدت بشكلٍ لا يميزه ولا يدرك السر وراه غارقةً في القدم كل ذلك وهو يحس بنفسه يسحق زهرةً صغيرةً اسفل قدمه بعنفٍ في غمرةِ سيرهِ وافكاره
فعدل فروته الثقيلة وتدثر بها حتى أنفه وراقب البخار الخارج من بين شفتيه وانفه مخترقًا إياها

اقدامه غاصت في الثلج الخفيف والعشب واغمض عينيه ينصت الى حفيف الأشجار حيث سمع صوت تكسر اغصان متيبسة رجح انها تنتمي الى احد الحيوانات او القوارض , صوت بومة صدر من مكان ما تبعه رفرفت طائر حلق مباشرة فوق رأسه مماجعله يدرك انه الان على مشارف نزوح القمر وصعود الشمس لتعلن عن يوم جديد

ظل الذِّئب | تنزيل بطيءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن