~ احـــلام بـريئة ~

185 14 52
                                    


عقارب الساعة تكاد تلتقي سويةً لتعلن منتصف الليل, إنها إحدى ليال كانون الأول والبرد يحتضن الطرقات ورائحة الإسفلتِ المبلل بالمطر تفوح في الشوارع.

وخلال الأزقة الباردة وهدوء الليل, تسمع صوت همس صوت تمتمة خفيفة رقيقة, هذة كانت مجرد محادثة بريئة بين طفلين بعمر الزهور يحتمون من قطرات الخير في مدخل إحدى الأبنية القديمة المتهرئة التي تكاد تنهار من كثرة الرصاص والبارود المتناثر حولها طوال اليوم .

وحيث أن أعمارهما لا تتجاوز العاشرة ولكنهما يقضيا ايامهما البريئة, وهما يجوبان الشوارع للبحث عن شي يسدان به جوعاً نخر عظامهما , أو ملجأً يحمي قشعريرة البرد القارص التي تلسع أجسادهما الصغيرة الضعيفة

وعند مغيب الشمس وسطوع القمر حاملا معه كحل الليل في الأرجاء والرياح المسافرة , يلتقي هذان الصديقان يومياً صديقا الحرب ,هما صديقان صغيران جمعتهما مجرد ظروف قاسية لم يستطع ايُّ منهما تحمل مشقتها لوحده, فاتخذ صديقاً له يسانده ويساعده على طريق الحياة الذي لابد من عبوره صعبا كان أم سهلاً .

وفي إحدى الليالي والبرد قد طرد النوم من عيونهما البريئة ,
سأل قصيٌ عمر: _ماذا ستصبح عندما ستكبر يا عمر ؟؟
أجابه عمر ببحة خفيفة في صوته بسبب الجوع : أنا يا صديقي سأكون من أكبر الأطباء في هذه الدنيا لكي استطيع شفاء أمّي المريضة التي لازمها المرض و أنامها التعب أياماً عديدة وأنا أريدها أن تكون بصحة ممتازة.
فسأل قصي مجددا :_ لماذا تريد أن تكون أمك بحالة ممتازة ؟؟ .

جلس عمر يتذكر ويقول لصديقه قبل هذه الحرب كنت أجلس مع أمّي وكانت تصنع لي فطيرة صغيرة وبعض الكعك الذي رائحته تملأ أرجاء الدار, كنت اجلس بحضنها مساءً لتحكي لي بعض القصص , كانت تحدثني عن بطولات أبي قبل أن يصبح من الشهداء.
وبعد صمتٍ صغير وبعد مجموعة من الذكريات التي رسمت الابتسامة على وجه عمر نظر إلى صديقه وسأله :_قصي الم تفعل لك أمّك هذا من قبل ؟؟؟

أجاب قصي وفي حلقة غصة :_ بلى يا عزيزي ولكن أمي سبقتني إلى الجنة هذا ما أخبرني به أبي فعندما رحلت أمّي عنا قال لي أبي أنها سبقتنا إلى الجنة و أننا سنلحق بها يوماً ما ولكن أبي سبقني وذهب إليها أنا أظن انه يحبها جدا فبعد ذهاب أمي بعشرة أيام تركني أبي وحيداً وسافر إلى الجنة ليلتقي بها وأنا الآن أطمح فقط للوصول لها ..

استمع عمر إلى حديث صديقه قصي وهو يتحدث عن أمّه وسأله ذاك السؤال الذي أعاد فرحة صغيرة على شفاه قصي ففال له:_ولكن يا قصي ما معنى الجنة ؟ أين هي ؟ وكف يذهبون إليها؟؟

هنا تذكر قصي كل ما حدثه والده عن الجنة فقال :_الجنة يا عمر مكان رائع فوق السماء بل أبعد من السماء, هناك حيث يذهب الأشخاص الطيبون الذين نحبهم, في الجنة يوجد كل شيء تشتهيه نفسك وكل ما تطلبه تجده هناك كالفطيرة والكعك الصغير مع كأس حليب دافئ تقدمه أمي لي عندما أشعر بالجوع .
قاطع عمر صديقه :_ ياللروعة هذا أمر جميل جداً أنا أحببت الجنة  كيف استطيع الوصول إليها يا قصي؟؟ أنا أريد أن أذهب وآخذ أمـّي معــي إلى هنااك .

فنظر قصي بنظرة طموحة ورفع رأسه وعيناه مليئتان بالأمل :_ هذا ما أطمح للوصول إليه يا عمر فأنا أتمنى أن أكبر وأصبح رائد فضاء لكي أصل إلى السماء ثم أذهب إلى الجنة التي هي أبعد من ذلك, وهناك سألتقـي بأمـّي و أبـي وسنعيش معاً ونأكل الكعك الصغير .

فارتسمت ملامح تعجب و استغراب على وجه الصغير عمر وسأل رفيقه :_ عزيزي قصي ألا تحتاج الجنة إلى طبيب يعالج المرضـى هناك ؟
فأجابه قصي والضحكة تملأ شفتاهُ الجافتان :_ بلى يا صديقي نحن بحاجة إلى طبيب و نريده أن يكون ماهراً جداً سآخذه معي إلى الجنة , سنذهب سويةً , وذاك الطبيب هو أنت يا صديقي فأنت أفضل طبيب رأيته حتى الآن وستأتي أمك معنا وستصبح هي وأمي جارتان وستصنعان الكعك سوياً .

فضحك عمر ضحكة عريضة لأنه يعلم أن قصي لن يذهب إلى الجنة بدونه أبداً .
وتبادل الصديقان ضحكات بعثت سروراً في الأزقة الخاوية , لم يكن هناك أحد يسمح حديثهما أو ضحكهما ولكنهما كانا بغاية السرور لأنهما معاً يداً بيداً يدفآن بعضهما ويحاولان الاقتراب من بعضهما لكي يطردا البرد من أجسادهما الصغيرة.

بعد ليله مليئة بالخير والمطر الشديد والبرد القارص طل الصباح بشمسه التي تبث الدفء , ورائحة الأرض المبللة بعد المطر , وزقزقة العصافير الصغيرة التي تبحث عن رزقها باكراً . كان كان هناك شاب يجول في أنحاء الأزقة, فوجد ملاكين صغيرين نائمين في مدخل إحدى الأبنية, هذان الطفلان كانا قد رحلا إلى جنات الخلد بعد ليلة سحبت الدفئ من حولهما .

☆ ◇ ◇ ◇ ☆

اول قصة قصيرة بكتبها 😭💔
رجعتلي ذكريات من 2010
صراحة لهلأ بتذكر وقت كتبتها بكيت..

المهم واضح انها مو كورية وانا اصلاً ماحكيت ان حتكون كورية 🙈

ماعدلت عليها شي ابداً، بدي ياها تضل اول قصة متل ماهية 💚 حتى العنوان تركتو متل ماهو

مَشاهد Where stories live. Discover now