PART - 14 -

114 3 0
                                    


30 - احدب ، اعور ، اعرج ، اصم

عندما وضع كوازيمودو الغجرية في غرفة مخصصة للاجئين ، استيقظت افكارها ، والتفتت نحو محررها ، الذي كان يبعث الذعر في نفسها ، وقالت :( لم انقذتني ) ؟
فالقى نحوها نظرة عميقة الحزن ، ثم ابتعد هاربا ، تاركا اياها في دهشة كبيرة .
وبعد قليل رجع اليها يحمل صرة من الثياب القاها بين قدميها.ثم حمل اليها سلة فوق ذراعه ، وفراشا فوق الذراع الاخرى .
ورفعت الغجرية عينيها نحوه لتشكره ، ولكنها لم تستطع ان تنطق بكلمة واحدة . لقد كان الشيطان المسكين مخيفا حقا فخفضت راسها في قشعريرة ورهبة .
وهنا قال لها :( انني اخيفك ، فانا قبيح جدا ، اليس كذالك ؟ لا تنظري الي ، بل اسمعي : ستبقين هنا في النهار ، اما في الليل ففي وسعك ان تتنزهي عبر الكنيسة كلها . لكن لا تخرجي من الكنيسة ، ليلا او نهارا . فإن فعلت قتلوك ، ومت انا معك . )،
ورفعت راسها لتجيبه ، وهي بالغة التاثر ، ولكنه كان قد اختفى .
وفي المساء سارت الفتاة حول الردهة المرتفعة التي تحيط بالكنيسة ، وشعرت بشيئ من العزاء يتسرب الى نفسها الحزينة .
وفي الصباح التالي ، لاحظت وهي تستيقظ انها قد نامت ، فإدهشتها هذه الظاهرة الغريبة . لقد مر عليها عهد طويل نسيت خلاله النوم .

وسمعت صوتا خشنا يقول لها برقة شديدة :( لا تخافي انني صديقك . لقد اتيت لاراك نائمة .. لقد وقفت خلف الجدار ، وفي وسعك ان تفتخي عينيك كما تشائين ) .

وكانت اللهجة التي قيلت بها هذه الكلمات اشد اثارة للشفقة من الكلمات نفسها . وتاثرت الغجرية بهذا الموقف ، فنادته قائلة :( تعال ) ! وظن كوازيمودو المسكين عند حركة شفتيها انها تطرده ، فنهض وانسحب وحيدا يعرج .
وخرجت الفتاة لاحقة به ، وارجعته الى الغرفة . وقطع الصمت الذي مر وهو يقول :( اذن كنت تقولين لي ان ارجع)؟
فهزت راسها وهي تردد :( نعم ) .
ففهم حركة راسها وقال :( ذالك انني ، للاسف ، اصم لا اسمع ) .

فصرخت الغجرية تقول بصوت مفعم بالشفقة :( ياللرجل المسكين ) .
فاخذ يبتسم بالم ويقول :( انك تجدين انه لم يكن ينقصني الا هذا ؟ نعم ، انني اصم . هكذا صنعت ... شيئ رهيب ... اما انت فجميلة رائعة ) !
وكان في لهجة المسكين من البؤس العميق ما جعلها غير قادرة على الاجابة .
وتابع يقول :( نعم ، انني اصم ولكنك ستتحدثين الي بالحركات . ان لي سيدا يتحدث معي بهذه الطريقة ) .
واردفت الفتاة تقول وهي تبتسم :( حسن جدا ! لكن اهبرني لم انقذتني ) ؟
ونظر اليها بانتباه شديد وهي تتكلم ، ثم اجابها :( لقد فهمت . تسالينني لم انقذتك .. لقد نسيت قطرة الماء ، والقليل من الشفقة .. هذا هو الدين الذي يجب ان اسده ) .
وكانت تصغي اليه بحنان بالغ . واردف حين لم يعد يخاف من سقوط الدمعة يقول :( اصغي الي .. ان لنا هنا ابراجا عالية جدا ، والرجل الذي يسقط منها سيموت قبل ان يبلغ تراب الارض .. وحين يحلو لك ان اسقط ، فليس لك الا ان تامريني بذالك ) .
ثم اخرج من جيبه صافرة معدنية ، وقال لها :( خذي هذه ، فإن احتجت الي واردت ان اتيك ، انفخي فيها ، فانني اسمع صداها ) .
ووضع الصافرة ارضا ، ثم ابتعد هاربا .

احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAMEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن