58

12.5K 222 20
                                    





الفصل الثامن والخمسون

المدخل : بقلم الغالية منى سعد

كيف يكون لقائك كظمأن تأه بصحراء حبك باحث حتى ترويني احضانك
كيف استطعت البعاد وبين يديك تسكن الروح والفؤاد
كنت ميت حي وبلقاك نبضة بي الحياه

سلمت يمينك

*************


" دُره "

شعرت بكل شيء حولي توقف وكأني أصبحت وحدي واقفة في الفضاء الخارجي

حتى أصوات العصافير أمامي اختفت ! هل صحيح سمعت صوته أم أني أتوهم ؟

هل وصلتُ لهذه المرحلة من الجنون ومن الفقد والشوق والحرمان , جمدت مكاني

وكأني جماد بلا روح وقد رفض عقلي فكرة الالتفات للخلف والتأكد منه كي لا

أكتشف الحقيقة المُرّة المفجعة , وأنها ليست سوا بداية سماعي لصوته يناديني طوال

الوقت وهوا غير موجود , أنْ أصبح كالمجنونة أخرج من المنزل ليلا أبحث عنه

في الخارج لأني سمعته يناديني , أرهفتُ جميع حواسي لما خلفي لعلي أتأكد من شيء

أجزم أنه خيال ووهم لكني شعرت حقا بأحدهم خلفي ولازلتُ عاجزة عن الالتفات له

لأنه أمر أبعد جدا من أن يكون واقعا , ضغطت يدي على القضبان أكثر وهي مفرودة

الأصابع وكأني بتمسكي بها هكذا أمنع نفسي من الالتفات , وإن كان يمكن لأصابعها

تخلل فتحاتها الصغيرة المتقاربة لأمسكت به بكلى يداي , لكن شعوري بذاك الشيء

لا زال موجودا ولازال قويا بل وبتُّ أسمع بوضوح أنفاسا قوية متلاحقة خلفي

تماما , اتكأت بجبيني على القفص وقلت هامسة بعبرة " لا يا رب لا تعشمني

بشيء ليس واقعا , لا تفعلها بي يا رب فهذه فوق طاقتي "

ثم رفعتُ جبيني بسرعة ونظرت بدهشة لليد التي لمست يدي , ليد الرجل التي

وضعت فوقها , كفها على كفي وأصابعها على أصابعي رغم فارق حجمهما

يد أواس !! هي .. أقسم بذلك وهذا لن يكون خيالا أبدا وقد زاده الصوت

الذي همس من خلفي " أجل عدت يا قلب أواس "

لأشعر حينها أني أنا من عدت للواقع , أنا من عدت للحياة لأن أكون بشرا موجود

فعلا في هذه الأرض فالتفت بسرعة بصرخة مختلطة بالبكاء ولم أرى شيئا أمامي

سوا الصدر الذي ارتميت عليه والجسد الذي تمسكت به بقوة وقد لففت ذراعاي حول

خصره أبكي بنحيب أجزم أن كل من في المدينة سمعوه , نعم هوا جسده رائحته صدره

حصون من جليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن