الـجزء الـتّاسع - و الأخـير

159 9 6
                                    

.. فتح الشاب الرّسالة و بدأ بالقراءة ..
..
.. " مرحبا يا سيّدي .. ، غريب أن لا أعرف اسمك و أنت أغلى ما أملك في هذه الدنيا ، .. رغم طول الزمن الذي عشناه معا لا نعرف اسمي بعضينا ! هذا حقّا غريب .. لقد اعتدت أن تناديني آنِـسَـتِي الـجَـمِـيـلَة ..، كما اعتدتُ أن أناديك سيدي الطيب ، .. حسنا ، يا سيدي ..
..
.. أعلم أنك أشرف من أن تخونني ، و تخون وعدك الذي قطعته لي بأنك ستعود من أجلي .. أنا متأكدة كل التأكيد أنك ستعود يوما ما ، من أجل زواجنا و حبنا ..
.. لكن ، لم أكن بمستواك يا سيدي ، .. أرجوك سامحني ..، لقد أغواني أحدهم بالمال و خدع عقلي و أعمى بصيرتي ، .. كما أن أمي ألحّت علي أن أوافق على الزواج به ! .. و ذلك ما كان ، كما أننا انتقلنا للعيش معه في المدينة ..  آسفة يا سيّدي أرجوك سامحني !! ..
.. عندما تقرأ هذه الرسالة سأكون حينها تحت التراب ، .. لقد استوعبت خطيئتي ، و دفعت ثمنها ، .. لكنني قبل أن أقتل نفسي  أوصلت ابنتي إلى منزلك لأنني أعلم أنك ستعتبرها ابنة لك ، .. لدي طلب وحيد منك ، بالرغم من أنني أعلم أني لا أستحق هذا الطلب ، لأنني خائنة .. أرجوك اعتني بابنتي ، .. ستجد عقد أمك الغالي الذي اهديتني إياه معها ، .. يمكنك استرجاعه الآن .. فقط اعتن بابنتي/ ابنتك ..
.. مع بالغ أسفي .. " ..
..
.. انتهت الرسالة و انتهت معها أحلام الشاب المسكين !! لم يستطيع تصديق ذلك ! لقد اخترقت تلك الرسالة قلبه و كأنها مجموعة رِماحٍ في صف واحد ، .. كانت أثقل من جبل على كتفيه !! ..
..
.. لم يصدّق ما حدث ،.. خرج يجري بأقصى سرعته حتى وصل إلى مكان الكوخ ! .. لكن ، .. لا وجود لكوخ بعد الآن ، لقد بيعت ملكيته و تحطم ، .. و هنا استوعب الشاب الأمر .. لم يعرف ما يجب فعله الآن ، .. أصبح يرى كلّ شيء ظلاما ، .. لم تكن بيده حيلة ! ..
..
.. عاد المسكين إلى بيته ، حمل الطفلة من المهد ، وضع عقد أمه على رقبته ، .. ثم ذهب إلى منزل جدته الواقع في الجهة المجاورة من القرية ..
..
.. أعطاها الفتاة الصغيرة و أخبرها أن تعتني بها جيدا و تعتبرها ابنة لها ، .. فوعدته الجدة أن له ذلك .. ، ثم انطلق في وجهة مجهولة ، ..
..
... فتح الشاب عينيه ، فوجد نفسه أمام قارب النجاة أو الموت مجدّدا ! .. يبدو أنه يريد فرصة أخرى ، رغم أن المياه حذّرته بالمرة السابقة .. حسنا سيراهن على ذلك ، .. لم يبق شيء ليخسره ..
..
.. انطلق القارب في ظلمات الليل ، .. و لم يمر وقت طويل حتى تأتي عاصفة أدت إلى خلل بالقارب و عدم استقراره .. مال القارب يمينا و شمالا ، .. و حدث ما يجب أن يحدث ..
..
.. هاهو ذلك المسكين يسقط من القارب ، .. لم يتمسّك به ، و لم يحاول ، .. لقد أراد الموت ، .. لم يبق شيء للعيش من أجله ! ... غرق في بحر حبّه الذي أعماه ، قبل أن يغرق في مياه البحر الذي أودى بحياته ..
..
... انتهت قصة العشيقين ، .. انتهت الأيام الجميلة ، .. انتهت أيام استقباله لها أمام مكان دراستها ، انتهت النزهات الجميلة مساءًا ، انتهت تلك النظرات التي يغمرها الإعجاب و الحب .. انتهى كلّ شيء الآن ..

             .. حـب ، خـيانة ، ثم انـتحـار ..

آنِـسَـتِـي الـجَـمِـيـلَـة Where stories live. Discover now