-38-

7.6K 164 9
                                    

-38-
وقفت مقابله باسمة الثغر, فتبسم تلقائيًا و أمسك بيدها الممدودة لمصافحة, أطرق رأسه عليها ليقبلها قبلة دافئة محيي أميرته, فقالت في حياء :
-اسفة اتأخرت عليك..مكنتش عارفة أظبط الطرحة كويس فضلت اظبط ساعة كاملة فيها, بس اية رأيك؟
ابتسم بسعادة و مد يده ليدخل الخصلة التي خرجت من حجابها و قال مازحا :
-و الشعر دة لسة مقتنعش بالحجاب و لا اية..زي القمر يا حبيبتي
لتقول في ثقة :
-بسمة الي اقنعتني لعلمك
شابك حاجبيه و استغرب بقوله :
-بسمة! و هي بتكلمك
-ياااه من زمان اوي..انا و هي بقينا صحاب جدا الفترة الأخيرة
أمسك وجهها بين كفيه و ترك قبلة فوق جبينها, تملصت رأسها من أصابعه في خجل و منحته بسمة صفراء و نظرة متوجسة كأنها تذكره بعهد أمس, لم يكن في مخيلته انها ستكون جادة لهذا الحد, فتنهد و اماء رأسه في طاعة..
من الأعلي تابعهما نظرات عليّ المتفحصة, ألتهب قلبه من الغضب, ألم تخبره منذ أيام ان عامر ذكري ذهبت مع الريح, كيف يعودان مرة ثانية و كأن شيئا لم يكن, جز علي اسنانه محتقنًا من غبائها, ستظل نيرة كما هي لن تتغير, الي متي ستظل تحت تأثير حب عامر المرضي, الذي لا وجود له, حينما فارقها عامر كان هو السند الوحيد لها, هو من حفزها علي مقاومة حبه و الانشغال بدراستها عوضا عن التفكير فيه, حتي جاء عامر و غمرها باحضان مخادعة و كلمات كاذبة, لاحظ اللتقاء أعين نيرة معه, فازداد غيظا حينما تبسمت اليه فأغلق نافذته و رحل مبتعدا عن الحب الذي يأبي ان يأتي اليه..
وقف عامر بسيارته امام مبني عال, ترجل من السيارة و هو يقول بعينيه اليها ان تأتي و تجهز لمفاجآته المتواضعة, حدثها طوال الطريق ان مهما كانت جمال مفاجآته اليها لن تساوي شيئا امام مفاجآة تحجبها, فقد أكدت اليه اليوم انها له, كل شيء له, جمالها هو الوحيد المتحكم به, جسدها أخفته ليكون له, هي كاملة له! هذا ما أدركه بوجه نظره العميقة بحجابها, خرجا كليهما من السيارة و صعدا الي المبني, كانت خلفه كالظل, لا تخشي من شيء ممسكة بيده ليقودها الي حيثما يريد, وقف أمام منزل و فتحه بمفتاح فضي اللون, ترددت بالدخول و نظرت اليه مستفسرة, ليقول بعجلة :
-يلا بسرعة قبل ما حد يشوفنا..
قالها و قبل ان تتفوه بكلمة, كان قد أقبض علي معصم يدها و دفعها في شيء من العنف لداخل..
                                 ***
قصت كل ما حدث لشهد و الابتسامة لا تزول من وجهها, و السعادة لا تكف عن الخروج مع حروفها, كادت عينيها تمتلئ بالقلوب و هي تخبرها بما فعله عامر و انه قد بدأ بالتغيير نوعا ما, سعدت شهد لسماع تلك الأخبار و ربتت بيدها فوق ظهرها, فنظرت بسمة الي عينيها و قالت في بعض من الخوف :
-شهد انا عايزة احكيلك علي حاجة
نظرت شهد لها بتفحص و قالت :
-مصيبة جديدة!
-حاجة زي كدة, فاكرة لما قولتلك اني روحت أجهضت البيبي
زفرت شهد بنفاذ صبر من تذكرها بهذا الموقف :
-دة و حاجة تتنسي..
لتبتلع بسمة لعابها في حرج و هي تقول :
-من ساعتها و انا بنزف
لتقول شهد ببساطة :
-أظن دة طبيعي لأي واحدة عملت اجهاض..
-لا مش طبيعي انا طولت عن العادة اكتر من 3 شهور و انا علي الحال دة
سكتت شهد لوهلة ثم عاودت القول :
-شيء مريب, تحبي نعمل تحاليل عشان نتأكد انك بخير..
