الفصل الثاني

10K 211 4
                                    

تحركت أمينة برفقة الأستاذ عطا المحامي داخل أروقة المبنى الحكومي ذو الرائحة الكريهة فرائحة دخان التبغ ممزوجة بعرق الموظفين والمواطنين أصحاب المصالح بالإضافة إلى رائحة الفول والفلافل والبصل وغيرها من الاطعمة التي يتناولها الموظفين للإفطار .

ورغم إعتياد الأستاذ عطا على هذه الاجواء الا انا ذلك لم يمنعه من التأفف كل بضعة دقائق من الرائحة مرة وأخرى من الإزدحام حتى توقف أمام مكتب يقف المواطنين أمامه في طابور طويل .

كان الأستاذ عطا رجل بدين ممتلىء البطن حتى أنها تمتد إلى الأمام كمسند طبيعي ، أصلع الرأس ذو شارب متوسط الحجم تزيد فيه الشعيرات البيضاء عن نظيرتها السوداء بحكم السن نموذج للمحامي المصري التقليدي وكان يبدو معروفاً للموظفين في هذا المكان.

ما إن لمحه الموظف حتى صاح بمرح " استاذ عطا نورت الشئون كلها " ليجيبه عطا بإبتسامة مصطنعه " والله ياسيد منورة بيكم واحشني " .

إبتسم المدعو سيد بلزوجه قائلاً بإسلوب أكثر لزوجه من إبتسامته " واحشتك بردو ولا جايلي في مصلحة كالعادة ياراجل يا بكاش ".

أجابه عطا بجدية " والله يا سيد إحنا وقعنا وانت إستلقتنا ياراجل ، الأنسة أمينة زي رضوى بنتي تمام وكنا عاوزين نعملها ونعمل لأخواتها معاشات أيتام " . قال وهو يشير لأمينة بينما يعطيه ملف الأوراق .

تفحص سيد الملف بينما ينفث دخان من لفافة التبغ المعلقة بفمه ثم صاح " عاوز معاشات لست عيال ياأستاذ عطا ، أومال فين الأب والأم " ..

صمت سيد قليلاً بينما يكمل فحص الأوراق ثم قال " لا حول الله ، الإتنين ؟ في يوم واحد كدا ، البقاء لله يا آنسة " ثم إلتفت إلى استاذ عطا قائلا ً"بس دا هاياخد وقت طويل دول ست عيال ومفيهمش حد بالغ غير الانسة يعني لازم قرار وصاية من المحكمة " .

إقترب منه عطا وأخرج من جيبه شريط حبوب طبية لم تتبين أمينة اسمه ثم أخرج حبتين ومنحها لسيد في يده قائلاً " وهو انا جايلك ليه، انت هاتطلعلي الورق على ما انا ارفع دعوى الوصاية تكون المعاشات خرجت وبتتقبض كمان ومتقلقش الورق هايكون عندك أول ما يخلص " .

نظر له سيد نظرة ذات مغزي قائلاً " بس يا أستاذ عطا دي مسئولية " ؛ أخرج عطا حبة أخرى من الشريط بيده ثم قال " مفيش بس دول أيتام ومالهمش حد يعني يرضيك البنية دي تسيب دراستها وتتبهدل عشان أخواتها الخمسة" .

إبتسم سيد وأطبق كفه على الثلاث حبات من العقار بيده وكأنه يمتلك كنز صرخ في اصحاب المصالح المتراصين بالطابورالذين بدأو بالتبرم من العطله الغير مسببة قائلاً " إيه مالك من ليه محدش مالي عينك ، يعني أسيب الباشا عشانك انت وهو لا ايه ، كل واحد يحط لسانه جوه بقه ويخرس احسن والله ما اقضي مصلحة لحد " .

للعرض فقطDonde viven las historias. Descúbrelo ahora