PART -2-

681 18 0
                                    


4 - الاستاذ جاك كوبانول.

وبينما كان غليوم ريم يتبادل الحديث مع صاحب النيافة ، تقدم رجل ذو وجه عريض ، وكتفين قويتين ، من غليوم ريم ، فاوقفه الحاجب الذي ظن انه سائس ضائع عن طريقه ، نظرا للوحل الذي كان يغطي سترته الجلدية . وقال له الحاجب
:( انك لن تمر يا صديقي ) .
فدفعه الرجل بكتفه قائلا :( ماذا يريد مني هذا الشاذ ؟ الا ترى اني تابع له ) ؟
فسأله الحاجب :( مااسمك ) ؟
- ( جاك كوبانول )
- ( صفاتك ) ؟
- ( صانع الاحذية ذات السلاسل الثلاثة في مدينة غان ) .
واندهش الحاجب . فقد كان ممكنا ان يعلن عن مجيئ رئيس مدينة ، او شيخ قرية ، اما ان يعلن عن مجيئ صانع الاحذية ، فكان امرا صعبا عليه .

وفي هذه الاثناء تقدم غليوم ريم من الحاجب مبتسما ، وهمس في اذنه :( اعلن عن المعلم جاك كوبانول ، مساعد شيوخ مدينة غان العظيمة ) . فردد الكاردينال بصوت مرتفع :( ايها الحاجب اعلن عن المعلم جاك كوبانول ، مساعد شيوخ مدينة غان العظيمة ).
كان الجهر بالصوت خطا .لكن كوبانول كان قد سمع ما قاله الكاردينال ، فصرخ بصوت كالرعد :( لا . جاك كوبانول ، صانع احذية ، هل نسيت ايها الحاجب ؟ اليس صانع الاحذية شيئا جميلا ) ؟
وانفجر الضحك ، وتعالى التصفيق . لقد بدا هذا الصانع مساويا للكاردينال حين وقف امامه رافعا راسه .
وحيا كوبانول صاحب النيافة بفخر بارز ، ورد الكاردينال هذه التحية الى البرجوازي القوي ، الذي يخافه لويس الحادي عشر نفسه . لقد كان يرى هذا الصانع ان صفاته كصانع احذية لا تقل عن اية صفة اخرى .
اما الكاردينال المسكين ، فكان عليه ، فوق كل ما حصل ، ان يشرب كأس هذه المرافقة السيئة حتى الثمالة .

واما الشحاذ الوقح ، الذي لا نحسب ان القارئ قد نسيه ، فقد ظل في مكانه رغم وصول الضيوف اللامعين .
لقد كانت وقاحته نادرة ، الى حد انه كان يردد قوله :( صدقة الله ارجوكم ) ! لقد كان هذا الشحاذ الشخص الوحيد ، بين الحضور ، الذي لم يلتفت ليشهد الشجار بين كوبانول و الحاجب .
وارادت الصدفة ان يجلس صانع الاحذية في الصف الاول من المنصة فوق الشحاذ ، ولم يندهش احد من رؤيته يربت بلطف بالغ على كتف الشحاذ ، فيلتفت الشحاذ نحوه ، ويتعرف اليه .. لقد كان صديقا له .
وقد اثارت طرافة المشهد هذا ضجيجا شدشدا عند الجمهور المتمتع ، وقد خيل للكاردينال ان الشحاذ كان يطلب صدقة من كوبانول ، فصرخ محتجا على هذه الوقاحة :( الق ايها السيد قاضي القصر بهذا الشحاذ في النهر ) .
فقال كوبانول :( لا ياسيدي الكاردينال .. انه واحد من اصدقائي ) .
وعض الكاردينال على شفتيه مغتاظا ، في حين هتف الجمهور لكوبانول الذي اصبح له رصيد كبير بين الموجودين .
اما بطرس جرنجوار ، الذي يبدو اننا نسيناه ونسينا مسرحيته ، فلم يكف طوال هذا الوقت عن الاضطراب والحركة ، وعن الطلب الى بعض الحشور تشجيع الاخرين على متابعة المسرحية .
ولما استتب الهدوء قليلا ، ظن جرنجوار انه يستطيع ان ينقذ الموقف ، فقال ملتفتا الى رجل شجاع ضخم :( سيدي ، مارايك لو نبتدئ المسرحية من جديد ) ؟
فقال الرجل :( كم سيسرك هذا ) !
واكتفى جرنجوار بهذا التأييد النصفي ، فأخذ يصرخ :( اعيدوا المسرحية اعيدوها ) !
وصرخ جوهان دومولاندينو منبها الطلاب الى ماكان جرنجوار يقوله فصرخو جميعا :( لا ! لا ! فليسقط السر فليسقط ) !
واقترب قاضي القصر من الكاردينال ، وشرح له ، متلعثما ،
الوقاحة الشعبية التي اجبرت الممثلين على الابتداء قبل وصول نيافته ، فانفجر الكاردينال ضاحكا وقال غليوم ريم
:( سيدي ، لنكتف بما اصبناه من التخلص. من نصف المسرحية ، فهو ربح لنا ) .
وعند اذ قال الكاردينال :( فليتابعو ! والامر عندي سواء .
انني ساقرا في كتاب صلاتي اثناء هذه الفترة ) .
وتقدم القاضي الى طرف المنصة وصرخ قائلا :( ايها البرجوازيون ، ايها القرويون ، ايها السكان ، لقد تفضل نيافته فامر بمتابعة المسرحية ارضاء لمن يريدون اعادتها ولمن يريدون الانتهاء منها ) .
فوجب على الطرفين ان يرضيا بذالك ، وتابع الممثلون مسرحيتهم.
ولكن الهدوء كان يقطعه الحاجب عن الرسل الفلامانديين القادمين . وقد اصبح الجمهور غير مبال بالمسرحية ، بعد ان كان ، قبل ان تبدا ، شديد الحماسة لها .
ومع ذلك حاول جرنجوار ، عند انتهاء قدوم الرسل ، ان ينقذ مسرحيته ، ولكن كوبانول ، صانع الاحذية صرخ في الجمهور قائلا :( سادتي برجوازيي باريس وسادتها الريفيين .. انني اقسم انني لا اعرف ماذا نصنع هنا . انني ارى هناك في الزاوية فوق القوائم اناسا على وشك ان يقتتلو . وانني اجهل ان كان هذا ماتدعونه بالسر . انهم جبناء لا يخدشون انفسهم الا بالاهانات . لقد كان من الواجب ان تستدعو مصارعين من لندن او من روتردام . ثم اني قد كنت وعدت بعيد للمجانين . واعلموا اننا لنا نحن في غان بابا للمجانين ، ولكن هاك مانصنعه هناك : نجتمع على هيئة جمهور كبير ، كما هو الامر هنا ، تم يدخل كل واحد راسه عبر ثقب كبير ويكشر للاخرين .
ومن كانت له اقبح تكشيرة بتأييد الجميع انتخب بابا . ان هذا شيئ ممتع حقا . فهل تريدون ان ننفذه . انه على الاقل ، سيكون اقل املالا من الاستماع الى ثرثرة هؤلاء الممثلين ) .

لقد كان جرنجوار راغبا في الرد ، لولا الحماسة الشديدة التي استقبل بها الجمهور كلام كوبانول .

_____________________________________.

احدب نوتردام ||HUNCHBACK of NOTREDAMEDonde viven las historias. Descúbrelo ahora