يا إلهي

201K 3.8K 351
                                    

استيقظت تلك الفتاة على أشعة الشمس ، نهضت بجسدها الممشوق لتتوجه إلى الحمام الملحق بغرفتها وتفعل روتينها اليومي ، انتهت لتخرج وترتدي ثيابها المحتشمة ، هه وكيف لا تلبس ثياب محتشمة وهي ممنوعة من ارتداء الملابس الضيقة أو الفاضحة وحتى ممنوعة من وضع مساحيق التجميل ووضع العطور ، تنهدت بقوة وجلست تختلس النظر أمام مرآتها الكبيرة وهي تنظر لنفسها ، تنظر لتفاصيل وجهها وتسأل نفسها كيف تبدو وكيف يرونها الناس بهذا الشكل ؟ هي جميلة ورقيقة وتمتلك ملامح بريئة ، ولكنها أيضاً فتاة من حقها العيش دون قيود ودون أوامر ، من حقها العيش بقليل من التحرر فهي لا تستطيع أن تفعل ماتفعلنه صديقاتها ، مقيدة بأوامره وسجينة له ، تطيعه بصمت ، هو يستولي على حياتها بأكملها وهي تعتمد عليه في كل شيء ، شخصيتها ضعيفة جداً وسريعة البكاء ، لا تحب الصراخ ولا الضجة تحب الهدوء والاستقرار ، هادئة لأبعد حد ، لم يدعها تعيش حياة طبيعية ، لطالما كان جبل دائماً لا يدعها التحدث أو التنفس حتى ، حياتها مقيدة بقبضته لا تستطيع بأن تتحرك من دون إذنه ، وهذا ماجعلها تكرهه وتمقته وتخاف منه ، ابتسمت بسخرية على طريقة تفكيرها والذي دائماً ماتفكر به دون كلل أو ملل ، تنهدت بقوة لتنهض وتتوجه للأسفل وقلبها يقرع كالطبول كونها ستجالسه وستجتمع به على مائدة واحدة ، تحمد ربها وتشكره دائماً لإن عمتها موجودة وإلا كانت ستتدمر فعلاً هذه الفتاة ، هي من تهتم بها وهي من تسايرها وهي من تعتني بها دائماً ، تخفف عنها وتطبطب عليها عندما يغضب منها ويصب كل جنونه عليها ، حقاً هو اسم على مسمى هو كالجبل الشامخ الذي يطبق على صدرها ولا يدعها تتنفس ، توجهت بخطوات متزنة إلى مائدة الطعام لتتحدث بصوت خافت وهي تجلس على كرسيها :

"صباح الخير"

تحدثت والدة جبل والتي تدعى سلمى لتقول لها بابتسامة محبة :
"صباح الخير عزيزتي"

نظرت لعمتها وابتسمت لها ، بينما هو لم تنظر له أبداً ولم تتجرأ على النظر بعيناه عندما رد عليها تحية الصباح ، هو يعلم بخوفها منه ، لطالما كان دائماً مايشعر بسكاكين تغرز في صدره بسبب خوفها منه وعدم تجرأها على الحديث معه إلا في الأمور الهامة جداً والقليلة أيضاً ، نظر لها ببرود ليصدح صوته الرجولي الخشن ويقول :

"كيف حال جامعتكِ"

ابتلعت ريقها بتوتر وقد وجدت صعوبة بمضغ اللقمة التي في فمها ، لتتحدث بخفوت :
"جيدة"

همهم لها ببرود وصمت لتسخر في نفسها على سؤاله ، هه وكأنه لا يعلم كيف حال جامعتها ، وكيف له بأن لا يعلم وهو من يتحكم بحياتها لأبعد حد ولو كان عليه لكان قد تحكم في الهواء الذي تتنفسه أيضاً ، ظلت تأكل بصمت وهي تشعر بنظراته الباردة تتفرس ملامحها الطفولية وهذا مازاد من توترها وحرجها منه ، أكلت بضع لقيمات لتنهص وتقول :

"لقد شبعت ، أنا سأذهب"

نهض هو الآخر ليمسك بمعطفه ويتحدث بلكنته الباردة المعتادة :
"هيا سأوصلكِ في طريقي"

أرهقني عِشقُهاWhere stories live. Discover now