اماءت برأسها مسرعة و هي تقول بوجه شاحب :
-ياريت يا شهد ياريت..حاسة علطول اني تعبانة بسبب الموضوع دة
لتنظر شهد لساعة يدها و هي تقول بجدية :
-انا فاضية الفترة دية تحبي نروح المستشفي حالا..
همت بسمة من مكانها و هي تقول :
-تمام انا جاهزة...
                                 ***
تحسست رسغها بأصابعها و هي تتأوة قائلة :
-وجعتني يا عامر!
ليغلق عامر الباب و هو يقول متأسفا :
-اسف يا حبيبتي..بس عشان الناس الي هنا و مش حابب ان حد يشوفنا..
لتحرك رأسها بالنفي, و ترفع رأسها اليه لتسمع ماذا يريد ان يقول بعدما جاء بها الي ذلك المنزل مفقر الاثاث, اقترب منها شيئا فشيئا و امسك بكلا يديها, رأت في عينيه الخبث لتتساءل بابتسامة مرتبكة :
-في حاجة يا عامر, فهمني احنا هنا لية! قولتلي ان المفاجاة بتاعتي هنا..
-تتجوزيني يا نيرة
أندهشت و ألتمع وجهها بالحمرة الخجلة, ليمسح بأنماله علي وجهها و هو ينظر في عينيها بشوق :
-ساكتة لية!
لتقول بحياء :
-لا اتفاجأت بس..
-موافقة؟
-انت بتسألني يا عامر..اكيد موافقة بلا شك..
ليتراجع و هو يفسح بذراعيه في نصر و سعادة :
-تمام أوي..
ضحكت في عفوية علي رد فعله, ليقول مسرعا :
-طب ثواني خليكي واقفة مكانك
ذهب الي احدي الغرف, فوقفت مكانها و قلبها يتراقص علي أنغام الفرح, استدارت حول نفسها مرارا و هي تتخيل نفسها ربة ذلك المنزل, أهذا المنزل سيكون لها هي و عامر, اطلقت تنهيدة خرجت بعد عناء و توقفت عن الدوران, لتري عامر يتقدم اليها محملا ورقة و قلم, تركهما فوق المنضدة و هو يقول بابتسامة واسعة :
-يلا امضي..
هدأت شعلة بسمتها و هي تتساءل :
-اية الورقة دية!
ليقول بكل ثقة مع ابتسامة واسعة مضيئة :
-هنتجوز عرفي مؤقتا لحد ما تتحل ظروفي..
اتسعت حدقتيها و أطلقت بصدمة "اية؟", ليرفع منكبيه بلا اكتراث قائلا :
-مالك يا حبيبتي..انتِ موافقة علي جوازي منك هيفرق معاكي اية لو كان عرفي او لا..
ثم تابع مبررا :
-و بعدين انتِ أكيد عارفة ان الجواز العرفي هو الجواز الصح, الباقي بيبقي عبارة عن اشهار فقط لناس و احنا مش محتاجين كدة..
لتقول بلسان مشلول و عينين مليئة بالدموع :
-بس انا عايزة كل الناس تعرف اننا متجوزين يا عامر لو علي الاقل اهلك و اهلي..
-انا ماليش الا اختي و امي و خالي بس مش حابب يعرفوا الفترة دية..نفاجأهم بعدين
ثم تابع في استخفاف :
-و انتِ كمان مالكيش اهل هيفيدك باية الناس تعرف..
وقفت عاجزة عن الكلام, الدموع فوق هي سيدة الموقف, تبكي بلا صوت و لا نفس, لا تصدق ما يقوله, و كيف استطاع التبجح و القول ان لا أهل لها, شعرت بالنقص امام تلك النظرة المستحقرة, كادت تصرخ و تهرب عن المنزل لكنه منعها صوته اللين و هو يقول :
-يا حبيبتي سبينا نتعرف علي بعض في العرفي و أوعدك اني هعمل اشهار لينا بس لما نتأكد اننا فعلا لازم نتجوز و نعيش في بيت واحد و نكون أسرة ا...
لتبكي بشراهه و هي تخمر وجهها بكفيها ليقول حانقا :
-لية بتعيطي دلوقتي يا نيرة..انا فكرت كويس في القرار دة طلع هو الصح..
لتقول ببكاء عنيف :
-مش عايزة اتجوزك عرفي يا عامر..
