المرأة في تاريخ العراق القديم _1_

635 13 5
                                    


المقال ادناه  مقتطع من كتاب " التاريخ من باطن الارض " للدكتور بهنام ابو الصوف

بالرغم من أن السيادة في مجتمعات ما قبل التاريخ، ومنها العراق، كانت للرجل بسبب قوت الجسدية ومصارعته الطبيعةالقاسية وحيواناتها الضخمة المفترضة للحصول على الطعام له ولصغاره ولأزواجه، إلا أن للمرأة أيضاً في تلك الأزمان السحيقة في القدم دورها ومكانتها. فقد كانت هي التي تُعني بالصغار وبحمايتهم وتنشئتهم، كما كانت في أوقات كثيرة تساهم مع الرجل في الصيد ومقاتلة الأعداء، كما كان يقع عليها عبءُ تهيئة الطعام ونظافة الكهف والعمل يداً بيد مع الرجل في تشظية وتحضير الآلات والأدوات من الحجارة والعظام وأخشاب الأشجار، وتشير الأدلة المكتشفة في كهف شانيدار أن سكنه ذلك الكهف من إنسان نياندرتال العراقي قد اهتموا بموتاهم واعتنوا بدفنهم بأسلوب احتفالي أحيانا، وقد وضعوا زهوراً برية تنمو في المنطقة عند رؤوس بعض أولئك الموتى وذلك قبل أكثر من أربعين ألف سنة، إننا نميل إلى الاعتقاد بان المرأة العراقية في كهف شانيدار كانت وراء هذا العمل الجمالي والإنساني معاً في ذلك الزمن السحيق في القدم. ( الى اليسار من الخلف  تيراكوتا تل الصوان من الخلف للالهة الام بقلادة  بحدود 6000 ق.م  و الى الامام منها  تيراكوتا الام مع الطفل تل العبيد بحدود 4500 ق.م  .

ومرت بضعة ألوف من السنين على حياة الكهوف والصيد والبحث عن الطعام اعتدل فيها المناخ وقلت الأمطار وانخفضت المياه في الجداول ونساؤه يبحث عن الدفء والطعام فقادته قدماء إلى مروج خضراء فوق هضاب وفي سهول ووديان تجري فيها المياه المياه والشلالات. فاستقر فيها مع من معه. وذهب الرجال كعادتهم وراء الفريسة والصيد، بينما سكنت النساء مع صغارها في تلك المروج وفوق الهضاب الخضر يرقبن حركة الطبيعة ونماء النبات تلقائياً، وفيه حبّات تصلح غذاءً طيباً إذا ما أبتلت الماء بعد تساقطها فيه فتجمعها الصغار ويلتهمونها بمرح، بينما تلتقطها النساء لتحليها إلى عجينة طرية تحولها نار الموقد إذا ما أسقطت فيها إلى وجبة طعام لذيذة. وتبقى بعض حبات هنا وهناك في التربة المبتلة بمياه المطر القادم بعد حين لتبرز من الأرض نباتاً أخضر سرعان ما تعلو سيقانه سنابل تصطف في كل منها حبيبات منتظمة تتساقط مرة أخرى على الأرض بعد جفافها فتحيلها النساء مرة أخرى إلى عجينة تشويها في النار وتقدمها لصغارها وجبة شهية. وبتكرار الحدث هذا وبمواسم منتظمة أمام مرأى المرأة في أماكن سكناها في العراء تنبهت إلى مغزاة فأخذت هي تأخذ الحبوب الناضجة وتدفنها في التربة الرطبة ليأتي عليها زمن المطر فتنمو إلى سنابل تعطي حبيباتها طعاماً ولصغارها . وهكذا حصلت المرأة في العراق القديم على حقلها الأول وكان السبب وراء نماه نوعين من الحبوب الصالحة كطعام، وهي الحنطة الشعير التي تنمو برياً في سهول وهضاب تعلو ألف متر فوق سطح البحر في الأطراف الشمالية والشرقية من بلاد الرافدين.

المرأة عبر التاريخ Where stories live. Discover now