وكم كانت رائعة معي وكأني أعرفها من أعوام "
هز رأسه في أشارة لأتحدث فتنفست بقوة أمنع دموعي من النزول وقد
تذكرت حديث زوجته عن كرهه للضّعاف من الناس وقلت " بعد
القبض على جدي وحين استفقت في منزل عائلتي .... "
وسردت عليه القصة بأبسط ما أقدر عليه وهوا يستمع لي دون مقاطعة
وبملامحه الجادة ذاتها التي يبدوا أنها لا تتغير إلا مع زوجته وأنه لها
مكانة كبيرة جدا لديه , بعدما انتهيت مسحتُ عيناي بقوة مانعة دمعتي
من التسرب من رموشي وتنفس الجالس أمامي بقوة وقال
" طلب الاستقالة لم يصل مكتبي ! "
نظرت له بصدمة فهل هذا كل ما عناه في كل الأمر ! وهل أوقعتُ عم
ترجمان في مشكلة إن كان هوا من لم يوصل الطلب له ؟ كنت سأتحدث
فسبقني قائلا من بين أسنانه " علي رضوان !! ما أنذل ذاك الرجل
وأقبح أفعاله "
نظرت للأسفل وقلت بحزن " لن يشعر أحد بفظاعة ما مروا به من ظلمهم
مثلي لأني جربت مثلهم , ولم يقاسي منه أحد كأواس والله أعلم ما
سيلقى أكثر وهوا حي شبه ميت "
قال بذات جموده " والمطلوب مني الآن يا دُرر ؟ "
نظرت لزوجته التي لازالت تنظر لي بصدمة مما سمعت ثم له وقلت
" زوجي يا سيادة الوزير , لا أريد شيئا غيره فلقد بحثت عنه
كثيرا ولم أصل له "
ثم ملئت دموعي عيناي ولا مجال لإمساكها أكثر وتابعت بعبرة مكتومة
" فليمت أمامي ولا احرم من وجوده ما بقي له من عمر ولا يُحرم
هوا من رؤية ابنه "
تنهد بقوة ونظر للأرض لوقت ثم رفع نظره بي وأنا أمسح دمعتي
بظهر كفي وقال بجدية " هل لديك علم بالقانون الذي اصدر من
خمسة أعوام بشأن مصابي الإيدز ؟ "
نظرت له بصدمة ولم يترك لي مجالا للرد على سؤاله وقد تابع قائلا " هل
تعي معنى أن تأتي لوزير وتحكي له ما أخفاه زوجك عن الجميع كي لا
يُطبّق عليه القانون ويُحتجز في مركز مكافحة وعلاج ذاك المرض "
نزلت دمعتي من فورها وقلت بذات صدمتي " هل تعني أنك ستقبض
عليه وتسلمه للمركز ؟! "
نظرتْ له زوجته بصدمة لا تقل عن صدمتي وقالت " جااابر !! "
YOU ARE READING
حصون من جليد
Actionغرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن ورجل يليق بهذا المكان بمعطفه الخريفي الرمادي رغم أننا في فصل الصيف وطاولة واحدة أمامها كرسيان فقط ليس لضيق المكان لكن لأنه لا يدخله أكثر من ...