ليكفكف دموعها و هو يقول بجدية :
-طب انا موافق اسيبك انهاردة تفكري..بس عشان تتأكدي من ان قراري دة صح لينا احنا الاتنين..و علي فكرة يا حبيبتي الشقة دية هتبقي بأسمك و هنعيش هنا اغلب اوقتنا..عارفة دية شقة ابويا سابها بأسمي عشان لما اتجوز..و اهوة هتجوزك و هسيبها ليكِ..
ابعدت يديه في بعض من الحزم و قالت بوجه جامد :
-سبني أفكر ياعامر سبني..
                                     ***
دلفت الي بوابة منزلها و الدموع تحجب رؤية أي شيء, لكنها تفاجآت بمن يقول في غزل عفوي :
-يا أرض اتهدي ما عليكي أدي..تعالي يا وردة
تلفتت مسرعة الي القائل, لتجده ذاك العجوز الذي يرعي زرع منزلهم منذ القدم, هو الوحيد الذي يحب أن يناديها بوردة, مسحت دموعها مسرعة و ركضت اليه بابتسامة واسعة ليفتح ذراعيها اليها و يضمها لصدره في عفوية, ابتسمت ملامحه الذابلة و هو يقول بسعادة فائقة :
-معلش يا بنتي غيبت عليكي الفترة الي فاتت..كنت في المستشفي و يا دوب قدرت اجمع صحتي عشان أرجع بس الورد زبل شكلي رجعت متأخر
قالها و هو ينظر لعينيها الحمروتان و يمسك بذقنها, حركت رأسها بالنفي و هي تقول بثقة :
-الوردة لسة زي ما هو لسة فيه صحة متخفش عليه..
نظر لحجابها و قال بسعادة أبوية :
-اكتر حاجة مفرحاني ان الورد طلعله شوك..دلوقتي بقي قادر يحمي نفسه من الي عاوز يقطفه..
ضحكت ضحكتها الرنانة و أمسكت بيد العجوز قائلة باطمئنان :
-قولتلك متخفش عليه..
ابتعد عنها العجوز و انحني علي وردة ذات أشواك حادة و اقتلعها من مكانها بخفة, لترفع احدي حاجبيها باستعجاب و تستغرب كيف استطاع قطفها رغم كل تلك الأشواك, ناولها لها قائلا ببعض الجدية :
-بس خلي بالك في واحد مكار بس بيبقي عنده خبرة و يعرف يستحمل أي صعوبة عشان يقطف الوردة و ياخدها ليه حتي و هو عارف انها هتتدبل في يوم, المهم يكسر قوتها..
تناولت الوردة من يده المرتعشة, جرحها الشوك لكنها ركزت بنظرها علي مكان خال من الشوك لتضع اصابعها عليها, تبسمت بتوتر و شعرت ان مفهوم رسالته قد وصل, ثم تابع المزارع عمله و هو يقول :
-شوفتي البت بنتي ماشية من يومين في الشارع لابسة حتت الدهب بتاعها و فرحانة بيه, راح واحد ابن حرام نشلها ربنا ستر و معملهاش حاجة..
ثم نظر ليدها التي تحمل اسورتان ذهب و قال :
-خلي بالك و متمشيش بالدهب كتير يا بنتي عشان ميحصلش حاجة..
لتقول بعفوية :
-اصل دية هدية من ماما بعتتها ليا من فترة
ثم استطردت قائلا بطاعة :
-بس حاضر يا عمو رجب هحاول ملبسهمش في الشارع كتير..
و بالصدفة نظرت لجانب الأخر لتجد عليّ يترجل ليركب سيارته, نادته بصوت عال و تتوجت اليه, فهي تشعر انها الآن في حاجة لنصيحته, لكنه لم يبال بها و تركها تقف بمفردها في منتصف الشارع و ذهب, تقمصها الحزن و نظرت اليه بضعف و رجاء, لم تكن تتوقع منه الرحيل يومًا..
                              ***
تركت الكتاب الذي تقرأه و مسحت علي وجهها, فهي شاردة غير منتبه لما تقرأ, شعرت ان عرض عامر مغري, سيكون لها منزل خاص, ستلتقي به يوميا, و لو تحدث أحدهم ستريه عقد الزواج, ليس هناك فارق ان كان رسمي أو لا, فالنهاية هو عقد زواج, سيتحقق حلمها ربما بطرق غير مشروعة لكن سيتحقق, ستتزوج عامر لتعيش معه في منزل واحد, تستيقظ علي وجهه المضئ بالايجابية, ستنام بين ذراعيه كل ليلة, ابتسمت و هي تتخيل نفسها تعد الطعام لتطعمه, شعرت ان ليس هناك داعي لأصطناع المثالية و رفض ذلك العرض المغري..
أمسكت هاتفها و هاتفت عامر لتخبره بقرارها غدا في نفس المنزل, لم يحتاج عامر لتفكير كثيرا في قرارها, فهو مدرك بعناق واحد سيهتد أقوي حصون نيرة, هو الوحيد الذي يعرف قطف تلك الوردة أقصد خطف تلك النيرة..
                               ***
أنهي المعلم الخصوصي شرحه و أستأذن بالخروج بينما لملم الطلاب اشياءهم لخروج, من بينهم كانت بسمة تلملم دفاترها, و تجاورها احدي صديقاتها في المدرسة اللعينة, قالت الفتاة :
-هتروحي علطول كدة
لتقول بسمة في اجهاد :
-طبعا انا لسة راجعة من المستشفي و حاسة اني مرهقة, عايزة اروح ارتاح
لتقول صديقتها فاتن :
-طب انا هروح معاكي بيتي قريب منك
اماءت رأسها بالايجاب, و سارت الفتاتين مع بعضهما, فاتن من أكثر الفتايات الثرثارة التي عرفتها بسمة, أصابها الصداع من كثرة كلامها التافة, حتي قالت فاتن بتلقائية جذبت بها انتباه بسمة من الدهشة :
-ابويا امبارح كان هيقفشني و انا بشرب سجاير
-هو أنت بتشربي سجاير ؟
سألتها بسمة بصدمة, لتقول فاتن بلا اكتراث :
-علي حسب المزاج..برتاح و انا بشرب
لتقول بسمة في ضيق :
-بس انتِ صغيرة علي كدة ازاي تشربي..
-الدنيا بتكبر يا بسمة
زفرت بسمة من اجابتها و لم تبال بكلامها, لكن ازداد تعجبها حينما رأت فاتن تخرج سيجار و تدخن امام أعين الناس بلا خجل, لترتبك بسمة و هي تعزم عليها بأن تجرب أنفاس السيجار, فخافت و رفضت بجبن..
                                ***
في صباح اليوم التالي, وقفت نيرة مرتبكة امام المنزل الذي جاء بها عامر صباح أمس, رنت الجرس ففتح الباب و استقبلها بابتسامة واسعة ليفسح لها لدخول, دخلت و هي تقدم خطوة و تؤجل الأخرة, قبل خدها فور ما دخلت, لتبتعد في خجل قائلة :
-يوة بقي يا عامر اتفقــ
ليقاطعها مشاكسا :
-يا حبيبتي معدش له لزوم الكلام دة..خلاص هتبقي مراتي دلوقتي
فقالت في عناد :
-مالك واثق اني موافقة كدة!
-و انتِ تقدري ترفضيني يا نيرة..
ضحكت في خفوت, ليدفعها أمامه تجاه الغرفة و هو يقول :
-يلا ادخلي أجهزي عقبال ما اخد دش و أجيلك يا جميل..
و قبل ان يخطو خطوة قال :
-هتلاقي الورقة علي الكومدينو الي جمب السرير
دلفت الحجرة التي اشار لها عامر, جلست علي طرف الفراش و هي تمسك بالورقة, اطلعت عينيها عليها في عجلة, ثم أمسكت قلم الحبر في شيء من التردد, ابتلعت لعابها في غصة و قد انتابها الخوف, حاولت اعادة التفكير فيما ستفعل, عاودها كلام العجوز رجب, و ترددت نصائح عليّ الحازمة و هو يحذرها من طريق عامر, ظلت عينيها منتصبة شاردة في اللا شيء, سيأتي عامر بعد قليل لينتهك حرمة جسدها مدعيًا انها أصبحت زوجته, ستخلع الحجاب الذي أرتدته أمس و ستكشف مفاتنها اليه, أنقبض قلبها و هرولت بالقيام, بعدما ألقت الورقة و القلم, لكن قبل ان تخرج من الغرفة وجدت عامر يمسك برسغها و يجذبها اليه, كان عاريا سوي بمنشفة تلتف حول خصره, ضربته بقبضة يدها فوق صدره و صاحت به :
-اوعي من عني سبني..
لف ذراعه حول خصرها و شد حصارها عليه قائلا :
-لسة مترددة في رأيك..لسة مش قادرة تثق فيا
لتقول بعينين حادة :
-فاكر لما قولتلي الكلمة دية أول ما عرفنا بعض..فاكر ردي كان اية..انت مش محل ثقة يا عامر انت محل جزم و عيل مستحيل يستحمل مسؤولية..
و مضيت تقول محاولة استفزازه لتركها :
-و أنسي اننا نتجوز عرفي..عاوزني بجد يبقي انت عارف طريق بيتنا لو مش عاوزني سبني اروح للي بحبه و الي بيحبني..
اقبض عليها بعنف و صرخ فجأة :
-نعم يا حلوة..هو مين دة
-ملكش دعوة بيا يا عامر..الي بيحبني دة شاريني و مش عاوز مني حاجة غير اني ابقي معاه لكن انت واطي و عاوزني عشان تفرغ كبتك فيّ..
ليصرخ بعلو صوته و ينظر في عينيها بعمق :
-نيرة مستفزنيش قصدك علي مين..انتِ مش لحد غيري
-انا مش بحبك..الفترة الي سيبتني فيها خلتني اعرف انا بحب مين و بكره مين..و انت معدتش فارق معايا..و مش عاوزة اعرفك تاني يا عامر
استطاعت التملص من ذراعيه, ليمسك بمعصم يدها في رجاء و يقول في لهجة خائفة :
-لا متمشيش استني أرجوكي
-مش هستني دقيقة في المكان دة سيب ايدي
ليقول بارتباك :
-الي انتِ عاوزاة هعمله..بس قوليلي الاول مين الي بتحبيه غيري..
شعرت بضعف نبرته, لتغمرها الثقة, رفعت رأسها بازدراء قائلة بابتسامة صغيرة :
-راجل..الي بيحبني راجل يا عامر..
-اعملك اية اكتر من كدة..طلبتي مني الجواز و اــ
لتقول معترضة :
-لا الي انت عرضته عليّ كان جواز عرفي..انا عاوزة نتجوز رسمي
ليتردد بالقول و هو يشعر بالخزي و الضعف :
-خلاص خلاص..خلال الأسبوع دة هبقي عندك في البيت بطلبك من اخوكي..
ارتعش قلبها من السعادة, و شعرت بالأنتصار, تألقت ابتسامتها الظافرة علي وجهها, ثم جذبت معصم يدها لتتركه و ترحل عن المكان مسرعة, جلس علي الأرض و صرخ بصوت جهوري بالسباب عليها, أمسك بشعره و ظل يصرخ في هيستريا جنون, ألعنة عليك يا نيرة !
من الذي أغرمت به غيري!
كيف جعلتِ عامر عمران يكون بهذا الضعف أمام أنثي لا تتعدي الثامنة عشر, شعر بغضب يحتله خاص حينما أظهر لها كامل ضعفه و احتياجه اليها, ليقف مرة اخري علي اقدامه و يمسح بيده علي شعره ليعيده كما كان و هو يردد بانتقام :
-مش عامر الي يحصل فيه كدة يا نيرة الكلب انا هوريكي ازاي تعملي فيا كدة..هسيبك للي انتِ عايزاة بس بعد ما أخد روحك في ايديا..
                                  ***
مرت ايام امتلأت بشجون المشاعر المتداخلة, ما بين الأنتقام و الحب و البغض و الحيرة و الفزع من تلك المصيبة, التي حلت علي رأس بسمة!
رتب عامر مع حسام التجيهزات الكاملة لخطوبة, فيما كان حسام متفاجئ من ذلك الرجل المتسرع في كل شيء, و ازدادت دهشته حين حصل علي موافقة نيرة سريعا, أبي ايهاب المشاركة في مشروع خطوبة شقيقته و ابتعد ابتعادا تاما عنهما, حدد حسام مع عامر يوم الخطوبة و هو الليلة..
في الصباح كان في المنزل وحيدًا, بعدما ذهبت والدته و بسمة لمصفف الشعر, حك شعره في نفاذ صبر و هو يقوم من الفراش, أخرج حلته الزرقاء و علقها علي الباب, ليأخذ حمام ساخن و يرتدي قميصه الأبيض, كان يجز علي اسنانه ليخفي غيظه و بغضه علي تلك النيرة, التي جعلته دُمي في يدها, يري انها استغلت الحب لصالحها, فكيف تهين رجولته بالقول انها ستذهب لغيره اذا لم يتزوجها في أسرع وقت, عقد رابطة العنق في قوة علي عنقه و ضيقها أشد الضيق, مشط شعره الطويل الي الخلف, نظر لمرآة ليتأكد انه علي أكمل وجه, لكن لم يلبث ان سمع رنين الجرس, توجه لفتح الباب و هو يتأكد ان القادم باق أسرته, كاد ان يعاقبهما علي التأخير لكنه تفاجئ بالزائر و قال مندهشا في استعجاب :
-....
*
*
*
يتبع

مدمن قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن