الفصل الخامس الجزء 65 ترانيم الهلال

3.5K 251 49
                                    

·

·


الفصل الخامس
الجزء 65

ترانيم الهلال

في صباح ذلك العيد عندما كنت صغيرة جدا لم اتجاوز السادسة من عمري
افقت من نومي وضحكة طفولية قد ارتسمت على محيااي
اشرق وجه ابي الباسم وهو يداعبني
لم يترك موضعا في وجهي الا وقبله
ضممته بقوه ورقدت بين ذراعيه
اذكر جيدا وجهه الجميل
كانت له شوارب طويله وشعر كثيف
وعينان كنهرين من القصص
رائحة البيت في ذلك اليوم كانت كالمسك
رفعني ابي الى اعلى
واخوتي يقفزون حولنا
وانا كالملكة تربعت على عرشه الحنون
اما امي
تلك السيدة الطيبة
فكانت تحمل الاطباق واحدا تلو الاخر
وتزين مائدة افطار العيد
اسرعنا كلنا وارتدينا تلك الملابس الزاهية ذات العطور الفخمة
هههه ليس لانها من اجود الانواع
لكنها كانت كذلك رائحة ملابسنا الجديدة
واصطففنا من الاكبر الى الاصغر حتى ناخذ العيدية
قطع معدنية كانت تساوي فرحة دويها على الارض فرحة الانتصار في المعارك!!
تضايقت لاني كنت الاصغر والاقصر
سامي تقدمنا وهو يرقص فرحا لان حصته كانت الاكبر
اما نزار فقدت نصب عينيه على كاس الحلويات الي وضع على المنضدة قرب نفاضة السكائر
ووقفت انا وقد خبتت تلك الفرحة فضول ماحصل عليه اخوتي قبلي
لكني عوضا عنها تلقيت قبلة كبيرة منه
ثم اجلسني على ساقيه
وصار يزيح عن وجهي العبوس خصلات الشعر المتناثرة
وانا احتج بنبرة صوتي الطفولية وقد تغيرت نغماتها حتى اصبحت كسلى وناعمة
قهقه والدي بصوت جهوري لاني لم اقنع بقروشي الصغيرة
فاخرج من خلف ظهره
علبة كبيرة
اوقفت حركة المنزل
اذكر ان قلبي توقف عندما رايت تلك العلبة الوردية بلون الزهر
تنام في داخلها دمية كبيرة
اسرع اخوتي مدهوشين
فاخبرهم والدي لاني بنت ولا احصل على العاب الشارع مثلهم
احضرلي لي هذه الدمية
كنت ارتجف من الفرحة والذهول
وتراقصت نظراتي بين وجه امي الضحوك
وبين فرحة والدي وهو يراقب ردة فعلي
لقد كنت مدللة ابي حقا
ضممتها الى صدري وهربت بها الى غرفتي
حتى اني من شدة فرحتي بها
اضعت العيدية
صرخت من مكاني قرب السرير ان كان بامكاني فتح العلبة
لقد كانت باهضة الثمن حقا
فاجابتني امي بعد الافطار...
وانتظرت الافطار ان ينتهي بفارغ الصبر
وما ان رفع اول طبق اسرعت بالوقوف امامه وعيناي تصرخان بالتوسل
واخوتي ملتفين حولي يغبطونني عليها
ويزيدون اثارتي بها
لازلت الى الان اتتبع عطرها في نسائم الهواء
كانت تملك عطرا فريدا
حفظ في داخلي واتتبعه حين تمر نسائم هواء تحمل عبقا يشابهه
بحثت كثيرا عن عطر مثيله كي ازين عنقي به للذكريات
لكني والى الان لم اعثر
اسميتها مريم
كان لها شعرا اشقرا مثلي وعينان بنيتان
وملمسا ناعما
اطرافها صلبة وداخلها قطنيا
وانا اذكر كل ذلك من شرفتي وتمر الذكريات تحن وتان في داخلي
ابي لقد دفعت ثمن كل ذلك يوما بيوم وساعة بساعة

نساء مخمليات للكاتبة ليان عيسىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن