-11-

10.8K 232 19
                                    

-11-

قال بضيق :

-لسة في حاجة ناقصة..

ثم شعرت به يقترب منها ثانيا, فبدت مستعدة لسماع ارشاداته في الجلوس و عدم التحرك و التبسم في خفة و تضيق عينيها و اظهار غمازة خدها الايسر, و وضع ساق فوق ساق, لكن تلك المرة لم يطلب منها شيء بل تفاجأت به يضع يده فوق سحاب الفستان و ينزاله بخفة من ظهرها, فقفزت من مكانها صائحة بذعر :

-عامر!!

تراجع خطوة الي الخلف و نظر اليها بتساؤل, بينما قالت بصوت متهدج و قد احتقن وجهها بحمرة قوية :

-اية الي انت بتعمله دة!

فسألها بصوت هادئ يكتم غضبه :

-انتِ بتصرخي لية في حد عملك حاجة..

-انت بتستهبل انت ازاي اصلا تفتحلي سوستة الفستان انت واحد مش متربي بصحيح

هز رأسه معترضا و قال بهدوءه البارد :

-انا حابب ارسمك كدة,

ثم تقدم بالوقوف خلفها و هو يتابع كلامه :

-انا مش عاوز اشوف الا ضهرك مش اكتر

تلفتت اليه بخجل سيبكيها, فقال :

-اهدي و ثقي فيا..

و بلهجة امرية قال :

-يلا اقعدي و سيبني اشوف شغلي

كادت تبكي من فرط خوفها, مازال شعور الخوف يلازمها تجاهه, هدوء صوته و خفة لهجته بالحديث يدل بأنه أمرا عادي, و ليس من حقها الاعتراض ان كشف ظهرها او جزءا من ثدييها او ردفها, وهبها ابتسامة هادئة لا تهدي عن معناها, أهي خبيثة ام مجرد ابتسامة مطمئنة, اطاعته و جلست مكانها مولية ظهرها, انزل السحاب الي نهاية ظهرها فأسرعت اكمام ثوبها بالهبوط, تشبثت بيدها ممسكة بأطراف الفستان, وجدته يقترب ثانيا و يعيد عليها ارشاداته بالجلوس, اظهرت نصف وجهها الايسر, مضيقة عينيها, بنصف ابتسامة و قد برزت الغمازة كما ود, لكنها خفقت في السيطرة علي الدمعة الي فرت هاربة من عينيها, خافت بأن يصرخ بها انها تبكي و هي تتظاهر الابتسام في الرسمة, تساءلت ماذا سيفعل بتلك الدمعات المتلاحقة, هل سيمحيها من الرسمة ام سيظهرها, ام ستجف كما جفت دموعها السابقة..ابتسم في تلك اللحظة وقتما رأها تبكي, يبدو ان الخطة قد نجحت و اللوحة ستكون كما أحب ان تكون..

انتهت اللوحة بعد أربع ساعات و نصف من الرسم المتقن وقد اخذا استراحة طويلة من قبل ليتفكك اجسادهما من تشنجاته, ابرز في اللوحة الدموع حتي بعد جفافها, اظهر تشبث اصابعها بأطراف ثوبها العلوي, احتوت اللوحة علي اجواء الخوف و الارتعاب الذي ظهر علي ملامح وجهها, ملامح وجهها التي ارتسمت السعادة المصطنعة, تكلمت لغة عينيها بلمعة الارتباك, كما تكلمت قبضة يدها علي الفستان بلهجة البكاء, ابتسم برضاء عما رسم و ظن للوهلة الاولي انها اعظم لوحاته, رغم ان حبيبته الصغيرة قد تأذت من البكاء و الخوف الذي حاصرها, ترك الفرشاة و مسح يديه بمنديلا مبللا, تلوث المنديل الابيض بأصابعه المختلطة بألوان عدة, توجه اليها و رفع سحاب الفستان الي مكانه و اغلقه فعاد الدفء و الاطمئنان يتولد بقلبها, ترك قبلة تافهة خلف اذنها تسددت مع انفاسه الساخنة, تلفتت اليه باسمة الثغر ببقايا التوتر الذي ملء وجهها, فبادرها الابتسام لتقول بصوتها الخفيض :

مدمن قلبكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن