٥

1.3K 58 0
                                    

_

بسم الله الرحمن الرحيم
#بقربك_مسكني
رواية ^^

الفصل الخامس

الفقد أشد أنواع الوجع .. أن تفقد أحدهم .. معناها أن تفقد نظرة كان يخصك بها .. همسة لا يسمعها سواك .. ضحكة تخرج من قلبك قبل قلبه .. تفقد امان وحب واحتواء ..

وهي لم تري سوي صور أشعة تليفزيونية تخصه وتشعر بالفقد .. تحيط بطنها الذي فقد انتفاخه غير مصدقة .. تهمس له وتعلم انه الأن مغطي بالتراب منذ عشرة أيام .. عيناها زائغة مضطربة حزينة دامعة .. قلبها كاد يتوقف .. هل مات جنينها حقاً قبل أن تري جمال عينيه ونعومة ملمسه وبراءة ملامحه ..
تتنقل من حضن لأخر ومازالت تشعر بالخواء ..

شعرت بمن يحتضنها بقوة فرفعت رأسها لتناظر سوسن التي قالت في ألم : عوضك الله خيراً يا أريج
بكت أريج في صمت
مسحت سوسن علي شعر أريج قائلة في هدوء : احمدي الله حبيبتي .. رب ضارة نافعة .. غداً ترزقين بطفل خير منه ..
أومأت أريج في صمت
فتابعت سوسن قائلة : أنا أشعر بكِ أريج .. وما تعرضتِ له جعلني أشكر الله وأحمده علي نعمة بتول حتي وإن كان أمر استئصال رحمي كان خارج إرادتي .. فالحمدلله أن بتول علي قيد الحياة ..
سحبت سوسن نفساً عميقاً في وجع وقالت : واجعلي يا أريج ما تعرضت له انا .. نصب عينيكِ حبيبتي .. فاحمدي الله أنك بخير ورحمك بخير .. وسيعوضك الله خيراً .. أنا أثق في ذلك ..
اندست اريج في حضن خالتها وهي تحمد الله وقد فات عنها تماماً كل ما قالته خالتها لها وجعل نفسها راضية نوعاً ما ..

يجلس في صمت في إحدي زوايا المكان الذي تجمع فيه أصدقاؤه يمرحون بطريقتهم الخاصة غافلين عن أمر الدنيا .. والآخرة أيضاً

أغلق أذنيه بيديه يمنع وصول أصوات الموسيقي الصاخبة والضحكات .. ثم أحس بمن يربت علي كتفيه فنظر فوجده أقرب الأصدقاء إليه " حاتم " ..
كان حاتم ينفس دخان سيجارته باستمتاع فقدّمها لمعاذ الذي رفض بيديه .. فجلس حاتم بجواره وقال : لا تريد ان تدخن .. هذا كله من أجل بتول
ابتسم معاذ علي ذكر بتول وقال : انا لا احب التدخين .. وبتول تلعب جزءاً في هذا الدور أيضاً .. فتنفسها لا يتحمل أبداً ..
وأكمل معاذ وكأنه صدق ما أن اري أحداً ليخُرجه من أفكاره وقال : وأيضاً لا أحب أن أُغضب والدي .. يكفي نظرة عد م الرضا التي اراها في عينيه تجاهي .. تعلم أنه مستاء لأني أنهيت دراسة الحاسبات ولم أعمل معه في الشركة وتوجهت لعالم التصوير
أومأ له حاتم في صمت وقال : هيا أخبرني لماذا تجلس وحدك هنا .. لم تشاركنا الاحتفالات
قال معاذ في ألم : تعبت يا حاتم .. ما أمر به ليس بهين
ربت حاتم علي كتف معاذ وقال : عن ابن أختك تتحدث ؟
أومأ معاذ في حزن وقال : نعم .. لقد انهار البيت كله تماماً .. كنا ننتظر الطفل بفارغ الصبر .. وصُدمنا كلنا تماماً عندما علمنا بوفاته .. أريج إلي الآن لا تصدق .. وزياد لا نعلم أين ذهب بعد دفن الصغير وتلقي العزاء .. مختفي من وقتها .. منذ عشرة أيام
فقال حاتم بتساؤل : وأختك
رد عليه معاذ بقلة حيلة : عادت معنا البيت بالتأكيد .. ما كنا لنتركها ابداً في تلك الحالة
تنهد معاذ بضيق وقال : يجب أن ارحل الآن
قال حاتم في عجلة : انتظر سأتي معك .. سأوصلك بنفسي لمنزلك .. فأنتَ لم تُحضر سيارتك
قال معاذ مبتسماً : لا داعي يا صديقي .. سأرحل مع نوبي .. فنحت نقطن في نفس الحي
حرّك حاتم كتفيه في قلة حيلة : وقال طالما انتَ ونوبي راحلان الآن .. فلماذا أجلس هنا لوحدي انا .. سارحل واراك غداً صديقي
احتضنه معاذ مربتاً علي كتفه مودعاً ..

بقربك مسكنيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن