الفصل الثاني

Comincia dall'inizio
                                    

إنطلق عطا وهو يقول " خلاص بقى يا سيد قلبك أبيض أسيبك أنا عشان معطلكش اكتر من كدا ، الورق معاك ابقى كلمني أول ما يخلص وليك الحلاوة " .

خرجت أمينة من المكان بصدمة لم تتوقعها وفضول وما إن استنشقت هواء نظيف حتى سألت بفتور " حبوب إيه اللي أخدها منك دي يا استاذ عطا " .

أجابها عطا بلا مبالاة " دي حبوب ترمادول يا أمينة " نطق كلماته وكأنها يخبرها أنها أسبرين للصداع وليس مخدرات ، تسمرت أمينة في مكانها من هول ما سمعت .

إلتفت لها عطا الذي كان قد تحرك بضع خطوات قبل أن يدرك تسمرها في مكانها ، قال لها بهدوء " مالك يا امينة انت اتخضيتي عشان اكتشفتي انها مخدرات " أومات أمينة بالإيجاب ليردف " بصي يابنتي انت صغيرة وخبرتك في الحياة دي ضعيفة بالك شريط الترمادول دا هو اللي بيمشي كل المسائل مواظفين المحكمة بيتعاطو ومواظفين الشئون شرحو ، دا يا بنتي مش عاوز أقولك ان القضاة والدكاترة دلوقتي بيتعاطو البلد دي ضايعة ولو معملناش كدا نضيع إحنا في الرجلين " .

كانت أمينة تستمع له مصدومة من هول المأساة ولكنه أردف محاولاً إقناعها " أديكي شوفتي بنفسك حبايتين خلو الواد سيد هايطير من مكانه ، الورق دا لو اتقفش قبل ما اعمل اجراءت المحكمة الواد دا يروح في داهية ، لكن قصاد مزاجه ولا يهمه أي حاجه " .

تحركت أمينة برفقة الرجل تتأمل العالم من حولها وكأنها تراه للمرة الأولى ، فحياتها كانت عائلة بسيطة ومنزل دافئ وجامعة عريقة ودراسة محببة ، لم يكن هناك مكان للرشوة والفساد والمخدرات .

ذاك المجتمع الفاسد هو نسخة جديدة بالنسبة لفتاة لا ترى الحياة من الواقع ، إنما تراه من عدسة تصوير خياليه من صناعة والديها ، إكتشفت للمرة الأولى أن العزلة الإجتماعية التي فرضها والدها لم تكن بالرأي السديد ، فكيف لفتاة لم تختبر أي صورة للحياة أن تخوض تجربة جديدة بها .

قاطع شرودها في أفكارها صوت الأستاذ عطا قائلاً " ها يا امينة مروحة أخدك في سكتي ولا عندك مشاوير " أجابته أمينة بنبرة مختنقة " لا يا أستاذ عطا انا مش هاروح هاروح الجامعة احاول أشوف التاجيل بتاع السنة دي وربنا ييسر لو بس توصلني معاك لأقرب محطة مترو".

*******************
جلس على مكتبه يزفر بضيق منذ مدة دخلت تلك الفاتنة إلى حياته وسرعان ما حولته من الإستقامةإلى الفساد ، كل شيء في عالمها مباح ، تأتيه بأي شيء يرغبه إلا هي مؤكدةً أنها ليست للبيع إنها تتاجر في أي شيء إلا نفسها.

طرقات الباب هي من أخرجته من حيرته بشأن إحسان ، لتدلف منى إلى الداخل تأمل غضبها فعرف على الفور ماهي بصدد قوله .

كانت منى مثال لمديرة المكتب النابغة ، تعرف عملها جيداً ،بارعة في دراسة الصفقات إبداء الرأي المناسب فيها ، كان بإمكانها أخذ قرارت حاسمة دون الرجوع لمديرها في أوقات الطوارئ ،مما منحها سلطات مطلقة داخل الشركة .

الأمر الذي إعتبره البعض عيباً فيها هو مظهرها العام ، لم تكن تملك أدنى درجة من الجمال لو صح التعبير فهي ليست دميمة ولكنها ذات ملامح عادية للغاية تسيء إلى هذه الملامح العادية نظارات طبية سميكة وصوت عميق يخطىء البعض فيه ويعتقدون أنها رجل في بعض الأحيان ، لم تكن تملك الوقت للأناقة ولم يكن لديها حس معقول للذوق العام في الملابس ، فقد كانت إختياراتها دائماً للألوان الكائيبة والتي لا تليق مع بشرتها الداكنه.

ولكن هذا العيب هو ما جعل أحمد الجبالي يعجب بها كمديرة لمكتبه ويمنحها هذه الصلاحيات فهي لن تشبه سكرتيرة أبيه السابقة ، وتحاول لف حبالها حوله .

نطقت منى بجدية " صباح الخير يا مستر أحمد " أجابها بلامبالاة " أقعدي يامنى وقولي اللي عندك بس بسرعة عشان مفيش دماغ خالص " .

نظرت له منى لبرهة قبل أن تقول وهي غير قادرة على التبرم من أوضاعه في الفترة الأخيرة " عند إجتماع الساعة عشرة مع مديرين الاقسام عشان تعديل الميزانية الجديد ، والساعة ١٢ معاد مع المهندس معاذ صاحب الشركة اللي ماسكة مشروع الإسكان من الباطن عشان التعديلات اللي طلبناها والساعة واحدة البريك وانا حجزت لحضرتك في المطعم اللي حضرتك متعود عليه الساعة ٢ معاد زيارة حضرتك المعتاد للباشا الكبير واحب أأكد إنك لازم تروح الباشا كلمني من الصبح أكتر من مرة وموجود برة الرائد محمد من أمن الدولة حضرتك كنت طلبت منه يدور على داده عزيزة" .

ما إن نطقت كلماتها الاخيرة حتى صاح فيه " دخليه بسرعة وامنعي أي تليفونات لحد ما يمشي " أومأت منى وإنطلقت مغادرة المكتب لتتركه بصحبة ضيفه ، كانت تعرف جيداً مقدار أهمية اللقاء وتمنت أن يكون بالخير منذ أكثر من ست سنوات وهو يبحث عنها ولم يجد لها أثر هي بنفسها ساعدت في عمليات البحث عنها وهي من رشحت الرائد محمد للمساعدة .

بعد خروجها بقليل دخل محمد ليلقي بتحية فاترة فالعلاقة بينهم لم تكن قوية هي مجرد علاقة عمل فمحمد إلى جانب وظيفته يستغل عمل لإجراء نوع من التحريات الخاصة مدفوعة الأجر .

تحدث أحمد مباشرةً ملقياً التحية " أهلا يا كابتن محمد ، إيه الأخبار ، إتأخرت عليا أوي بالنسبة للي سمعته عنك كنت متوقع نتيجة أسرع من كدا " .

نظرة له محمد بسخرية سرعان ما حاول تغيرها إلى جدية ولكن خبث النظرة وصل إلى أعماق أحمد ولكن قاطع حدة تلك النظر النبرة المتهكمة صوت محمد يقول " يا باشا الكلام اللي حضرتك بتقوله دا لما تكون عارف الإسم الصحيح ، حضرتك بلغتني البيانات غلط ولو مش حس رجل الشرطة عندي مستحيل كنت هاقدر أول للمعلومات اللي معايا "

إستطاع محمد الإستحواذ على الإهتمام الكامل لأحمد الجبالي الذي إضطرب مهللاً "لقيتها

للعرض فقطDove le storie prendono vita. Scoprilo ora