الجزء ٢

2.3K 82 9
                                    

_

الفصل الثاني

_

بسم الله الرحمن الرحيم
#بقربك_مسكني
رواية ^^

الفصل الثاني
الصدمة عندما تأتينا ممن هم أقرب منا من الروح .. لا توجع القلب فقط .. إنها توجعه وتمزقه إرباً إرباً .. تجعل دقاته رتيبة مملة ..تكرّس وظيفته لضخ الدماء فقط .. لا وقت للمشاعر .. لا مزيد من الصدمات ..

فتحت بتول باب شقتهم وهي تضحك ممسكة بيد مروان الذي يلقي عليها أخر مزحاته .. بينما وردة صغيرة بلون ملابسها السماوية تزين طرف حجابها الذي ينافس البحر في لونه .. تقع بخفة أعلي أذنها اليمني ..
تحسستها تتأكد من موضعها بينما يغزو الاحمرار وجنتيها وهي تتذكر أن معاذ قطفها من أجلها ووضعها بنفسه ليكتمل لفظ " آيه من الجمال " كتعليق منه علي مظهرها اليوم ..
أفاقت من شرودها الخجول علي كف مروان الذي يحركه أمام وجهها وكأنها خرجت من عملية تخص العيون منذ قليل ..
قال لها مروان مستفهماً : أين ذهبتِ بخيالك بتول ؟
قالت له مبتسمة : أنا معك مروان
قال مروان بأسي من قلبه : لا أظن !
كادت ترد عليه لولا أن رأت والدتها تخرج من المطبخ وعلامات الضيق تعلو وجهها ..
تحرك مروان ووقف أمام سوسن : مرحباً أمي
توقع منها مروان أن تتجاهله كعادتها وتشيح بوجهها عنه ..لكنه تفاجأ بنظرتها السوداء الغاضبة تجاهه وكأنها كانت تنتظر من يحثها علي تفجير البركان الخامد في صدرها ..
قالت سوسن بغضب : لست أمك .. ألن تفهم يوماً ؟ هل أعيدها مراراً وتكراراً علي مسامعك .. أم أذنك أصابها العطب كقدميك ؟
قاطعها صوت زوجها قادماً من حيث كانت .. قائلاً بغضب : يكفي سوسن !
نظرت سوسن بذهول نحو شاكر زوجها وهي لا تصدق ما تفوهت به للتو ؟ هي دوماً تقسو علي مروان لكن لن تصدق يوماً أن يصل بها الحال أن تتحدث عن أمر قدميه ..
بينما مروان ابتسم لها ابتسامة كسيرة وتوجه لغرفته ماراً ببتول التي كانت تقف جاحظة العينين تضع يديها علي فمها في وجع ..

لم يتحدث احد .. يناظرون بعضهم في صمت .. أي كلمات تُقال بعد كلماتها .. كلماتها أصابتهم كلهم في مقتل حتي هي .. لقد تخطت الخطوط الحمراء وما بعدها ..
زهرة السوسن رائحتها خلابة .. مظهرها رائع .. ملمسها ناعم .. وأشواكها تقتل !

أول رد فعل تكّون هو هرولة بتول المتوترة تجاه غرفة أخيها ..
طرقت بتول باب الغرفة بخفة تشوبها توتر .. لا استجابة .. ففتحت الباب ودلفت الغرفة بصمت لتجده بجانب سريره ساجداً لله .. جلست علي طرف السرير تناظر ظهره .. تنتظره حتي ينتهي من صلاته .. وعندما انتهي .. جلست بجانبه .. تمسك يديه في حنان .. تنظر لعينه .. لا تجد ما تقوله .. هو هادئ وهي في غاية التوتر .. هو ساكن براحة وهي مضطربة .. هو يبتسم لعينيها وهي تجاهد لتبتسم .. هو المجني عليه وهي ابنة الجانية !

تنحنح مروان قائلا بإبتسامته المعهودة : هل تريدين شيئاً بتول ؟
هربت منها الكلمات ولم تجد سوي ان تقول بتساؤل : تصلي ؟
أجابها براحة : نعم
قالت بهدوء : غريب أمرك مروان .. ظننتك قد تكون نائماً باكياً صامتاً ولكنك كل مرة تصدمني بثباتك وكأن شيئاً لم يكن .. ردة فعلك لا تناسب أبداً عمرك ! من علمك هذا ؟
أجاب مروان بحنان مشتاق : أمي !
صمتت بتول وغمغمت في صمت : رحمها الله ..
أمّن مروان علي دعائها وقال : تعلمين يا بتول .. قبل خمس سنوات .. كنت مثلك كلما ضاق صدري أمي وذهبت غرفتها .. أهرول ورائها كي أخفف عنها أو احتضنها طالباً الأمان مواسياً .. فقد أجدها تصلي .. وبعد ان تنتهي .. ارتمي في أحضانها طالباً الأمان ناسياً أمر المواساة ..
نظرت له بتول بحُب فأكمل : أخبرتها تعجبي من أمر صلاتها في موقف كهذا .. فكانت تخبرني بأن الرسول صل الله عليه وسلم كلما فزعه أمراً هرع إلي الصلاة .. فبدأت أقلد رسولي وأقلدها .. ولا أخبرك عن كم الراحة النفسية التي تملأ نفسي بعد صلاتي هذه .. سلام نفسي يتمكن مني رغم عني .. تمكن محبب ..
احتضنته بتول في صمت طالبة الأمان هي الاخري وناسية المواساة ..

بقربك مسكنيWhere stories live. Discover now