٢| في الغابة

6.3K 395 155
                                    

-بعد ستة عشر عامًا ، شمال المملكة-

الشمس التي كانت في كبد السماء قبيل بضع ساعات كما كان يظن بدأت بالغروب ، اصدرت الاشجار صوت فحيحٍ خافت وهبت نسائم الهواء باردة بلطف تداعب الشعر المنسدل على جبينه، كان ممتن لذلك لأنه لم سيتطع رفعه خصوصًا وان كلتا يديه مشغولتين بحمل الحطب الذي وعد جاره ، شتم لاعنًا "ما كان علي ان اضل خارجًا كل هذا الوقت ، جدي سيقتلني." كان قبل ساعةٍ او نحوه ضاع مجددًا في تأملاته الطويلة ونسي مرور الوقت و نسي اعماله، لم يكن متأكدًا لماذا هو دون غيره يشرد كل هذا الشرود فجأةً الذي لا ينتهي سوى اذا ما لمسه أحدٌ وهزه. ما حدث بالضبط ان احدًا لم يهزه الآن. وقد استغرق سايروس كل الوقت الذي يحتاجه في افكاره حتى رمش مجددًا خارجًا من شروده لينظر حوله ويجد العالم من حوله بدأ يحط في الظلام. حين يسأل نفسه ما هي هيتة هذه الافكار فهو نفسه لا يفهم. فقط مشاهد مبهمة لخليج بارد و صوت يصدح في الأفق. هل كان خليجًا؟ الآن فقط لا يتذكر، لكن مشهد مبهم للأسنان الصخور الطويلة مكشرة و الأمواج تضربها. ولم يألف سايروس المكان البارد. عدا بالطبع انه شاهد نفسه ينظر الى الحافة. بدا المشهد حقيقيًا. مخيفًا حتى. و لا يدري لماذا شعر بقشعريرة حقيقية في عاموده الفقري. كان من البين بالنظر الى السماء ان الشتاء سيحط قريبًا على الجبال الشمالية. و على قريته عاجلًا غير عاجل. ولم يكن سايروس مشتاقًا لفترة الركود تلك بطبيعة الحال. فدائمًا ما يفضل ان يستمع الى قصصٍ جديدة من المارين الجدد وهو يخدمهم في الحانة كساقٍ.

تنهد ضجرًا. واخفض عينه منشغلًا في محاولةٍ جادةٍ لتسوية الحطب بين يديه و ليمنع الشوك من أن يمزق له قميصه ، لذا لم ينتبه لنظرات الجائعة التي ترمقه من بين الشجيرات ، جفل في مكانه عندما سمع صوت سهيفٍ مألوفٍ عاليٍ يليه لهاث
ثم صوت تحطم احد الأغصان ، تتبع بعينه مصدر الصوت و وجد دبًا عملاق يراقبه بينما لسانه يتدلى من فمه المفتوح على اخره ومن حيث يقف يستطيع ان يشاهد خليط الدماء واللعاب يقطران معًا. كان الدب مرهقًا وقد خرج للتو من معركةٍ حاميةٍ كما يبدوا. لكنه بدا شرسًا ايضًا و مستعد لنزع احشاء سايروس بمخالبة الحادة القذرة.

"اوه اللعنة." صاح وترك الحطب يسقط منه ارضًا، تراجع الى الخلف بغريزية، كان يعرف الدب. او على الاقل سمع به من سكان القرية و الحراس. كانوا ينوون صيده وعرضوا مكافئةً على رأسه. لكن احدًا لم يكن كفوًا بعد لمواجهة دبٍ عملاق و شرس. وجميع من عادوا اتفقوا على انهم خرجوا من بين براثنه بصعوبة.

تقدم الدب، و بغريزيةٍ تراجع سايروس ببطءٍ اكثر،كاد يوشك على الإلتفاف والهرب لكن ظهره ارتطم بجسمٍ صلب ، فتلمسه بجفول ليدرك بأن ما يقبع خلفه هو شجرة لحاءها رطبٌ من المطر والندى

زمجر الدب عاليًا بشراسة، اخيرًا استطاع سايروس ان ينظر اليه، عينه اليسرى ربما تكفون مفقوءة، اسفل الفراء الممتزجة بالدم الطازج، والذي ربما يكون دم الدب أو دم سيء الحظ الذي وقع في براثنه

ظل الذِّئب | تنزيل بطيءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن