-40- الجزء الأول

10.3K 176 8
                                    

-40- "الحلقة الأخيرة النصف الأول"
أعتلي وجهه أبتسم حينما أجابته بصوتها الناعم, فقال بجرأة :
-وحشتيني..
تورد وجه نيرة, و توترت أكثر, و هي تقول بلسان مغصوب :
-و انت كمان وحشتني
ليقول بلهجة فاترة واجمة لا تحمل ملامح السعادة و الفرح :
-عرفت أنك اتخطبتي امبارح مبروك..
فأجابت في حزن :
-لية بتقولها من غير نفس..
أندفع عليّ بالأجابة في ضيق :
-عشان انتِ عارفة رأيي في الي أسمه عامر دة و عارفة أنه انسان ميستهلش انك تبقي معاه, و مع ذلك روحتي له برجليكي و وافقتي..
فقالت برقتها المعتادة :
-انا فاهمة قصدك..عامر وحش لكن انا هقدر أصلحه صدقني..
ثم تابعت في صوت يوشك علي البكاء :
-بس انت خليك معايا..انت عارف اني مبقدرش اعمل حاجة من غيرك..انت طول عمرك أعز الناس عندي..
و تساءلت مغيرة مجري الحديث :
-بس انت فين اليومين دول؟
-انا في المزرعة بتاعتنا في الفيوم..حبيت أروح أستجم شوية هناك..
تنهدت بأريحية قائلة :
-فاكر لما كنا بنروح انا و انت هناك..
ليواصل علي كلامها باسما و هو يتذكر ذكريات الطفولة و الصبا :
-و انا اقدر انسي حياتنا في المزرعة, فاكرة الخيول!
اطلقت ضحكة رنانة رقيقة :
-طبعا, كنا بنبات هناك انا و انت دايما..
ثم تابعت بحماس طفولي :
-لازم نروح تاني..لازم اشوفك
من بعيد ينصت لكل كلمة و القلب يحترق و يزداد فزعا بكلامها, الذي لم يستطع إتخاذه غير علي محمل الخيانة, كلامها كان مبهم, غامض, لا يفسر سوي السوء, أنهيت المكالمة بنفس الضحكة البريئة التي تطلقها حين تكون سعيدة, كيف ذلك؟ أصبحت سعيدة مع غيري, و هي التي كانت تتعلق بأوصاله أمس, لكونها أبنة زنا مضطهدة من الجميع, من الذي تحادثه و تكلمه بتلك الخلاعة, و أكثر ما زاد غريزته غضبًا حينما قالت بكل وقاحة عن كونه رجلا سيئا, ألتهمت النيران الألباب, و حطمت قيود الرحمة, لتفرج عن الأنتقام, قرر أمس ان يبدأ حياته بشكل ودي, يفعل ما تريد حتي تكون تلك الملاك الطاهر تحت رعايته للأبد, لكن الآن يسب نفسه لسذاجته علي تحمله لتلك الخائنة, تقترب منه و الهاتف مضموم بين أصابعه, تحمل علي وجهه الإفترار الباسم, لولا تمسكه بباقيا كرامته أمام هيئته, لبصق علي هذا الوجه المخادع.
-شوفت كان في حاجة مهمة عاوزة أقولهالك و نسيت..
ثم بسطت ذراعها لمجلس صغير قائلة :
-تعالي أقعد وقفت ليه!
و أمسكت بأطراف يده, تسحبه لمجلس الصغير, جلس أثنتيهما, و الصمت يلفحه, فيما قالت برقة خجلة :
-فاكر ماما, كلوديا؟
أماء بالإيجاب, لتقول بحماس :
-ماما عشان هي ضعيفة في العربي فمش بتعرف تنطق أسمي صح, بتناديني دايما يا نِّيرة
رسم علي وجهه أبتسامة مقتضبة, لتتنهد في بسمة بقولها :
-و انا حبيت الأسم رغم اني زعلت في البداية انها مبتعرفش تقول أسمي صح, لكن دلوقتي عجبني و مشتاقة جدا أسمع صوتها و هي بتناديني بيه..ناديني بيه يا عامر, انت عارف انا بحبك قد أية و نفسي أسمع أسمي مميز منك أنت..
و تركت رأسها فوق منكبه, معانقة ذراعه لصدرها في حب لامع ببصيرتها الصغيرة, ليقول الأسم في بعض من الإستعجاب :
-نِّيرة؟؟
-بالظبط كدة..ناديني بيه علطول بقي..و اممم و انا هناديكي بعمورة..
ضحك بإستخفاف و هز رأسه في أستنكار, لتتساءل مسرعة في براءة :
-مش عجبك؟
لينهض من مكانه قائلا في بسمة مصطنعة :
-ناديني بالي بتحبيه يا حبيبتي..انا همشي دلوقتي
لتتعلق بأصابعه, تعبس بقسمات وجهها معترضة في دلال :
-لا خليك متروحش..
ليمسك بيدها و يضغط عليها في عنف فكاد يعصرها, أطلقت تأوة صغير لكن فورا ما تبسمت حين وضع قبلة فوق كفها, و تركها و رحل, تحسست ملمس يده علي يدها التي تردت من قوته, سكتت و رفعت رأسها الي الأعلي, لتتفاجئ بإيهاب مازال ينظر إليها من خلف الستار بعينين الذئب, أنقلع قلبها من مكانه, فضيقت بعينيها في عبوس متضايق, ليسرع بإغلاق الستار مرة أخري..
                               ***
مر أسبوع الأوضاع تسير كما هي, لا مختلف, حزن بسمة المختبئ اسفل بسمة, و أنتقام عامر الذي يحضره حتي يأخذ حقه كاملا متكاملا دون نقصان, بينما السعيد الوحيد هي نيرة التي أتخذت حياتها بكل بهجة و سرور بصدر رحب كبير, رغم قرب إمتحانات دراستها, ألا شعورها بالسعادة كان طاغيا علي توترتها و حزنها..
أمسك حسام بخديها و نظر لعينيها قائلًا في سعادة حقيقية :
-الحمدلله أطمنت عليكي, دلوقتي وقت اني أمشي و انا مطمن انك هتبقي كويس..
شابكت حاجبيها و تساءلت مستغربة :
-تمشي فين !
-انا مسافر, انا و ياسمين دبي هنعيش هناك..
لتندفع بغضب قائلة :
-لية ؟
فضحك مهدئا قطته الغاضبة قائلة بليونة :
-يا حبيبتي شغلي..بقالي كتير عاطل بس السي في أتقبل و هسافر و أكون حياتي في دبي
-و هتسبني يا حسام! هتسبني مع إيهاب لوحدينا في نفس الشقة انت مجنون مش بتفكر في الي ممكن يحصل..
تحسس خدها في نعومة قائلا و البسمة لا تمحو عن وجهه :
-كل خير هيحصل..
انقبض قلبها و هي تتخيل أنه بالفعل سيتركها مع إيهاب بمفردها, لتنظر له برجاء و تقول في تمسك :
-لا متمشيش خليك معايا, انا خايفة
-انت خلاص اتخطبتي لعامر و ان شاء الله هيقدر يحافظ عليكي, انا واثق فيه, و إيهاب مهما كان هو أخوكي و أكيد لو عرف ان عامر زعلك هو أول واحد قصاده..إيهاب بيحبك أوي..
لتهزء بالقول :
-بيحبني ! مانا عارفة!
ترك قبلة فوق جبينها, و أطال بها فربما تكون القبلة الأخيرة!, نزفت الدموع فوق عينيها, و تفاجأت به يعلق قلادة ذهبية فوق رقبتها, كتب عليها آيه الكرسي, نظرت لها بين أمواج الدموع التي تحيض عنها البصر, لتبتسم رغما عنها و تعانقه, عناق الوداع في قوة, شددت إليه في عنف و كأنها تردد, لا تذهب لا تذهب!
سافر حسام, فشعرت بمرارة فراقه من المنزل, شعرت بالنقصان و الخوف كل ليلة عما قبلها, فهي تدرك لولا تواجد حسام في المنزل, لن يأتي إيهاب خفيا, ليسرق من جنتها البراءة و الجمال, أصبحت تستقيظ كل ليلة قلقة, ان يكون إيهاب يشاركها الغرفة بأنفاسه الملوثة, تنظر لجسدها و تجذب الغطاء لها في إحتماء, كإنها تؤكد لن ينل منها شيء مهما كان الأمر.
و حدث ما لم تتوقع, إيهاب لم يأت يومًا, بل أيضًا, لم يحاول إحتكاك عينيه بنظرة سريعة لها, كان مسالما, هادئا, لا يضر, و لا ينفع, طوال الوقت في غرفته, ماكثا فوق فراشه, و أحيانا, يخرج لمقابلة أحد أطباءه, او يبيت ليلة في أحضان إحدي صديقاته.
أطمأنت و ازدادت القرب من عامر, و ازدادت الطمأنينة حينما عاد عليّ من رحلة علاجه من المزرعة, فهي تعرف جيدا, ان رحلته لمزرعة لم تكن علي سبيل الترفيهة, أو زيارة أحباءه, بل لزيارة نفسه الأخري, ليتسكع في المكوث داخل محرابه الصغير, و يحادث ما بقي من عليّ, فيبدي مراجعة طويلة عما حدث له الفترة الماضية و يشاور نفسه السوء عما فعل سيء, و لِمَ فعل!, هذا ما كان يجعل عليّ مثاليا, فكونه كارها لسوء و محبا لخير, حريصا علي فعل كل زين و البعد عن ما يشين, هذا ما يجعله مميز في نظرها, بلي, ايضا هذا ما يجعله قدوتها الأولي و الأخيرة, تكافح, لكن رغم هذا هي لا تحبه لحبيب, بل كشقيق..
نفض عامر يديه الملوثتان بالغبار, و ذهب ليغسلهما في الصنوبر بالمياة البارد, نزل الغبار بنيا كالطين من يده, كان ينظر له بالتركيز أو بشرود, فهو كان شاردا في قراره الذي سينفذه, سقطت قطرات المياة من يديه المبللة, ليمسحها في قميصه الأسود, ثم أخرج هاتفه للإتصال بنيرة.
جاءه صوتها الهزيل, فتلك الأيام قد اًصبيت بزكام جعل صوتها أكثر ضعفا, متحشرجًا ضئيل, لكنها قاومت و أجابته بنفس البهجة و السرور قائلة :
-أيوة يا حبيبي..
-أزيك يا نيرة, أقدر أجي البيت !
تعجبت من تلك اللهجة الجادة الشديدة, لتقول مرحبة في بعض من القلق :
-أه طبعا يا عامر انت تنورني في أي وقت..
ليقول موضحا أكثر :
-أقصد حد في البيت..عايز أكلمك في موضوع مهم بس علي إنفراد..
أزدادت دقات قلبها رعبا, و قالت في قلق واضح :
-خير ؟ في حاجة..
فسارع بالقول و هو يغلق البقالة خاصته :
-لا لا يا حبيبتي خير..موضوع بسيط, بس يعني انتِ عارفة مبحبش ابقي موجود و أشوف ال** إيهاب بتعصب, كل ما اتخيل هو كان بيعمل فيكي اية..
لتبتسم قائلة :
-لا لا متخفش هو مش موجود انا قاعدة لوحدي بذاكر انت عارف امتحاني الأسبوع الي جي..
-انا هاجي أقعد معاكي شوية علي الأقل أفتح نفسك علي المذاكرة..
قالها في لهجة خبيثة ماكرة, لتقول في سعادة :
-طب يلا تعالي..
لم يتأخر عامر في الذهاب, بل أن أقل وصف, أنه قفز في سيارته و سارع بالذهاب اليها مستعدا, بكامل قواه, لتحقيق هدفه, لتحطيم الحب, وصل في غضون دقائق و ترك سيارته بعيدا عن منزلها, فمازال لا يعتاد علي كونها خطيبته أمام الناس أجمعين.
دلف الي المنزل, و ساقته قدميه لتوجه لغرفتها, وقفت مرتبكة امام باب البيت, و أغلقته في هدوء, لتذهب خلفه متسائلة في تفاهات كي تقلل من توترها في وجوده معاها في غرفتها, جلس علي كرسيا مجند, و رفع ساقيه علي مكتبها بحذاءه المتسخ, جلست بجاوره في بسمة صفراء, أخرج سيجارا و عزم عليها بتناول واحدة, فتمنعت, أطلق بسمة هازئة و قال :
-أشمعني يعني, شربتي معايا قبل كدة أسوء من كدة
لتضحك و ترفع كتفيها في مرح :
-كان زمان, توبنا دلوقتي
ليربت فوق كتفها قائلا في ابتسامة واسعة :
-ماشي يا نِّيرة
قالها قاصدا, ان يري السعادة بأسمها الآخر, فسألته و قد خف توترها تماما :
-موضوع اية الي كنت عاوزني فيه..
مال بجزعه لوجهها و تأمل عينيها الصغيرتان, التي عاودهما التربك من القرب الشديد, نفخ بأنفاسه في وجهه, فكحت بقوة و هي تنفر بوجهها بعيدًا عنه, وضعت يدها علي صدرها, و أهتز جسدها من قوة الهواء الذي استنشقته منه, فقال ساخرا :
-فوكي الطرحة مش ناقصين خنقة, انتِ مش قدام حد غريب برضه
هزت رأسها بالنفي و هي تتابع الكح في تزايد, ليضع يده فوق ظهرها, و يتحسسه في لمسة شهوانية, لمس فقرات ظهرها الظاهرة في نعومة ثم أخفض بيده أسفل ظهرها, ليثير أنوثتها, أرتعشت بجسدها و أبتعدت عنه في حركة هادئة لتمنعه في خفوت و تقول لا بالعينين, وقف من كرسيه و أخذ يذرع الغرفة ذهابا و إيابا, فتساءلت دون النظر اليه مباشرة مكررة و قد تملكها الخوف أشد ما يتملكه المرء و هي تراه يغلق نافذة الغرفة :
-اية الموضوع يا عامر!
تقدم لخزانة ملابسها و فتحها بلا إكتراث قائلا :
-ولا حاجة مهمة, وحشتيني قولت آجي نتكلم شوية, بقالنا كتير مقعدناش علي إنفراد..
فقالت في جمود :
-طب ياريت الزيارة متطولش..
تلفت لها متفاجئًا من تلك اللكنة القاسية التي حدثته بها, ليصنع وجه حزين مصطنع و يصمت, أخرج وشاحًا ترتديه لتحتمي من البرد, ثم تابع بإخراج بعض من ثيابها و هي لا تلاحظ, فقد حاولت الإنشغال بالمذاكرة عن الإلتفات إليه, أمسك حجابًا ذو لون أحمر حراري, و نظر إليه في بسمة صغيرة, كأنه يمسك ثوبًا عاريا خاصة بها, لف إحدي أطرافه حول كفه الضخم, و بنفس الطريقة لف الطرف الأخر بيده الأخري, تقدم لمقعدها خفوتًا و هو يقول :
-أتمني تكوني مرتاحة في طب دلوقتي..
لتقول بتلعثم و هي تخاف النظر خلفها :
-مرتاحة..
فأنقض فجأة عليها, و وضع الحجاب الأحمر بين فكيها, ليربطه من مؤخرة رأسها, صارخا في قسوة :
-و أتمني تكوني مرتاحة في الي هعمله دلوقتي..
صرخت, لكن الصرخة لم تصل للآذان, بل كانت مكتومة بين طيات حجابها الأحمر, حاولت فكه عنها, فكبل معصميها بقبضته القوية و نظر بعينين تخرج منها شرارة :
-صدقيني هتستمعي جدا
حاولت التملص منه, و الفرار, فحملها بخفة علي ذراعيها و ألقاها كجثة بلا روح فوق الفراش, صرخت حين أرتطمت جبهتها في حافة العمود الخشبي, فنزف حاجبها الأيسر دماء غزيرة, قفز أمامها و هو يمسك بوشاحا أخر خاصة بها, و أخذ يربط معصمي يدها في عواميد الفراش, صرخت بكتمان و حركت ساقيها في عنف, لينظر لوجهها الذي أمتلأ بالدماء و يمسكه بين كفيه متأملا بنظرة شيطانية :
-حتي و انتِ متعورة شهية ليا يا نِّيرة..
و أنكب علي وجهها بالتقبيل و لعك دماءها, إزدادت تقززا منه و هي تشعر بلسانه اللزج يمر فوق وجهها, بكيت فلم يكن في يدها سوي البكاء, عاد الي الخلف و تطلع لجسدها المرتعش في إشتهاء, ضربته بكعبها في معدته, ليصرخ متوعدا بالسباب :
-يا بنت ال***..
ثم جذب ساقيها الي خصره في عنفوان, حركت رأسها في نفي و حاولت القيام, فأنحني فوق وجهها و نظر في عينيها الباكيتان, خُيل إليها ان عينيه تدمع و الدموع تنزل فوق وجهها, حتي وقع علي مسامعها قوله القاس :
-مكنتش عاوزة أعمل فيكي كدة, بس انت برضه لازم تفهمي كنتِ بتتعاملي مع مين, انا عامر يا ****
صرخت من أسفل الإلثام, كانت قليل الحيلة, أمام هذا الوحش المتعانف, كانت أمامه دوما ضعيفة سواء كانت أمام حبه, أمام عينيه, أمام شهواته, أمامه كانت دوما ضعيفة..
                                ***
غسل في الحوض الأبيض يديه, تحول فجأة لون الحوض الي أحمر من الدماء التي لطخت أصابعه السمينة, التي تراقصت فوق جسادها بتلذذ من إلتواءها و رفضها الصريح, أغلق سحاب بنطاله, و أزرار قميصه ثم نظر الي شعره المبعثر ليعدله و هو يدندن لأغنية لعبد الحليم :
-موعود موعود موعود
موعود معايا بالعذاب موعود يا قلبى
موعود و دايما بالجراح موعود يا قلبى
وجد زجاجة عطرها قد وضعت فوق رف من رفوف الخزانة الصغيرة, ليخرجه و يتشمم عطره, أستشنقه في لذة و رش علي ثيابه بكثرة, مؤمنا ان رائحتها المميزة ستظل قابعة لأطول وقت علي ثيابه, مسح فوق ذقنه الكثيفة و خرج من المرحاض, في شكل مهندم مرموق.
وجدها تتلوي علي الفراش, تطلق أنين صغير غير واضحا, كان أسفلها نقاط دماء توردت, أبتسم أبتسامة واسعة و هو يراها بذلك المنظر المهين الذليل, وقف أمامها, مرسلا لها قبلة في الهواء قائلا بكل هدوء :
-حقيقي انا اكتر واحد مستمتع بالليلة دية..
عاودت البكاء, ليضرب بيده علي جبهته و هو يقول :
-نسيت افكك أعذريني يا حبيبتي الواحد كان ملخوم..
ثو فك اللثام عن فكها, و يديها المكبلتان, أمسك حجابها الأحمر و بدون النظر إليها قال باسما في سخرية :
-الحجاب له ناسه, و انتِ **** عاهرة مينفعش تنجسيه
ثم عاود عينيه العسليتان لها و أتسعت ضحكته :
-مش لايق عليك الإحترام خلاص يا نيرة سوري يا نِّيرة, البت الي بتمشي معايا, لازم يتعلم عليها..و انا كنت اهبل كنت سايبك بس انتِ اخدتي في نفسك مقلب كتير شكلي دلعتك زيادة, صح يا نونا!
ناظرته في صمت, نظرة مليئة بالبغض و الحقد, ابعدت النظر عنه فجأة, ليمسك برقبتها و يقبض عليها بقوة, و يعيد تأمل عينيها صائحا :
-انا عامر عمران يا حلوة, و مش عامرعمران الي يتخان, و لا يتهدد, كان لازم تتعرفي كويس علي الي هتعيشي معاه..
و تابع بلهجة أقل صراخا و أكثر قسوة :
-انا يمكن حبيتك و يمكن تكوني الوحيدة الي حبيتها في الي عرفتهم, بس لا, دية مش رخصة عشان أبقي دلدول لسيادتك, انا دلوقتي سيبتك و عارف أن مفيش دكر هيبص لخلقتك..مش انا الي أركع لواحدة انتِ الي هتركعيلي لما كل الرجالة تعرفك و تعرف ماضيكي النجس, يا بنت الحرام
أغمضت عينيها بقوة, كأنها تصك أذنيها عن هذا الكلام المؤذي, و هدأت حدته, ليسبح بيده فوق خصال شعرها, البني المذهب, و ينحني فوق شفاهها مرددا في مكر :
-نعتبرها قبلة الوداع يا حبيبتي..!
*
*
*
*
*
يتبع..
الجزء الثاني من الحلقة مساءً

مدمن قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن