تطور مكانة المرأة عبر التاريخ_4_

ابدأ من البداية
                                    

ليس في القرآن خط فكري يفضل الرجل على المرأة في المسؤولية وفي نتائجها، بل أن مسألة التفضيل تعود إلى قاعدة شاملة لهما تتلخص في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ  اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). فالمقياس في التفاضل تقوى الله وهو مقياس عام شامل للنوع الإنساني يشمل المرأة والرجل على حدٍ سواء واختلاف الرجل عن المرأة ليس اختلافاً في القيمة الإنسانية بل في الإيمان والعمل، بالتالي فإن المرأة قد تفوق الرجل إذا ما أخلصت لله تعالى في عملها، قال تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ َأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) ، وقال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ  يَعْمَلُونَ) ، يقول الله تبارك وتعالى: ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).

يمكن الملاحظة أن في هاتين الآيتين معاني ومعلومات هامة، حيث تشير الآية الأولى إلى تقديم الإناث على الذكور و في ذلك قال وائلة بن الأسقع” إن من يُمن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر”.

في الحقيقة لم يخلق الله الزوجين إلا للتكاتف والتعاضد والألفة والتعاون في أداء المهام الإنسانية الجليلة، التي لا يقل دور المرأة فيها عن دور الرجل وفي هذا يقول الله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*  وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى*إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى* فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى*وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى).

إن الله تعالى كما خلق الليل والنهار مختلفين في النور والظلمة ليؤدي كل منهما مهمة يتوقف عليها بقاء الكون وصلاحه، فإن الأمور لا تستقر مع نهار دائم، ولا مع ليل مستمر ففي النهار الدائم لن يركن الناس للراحة، وفي الليل الدائم لن يستقيم ميزان العمل والإنتاج ولن يستقر ميزان الصحة، وقد يتوقف الدم في العروق من جراء النوم والسكون، لهذا كان اختلاف الليل والنهار للتكامل والتعاضد وليس للتنافر والتضاد، وكان خلق الذكر والأنثى على هذا المنوال، لذلك ذكرت بعده بعد أن تقدمه الحديث عن الليل والنهار ليوضح حقيقته ويبين غايته وأن الأفضلية ليست للذكر لأنه ذكر ولا للأنثى لأنها أنثى ولكن للتقوى والعمل الصالح، وإذا كان البعض قد وجدوا في المرأة جنساً دونياً وإنها أقل من الرجل في أصل الخلقة، فإن القرآن الكريم قد سفَّه هذا الفكر وبين عوجه وضحالته وانحرافه عن الطريق السوي. كما يوصي رسول الله ( صل الله عليه وآله وسلم ) مذكراً الرجل بحقوق الزوجة وأهمية رعايتها يقول صلى الله عليه وسلم ( إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).

المرأة عبر التاريخ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن